بعثة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بالسودان

أطفال يقفون بين بيوت دمرتها مياه الفيضانات داخل «مخيم يوسف باتير» للاجئين في مابان جنوب السودان (أ.ف.ب)
أطفال يقفون بين بيوت دمرتها مياه الفيضانات داخل «مخيم يوسف باتير» للاجئين في مابان جنوب السودان (أ.ف.ب)
TT

بعثة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بالسودان

أطفال يقفون بين بيوت دمرتها مياه الفيضانات داخل «مخيم يوسف باتير» للاجئين في مابان جنوب السودان (أ.ف.ب)
أطفال يقفون بين بيوت دمرتها مياه الفيضانات داخل «مخيم يوسف باتير» للاجئين في مابان جنوب السودان (أ.ف.ب)

وافق مجلس حقوق الإنسان بأغلبية ضئيلة، اليوم (الأربعاء) في جنيف، على إنشاء بعثة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، الذي يشهد حرباً دموية بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وفق ما نشرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال سايمن مانلي، السفير البريطاني، لدى تقديم القرار الخاص بإنشاء هذه اللجنة، التي ستتكون من 3 خبراء: «هناك حاجة ملحة للتحقيق وجمع الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات، وانتهاك القانون الدولي، بغض النظر عن مكان ارتكابها في السودان، ومن ارتكبها، وهذا تحديداً ما ستفعله بعثة تقصي الحقائق هذه».

وشدد السفير، الذي تحدث نيابة عن مجموعة من الدول، على الهجمات ضد المدنيين، خصوصاً العنف الجنسي. وسلط الضوء، بشكل خاص، على التجاوزات المرتكبة في ولاية دارفور.

وجرى تبني القرار بأغلبية 19 صوتاً مقابل 16، مع امتناع 12 عضواً عن التصويت، من أعضاء المجلس الـ47، وامتنعت جنوب أفريقيا عن التصويت.

وعارض السودان بشدة تبني هذا النص على لسان سفيره حسن حامد حسن.

وقال: «مرة أخرى، وللأسف، يشهد هذا المجلس انقساماً عميقاً أمام قرار فُرض قسراً على الدولة المعنية، وهي السودان».

وأضاف: «في السودان هل نحن حقاً في حاجة إلى آلية جديدة، من شأنها أن تعرض للخطر كل أشكال التعاون بين السودان وآليات حقوق الإنسان؟ على أولئك الذين دعموا القرار أن يعلموا أنهم هددوا هذا التعاون».

وتوحي لهجة السفير بأن حكومته لن تتعاون مع اللجنة بعد تعيين أعضائها، بحسب الوكالة.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) الماضي، يدور قتال بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وبين نائبه السابق الفريق محمد حمدان دقلو، الذي يقود قوات «الدعم السريع»، بشكل رئيسي في الخرطوم ومنطقة دارفور.

وحتى الآن، قُتل أكثر من 9 آلاف شخص في النزاع السوداني، وفق أرقام منظمة «آكليد» غير الحكومية، المختصة في جمع بيانات النزاعات، والتي تعدّ أقل بكثير من الحصيلة الحقيقية.

كما خلّف النزاع أكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ، وتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية والصحية في البلاد، وهي من أفقر دول العالم.



أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
TT

أنباء عن تنكيل جماعي بعشرات المدنيين في ولاية الجزيرة السودانية

سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)
سودانيون يفرون من مدينة ود مدني بولاية الجزيرة (أ.ف.ب)

انتشرت مقاطع فيديو صادمة على منصات التواصل الاجتماعي توثق عمليات تنكيل جماعي بمدنيين على أيدي عناصر ترتدي أزياء الجيش السوداني، في مناطق متفرقة من ولاية الجزيرة وسط السودان، التي استردها الجيش والفصائل المسلحة المتحالفة معه، السبت الماضي.

واستهدفت تلك الارتكابات، بشكل مقصود مجموعات عرقية وإثنية من أصول أفريقية أغلبهم من سكان «الكنابي» الذين استوطنوا ولاية الجزيرة منذ عقود طويلة، بمزاعم أن هذه المجموعات تتعاون وتخابر مع «قوات الدعم السريع».

وقلّلت القوات المسلحة السودانية (الجيش) من عمليات القتل الواسعة، التي نفذها رجال بثياب عسكرية، ضد مدنيين في مدينة ود مدني بولاية الجزيرة تحت ذريعة «التعاون» مع «قوات الدعم السريع»، وتضمنت القتل «ذبحاً وحرقاً» وإطلاق الرصاص على الرؤوس، والإلقاء في مياه النيل الأزرق، وعدّها «تجاوزات فردية» في بعض المناطق عقب ما سماه «تطهير» مدينة ود مدني.

