تونس: قضايا التسفير والإرهاب تعود إلى السطح

توقيف شاب إيطالي من أصل تونسي

صورة لعناصر من «الحرس الوطني» في مهمة ضد الإرهابيين (موقع وزارة الداخلية التونسية)
صورة لعناصر من «الحرس الوطني» في مهمة ضد الإرهابيين (موقع وزارة الداخلية التونسية)
TT

تونس: قضايا التسفير والإرهاب تعود إلى السطح

صورة لعناصر من «الحرس الوطني» في مهمة ضد الإرهابيين (موقع وزارة الداخلية التونسية)
صورة لعناصر من «الحرس الوطني» في مهمة ضد الإرهابيين (موقع وزارة الداخلية التونسية)

أكدت مصادر مطلعة في تونس خبر توقيف شاب إيطالي من أصل تونسي بعد مدة من تتبعه بشبهة محاولة تجنيد شباب مسلمين وعرب في إيطاليا، وإرسالهم إلى بؤر التوتر في سوريا والعراق بدعوى «الانخراط في الجهاد».

قضية توقيف هذا الشاب «المشتبه فيه والبالغ من العمر 24 عاماً» تناقلتها أبرز وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية التونسية، نقلاً عن وكالة الأنباء الإيطالية.

وحسب المصادر نفسها، فإن عملية التوقيف حصلت استناداً إلى القوانين الإيطالية والدولية في مجال مكافحة الإرهاب، التي تسمح بتوقيف «المشتبه فيهم» في سياق «القرارات الوقائية»، وتكريس مقولات «الأمن الوقائي»، بما في ذلك عندما لا يكون المشتبه بهم بدأوا تنفيذ الجريمة التي اتهموا بها، من بينها «التسفير إلى بؤر التوتر»، و«بدء التدرب على السلاح للانخراط في تنظيمات مسلحة متطرفة».

ولم تعلق الجهات القضائية والأمنية والدبلوماسية الرسمية على هذه الحادثة التي تعيد إلى السطح ملفات آلاف الشباب التونسيين والمغاربيين الذين اتهمتهم مصادر عسكرية وأمنية أميركية وأوروبية بالانخراط في التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا منذ سقوط حكم صدام حسين في 2003، ثم بعد تسليح المعارضتين الليبية والسورية في 2011.

وقد ازداد هذا الملف خطورة في أوروبا والدول المغاربية خلال العقد الماضي، بعد تعاقب الهجمات الإرهابية على سياح وأهداف مدنية في فرنسا وعدة دول أوروبية وتركيا وفي تونس.

قيس سعيد في المستشفى العسكري بتونس الذي يستقبل ضحايا الإرهاب (أرشيف)

بؤر التوتر

وفسرت السلطات تلك الهجمات بارتفاع نسبة التونسيين والمغاربيين في التنظيمات السلفية المتشددة التي تنتسب إلى فصائل مسلحة وإرهابية دولية وعربية وأفريقية، بينها «تنظيم الدولة الإسلامية في الشام والعراق - داعش» و«القاعدة» و«القاعدة في المغرب الإسلامي» و«تنظيم أسد بن الفرات» وحركات «أنصار الشريعة» والتنظيمات المسلحة المتشددة في بعض دول الساحل والصحراء الأفريقية.

وكانت السلطات التونسية والإيطالية والفرنسية أوقفت خلال الأعوام القليلة الماضية شباباً تونسيين ومغاربيين من بين المفتش عنهم في قضايا إرهابية محلية ودولية، من بينهم من اتهم بـ«تسفير شبان عرب من عدة جنسيات إلى سوريا والعراق».

ملف «التسفير»

وبرز الملف على السطح من جديد بعد تطبيع علاقات تونس مع السلطات السورية وتعيين سفيرين جديدين لتونس وسوريا في عاصمتي البلدين، وتكليف البعثة التونسية في دمشق وجهات قضائية تونسية بالتحقيق في الاتهامات التي توجه منذ 2012 إلى قيادات سياسية تونسية، بينها قادة «حزب النهضة الإسلامي»، بـ«تسفير الشباب التونسي إلى سوريا عبر تركيا بسبب انخراطها في حرب محاولة الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد».

ولئن نفت بلاغات وتصريحات رسمية صدرت عن قيادة «حزب النهضة» هذه الاتهامات جملةً وتفصيلاً، فإن السلطات القضائية التونسية بدأت منذ عامين تحقيقات رسمية مع قياديين في الحزب وشخصيات مقربة إليه ضمن هذا الملف.

وشملت التحقيقات والاعتقالات بسبب «ملف التسفير»، رئيس «حزب النهضة» راشد الغنوشي، ورئيس الحكومة ووزير الداخلية عامي 2012 - 2013 علي العريض، ونور الدين البحيري وزير العدل الأسبق، إلى جانب عدد من المسؤولين الأمنيين السابقين الذين اتهموا مع قياديين إسلاميين بـ«تأسيس جهاز سري» لديه علاقات بالإرهابيين داخل البلاد وفي ليبيا وسوريا والعراق.

