مصر تقدر «فجوتها المائية» بأكثر من 20 مليار متر مكعب

مع تعثر مفاوضات «سد النهضة الإثيوبي»

وزير الري المصري هاني سويلم خلال كلمته أمام «أسبوع القاهرة للمياه» (وزارة الري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم خلال كلمته أمام «أسبوع القاهرة للمياه» (وزارة الري المصرية)
TT

مصر تقدر «فجوتها المائية» بأكثر من 20 مليار متر مكعب

وزير الري المصري هاني سويلم خلال كلمته أمام «أسبوع القاهرة للمياه» (وزارة الري المصرية)
وزير الري المصري هاني سويلم خلال كلمته أمام «أسبوع القاهرة للمياه» (وزارة الري المصرية)

قدّرت مصر «فجوتها المائية» بأكثر من 20 مليار متر مكعب سنوياً، في وقت تتعثر فيه مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، الذي تتحسب القاهرة لتأثيره على حصتها في مياه نهر النيل، والتي تعتمد عليها البلاد في تأمين أكثر من 90 في المائة من حاجاتها المائية.

وقال وزير الموارد المائية والري المصري، هاني سويلم، الخميس، إن «موارد مصر المائية تقدَّر بـ59.6 مليار متر مكعب سنوياً، وتبلغ الاستخدامات المائية نحو 80 مليار متر مكعب سنوياً من المياه، بعد إعادة استخدام نحو 21 مليار متر مكعب سنوياً من المياه»، وذلك بخلاف «استيراد مواد غذائية من الخارج؛ لتعويض الفجوة بين الموارد والاحتياجات المائية، وهو ما أدى لتراجع نصيب الفرد في مصر من المياه ليقترب من خط الشح المائي».

وشدّد الوزير المصري، خلال كلمته في مؤتمر «أسبوع القاهرة للمياه»، على أن «مصر تبذل جهوداً كبيرة لمواجهة تحديات الشح المائي في ظل الزيادة السكانية، عبر رفع كفاءة المنظومة المائية»، مستعرضاً «ما اتخذته الوزارة من خطوات لسد جزء من العجز المائي».

يأتي ذلك بالتزامن مع أنباء عن بدء إثيوبيا خطوات للاستعداد لـ«الملء الخامس» لسد النهضة، وسط ترقب لجولة مفاوضات رابعة، تُعقَد بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بمشاركة الدول الثلاث (مصر وإثيوبيا والسودان)، عقب جولة ثالثة من المفاوضات عُقدت بالقاهرة خلال 23 و24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، دون التوصل لاتفاق.

ووصف المستشار السابق لوزير الري المصري، خبير الموارد المائية، الدكتور ضياء الدين القوصي، ما تواجهه مصر من «شح مائي» بـ«الكارثي»، وقال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حصة مصر من مياه النيل هي الحد الأدنى لما يمكن أن تحصل عليه، وما تعانيه من عجز مائي لا يتعلق بتلك الحصة، لذلك لا يمكن القبول بأية حال من الأحوال بالمساس بهذه الحصة».

ووفقاً للقوصي، تقوم مصر بكثير من الخطوات لسدّ العجز المائي، منها «إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصناعي، ومياه الصرف الصحي عقب معالجتها»، فضلاً عن «المياه الجوفية، ومياه الأمطار والسيول»، مشيراً أيضاً إلى «لجوء مصر إلى إنشاء محطات إعذاب (تحلية) مياه البحر على سواحل البحرين الأبيض والأحمر».

وتسعى مصر للتوصل إلى اتفاق حول «سد النهضة» يضمن حقوق كل الأطراف، وسبق أن أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله وفداً رفيع المستوى من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بـ«الكونغرس» الأميركي، نهاية أغسطس (آب) الماضي، أن «موقف مصر ثابت بشأن الالتزام بالتوصل إلى اتفاق قانوني مُلزِم حول ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا».

وأشار وزير الري المصري، في كلمته أمام «أسبوع القاهرة للمياه»، إلى أن بلاده اتخذت كثيراً من الخطوات لترشيد استهلاك المياه، وتعويض جزء من العجز المائي، منها «إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي للتوسع الزراعي، وتعظيم العائد من وحدة المياه، من خلال إنشاء محطات معالجة عدة»، فضلاً عن «مشروعات تطهير الترع والمصارف؛ لرفع كفاءة المنظومة المائية»، كما أكد سويلم أن «مصر اتخذت أيضاً إجراءات عدة لتحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية، ومنع السحب الجائر من الخزانات الجوفية».

وكان وزير الري المصري قد أكد، الأحد الماضي، أن «مصر تأتي على رأس قائمة الدول القاحلة والأقل من حيث معدَّل الأمطار، مع الاعتماد شِبه المطلق على نهر النيل بنسبة 98 في المائة، ويبلغ نصيب الفرد في مصر من المياه سنوياً نصف حد الفقر المائي عالمياً». وأشار، في كلمته خلال افتتاح «أسبوع القاهرة للمياه»، إلى أن «ممارسات إثيوبيا الأحادية غير التعاونية، في ما يتعلق بسد النهضة، يمكن أن يكون لها تأثير كارثي على مصر».


مقالات ذات صلة

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا الوزير المصري سويلم يلتقي السفير الألماني بالقاهرة (وزارة الموارد المائية والري)

مصر تحذّر دول نهر النيل من تفعيل اتفاقية «عنتيبي»

حذّرت مصر دول نهر النيل، من تفعيل «الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل»، المعروفة باسم اتفاقية «عنتيبي»، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي «تخالف قواعد القانون الدولي».

أحمد إمبابي (القاهرة)
العالم العربي صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

مصر والانتخابات الأميركية… لا مرشح مرجحاً ولا توقعات متفائلة

هيمن كل من الحرب في غزة وملف «سد النهضة» الإثيوبي على تقييمات سياسيين وبرلمانيين مصريين بشأن انعكاس نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية على مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الخارجية المصرية)

عبد العاطي لبلينكن: الأمن المائي قضية «وجودية» لمصر

أكّد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، رفض مصر وإدانتها للتصعيد الإسرائيلي ضد وكالة «أونروا».

شمال افريقيا وزير الموارد المائية المصري هاني سويلم خلال حفل تخريج متدربين أفارقة (وزارة الموارد المائية والري المصرية)

مصر تتمسك بقاعدة «الإجماع» لحل «الخلافات المائية» في حوض النيل

أكّدت مصر تمسكها بضرورة العمل وفق قاعدة «الإجماع» في إدارة وحل «الخلافات المائية» مع دول حوض النيل.

عصام فضل (القاهرة)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.