الجزائر تستنكر «ازدواجية دولية صارخة» بشأن العدوان على غزة

في جلسة برلمانية حضرها وزير الخارجية

وزير الخارجية في أول صف خلال الجلسة البرلمانية حول غزة (البرلمان الجزائري)
وزير الخارجية في أول صف خلال الجلسة البرلمانية حول غزة (البرلمان الجزائري)
TT

الجزائر تستنكر «ازدواجية دولية صارخة» بشأن العدوان على غزة

وزير الخارجية في أول صف خلال الجلسة البرلمانية حول غزة (البرلمان الجزائري)
وزير الخارجية في أول صف خلال الجلسة البرلمانية حول غزة (البرلمان الجزائري)

استنكر وزير خارجية الجزائر بشدة «ما تعكسه المواقف الدولية من ازدواجية صارخة في التقديرات والتموقعات والمعايير»، بخصوص ما يجري في غزة على أيدي العدوان الإسرائيلي»، قائلاً إن ذلك «يحز في نفوسنا، ويؤثر فينا أيما تأثير».

وقال الوزير، الثلاثاء، في جلسة بالبرلمان خُصصت لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل في غزة، إن «ازدواجية المواقف تملي على أصحابها المسارعة في إدانة المساس بالمستوطنين، وفي الوقت نفسه غضّ الطرف عن أشد أشكال التقتيل والقمع والتنكيل التي يتعرض لها أصحاب الأرض الأصليون! وازدواجيةٌ تُملي على أصحابها المرافعة عما يسمى زوراً وبهتاناً بحق المحتل في الدفاع عن نفسه، وفي الحين نفسه تجريد الشعب القابع تحت الاحتلال من أبسط الحقوق التي تكفلها له الشرعية الدولية، بما في ذلك حقه في رفض التصفية والفناء».

جانب من المظاهرات التي شهدتها العاصمة الجزائرية للتضامن مع أهالي غزة (رويترز)

وشجب عطاف أيضاً «ازدواجيةً تُملي على أصحابها الدفاع عن مبدأ تحريم ضم الأراضي بالقوة في سياقات مماثلة، وفي الوقت نفسه إباحة ذات الجرم والتبرير له في فلسطين، تحت عنوان مقتضيات الحفاظ على أمن المحتل ورفاهيته وطمأنينته». مشيراً إلى أن شعوب العالم التي هبّت لنصرة الشعب الفلسطيني من كل حدب وصوب، «ضاقت ذرعاً بهذه المقاربة التي تصدم العقول، وتعارض المنطق وتخل بواجب الإنصاف، وبهذه المقاربة التي ترفضها جميع الضمائر الحية، وبهذه المقاربة التي تستهجنها أي فطرة سوية». متسائلاً بحسرة: «أي منطق هذا الذي يبرر قتل أكثر من 8 آلاف مدني فلسطيني، منهم أكثر من 3 آلاف طفل ورضيع؟ وأي منطق هذا الذي يبرر تدمير أكثر من 45 في المائة من البنايات على رؤوس ساكنيها في قطاع غزة؟ وأي منطق هذا الذي يبرر قصف المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس ومقرات الوكالة الأممية لإغاثة اللاجئين؟ وأي منطق هذا الذي يبرر تهجير شعب بأكمله من أرضه بالقوة، وتحت القصف الجوي خدمةً لأجندة توسعية تهدد أمن واستقرار المنطقة برمتها؟».

ووفق المسؤول الجزائري، «لم يكن هذا العدوان ليتحقق لولا تراجع الضغط العربي في خدمة القضية الفلسطينية، وانحسار الدور الدبلوماسي العربي في نصرة الشعب الفلسطيني، وفي تأييد مشروع دولته الوطنية، في أعقاب آخر مبادرة طُرحت منذ ما يربو على 20 عاماً».

وأضاف عطاف أن بلاده «تواصل مساعيها الحثيثة إقليمياً ودولياً لدعم المطالب المستعجلة، التي يفرضها الوضع الحالي، والتي تتعلق بفك الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 16 عاماً، ووقف القصف العشوائي الذي راح ضحيته آلاف الأرواح البريئة، ووقف التهجير القسري للسكان بالسماح بإغاثة أهل غزة دون قيود أو شروط»، مبرزاً أن بلاده «شددت في جميع الاجتماعات التي شاركت فيها، سواء على مستوى جامعة الدول العربية، أو على مستوى الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس الأمن والجمعية العامة، على حتمية معالجة الأسباب الجذرية للصراع برمته، عبر إحياء مسار السلام في الشرق الأوسط، والعمل على إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية، وتمكين إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشريف».

سكان مخيم جباليا بشمال غزة يبحثون عن ذويهم بعد القصف الذي تعرض له المخيم (د.ب.أ)

وتابع عطاف موضحاً أن بلاده «تحذر من مغبة مواصلة الرهان على الأسوأ، عبر إطفاء شعلة الأمل لدى الشعب الفلسطيني، الذي لا تعرف أجياله الحديثة أي شيء عن مسار السلام؛ فآخر مبادرة للتسوية السلمية تعود لسنة 1998، ومنذ ذلك الحين لم تشهد القضية الفلسطينية أي اهتمام دولي، في صورة تحرك يهدف لتحسين أوضاع الشعب الفلسطيني، وتمكينه من استرجاع حقوقه كاملة غير منقوصة».


مقالات ذات صلة

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

شمال افريقيا الرئيس تبون مع مسؤولين عن الصناعة العسكرية (الرئاسة)

الجزائر تعوّل على نمو الإنتاج العسكري لتطوير قطاعها الصناعي

الرئيس تبّون: «السياسة التي تبنتها الدولة في السنوات الأخيرة، الهادفة إلى تشجيع الإنتاج المحلي، ساهمت في تقليص فاتورة الواردات بنسبة 40 في المائة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون وعد بـ«حوار شامل مع جميع الفاعلين السياسيين والاقتصاديين» لكن دون تحديد موعد له (أ.ف.ب)

المعارضة الجزائرية تطالب بـ«إصلاحات جادة للحفاظ على الاستقرار»

طالب قادة 3 أحزاب من المعارضة الجزائرية السلطة بـ«تكريس انفتاح سياسي حقيقي»، و«إطلاق تعددية حقيقية»، و«احترام الحريات العامة»، و«إطلاق مشروع للسيادة والصمود».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا مع اندلاع حرب أوكرانيا باتت الجزائر «لاعباً أساسياً» ضمن كبار مصدري الطاقة إلى أوروبا (سوناطراك)

الطاقة تعزز مكانة الجزائر في أوروبا

كشفت بيانات حديثة نشرتها وكالة الإحصاءات الأوروبية «يوروستات» عن أن الجزائر تفوّقت على روسيا في أكتوبر الماضي في مجال تصدير الطاقة إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الخليج جانب من اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة السبت (واس)

تأكيد خليجي على دعم الجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن سوريا

شدّد جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الأحد على دعم دول المجلس للجهود الرامية لوحدة وسيادة وأمن واستقرار سوريا والوقوف مع الشعب السوري

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».