قطب مكافحة الإرهاب

وقد أحيل أغلب هؤلاء المشتبه فيهم على «القطب القضائي لمكافحة الإرهاب» في العاصمة تونس، وعلى محاكم كلفت بالنظر في الاتهامات الأمنية والسياسية الخطيرة التي وجهت إلى عدد من السياسيين وقيادات المعارضة ونشطائها، بينها تهم «الضلوع في الإرهاب» و«التآمر على أمن الدولة» و«التسفير إلى بؤر التوتر».

لكن محكمة محافظة إريانة، شرق العاصمة تونس، التي كانت أصدرت خلال الأشهر الماضية بطاقات إيداع بالسجن ضد عشرات من نشطاء «حزب النهضة» والمعارضة والكوادر الأمنية السابقين، تخلت قبل أيام من جديد عن هذا الملف وعن الموقوفين فيه إلى «قطب مكافحة الإرهاب»، حسبما أورد المحامي المختص في قضايا الإرهابيين والجماعات الإرهابية سمير بن عمر لـ«الشرق الأوسط».

في الأثناء، اتهم بعض الحقوقيين والمحامين، بينهم المحامية اليسارية إسلام حمزة، السلطات، بـ«تمديد توقيف المشتبه فيهم بتهم الإرهاب والتآمر على أمن الدولة دون تقديم أي حجج للقضاة المكلفين بالتحقيق».

كما أعلنت هيئتا الدفاع عن المعتقلين السياسيين، بزعامة المحامية دلية مصدق، و«جبهة الخلاص الوطني» المعارضة التي يتزعمها المحامي والحقوقي أحمد نجيب الشابي، عن دخولهما «مرحلة تصعيد بعد أن دخل كثير من الموقوفين والمساجين السياسيين في إضرابات مفتوحة عن الطعام، بينهم الحقوقي اليساري والوزير السابق جوهر بن مبارك وسجناء بعض قيادات أحزب (النهضة) و(الجمهوري) و(ائتلاف الكرامة)».

وطالب هيئة الدفاع عن هؤلاء المساجين المتهمين بالإرهاب والتآمر على أمن الدولة من القضاء بالاستماع على سفراء فرنسا وإيطاليا وأسبانيا والاتحاد الأوربي ودبلوماسيين أمريكيين سبق أن قابلوا مندوبيهم علناً، واتهمت النيابة العمومية الموقوفين بـ«التآمر على أمن الدولة» بسبب تلك المقابلات. وقد تراجعت النيابة لاحقاً عن اتهام السفراء والدبلوماسيين الأجانب، لكن الموقوفين لم تتم تبرئتهم بعد، لذلك قرر محاموهم ولجنة الدفاع مطالبة القضاء بحسم الأمر فوراً عبر «الاستماع إلى الدبلوماسيين الأجانب»، وبينهم سفراء ودبلوماسيون غادروا تونس بسبب انتهاء مهامهم منذ مدة.

في الأثناء، طالب المحامي اليساري والوزير السابق العياشي الهمامي، والمحامي ووزير حقوق الإنسان السابق، السلطات، بإحالة كل المتهمين الموقوفين الذين لم تثبت إدانتهم في قضايا الإرهاب والتآمر على أمن الدولة في حالة سراح. لكن السلطات القضائية والأمنية تتمسك بإبقائهم موقوفين وتصف التهم الموجهة إليهم بـ«الخطيرة جداً».


مقالات ذات صلة

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال (من حسابه في «إكس»)

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

فتح مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول تحقيقاً ضد زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال يتهمه بـ«إهانة موظف عمومي علناً بسبب أداء واجبه».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

قرَّرت تركيا تقليص صفقة شراء مقاتلات «إف - 16» الأميركية في الوقت الذي أعلنت فيه أن أميركا أعادت تقييم موقفها من حصولها على مقاتلات «إف - 35» الشبحية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)

صحيفة سودانية: «الدعم السريع» تشكل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم

عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
TT

صحيفة سودانية: «الدعم السريع» تشكل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم

عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)
عناصر من «قوات الدعم السريع» في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - رويترز)

أفادت صحيفة «سودان تريبيون»، اليوم (الجمعة)، بأن «قوات الدعم السريع» أعلنت تشكيل سلطة مدنية لإدارة ولاية الخرطوم.

ونقلت الصحيفة عن بيان لـ«الدعم السريع» أن «مجلس التأسيس المدني بولاية الخرطوم انتخب في جلسة إجرائية نايل بابكر نايل رئيساً للمجلس، وعبد اللطيف الأمين الحسن رئيساً للإدارة المدنية بالولاية».

وبعد اندلاع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش السوداني، في أبريل (نيسان) 2023، سيطرت «قوات الدعم السريع» على مناطق كبيرة من ولاية الخرطوم، لكن الجيش حقّق انتصارات في الآونة الأخيرة، واستعاد سيطرته على بعض مناطق شمال الخرطوم بحري والمقرن وأم درمان.