تفشي الكوليرا وحمى الضنك والملاريا في السودان بسبب الحرب

نقص حاد في علاجاتها وطرفا القتال يحدّان من وصول الأدوية

تجمهر أمام مختبر طبي لإجراء اختبار حمى الضنك المنتشرة في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
تجمهر أمام مختبر طبي لإجراء اختبار حمى الضنك المنتشرة في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
TT

تفشي الكوليرا وحمى الضنك والملاريا في السودان بسبب الحرب

تجمهر أمام مختبر طبي لإجراء اختبار حمى الضنك المنتشرة في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)
تجمهر أمام مختبر طبي لإجراء اختبار حمى الضنك المنتشرة في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

تفشت بصورة وبائية أمراض حمى الضنك والملاريا والكوليرا، في عدد من ولايات السودان، إثر خروج 70 في المائة من المنشآت الصحية عن الخدمة بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ قرابة نصف عام. وناشدت وزارة الصحة في ولاية القضارف (شرق)، وهي الولاية الأكثر تضرراً، المنظمات الدولية تقديم الدعم اللازم للقضاء على حمى الضنك.

وتزايدت الإصابات بـحمى الضنك والكوليرا، إضافة إلى حمى الملاريا، لا سيما في ولايتي القضارف والجزيرة (وسط) بصورة وبائية، في وقت تواجه فيه البلاد نقصاً حاداً في الأدوية والكوادر الطبية، في حين يتهم متطوعون طرفَي القتال الدائر في الخرطوم بالاستيلاء على الأدوية المقدمة على شكل مساعدات، ويتهم متطوعون الجيش بمنع وصول الأدوية منعاً لوصولها إلى قوات «الدعم السريع»، وذلك وفقاً لصحيفة «سودان تربيون».

شح الأدوية ونقص الكوادر

وتزايدت حالات الإصابة بوباء الكوليرا في مناطق في العاصمة الخرطوم، التي تنعدم فيها الخدمات الصحية بشكل شبه كامل، مع شحّ شديد في الأدوية المنقذة للحياة، في حين تواجه الكوادر الطبية صعوبات جمة في الوصول إلى المشافي والمرضى، إلى جانب معاناتهم من شح المعونات الطبية.

مرضى يصطفون في أحد المستشفيات بمدينة القضارف (شرق) وسط انتشار حالات الكوليرا وحمى الضنك (أ.ف.ب)

وانتشرت الكوليرا على نطاق واسع في منطقة شرق النيل (الخرطوم بحري)، وهي المنطقة التي لا يزال يعيش فيها عدد كبير من السكان الذين لم يغادروا الخرطوم. وقال مواطنون من القضارف لـ«الشرق الأوسط» أمس: إن حمى الضنك متفشية في الولاية بشكل وبائي، إلى جانب تفشي الإسهالات المائية، في حين كشفت وزارة الصحة في الولاية عن وفاة نحو 15 شخصاً وإصابة نحو 250 بإسهالات مائية، وتسجيل أكثر من 800 إصابة بحمى الضنك ووفاة عشرة منهم.

خطة ينقصها التمويل

ونقلت تقارير صحافية عن مدير طوارئ الصحة في القضارف، أنور بانقا، انطلاق ما أسماه الجولة الثالثة من الجهود لحملة القضاء على حمى الضنك والإسهالات المائية خلال الأيام المقبلة؛ بهدف القضاء على الوباءين بصورة جذرية. بيد أنه اشتكى من عدم توفر التمويل الكافي، سواء من الحكومة أو المنظمات الإنسانية، وناشد المسؤول الصحي المنظمات وحكومة الولاية تسريع توفير التمويل في الوقت المناسب، في الوقت الذي تعدّ فيه الولاية الأكثر تضرراً من الحميات والإسهالات المائية.

مرضى في أحد المستشفيات بمدينة القضارف (شرق) وسط انتشار حالات الكوليرا وحمى الضنك 27 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

ونقلت «سودان تربيون» عن المتحدث باسم غرفة طواريْ شرق النيل في العاصمة الخرطوم، معاذ شمس الدين، أن مستشفى «البانجديد»، وهو من المستشفيات القليلة التي تعمل في الخرطوم، استقبل نحو 40 إصابة بالكوليرا خلال الفترة من مطلع الشهر الحالي وحتى الثالث منه، بينها 4 حالات انتهت بالوفاة، ووصل إجمالي الإصابات منذ اكتشاف المرض الأسبوع الأخير من سبتمبر (أيلول) الماضي نحو 119 إصابة.

