مصر تدعو روسيا لتغليب «الحلول الدبلوماسية» في أزمتها مع أوكرانيا

السيسي بحث مع أمين مجلس الأمن الروسي تعزيز العلاقات الثنائية

السيسي يلتقي نيكولاي باتروشيف أمين مجلس الأمن الروسي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي نيكولاي باتروشيف أمين مجلس الأمن الروسي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تدعو روسيا لتغليب «الحلول الدبلوماسية» في أزمتها مع أوكرانيا

السيسي يلتقي نيكولاي باتروشيف أمين مجلس الأمن الروسي في القاهرة (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي نيكولاي باتروشيف أمين مجلس الأمن الروسي في القاهرة (الرئاسة المصرية)

طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي روسيا بتغليب الحلول الدبلوماسية في أزمتها مع أوكرانيا، و«دعم جميع المساعي الرامية لسرعة تسويتها سياسيا، بما يحفظ الأمن والسلم الدوليين، ويُنهي كذلك التداعيات الاقتصادية السلبية».

واستقبل السيسي، اليوم (الأربعاء)، نيكولاي باتروشيف، أمين مجلس الأمن الروسي، الذي يزور القاهرة برفقة عدد من كبار المسؤولين الروس، في لقاء تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية في عدد من المجالات، فضلاً عن تبادل وجهات النظر بشأن الموضوعات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وفق المتحدث الرئاسي المصري المستشار أحمد فهمي.

وقال فهمي في بيان، إن أمين مجلس الأمن الروسي نقل تأكيد بوتين «الأهمية التي توليها روسيا تجاه ترسيخ العلاقات الثنائية بمصر، في إطار اتفاق الشراكة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين»، مثمناً مسيرة التعاون الثنائي بين البلدين، وزيادة التبادل التجاري. بالإضافة إلى المشروعات التنموية المشتركة الجاري تنفيذها، وفي مقدمتها إنشاء محطة «الضبعة» للطاقة النووية لتوليد الكهرباء، والمنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس.

وبشأن آخر تطورات أوضاع الأزمة الروسية - الأوكرانية، ومستجدات التحركات الروسية في هذا الإطار على المستوى الدولي، أكد السيسي موقف مصر بأهمية «تغليب الحلول الدبلوماسية للأزمة، ودعم جميع المساعي الرامية لسرعة تسويتها سياسيا، بما يحفظ الأمن والسلم الدوليين، ويُنهي كذلك التداعيات الاقتصادية السلبية، التي أحدثت ضرراً كبيراً للدول ذات الاقتصادات الناشئة، خاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي العالمي الذي يتعرض لمخاطر جادة».

وكان باتروشيف قد أجرى مشاورات أمنية روسية - مصرية في القاهرة، أمس (الثلاثاء)، مع مستشارة الرئيس المصري لشؤون الأمن القومي فايزة أبو النجا، ومستشار رئيس الجمهورية لشؤون مكافحة الإرهاب مجدي عبد الغفار، بمشاركة رئاسة الوزارات والإدارات للبلدين.

وبحسب بيان للسفارة الروسية في القاهرة، فإن المناقشة شملت مجموعة واسعة من المواضيع، التي تهدف إلى تعزيز التفاعل بين روسيا الاتحادية ومصر في الصيغ الثنائية والمتعددة الأطراف. وتم على وجه الخصوص التأكيد على «مزاج التعاون المثمر داخل مجموعة بريكس ومنصة الأمم المتحدة»، فضلا عن تبادل شامل لوجهات النظر حول القضايا الأمنية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والبحر الأبيض المتوسط ​​ومنطقة الصحراء والساحل. كما تم التطرق إلى موضوع أوكرانيا. وأكد الطرفان التزامهما بمواصلة التفاعل النشط وتعزيز التنسيق في الشؤون الدولية والإقليمية.

وأضافت السفارة أنه تم أيضا مناقشة خطط التعاون في مجال الأمن المالي، من خلال أجهزة الاستخبارات ووكالات إنفاذ القانون والإدارات العسكرية بالتفصيل، والتركيز على العمل المشترك لمكافحة الإرهاب، وكشف قنوات تمويله، وتحديد قنوات تحركات المسلحين، ومكافحة تهريب المخدرات، والهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر. إضافة إلى التعاون في مجال أمن المعلومات الدولي، وتفاعل المراكز الوطنية للرد على الهجمات الإرهابية الإلكترونية.


مقالات ذات صلة

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

أوروبا صورة أرشيفية لترمب وستولتنبرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تصعيد الوضع في أوكرانيا... هل يتحول إلى مواجهة مفتوحة أم للتأثير على ترمب؟

القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستدخل الحرب ضد أوكرانيا "قريبا" وكييف كرانيا تطالب بأنظمة دفاع جوي حديثة للتصدي لصواريخ روسيا

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

البنتاغون: صاروخ بوتين لن يغير مسار حرب أوكرانيا

قلَّلت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من أهمية الهجوم الذي نفذته روسيا، الخميس، ضد أوكرانيا، بصاروخ باليستي تجريبي جديد. كما أكدت أنْ لا شيء يدعو إلى تغيير

إيلي يوسف (واشنطن)

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا

سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)
سيف الإسلام القذافي خلال تقدمه بأوراقه للترشح في الانتخابات الرئاسية في 14 نوفمبر 2021 (رويترز)

بعد تأكيدات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الأسبوع الماضي، باستمرار سريان مذكرة التوقيف التي صدرت بحق سيف الإسلام، نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، عاد اسم سيف الإسلام ليتصدر واجهة الأحداث بالساحة السياسية في ليبيا.

