مسؤول عسكري مغربي يزور موريتانيا على خلفية هجمات السمارة

وسط أنباء عن احتمال أن يكون ترابها مصدر انطلاقها

الفريق أول محمد بريظ (الشرق الأوسط)
الفريق أول محمد بريظ (الشرق الأوسط)
TT

مسؤول عسكري مغربي يزور موريتانيا على خلفية هجمات السمارة

الفريق أول محمد بريظ (الشرق الأوسط)
الفريق أول محمد بريظ (الشرق الأوسط)

علمت «الشرق الأوسط» من مصدر جد مطلع أن الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية المغربية وقائد المنطقة الجنوبية، توجه أمس (الثلاثاء) إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط للقاء قادة الجيش الموريتاني.

ولم يعلن عن الزيارة من طرف وسائل الإعلام الرسمية المغربية، كما لم تعلن عنها وسائل الإعلام الرسمية الموريتانية. غير أن المصدر ذاته أوضح أن زيارة الفريق أول بريظ لها علاقة بالهجمات الأربعة التي تعرضت لها ليلة السبت - الأحد الماضي مدينة السمارة، العاصمة الروحية للصحراء المغربية، والتي أسفرت عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين، اثنين منهم في حالة خطيرة.

وجاءت زيارة فريق بريظ وسط أنباء عن احتمالات كبيرة بأن يكون التراب الموريتاني هو مصدر انطلاق الهجمات.

وكان السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، قد أعلن الاثنين بنيويورك أن المغرب سيستخلص الاستنتاجات اللازمة، بناء على النتائج «الملموسة» للتحقيقات التي تجريها الشرطة القضائية بخصوص الانفجارات الأربعة. وقال إن «صمت جبهة البوليساريو حول أحداث السمارة يشير إلى أنها المتورطة في الحادث، ونحن لنا الحق الدولي في الرد على أي هجوم إرهابي».

كما شدد السفير المغربي على أن «المملكة المغربية لا تتهم أحدا، فيما السلطات تقوم بالتحقيقات اللازمة»، مشددا على أن «المؤشرات تذهب إلى طرف واحد مباشر، هو جبهة البوليساريو، التي قامت بنشر بلاغ تشير فيه إلى استهداف السمارة».

السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال (الشرق الأوسط)

وأضاف السفير هلال موضحا أن «قوات (مينورسو) قدمت بسرعة إلى أماكن الهجمات، وعاينت التفجيرات في أماكن مدنية، وقامت بعد ذلك برفع تقرير للأمم المتحدة». مشيرا إلى أن تفجيرات السمارة «مست مناطق مدنية وصناعية، لا تعرف وجودا عسكريا، وأدت إلى وفاة شاب مغربي قدم من فرنسا، ونعتبره شهيدا».

في غضون ذلك، اعترف ممثل جبهة البوليساريو في نيويورك بمسؤولية الجبهة إزاء استهداف مناطق مدنية في مدينة السمارة، وقال إن الجبهة انخرطت في حرب ضد المملكة المغربية منذ تحرير معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا سنة 2020.

كما ذكر ممثل الجبهة أن السفير المغربي هلال أشار إلى «بلاغ قواتنا الذي استهدف مدينة السمارة، وهذا الأمر هو نتيجة حرب نخوضها، تستهدف بالأساس أي منطقة بها وجود عسكري مغربي».

وردا على سؤال حول وجود ضحايا مدنيين، قال ممثل الجبهة إن ذلك «سمعناه في وسائل إعلام مغربية، وفي هذا الصدد نشير إلى أن المغرب أيضا يستهدف عبر الدرونات»، ما سماه «مواطنين صحراويين».

 



هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
TT

هل يستمر الجيش السوداني برفض التفاوض إرضاءً لحلفائه دُعاة الحرب؟

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)
قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال زيارة لقواته شرق البلاد (أرشيفية - سونا)

دأب الجيش السوداني على رفض العودة للتفاوض مع «قوات الدعم السريع»، تحت ذريعة عدم التزامها بنص المادة (1/ج) من «إعلان جدة الإنساني» في 11 مايو (أيار) 2023، التي نصت على إخلاء المراكز الحضرية بما في ذلك «مساكن» المدنيين، واشترط تنفيذها قبل العودة لأي تفاوض، متجاهلاً جلوسه مع «الدعم» فيما عُرف بـ«جدّة 2» وتوقيعه معها بيان التزامات. فهل بالفعل ينطلق الجيش من موقف مبدئي أو يتخذ تلك المسألة ذريعة للتنصل من التفاوض إرضاء لأنصار استمرار الحرب؟

فمنذ بادرت وزارة الخارجية الأميركية في 23 يوليو (تموز) الجاري إلى دعوة الطرفين للعودة للتفاوض، في 14 أغسطس (آب) المقبل في جنيف، استعاد أنصار الجيش وتنظيمات الإسلاميين وحزب «المؤتمر الوطني»، نغمة الضغط على الجيش لرفض المشاركة في المفاوضات المزمعة.