مواطنون ينزحون من مدينة ود مدني السودانية من جراء الحرب بين «قوات الدعم» والجيش (أ.ف.ب)

وأدان بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي للجيش، الثلاثاء، تلك الجرائم، وقال: «إن القوات المسلحة السودانية ملتزمة بصرامة بالقانون الدولي، وحريصة على محاسبة كل من يتورط في أي تجاوزات تطول أي شخص من الكنابي و قرى الولاية طبقاً للقانون»، لكنه لم يشر إلى تشكيل لجان تحقيق.

واتهم الجيش جهات لم يسمها، «بالتربص بالبلاد، ومحاولة استغلال أي تجاوزات فردية لإلصاقها بالقوات المسلحة والقوات المساندة لها، في الوقت الذي تلوذ بالصمت حيال جرائم الحرب المستمرة والمروعة التي ترتكبها ميليشيا آل دقلو الإرهابية ضد المدنيين»، مشيراً إلى أنه ينسق مع لجنة أمن الولاية لمتابعة الحالة الأمنية في ولاية الجزيرة.

وقبل أن يفيق السودانيون من صدمة مقتل العشرات من سكان قرية طيبة «كمبو 5» وبينهم أطفال وكبار في السن، بالقرب من بلدة أم القرى شرق الجزيرة، بدوافع عرقية، على أيدي مقاتلين لإحدى الفصائل التي تحارب إلى جانب الجيش، توالت عمليات القتل الجماعي في مناطق أخرى بالولاية.

أجبرت الاشتباكات آلاف السوادنيين على الفرار من ود مدني (أ.ف.ب)

وأظهر تسجيل مصور، عناصر من «كتيبة البراء بن مالك»، أبرز الجماعات الجهادية المتطرفة، وهي تلقي بأحد الشباب من أعلى «جسر حنتوب» إلى نهر النيل الأزرق، وهم يطلقون عليه وابلاً من الرصاص، ويرددون شعارات.

بدورها، اتهمت «قوات الدعم السريع» قوات «الحركة الإسلامية الإرهابية» بارتكاب جرائم تطهير عرقي والقتل على أساس الهوية واللون في ود مدني والكنابي، أسفرت عن تصفية وإعدام المئات، بجانب عمليات الاحتجاز القسري والتعذيب والاعتداء على النساء وإذلال كبار السن.

وقالت في بيان على منصة «تلغرام» إن «توثيق جنود القوات المسلحة السودانية والميليشيات التابعة لها، من كتائب الحركة الإسلامية والفصائل الأخرى، للجرائم بحق المدنيين التي شملت إطلاق النار والذبح، يشكل أدلة مكتملة الأركان لإدانة سلوك هذه الجماعات المتطرفة».

واتهم البيان، الجيش وميلشياته بارتكاب «جرائم إبادة جماعية»، واتباع استراتيجية «تهدف لتفريغ بعض المناطق من سكانها، عبر التهجير القسري، الذي يتخذ أبعاداً إثنية وفق خطة ممنهجة تمثلها جرائم التطهير العرقي الجارية حالياً، باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد».

نساء وأطفال في مخيم للنازحين أقيم في مدينة ود مدني بالسودان (أ.ف.ب)

ووثقت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية) أكثر من 7 تسجيلات مصورة، قالت إنها «لانتهاكات وتصفيات عرقية في ولاية الجزيرة»، وأفادت عضو المكتب التنفيذي بالمنظمة، رحاب مبارك، في بيان، بأن «هذه الفيديوهات التي تم رصدها، توثق للمجازر العرقية، وكل انتهاك يحدث في الولاية الوسطية».

وبدورها، قالت هيئة «محامو دارفور» (حقوقية تطوعية) إنها تتحقق من عشرات مقاطع الفيديو لعمليات قتل وذبح وحرق وإحراق، تلقتها من جهات عديدة، بجانب قائمة بأسماء 128 شخصاً، قتلوا عقب استرداد الجيش لمدينة ود مدني.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» على مدينة ود مدني في ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد انسحاب قوات الفرقة الأولى مشاة التابعة للجيش منها، وظلت تحت سيطرتها طوال عام واجهت خلاله أيضاً اتهامات بارتكاب انتهاكات كبيرة ضد المدنيين... ثم استعاد الجيش المدينة 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، دون خوض معارك كبيرة.