وتتهم المحكمة الجنائية سيف الإسلام بالمسؤولية عن عمليات «قتل واضطهاد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية» بحق مدنيين، خلال أحداث «ثورة 17 فبراير»، التي خرجت للشارع ضد نظام والده، الذي حكم ليبيا لأكثر من 40 عاماً.

* تنديد بقرار «الجنائية»

بهذا الخصوص، أبرز عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن القوى الفاعلة في شرق البلاد وغربها «لا تكترث بشكل كبير بنجل القذافي، كونه لا يشكل خطراً عليها، من حيث تهديد نفوذها السياسي في مناطق سيطرتها الجغرافية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قلة ظهور سيف منذ إطلاق سراحه من السجن 2017، فإن تحديد موقعه واعتقاله لن يكون عائقاً، إذا ما وضعت القوى المسلحة في ليبيا هذا الأمر هدفاً لها».

صورة التُقطت لسيف الإسلام القذافي في الزنتان (متداولة)

وفي منتصف عام 2015 صدر حكم بإعدام سيف الإسلام لاتهامه بـ«ارتكاب جرائم حرب»، وقتل مواطنين خلال «ثورة فبراير»، إلا أن الحكم لم يُنفَّذ، وتم إطلاق سراحه من قبل «كتيبة أبو بكر الصديق»، التي كانت تحتجزه في الزنتان. وبعد إطلاق سراحه، لم تظهر أي معلومات تفصيلية تتعلق بحياة سيف الإسلام، أو تؤكد محل إقامته أو تحركاته، أو مَن يموله أو يوفر له الحماية، حتى ظهر في مقر «المفوضية الوطنية» في مدينة سبها بالجنوب الليبي لتقديم ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

وأضاف التكبالي أن رفض البعض وتنديده بقرار «الجنائية الدولية»، التي تطالب بتسليم سيف القذافي «ليس لقناعتهم ببراءته، بقدر ما يعود ذلك لاعتقادهم بوجوب محاكمة شخصيات ليبية أخرى مارست أيضاً انتهاكات بحقهم خلال السنوات الماضية».

* وجوده لا يشكِّل خطراً

المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، انضم للرأي السابق بأن سيف الإسلام «لا يمثل خطراً على القوى الرئيسية بالبلاد حتى تسارع لإزاحته من المشهد عبر تسليمه للمحكمة الدولية»، مشيراً إلى إدراك هذه القوى «صعوبة تحركاته وتنقلاته». كما لفت إلى وجود «فيتو روسي» يكمن وراء عدم اعتقال سيف القذافي حتى الآن، معتقداً بأنه يتنقل في مواقع نفوذ أنصار والده في الجنوب الليبي.

بعض مؤيدي حقبة القذافي في استعراض بمدينة الزنتان (متداولة)

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى وهي حكومة «الوحدة» المؤقتة، التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وتتخذ من طرابلس مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حماد، وهي مدعومة من قائد «الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر، الذي تتمركز قواته بشرق وجنوب البلاد.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي الليبي، حسين السويعدي، الذي يعدّ من مؤيدي حقبة القذافي، أن الولاء الذي يتمتع به سيف الإسلام من قبل أنصاره وحاضنته الاجتماعية «يصعّب مهمة أي قوى تُقدم على اعتقاله وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية»، متوقعاً، إذا حدث ذلك، «رد فعل قوياً جداً من قبل أنصاره، قد يمثل شرارة انتفاضة تجتاح المدن الليبية».

ورغم إقراره في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بأن «كل القوى الرئيسية بالشرق والغرب الليبيَّين تنظر لسيف الإسلام بوصفه خصماً سياسياً»، فإنه أكد أن نجل القذافي «لا يقع تحت سيطرة ونفوذ أي منهما، كونه دائم التنقل، فضلاً عن افتقاد البلاد حكومة موحدة تسيطر على كامل أراضيها».

ورفض المحلل السياسي ما يتردد عن وجود دعم روسي يحظى به سيف الإسلام، يحُول دون تسليمه للمحكمة الجنائية، قائلاً: «رئيس روسيا ذاته مطلوب للمحكمة ذاتها، والدول الكبرى تحكمها المصالح».

* تكلفة تسليم سيف

من جهته، يرى الباحث بمعهد الخدمات الملكية المتحدة، جلال حرشاوي، أن الوضع المتعلق بـ(الدكتور) سيف الإسلام مرتبط بشكل وثيق بالوضع في الزنتان. وقال إن الأخيرة «تمثل رهانات كبيرة تتجاوز قضيته»، مبرزاً أن «غالبية الزنتان تدعم اللواء أسامة الجويلي، لكنه انخرط منذ عام 2022 بعمق في تحالف مع المشير حفتر، ونحن نعلم أن الأخير يعدّ سيف الإسلام خطراً، ويرغب في اعتقاله، لكنهما لا يرغبان معاً في زعزعة استقرار الزنتان، التي تعدّ ذات أهمية استراتيجية كبيرة».

أبو عجيلة المريمي (متداولة)

ويعتقد حرشاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدبيبة يتبع أيضاً سياسة تميل إلى «عدم معارضة القذافي». ففي ديسمبر (كانون الأول) 2022، سلم المشتبه به في قضية لوكربي، أبو عجيلة المريمي، إلى السلطات الأميركية، مما ترتبت عليه «تكلفة سياسية»، «ونتيجة لذلك، لا يرغب الدبيبة حالياً في إزعاج أنصار القذافي. فالدبيبة مشغول بمشكلات أخرى في الوقت الراهن».