القاهرة «قلقة» من «محاولات تهجير الفلسطينيين» إلى سيناء

مصادر مصرية حذّرت من «تصفية القضية»... وقالت إن «حدودنا غير مستباحة»

فلسطينيون وسط آثار التدمير الذي لحق بغزة (أ.ب)
فلسطينيون وسط آثار التدمير الذي لحق بغزة (أ.ب)
TT

القاهرة «قلقة» من «محاولات تهجير الفلسطينيين» إلى سيناء

فلسطينيون وسط آثار التدمير الذي لحق بغزة (أ.ب)
فلسطينيون وسط آثار التدمير الذي لحق بغزة (أ.ب)

تصاعدت وتيرة التحذيرات المصرية مما وُصف بأنه «مخطط لخدمة الأهداف الإسرائيلية القائمة على تصفية الأراضي الفلسطينية المحتلة»، ودفع سكان قطاع غزة إلى «نزوح جماعي» باتجاه الحدود المصرية مع القطاع، وترافقت تلك التحذيرات مع تصريحات لمتحدث عسكري إسرائيلي دعا فيها الفلسطينيين المتضررين من الضربات الجوية على القطاع إلى «التوجه لمصر»، فيما شددت مصادر أمنية مصرية على أن «الحدود المصرية غير مستباحة».

وأفادت مصادر أمنية مصرية بأن القضية الفلسطينية «تشهد حالياً منعطفاً هو الأخطر في تاريخها»، موضحة في تصريحات نقلتها قناة «القاهرة الإخبارية» في مصر (الثلاثاء)، أن هناك «مخططاً واضحاً لخدمة الأهداف الإسرائيلية لتصفية الأراضي الفلسطينية المحتلة من أصحاب الأرض وسكانها، وإجبارهم على تركها بتخييرهم بين الموت تحت القصف الإسرائيلي أو النزوح للخارج».

وحذرت المصادر التي وُصفت بأنها «رفيعة المستوى» من «المخاطر المحيطة بتداعيات الأزمة الراهنة على ثوابت القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني»، مشيرة إلى أن «هناك بعض الأطراف (لم تسمها) تخدم مخطط إسرائيل، وتُمهد له مبررات الأمر الواقع لتزكية أطروحات (غير مقبولة) تاريخياً وسياسياً سعت تل أبيب لطرحها على مدار الصراع العربي - الإسرائيلي بـ(توطين أهالي غزة في سيناء)».

وأضافت المصادر أن مخطط «توطين أهالي غزة في سيناء تصدت له مصر وستتصدى له، ورفضه الإجماع الشعبي الفلسطيني المتمسك بحقه وأرضه»، لافتة إلى أن «مقررات الجامعة العربية أعلنت الموقف ذاته في سياقات مختلفة». وجددت المصادر التحذير من أن القضية الفلسطينية «يتم تصفيتها الآن».

التصريحات المصرية جاءت بعد أقل من ساعتين على إفادة أدلى بها متحدث عسكري إسرائيلي قال فيها إن «الفلسطينيين المتضررين من الضربات الجوية على قطاع غزة يمكنهم التوجه إلى مصر». وأعلن كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين للإعلام الأجنبي، اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، في مؤتمر صحافي (الثلاثاء): «أعلم أن معبر رفح (على الحدود بين غزة ومصر) لا يزال مفتوحاً، وأنصح أي شخص يمكنه الخروج بالقيام بذلك».

إلا أن الجيش الإسرائيلي أصدر لاحقاً، وعقب تصريحات المصادر الأمنية المصرية، تعديلاً لتصريح هيشت. وقال الجيش في بيان التعديل إن «المعبر الحدودي بين غزة ومصر مغلق حالياً»، وفقاً لوكالة «رويترز».

كانت مصادر مصرية حذرت (الاثنين) من «دفع الفلسطينيين العزل تجاه الحدود المصرية وتغذية بعض الأطراف لدعوات النزوح الجماعي». وشددت المصادر في تصريحات لوسائل إعلام مصرية على «خطورة دعوات النزوح»، مؤكدة أن «السيادة المصرية ليست مستباحة».

جانب من التدمير الذي طال غزة بعد الاعتداءات الإسرائيلية (أ.ب)

من جهته، وصف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق حسين هريدي، الأزمة الراهنة، بأنها «بالغة الحساسية»، مشيراً إلى أن الممارسات الإسرائيلية تمثل «(إبادة جماعية) بحق 2.4 مليون فلسطيني في غزة ودفعهم إلى النزوح الجماعي نحو الحدود المصرية».

