«نقوم بالاتصال به ونستمع لجرس الهاتف دون رد»، بكلمات تقطعها الدموع، يحكي المُسن المصري أحمد حميدة، والد الشاب مصطفى، المفقود في ليبيا منذ أن ضربتها السيول معاناته، متابعاً من قريته في محافظة أسيوط بصعيد مصر: «أتمنى الوصول لابني، لا نعرف عنه أي شيء منذ الاثنين الماضي».
كلمات الأب المكلوم تلخص حالة مئات الأسر المصرية، التي لا تزال تنتظر أي أنباء عن أبنائها في ليبيا، الذين انقطع تواصلهم مع ذويهم مع بدء العاصفة «دانيال»، التي أحدثت دماراً كبيراً، وأزهقت أرواح الآلاف.
ووفق وزارة الهجرة المصرية، تقدَّر أعداد المصريين في ليبيا وفقاً للمسجلين في قواعد البيانات 350 ألف شخص، بينهم 200 ألف في الشرق، و150 ألفاً في الغرب.
وفي حين انتشرت استغاثة والد مصطفى عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، امتلأت صفحات ومجموعات أخرى بمئات الاستغاثات المماثلة عن مفقودين، تحرص أسرهم على نشر صورهم ومعلومات عنهم بهدف التوصل إلى معلومة تطمئنهم عليهم.
وقالت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، إن وزارتها تلقت قرابة 400 اتصال من أسر فقدوا الاتصال مع ذويهم، وأُبْلِغَ عن 391 مفقوداً في ليبيا، ومعظمهم في درنة المنكوبة وشخص واحد في طبرق.
وأضافت، في تصريحات تلفزيونية، مساء الأحد، هناك تقارير دولية تشير إلى أن ما يقرب من 10 آلاف شخص لقوا حتفهم في الكارثة الإنسانية الخاصة بمدينة درنة من الليبيين وغيرهم من كل الجنسيات، وأنه حتى الآن يصعب التأكد من أعداد الضحايا المصريين، وما جرى التوصل إليه هو 87 من جثامين المصريين، بالتنسيق مع السلطات الليبية.
وأشارت وزيرة الهجرة، إلى «أن تعقُّد الكارثة البيئية واستمرار غمر المياه لمناطق كثيرة، أعجزا السلطات الليبية عن انتشال الجثامين سواء كانوا ليبيين أو مصريين أو غيرهم».
وأوضحت «أنه حتى الآن هناك 3 مستشفيات ميدانية مصرية، اثنان منها في مدينة السلوم تستقبلان الضحايا من المصريين وغيرهم، وأخرى ميدانية تتمثل في حاملة الطائرات (الميسترال)، لدعم المتضررين من الكارثة».
وتحدثت «الشرق الأوسط» مع أحمد عبد الرحمن أبو حامد، مدير إدارة الإغاثة والطوارئ بجمعية «الهلال الأحمر» المصري فرع بني سويف، الذي يعمل برفقة 14 متطوعاً آخرين في قرية «الشريف»، التي شيعت قبل أيام 68 جثماناً من أبنائها راحوا ضحية الكارثة الليبية، والذي قال: «قمنا برفع حالة التأهب خلال الأيام الماضية للتعامل مع أسر الضحايا، ودفع (الهلال الأحمر) في فرع بني سويف بالمتطوعين إلى قرية الشريف المكلومة، خصوصاً أنها تضم عدداً كبيراً من الضحايا، والعدد الأكبر، لتقديم الدعم النفسي الاجتماعي لأسرهم، وهذا الدعم عبارة عن النزول ميدانياً لكل أسرة وجمع بيانات عن المتوفى بشكل مفصل، بهدف التعرف عن احتياجات هذه الأسر».