حكمت محكمة الجنايات الاستئنافية بالجزائر العاصمة، الاثنين، على 38 متهماً في «قضية التنظيم الانفصالي وحرائق القبائل»، بالإعدام، في حين تراوحت بقية الأحكام بحق أكثر من 90 متهماً، بين البراءة والسجن 20 سنة مع التنفيذ.
وأعلن دفاع غالبية المتهمين، العزم على تقديم طعون لدى «المحكمة العليا»؛ بذريعة أن الأحكام «قاسية»، وأن المحكمة «لم تستند إلى أدلة مادية تثبت التهم الجنائية». وأمام المتهمين 10 أيام لتقديم تلك الطعون، وإذا وافقت عليها الهيئة العليا في القضاء المدني، تعاد المحاكمة، أما في حالة الرفض، فالأحكام ستصبح نهائية.
وكانت المحكمة الابتدائية أدانت، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، 49 متهماً من بين 102، بالإعدام، علماً أن لائحة الاتهام تتضمن «القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان وخلق جو انعدام الأمن، من خلال الاعتداء المعنوي والجسدي على الأشخاص، وتعريض حياتهم وأمنهم للخطر والمساس بممتلكاتهم». كما جرت متابعتهم بجناية «المشاركة في القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، وجناية الاعتداء بغرض المس بوحدة التراب الوطني، وجناية مؤامرة الغرض منها المسّ بالمصالح العليا للبلاد».
والمعروف، أن تنفيذ حكم الإعدام أُوقف في الجزائر عام 1993، رغم أن القضاة ما زالوا ينطقون به... وآخر من نُفّذ فيهم 3 إسلاميين اتهمتهم السلطات بتفجير مطار العاصمة في صيف 1992 (40 قتيلاً).
وتعود وقائع القضية الراهنة، إلى صيف 2021، في منطقة القبائل شرق العاصمة، حيث شبّت حرائق مهولة خلّفت عشرات القتلى وأتلفت مساحات شاسعة من المزارع والغطاء النباتي الذي يميّز المنطقة. وكان أكثر المشاهد إثارة للصدمة، في تلك الأحداث، سحل وقتل وحرق جثة شاب ثلاثيني، يدعى جمال بن سماعين جاء من مدينة مليانة بغرب العاصمة، لـ«المساعدة على إخماد النيران»، وفق تصريحات له في فيديو مسرَب. غير أن الشرطة أوقفته في إحدى بلدات القبائل، للاشتباه بأنه مسؤول عن الحريق. ولما سمع سكان البلدة بالخبر، سارعوا إلى مركز الأمن في حالة غضب كبيرة للانتقام منه. وكان بن سماعين داخل سيارة الشرطة، ولا يعرف سبب تركه وحيداً يواجه موجة الغضب. وتم إخراجه بالقوة من السيارة، واقتياده إلى وسط البلدة، حيث شارك الكثير من سكانها في سحله وقتله بأسلحة بيضاء ثم إحراق جثته، في وقت كان يتوسّل إليهم محاولاً إقناعهم بأن لا علاقة له بالكارثة التي حلّت بهم.
وكان لافتاً، أن أعيان البلدة قدّموا لاحقاً، تعويضاً مادياً كبيراً لعائلة بن سماعين، كاعتذار منهم على ما اقترفه شبابهم.
وخلال مراحل التحقيق الأمني، قالت الشرطة: إن عناصر من المشتبه بهم، كانوا يتلقون توجيهات من تنظيمين مصنّفين على لائحة الإرهاب، هما «رشاد» الإسلامي و«حركة الحكم الذاتي في القبائل» الانفصالية، على أساس أنهما حرّضا على إضرام النيران في المنطقة. وتم بث اعترافات لهم بهذا الخصوص، بعد توقيفهم إثر قتل بن سماعين في 11 أغسطس (آب) 2021، غير أنهم نفوا، أثناء المحاكمة، أي صلة لهم بالتنظيمين الممنوعين من النشاط.