وأضاف هريدي لـ«الشرق الأوسط»، أن محاولات وضع الشعب الفلسطيني خصماً، وتحويل المشهد إلى مواجهة فلسطينية - مصرية «لا تخدم سوى مصلحة إسرائيل»، لافتاً إلى أن مساعي تل أبيب للتخلص من مسؤولياتها تجاه سكان غزة «قديمة ومتواصلة»، موضحاً أن خطة انسحاب إسرائيل من القطاع عام 2005 كان جزء من أهدافها «إلقاء مسؤولية القطاع على كاهل مصر».

هريدي رأى كذلك أن محاولات إسرائيل تفريغ وفصل غزة عن الضفة الغربية «تستهدف استبعاد القطاع من أي تسوية مستقبلية للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «لفت الانتباه عن جوهر الصراع هو مصلحة إسرائيلية بالأساس».

ونوه هريدي في هذا الصدد بتعامل مصر مع دخول الآلاف من سكان قطاع غزة عام 2008 إلى الأراضي المصرية، الذي وصفه بأنه «كان نابعاً من التزامات مصر التاريخية تجاه القضية الفلسطينية باعتبار القضية الفلسطينية جزءاً من الأمن القومي المصري وترتبط ارتباطاً مباشراً بالمصالح المصرية».

وكان أكثر من 500 ألف من سكان قطاع غزة، وفق التقديرات المصرية، «نزحوا إلى سيناء عام 2008 تحت وطأة الحصار والاستهداف الإسرائيلي للقطاع»، حيث فجر مسلحون حينها جزءاً من الجدار الحدودي، وسمحت مصر لهم على مدى أسابيع بالتزود باحتياجاتهم المعيشية قبل العودة للقطاع.

وتزداد المخاوف في قطاع غزة من شن إسرائيل هجمات برية، إضافة إلى تكثيف عمليات القصف الجوي، إذ استدعى الجيش الإسرائيلي 300 ألف جندي احتياطي في عملية تعبئة ضخمة. وفر عشرات الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة من منازلهم بعد أن سوت الغارات الجوية الإسرائيلية بنايات وأحياء كاملة بالأرض، فيما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تصاعد النزوح الجماعي خلال الساعات الماضية في مختلف أرجاء قطاع غزة، ليصل إلى أكثر من 187 ألف شخص.

وعدَّ رئيس برنامج الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بمركز «الأهرام» للدراسات السياسية والاستراتيجية، صبحي عسيلة، إحياء فكرة التهجير للفلسطينيين من قطاع غزة «نوعاً من الضغط على أعصاب سكان القطاع»، مشيراً إلى أن مصر «تدرك جيداً التزاماتها الإنسانية، وتركز على القضية الأساسية وهي قضية الاحتلال وممارساته».

وأضاف عسيلة لـ«الشرق الأوسط»، أن الحديث عن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء «مخطط قديم أعيد طرحه إقليمياً ودولياً في أكثر من مناسبة، ورفضته مصر رفضاً حاسماً»، مشيراً إلى أن إخلاء القطاع من سكانه «خطر كبير وتصفية حقيقية للقضية الفلسطينية بما يخدم أهداف إسرائيل».

ولفت عسيلة إلى أن الأولويات الراهنة لمصر هي «التوصل إلى وقف إطلاق النار واستعادة التهدئة، والتحرك في إطار إقليمي ودولي لوقف الهمجية الإسرائيلية والعقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني».



تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)
مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية بالمشهد الإعلامي.

وتصدر قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الاثنين، بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية والصحافية، الترند في مصر عبر «هاشتاغات» عدة، حمل بعضها أسماء ضمها التشكيل الجديد، لا سيما وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبد العزيز الذي ترأس «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، والإعلامي أحمد المسلماني رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام»، وعبد الصادق الشوربجي رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة».

وأعيد تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، لمدة 4 سنوات، بموجب القرار الجمهوري «رقم 518 لسنة 2024»، «برئاسة خالد عبد العزيز، وعضوية كل من: المستشار عبد السلام النجار، نائب رئيس مجلس الدولة، والدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والدكتور حسام عبد المولى، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والصحافيين عبد المحسن سلامة وعادل حمودة، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافية علا الشافعي، والإعلامي عصام الأمير، والدكتورة منى الحديدي، ممثلاً للمجلس الأعلى للجامعات».

ونص القرار الجمهوري رقم 520 لسنة 2024 على «تشكيل الهيئة الوطنية للإعلام، لمدة أربع سنوات، برئاسة أحمد المسلماني، وعضوية كل من: المستشار حماد مكرم، نائب رئيس مجلس الدولة، وخالد نوفل، ممثلاً لوزارة المالية، والمهندس وليد زكريا، ممثلاً للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، والإعلاميين أسامة كمال وريهام الديب، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، وهالة فاروق حشيش، ممثلاً لنقابة الإعلاميين، وسامي عبد السلام، ممثلاً للنقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام، والكاتبة صفية مصطفى أمين، من الشخصيات العامة وذوى الخبرة».

