إلحاح أميركي مقابل تحذير مصري من دفع سكان غزة نحو سيناء

القاهرة تتحرك لـ«منع نزوح جماعي»

عائلات فلسطينية تغادر خان يونس بجنوب غزة جراء القصف الإسرائيلي أمس (رويترز)
عائلات فلسطينية تغادر خان يونس بجنوب غزة جراء القصف الإسرائيلي أمس (رويترز)
TT

إلحاح أميركي مقابل تحذير مصري من دفع سكان غزة نحو سيناء

عائلات فلسطينية تغادر خان يونس بجنوب غزة جراء القصف الإسرائيلي أمس (رويترز)
عائلات فلسطينية تغادر خان يونس بجنوب غزة جراء القصف الإسرائيلي أمس (رويترز)

تتواصل الاتصالات والتحركات المصرية المكثفة لمنع «نزوح جماعي» من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء، فيما تسبب القصف الإسرائيلي المتكرر للجانب الفلسطيني من معبر رفح في إغلاق منفذ الخروج الوحيد من القطاع، وسط تقارير إعلامية أميركية أفادت بأن الرئيس الأميركي جو بايدن بحث خلال محادثة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العمل على إجلاء عدد من الفلسطينيين في غزة إلى مصر، وقالت تلك التقارير إن البيت الأبيض «يناقش تلك الخطوة مع دول أخرى للبدء في هذا الإجراء».

ونقلت وكالة «رويترز» (الأربعاء) عمن وصفتهما بأنهما مصدران أمنيان مصريان قولهما إن الهجوم الإسرائيلي على غزة «يثير قلق القاهرة التي دعت إسرائيل لفتح ممر آمن لخروج المدنيين من القطاع بدلاً من تشجيعهم على الفرار نحو سيناء».

ووصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، (الثلاثاء)، التصعيد الحالي بين إسرائيل والفلسطينيين بأنه «خطير للغاية»، وله تداعيات قد تؤثر على أمن المنطقة واستقرارها. وأضاف أن بلاده «لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أطراف أخرى»، في إشارة واضحة إلى خطر دفع الفلسطينيين إلى سيناء.

دمار في غزة جراء الغارات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

ووفق التقارير الأميركية فإن واشنطن تعمل بالتنسيق مع إسرائيل ومصر على فتح «ممر إنساني مخصص لخروج فلسطينيين ومواطنين أميركيين من قطاع غزة إلى مصر».

ووردت تلك المعلومات أيضاً على لسان سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، مايك هيرتسوغ، الذي قال: «لا أستطيع التحدث باسم المصريين، لكنني متأكد من أنهم سيسمحون بذلك».

وأكد مستشار الأمن القومي الأميركي، جاك سوليفان، تلك المعلومات لكنه رفض إعطاء أي تفاصيل.

ومع استمرار إسرائيل في إحكام حصارها على قطاع غزة، ومنع أي محاولة لفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات الإغاثية والحياتية لسكان القطاع الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة، تتزايد المخاوف من تكرار مشهد عام 2008، عندما اجتاح آلاف الفلسطينيين الحدود مع مصر، وسمحت لهم السلطات المصرية وقتئذ بالبقاء في سيناء لعدة أسابيع، والتزود باحتياجاتهم قبل إعادتهم للقطاع.

من جانبه، أكد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، أحمد العوضي، لـ«الشرق الأوسط» أن الدعم المصري للشعب الفلسطيني «مطلق وغير محدود رسمياً وشعبياً»، لكنه أضاف في الوقت ذاته أن «ذلك الدعم لا يتنافى مع إصرار مصر على حماية سيادتها وأمنها القومي أمام أي محاولة للاستهداف».

وأشار العوضي إلى أن إعادة طرح مسألة تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة ودفعهم للنزوح إلى الأراضي المصرية بأي صورة «مسألة مرفوضة تماماً، لأنها تمثل تصفية للقضية الفلسطينية». ونوه العوضي بالتصريحات التي وصفها بـ«الحاسمة» من جانب الرئيس المصري حول حماية الأمن القومي المصري، والحفاظ على ثوابت القضية الفلسطينية بعدم تفريغ قطاع غزة من سكانه، مشيراً في هذا الصدد إلى أن التحركات المصرية كانت «استباقية» عندما قدمت مصر منحة قيمتها 500 مليون دولار لإعادة إعمار القطاع عام 2021، ونفذت الشركات المصرية مشروعات تنموية كثيرة لدعم ومساندة أهالي غزة.

وكانت مصادر أمنية مصرية رفيعة المستوى حذرت، في وقت سابق عبر تصريحات لوسائل إعلام مصرية، من محاولة دفع الفلسطينيين في غزة إلى النزوح نحو الحدود المصرية نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، وقالت المصادر إن «السيادة المصرية ليست مستباحة».