8 ولايات مصابة

وانتقد شمس الدين رفض الجيش دخول كميات كبيرة من الأدوية مقدمة من منظمة الصحة العالمية، مشيراً إلى وصول الأدوية إلى قوات «الدعم السريع»، ونقص حاد في الأدوية والكوادر الطبية في المستشفى الوحيد الذي يعمل في ضاحية الحاج يوسف. وأوضح التقرير التراكمي لحمى الضنك في ولاية الجزيرة، إصابة نحو 82 حالة بحمى الضنك، خلال الفترة من 23 سبتمبر (أيلول) وحتى 2 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، بينها 64 حالة مؤكدة وحالتا وفاة، بينما عُزل نحو 62 مصاباً في المنازل والمستشفيات. ونسبت الصحيفة إلى وزير الصحة السوداني المكلف، هيثم محمد إبراهيم، قوله في وقت سابق: إن وباء حمى الضنك ينتشر في 8 ولايات، هي: البحر الأحمر، كسلا، القضارف، الجزيرة، سنار، شمال كردفان، جنوب كردفان، وشمال دارفور.


مقالات ذات صلة

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

شمال افريقيا نساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

​رئيس «أطباء بلا حدود» لـ«الشرق الأوسط»: حرب السودان تخلف صدمات نفسية سيئة

آلاف الأسر تفرقت حيث خرج أفرادها من دون أن يحملوا شيئاً أحياناً كانوا حفاة ويسيرون على أقدامهم ومن الصعوبة أن يتم توفير المساعدات لهم من الغذاء والمياه والأدوية

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شمال افريقيا شاحنة تحمل لاجئين سودانيين من مدينة رينك الحدودية في جنوب السودان (د.ب.أ)

الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم

أفاد تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الأحد، بأن السودان يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
TT

المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودان

إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)
إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» (غيتي)

قال إيان إيغلاند الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين»، إن الأزمة الإنسانية في السودان أسوأ من الأزمات في أوكرانيا وغزة والصومال مجتمعة.

وأوضح في حوار مع «وكالة الأنباء الألمانية» بعد زيارته لمنطقة دارفور بغرب السودان ومناطق أخرى: «حياة 24 مليون شخص على المحك في السودان».

وأضاف: «نحن ننظر لعد تنازلي قوي نحو المجاعة واليأس وانهيار حضارة بأكملها». وأكد أن الصراعات مثل الدائرة في أوكرانيا والشرق الأوسط، «يجب ألا تصرف الانتباه عن معاناة المواطنين في السودان».

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

وأضاف: «إذا اتفقنا أن حياة الإنسان ذات قيمة متساوية في أي مكان بالعالم، إذن فسيكون السودان على قمة قائمة الأمور المهمة الآن». وأوضح أنه شهد تداعيات الصراع المستمر منذ 600 يوم. ورأى في كثير من المناطق، ومن بينها مناطق كان يعمل بها المجلس سابقاً «دلالات واضحة للغاية على وقوع حرب مروعة. المنزل بعد المنزل والمنطقة بعد المنطقة، تعرضت للحرق والدمار والنهب».

وحذر إيغلاند من أن الوضع «على وشك الانفجار» مثلما حدث عام 2015، عندما عبر الملايين من اللاجئين من مناطق مزقتها الحرب، بما فيها سوريا، البحر المتوسط، ووصلوا إلى عتبات الدول الأوروبية. وقال: «لا أعتقد أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي والدول الإسكندنافية وفرنسا يرغبون في ذلك».

وأضاف: «أن الاستثمار في السودان لن يساعد فقط في ثني المواطنين عن السعي نحو فرص أفضل في أماكن أخرى، ولكن أيضاً هو الأمر الوحيد الذي يتوافق مع القيم والمصالح الأوروبية».

وإضافة إلى ذلك، أفاد تقرير لـ«مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية»، الأحد، بأن السودان «يواجه أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم»، مشيراً إلى أن أكثر من 3 ملايين طفل نزحوا داخل السودان وخارجه منذ بداية النزاع، وأضاف: «أن واحداً من كل 3 في السودان يعاني من نقص حاد في الأمن الغذائي».

نازحون في مخيم أقيم في القضارف (أ.ف.ب)

وبحسب التقرير الذي نشر على موقع «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية»، «فقد أسفرت موجة العنف وانعدام الأمن الحالية عن ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، وإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية والمرافق الحيوية، فضلاً عن النزوح على نطاق واسع».

وجاء في التقرير: «أُجبر أكثر من 7.4 مليون شخص على مغادرة منازلهم بحثاً عن الأمان داخل السودان وخارجه، إلى جانب 3.8 مليون نازح داخلياً من الصراعات السابقة... يواجه السودان حالياً، أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم وأهم أزمة نزوح للأطفال».

وأشار «إلى أن النظام الصحي الهش بالفعل أصبح في حالة يرثى لها، مع تصاعد خطر تفشي الأمراض، بما في ذلك تفشي الكوليرا، فضلاً عن حمى الضنك والحصبة والملاريا».