كما أعيد تشكيل «الهيئة الوطنية للصحافة» لمدة 4 سنوات أيضاً، بموجب القرار الجمهوري رقم 519 لسنة 2024، حيث احتفظ عبد الصادق الشوربجي، بمنصبه رئيساً للهيئة التي ضمت في عضويتها كلاً من: المستشار محمود عمار، نائب رئيس مجلس الدولة، وياسر صبحي، ممثلاً لوزارة المالية، والصحافيين علاء ثابت وعمرو الخياط، من الشخصيات العامة وذوي الخبرة، والصحافيين حمدي رزق، وسامح محروس، ممثلين للصحافة القومية، وأسامة سعيد أبو باشا، ممثلاً للعاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، والكاتبة سحر الجعارة من الشخصيات العامة وذوي الخبرة».

ومن المتوقع أن تشهد الجلسات العامة لمجلس النواب المصري (البرلمان)، الأسبوع المقبل، أداء رؤساء الهيئات الإعلامية الجدد اليمين أمام النواب.

وتعهد الشوربجي، في مداخلة لقناة «إكسترا نيوز» المصرية، الاثنين، بـ«استكمال مسيرة التطوير»، مشيراً إلى أن «الهيئة تعمل على مواجهة التحديات والاهتمام بالصحافة الورقية ومواكبة التطورات».

وقال إن «الفترة السابقة شهدت مصاعب كثيرة جداً، من بينها جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية، ما أثر في صناعة الصحافة بمصر».

وأضاف أنه «استطاع تحويل التحديات إلى إيجابيات، حتى بدأت مؤسسات صحافية تنهض»، متعهداً بأن «تشهد الفترة المقبلة تحقيق المؤسسات الصحافية التوازن المالي، إلى جانب تطوير المحتوى التحليلي، دون إهمال الصحافة الورقية».

ويأتي تشكيل هذه الهيئات بموجب المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري لعام 2014، وتعديلاته عام 2019، التي تنص على تشكيل «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» باعتباره «هيئة مستقلة تختص بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها»، إلى جانب هيئتي الصحافة والإعلام، حيث «تختص الأولى بإدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة»، بينما تعمل الثانية على «إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة».

وحظي خالد عبد العزيز بالنصيب الأكبر من الاحتفاء على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما بين الصحافيين والنقاد الرياضيين، والمتابعين للشأن الرياضي بشكل عام، كونه شغل في وقت سابق منصب وزير الشباب والرياضة.

وأعرب الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه على «إكس»، عن «تفاؤله» بإعادة تشكيل الهيئات الإعلامية، وعدّ اختيار عبد العزيز لرئاسة «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام»، بمثابة «بشرى خير واختيار صادف أهله ورضا المتطلعين للأفضل».

وكذلك أكد الناقد الرياضي إكرامي الرديني، عبر «إكس»، أن عبد العزيز هو «الرجل المناسب في المكان المناسب»، معرباً عن أمله في أن يسهم التشكيل الجديد في «وضع المعايير المناسبة لهذه الفترة المنفلتة إعلامياً».

وأشار الصحافي والناقد الرياضي رضوان الزياتي، عبر «إكس»، إلى أن التشكيل الجديد للهيئات الإعلامية «لاقى نسبة كبيرة من القبول الشعبي»، معرباً عن أمله في أن «يكون هناك إعلام محترم وموضوعي ينحاز للوطن والشعب».

وبينما أكد العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، أنه «من المبكر الحديث عن دلالات أو انعكاسات التغيير على المشهد الإعلامي»، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التغيير كان مطلوباً بدرجة كبيرة، لا سيما أن المجالس السابقة لم تؤدِّ ما عليها من دور، ولم تحقق أهدافها بالشكل المرغوب».

وأعرب عن أمله في أن «يحمل التشكيل الجديد تغييراً ملحوظاً في المشهد الإعلامي».

وجاء قرار إعادة تشكيل الهيئات متأخراً بضعة شهور، حيث صدر قرار تشكيل الهيئات السابقة في 24 يونيو (حزيران) 2020، لمدة 4 سنوات، وأدى الصحافي كرم جبر، اليمين أمام مجلس النواب، رئيساً لـ«المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» في 5 يوليو (تموز) من العام نفسه. وتزامناً مع موعد انتهاء مدة ولاية الهيئات السابقة، نشرت وسائل إعلام محلية أسماء مرشحين لرئاستها، مع الإشارة إلى قرب صدور قرار بتعيينهم.