«ميثاق جمهوري» لإنقاذ التهدئة السياسية يثير جدلاً في موريتانيا

وقّعه أعرق حزبين في البلاد... ورفضته أحزاب معارضة وموالية

وزير الداخلية وقادة الأحزاب السياسية الموقعة على الميثاق الجمهوري (الشرق الأوسط)
وزير الداخلية وقادة الأحزاب السياسية الموقعة على الميثاق الجمهوري (الشرق الأوسط)
TT

«ميثاق جمهوري» لإنقاذ التهدئة السياسية يثير جدلاً في موريتانيا

وزير الداخلية وقادة الأحزاب السياسية الموقعة على الميثاق الجمهوري (الشرق الأوسط)
وزير الداخلية وقادة الأحزاب السياسية الموقعة على الميثاق الجمهوري (الشرق الأوسط)

وقّعت وزارة الداخلية الموريتانية، ليل الخميس - الجمعة، اتفاقًا مع 3 أحزاب سياسية؛ من بينها حزبا تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم المعارضان، اللذان كانا يرفضان نتائج انتخابات تشريعية نُظمت في مايو (أيار) الماضي، ويصفانها بالمزورة، وبعد أسابيع من التفاوض مع السلطات تقدم الحزبان بوثيقة تحت اسم «الميثاق الجمهوري»، وقّعت عليها الحكومة وحزب «الإنصاف» الحاكم.

وتضمنت وثيقة الاتفاق السياسي شرحاً لأُسس الاتفاق، ثم «خريطة طريق» تتكون من 8 نقاط جاءت على شكل مبادئ عامة، كانت النقطة الأخيرة منها تنص على تشكيل «لجنة للتوجيه والمتابعة»، تتألف من ممثلين عن الموقعين على الاتفاق، توكل إليها مهمة متابعة تنفيذ الميثاق «في أجل لا يتجاوز شهرين من تاريخ توقيعه».

ونص الاتفاق السياسي على «القيام على وجه الاستعجال بدراسة معمقة لمنظومتنا الانتخابية، وإذا اقتضى الحال الشروع في الإصلاحات المناسبة، بما يعزز نظامنا الديمقراطي، بغية تجاوز الوضع المترتب عن الانتخابات الأخيرة وضمان تفادي أي خلاف انتخابي في المستقبل».

ووقع على الاتفاق السياسي وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين، بصفته ممثلًا للحكومة الموريتانية، ورئيس حزب «الإنصاف» الحاكم، محمد ماء العينين ولد أييه، وهو الحزب الذي يهيمن وحده على أغلبية ساحقة في البرلمان، ويعد الحزب السياسي الأكبر في البلاد، ومن جانب المعارضة وقّع الاتفاق رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية، أحمد ولد داداه، وهو الذي يوصف بأنه الزعيم التاريخي للمعارضة في موريتانيا، بالإضافة إلى رئيس حزب «اتحاد قوى التقدم» محمد ولد مولود، اليساري العتيد والعقل المدبر للاتفاق السياسي.

وتعليقاً على الاتفاق السياسي، قال الكاتب الصحافي والمحلل السياسي، سيدي محمد ولد بلعمش، إنه «يمكنُ النظر إلى الاتفاق المسمى بالميثاق الجمهوري من زاوية المحتوى، لنجد أنه ليس إلا مجموعة مبادئ سياسية، تتعلق بالعدالة الاجتماعية، ومراجعة بعض الاختلالات الانتخابية، وتشغيل الشباب ومحاربة أسباب الهجرة وغير ذلك».

وأضاف ولد بلعمش في حديث مع «الشرق الأوسط» أن الميثاق تطرق أيضاً إلى «بعض النقاط التي يختلف حولها السياسيون، خصوصاً النقطة المتعلقة بضحايا الإرث الإنساني، وربما فرض حزب (اتحاد قوى التقدم) هذه النقطة، وصادف ذلك هوى لدى ما تبقى من حزب تكتل القوى الديمقراطية».

ومن جهة أخرى، يعتقد ولد بلعمش أن الميثاق «يمكن النظر إليه على أنه بطاقة خضراء، تعربُ من خلالها الأحزاب الموقعة عليه عن تقاطع في وجهات النظر مع النظام الحاكم، وفي تقديري أنها ليست إلا مقدمة لميثاق آخر، قد يكون أكثر صراحة، يتعلق بتقارب سياسي بين هذه الأحزاب والنظام، خصوصاً في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية».