وعدّ مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، رخا أحمد حسن، أن المخاطب بقضية الممرات الآمنة «هو إسرائيل وليس أي دولة أخرى»، مشيراً إلى أن تعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف الجانب الفلسطيني من معبر رفح «يمثل رسالة واضحة على الإمعان في خنق وحصار قطاع غزة، وقطع السبيل أمام أي محاولة لفتح ممرات إنسانية لدعم سكان القطاع بعدما نجحت مصر في إدخال شاحنات تحمل أغذية وأدوية».

وأضاف حسن لـ«الشرق الأوسط» أن ما حدث عام 2008 من دخول آلاف الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية والتزود باحتياجاتهم وبموافقة السلطات المصرية «كان أمراً مختلفاً»، مشيراً إلى أن ما وصفه بـ«حالة الهوس الإسرائيلية الراهنة والضربات المسعورة لسكان القطاع تحاول فرض واقع جديد لا يمكن قبوله».

ولفت إلى ما وصفه بـ«التقصير المخزي» من جانب المسؤولين الغربيين وفي مقدمتهم رموز الإدارة الأميركية الذين يرفضون مجرد الضغط على إسرائيل للتجاوب مع جهود فتح ممرات ومسارات آمنة للمساعدات الإغاثية، معرباً عن أمله أن تسهم الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة في «حلحلة الموقف باتجاه انفراجة ما».



مصر تستعد لـ«مراجعة دورية» لملف حقوق الإنسان في جنيف

الاجتماع الوزاري لـ«اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بمصر» (الخارجية المصرية)
الاجتماع الوزاري لـ«اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بمصر» (الخارجية المصرية)
TT

مصر تستعد لـ«مراجعة دورية» لملف حقوق الإنسان في جنيف

الاجتماع الوزاري لـ«اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بمصر» (الخارجية المصرية)
الاجتماع الوزاري لـ«اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بمصر» (الخارجية المصرية)

تستعد الحكومة المصرية لجلسة «المراجعة الدورية الشاملة» لملف حقوق الإنسان في البلاد، المقرر لها 28 يناير (كانون الثاني) الحالي، في جنيف.

وناقشت «اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان المصرية» (لجنة حكومية) تحضيرات جلسة المراجعة الدورية، في اجتماع، السبت، برئاسة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، وأكدت اللجنة على «تكثيف جهود مؤسسات الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة، استعداداً للمشاركة في جلسة المراجعة بمجلس حقوق الإنسان الدولي»، حسب إفادة «الخارجية المصرية».

وتقدمت الحكومة المصرية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة»، التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر الحالي، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات، وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010 و2014 و2019.

وبحسب وزارة الخارجية، السبت، «ستشارك مصر في آلية المراجعة الدورية الأممية للمرة الرابعة، وتعتبر هذه العملية إحدى الآليات الدولية المهمة، التي تشارك فيها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من خلال استعراض الجهود الوطنية، وتتلقى خلالها توصيات من الدول الأخرى لتعزيز الجهود الوطنية للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان، في إطار تبادل الخبرات وأفضل الممارسات».

وذكرت «الخارجية المصرية» أن اجتماع «اللجنة العليا» استهدف التحضير لجلسة المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان، وأشاد عبد العاطي بتحضيرات الجهات المعنية في بلاده لضمان نجاح جلسة المراجعة، «باعتبارها من الاستحقاقات الدولية المهمة في مجال حقوق الإنسان، وتمثل فرصة لاستعراض الجهود الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان بمصر».

وشارك في اجتماع «اللجنة العليا لحقوق الإنسان» وزراء التضامن الاجتماعي، والشؤون النيابية والقانونية، والعمل، وعدد من المسؤولين الحكوميين.

مشهد علوي من العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

كما أشار وزير الخارجية المصري إلى «تقديم التقرير الثالث للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان للرئيس عبد الفتاح السيسي»، منوهاً بتكليف السيسي بـ«استكمال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الهادفة لتمتع المواطن المصري بكل حقوقه الدستورية والقانونية».

وكان عبد العاطي قد عرض على الرئيس المصري، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج، التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي»، حسب إفادة للرئاسة المصرية.

ويرى رئيس «المنظمة العربية لحقوق الإنسان» علاء شلبي أن ملف المراجعة الدورية «يشكل محور اهتمام رئيسياً للحكومة المصرية حالياً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القاهرة تبنّت مقترحات المنظمات الحقوقية خلال العامين الماضيين، بتعزيز تفاعلها مع المنظومة الأممية لحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن مصر «وضعت حداً لحقبة التجاهل لمنظومة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بتقديم 4 تقارير دورية».

واعتبر شلبي أن «الحوار داخل المجلس الدولي سياسي بالدرجة الأولى، كونه يجري بين الدولة مقدمة الملف وجميع أعضاء الأمم المتحدة، وينتهي إلى استحقاقات، يجب على الدولة التي قدمت الملف إنجازها خلال السنوات الأربع التالية»، وقال إن مخرجات تقرير المراجعة «يشكل معياراً لمدى مصداقية وجدية هذه الدولة في تحسين حالة حقوق الإنسان بها».