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)

جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ توقيع إعلان جدة الإنساني، ووقتها كانت الحرب تدور في العاصمة الخرطوم فقط، أما لحظة إعلان المبادرة الأميركية فقد اتسع نطاقها ليشمل معظم ولايات البلاد ما عدا خمساً من ثماني عشرة ولاية، وسيطرت «الدعم السريع» على عدد كبير من قواعد الجيش ووحداته العسكرية، وألحقت به خسائر بشرية ومادية فادحة.

ظل الجيش يماطل في العودة للتفاوض لوقف الحرب، متجاهلاً المأساة الإنسانية الكبيرة التي تسببت فيها الحرب، واتساع نطاقها وخسائره الفادحة، مستخدماً «الالتزام» ببند واحد من «إعلان جدة» يلوح به كلما عادت سيرة التفاوض للتداول.

نصت المادة (1/ج)، على «اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة، لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضرية بما فيها مساكن المدنيين، فعلى سبيل المثال، لا ينبغي استخدام المدنيين كدروع بشرية».

«قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

وهو ما يعتبره المحلل السياسي محمد لطيف «عقبة» تجب إزالتها، منطلقاً من أن قضية منازل المدنيين هي نتيجة من تداعيات الحرب وليست سبباً فيها، ويقول: «لا يمكن تجاهل السبب والاتجاه لمعالجة النتيجة... الخطوة الأولى هي إيقاف الحرب».

ويرى لطيف أن «التمسك باستمرار الحرب لا علاقة له بمصالح الشعب، بل إن دعاة الحرب والمتمسكين باستمرارها يتخذون من هذا النص في (إعلان جدة)، ذريعة للحفاظ على مصالحهم». ويتابع: «أكرر، وكررتها أكثر من مرة، لا يوجد في (إعلان جدة) نص يلزم (الدعم السريع) بالخروج من منازل المواطنين».

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أصدر مرسوماً بحل «قوات الدعم السريع» وإلغاء قانونها، وإعلانها «قوة متمردة على الدولة يتم التعامل معها على هذا الأساس»، الأمر الذي اعتبره لطيف «إنهاء لوجود تلك القوات القانوني والأمني والسياسي الذي نص عليه (إعلان جدة) في ديباجته».

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (يسار) ومساعده ياسر العطا (أرشيفية - الجيش السوداني)

ويتابع لطيف: «الالتزام بالإعلان يجب ألّا يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي لأطرافه، ولا يرتبط بأي عملية سياسية»، ويستطرد: «التذرع بالنص الوارد في الإعلان هو مجرد محاولات تشويش وتضليل للرأي العام»، ويقول: «هذه الذريعة أصبحت مثل (قميص عثمان) والفتنة الكبرى، ونحن في فتنة كبرى أيضاً وجد دعاتها ما يتاجرون ويزايدون به على الناس».

ويرى لطيف أن «النصّ الذي وقعه الجيش أكد شرعية (قوات الدعم السريع)، والتمسك به يقتضي الاعتراف بما ورد في النص»، ويتابع: «إذا كنت تتمسك بـ(إعلان جدة)، فهذا هو (إعلان جدة) والبند الأول منه يفترض أن تلتزم به».

ويضيف: «الجيش وقع على شرعية (الدعم السريع)، في (إعلان جدّة)، كمؤسسة منشأة بقانون صادر من البرلمان، وأمن على وضعها السياسي بوصف رئيسها نائباً لرئيس السلطة الانتقالية، وعلى شرعية وجودها الأمني في المعسكرات أو مواقع عسكرية».

ويسخر لطيف من ذريعة الجيش وأنصاره بالقول: «ليس هناك استسلام أكثر من هذا، هم يتحدثون أن (إعلان جدة) ألزم (الدعم السريع) بالخروج من مساكن المدنيين، ويتجاهلون أنه اعترف بشرعية (الدعم السريع)».

سودانيون فارون من بلدة سنجة جنوب شرقي السودان يستريحون في مخيم بعد وصولهم إلى القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

وتتذرع «الدعم السريع» من جهتها، بما عُرف بـ«بيان التزامات بناء الثقة» الموقع بين الطرفين في «جدة 2» بتاريخ 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، والذي نصت المادة (3) منه على آلية تواصل بين قادة الطرفين وإعادة احتجاز الهاربين من السجون، بما فيهم قادة النظام السابق، «وتحسين المحتوى الإعلامي وتخفيف حدة اللغة الإعلامية، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمؤججة للصراع»، وهو ما لم يلتزم أي من الطرفين به.

فهل يذهب الجيش إلى جنيف أو يخضع لابتزاز، وربما تهديد، دعاة استمرار الحرب من الإسلاميين الذين يرون في استمرارها استمراراً لوجودهم وسيطرتهم على الجيش والدولة، ويرون في وقفها هزيمة عسكرية وسياسية قد تخرجهم من الملعب نهائياً؟!