ورغم أن الاتفاق السياسي أعلن أن الباب مفتوح أمام جميع الأحزاب السياسية للالتحاق به، والتوقيع عليه، فإن ولد بلعمش استبعد ذلك، قائلاً: «لا أتوقع أبدًا أن تلتحق أية أحزاب سياسية أخرى بالميثاق، فمعظم الأحزاب عبّرت عن رأيها بوضوح، وحتى أحزاب الأغلبية رفضته، مثل حزبي (الإصلاح والرفاه)، أما أحزاب المعارضة الأخرى فكان موقفها من الميثاق أكثر حدة».

وخلص الكاتب الصحافي والمحلل السياسي الموريتاني إلى أن الميثاق «لا يخرج عن كونه صوناً لكبرياء حزبي (التكتل) و(اتحاد قوى التقدم)، الذين لم يحققا أي مقعد برلماني في الانتخابات التشريعية الأخيرة، كما يرفع عنهما حرج البقاء في معارضة يتصدرها منشقون شباب عن الحزبين، وشيوخ المعارضة لن يرضوا بالتبعية لمنشقين عنهم، ويأتي هذا الاتفاق ليمنحهم إمكانية الخروج من تلك الدائرة».

وفور التوقيع على الاتفاق السياسي، بدأت تتوالى ردود الأفعال، حيث رفضته كادياتا مالك جالو، وهي نائبة في البرلمان منشقة عن حزب (اتحاد قوى التقدم) الموقع على الاتفاق، ووصفته بأنه «طعنة في ظهر المعارضة ومحاولة لخداع الرأي العام»، مشيرة إلى أن الحزبين الموقعين عليه كانا يتظاهران مع المعارضة لرفض نتائج الانتخابات الأخيرة وهما يتفاوضان سراً مع السلطات.

وقالت السياسية اليسارية، التي تحظى بشعبية كبيرة في أوساط الشباب الموريتاني، إن الاتفاق «سيعوق بشكل خطير إمكانية إقامة حوار جدي، بمشاركة المعارضة التمثيلية ومختلف الفاعلين السياسيين والقوى الحية في البلاد»، مؤكدة أن مضمون الاتفاق يؤكد أن العلاقة بين الأطراف الموقعة عليه «لم تعد علاقة سلطة ومعارضة؛ لأنهما قد أصبحتا في الواقع حلفاء، وذلك ما ينبغي التصريح به بوضوح».

أما حزب «الإصلاح»، الذي يعد أحد أهم أحزاب الأغلبية الداعمة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، فقد رأى أن الاتفاق «ينذر في مؤداه المتوخى منه بمخاطر جمة تهدد مرتكزات الثابت الوطني، وتفتح باب الاحتمالات أمام المتغير المجهول، إيذاناً بانتكاسة تاريخية للمشروع الوطني».

وقال الحزبُ، الذي نافس بشراسة على قيادة الأغلبية الرئاسية في الانتخابات الأخيرة في تعليقه على حديث الاتفاق عن إصلاح المنظومة الانتخابية، إن «أي انفراد بدراسة النظام الانتخابي، مخالف لمقاصد النهج الديمقراطي، بل وتهديد للأمن القومي»، كما رفض الحزب إعادة البحث في ملفات حقوق الإنسان، وبرر ذلك بأنه «محاولة لإحياء أزمة وطنية نجمت عن وضع سياسي سابق متجاوز».

من تجمع سابق لأنصار المعارضة في نواكشوط لرفض نتائج الانتخابات السابقة (الشرق الأوسط)

وخلص الحزب إلى أن «ما تحيك هذه النقاط من أفكار يجب من المنظور الوطني تصنيفه في عداد المساس الخطير بالثوابت الوطنية، وبالمقومات المجتمعية لكيان الدولة»، موضحاً أن الوثيقة «تتجاهل الظرف الإقليمي المحتدم بالصراعات، وما يشهده من متغيرات استقطبت اهتمام قوى دولية كبرى، على نحو لم تعرفة القارة الأفريقية من قبل، في تطلع جيلها الجديد إلى استئصال ديمقراطية (لابول) ونظام الحكامة والوصاية الفرنسية، الرافضة للسيادة والهوية الوطنية».

ويأتي هذا الجدل السياسي في وقت تستعد فيه موريتانيا لانتخابات رئاسية منتصف العام المقبل (2024)، ويتوقع أن يكون الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني أحد أبرز المرشحين لها من أجل نيل ولاية رئاسية ثانية، لا يبدو أنه سيجد صعوبة في الفوز بها، وسط تشرذم المعارضة وانقساماتها الكبيرة.



الأمن الروسي يعلن إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد

وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
TT

الأمن الروسي يعلن إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد

وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي أندري بولوسوف مع عدد من القيادات الأمنية التي أعلنت إحباط سلسلة هجمات إرهابية جنوب البلاد (أ.ب)

نقلت وكالة الإعلام الروسية عن جهاز الأمن الاتحادي الروسي قوله، السبت، إنه أحبط سلسلة هجمات إرهابية مزمعة لمسلحين في جمهورية داغستان جنوب البلاد. ويُشتبه أن هذه الهجمات كانت ستستهدف قوات من الشرطة وكنيسة أرثوذكسية، بحسب تصريحات مسؤولين أمنيين في روسيا. وقال الجهاز بحسب ما أوردته وكالة «رويترز» للأنباء، إنه اعتقل 3 مواطنين روس في مدينة كاسبيسك، هم أعضاء في منظمة إرهابية دولية، إلا أنه لم يذكر اسمها. مضيفاً أن المحققين صادروا عبوات ناسفة بدائية الصنع وأسلحة أخرى. مضيفاً في بيان له أنه «أحبط بالتعاون مع وزارة الداخلية الروسية، سلسلة جرائم إرهابية في أراضي جمهورية داغستان».

وتابع البيان موضحاً: «نتيجة للأنشطة التي تم تنفيذها في مدينة كاسبيسك، تم اكتشاف واحتجاز 3 من السكان المحليين، وهم مواطنون روس من أتباع منظمة إرهابية دولية محظورة في أراضي روسيا، كانت لديهم نية لارتكاب أعمال تخريبية وإرهابية، ضد وكالات إنفاذ القانون، وكذلك كنيسة أرثوذكسية في مدينة كاسبيسك».

وحسب البيان ذاته، فقد تم العثور في أماكن إقامة المعتقلين في كاسبيسك على عبوات ناسفة وأسلحة، وتعليمات خاصة بتنفيذ عمليات قتالية في المناطق الحضرية والحرجية. مشيراً إلى أن المعتقلين «أدلوا باعترافات»، ورفعت هيئات التحقيق التابعة لهيئة الأمن الفيدرالية دعوى جنائية، وتحقق فيها بموجب مواد «التحضير لعمل إرهابي»، و«تنظيم جماعة إرهابية والمشاركة فيها»، و«إنتاج المتفجرات بصورة غير قانونية» من القانون الجنائي لروسيا.

يشار إلى أن السلطات الأمنية أجرت عملية أمنية في كاسبييسك، الجمعة.

واندلع عنف الإسلاميين المتشددين من جديد في الأشهر القليلة الماضية في شمال القوقاز الذي مزقته حروب وحملات تمرد من الشيشان في تسعينات القرن الماضي، والعقد الأول من الألفية الحالية. وقُتل 22 شخصاً الشهر الماضي في هجمات متزامنة على كنائس ومعابد يهودية، ونقاط تفتيش تابعة للشرطة في مدينتين. وأدى هجوم عنيف، أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عنه، إلى مقتل 145 شخصاً في مارس (آذار) الماضي في قاعة حفلات على مشارف موسكو. واعتقلت روسيا المسلحين المشتبه بهم، وعدداً ممن تعتقد أنهم شركاء لهم، وأغلبهم من مواطني طاجيكستان، وينتظرون المحاكمة حالياً.

وفي نهاية يونيو (حزيران) الماضي، تعرضت مدينتا ديربنت ومحج قلعة في داغستان لاعتداء إرهابي استهدف كنيستين أرثوذوكسيتين، وكنيساً يهودياً ومركزاً لشرطة المرور، ما أدى إلى مقتل 20 شخصاً وإصابة أكثر من 40 آخرين.

وأعلنت قوات الأمن في داغستان القضاء على 6 مسلحين، 4 منهم في محج قلعة و2 في دربنت.