كتّاب من المغرب و«زلزال الحوز»: كادت الأرض أن تنسحِب من تحت أقدامنا

قالوا إنه ضرب التراب ولم يضرب العقول والقلوب

من مشاهد الخراب الذي خلفه زلزال الحوز («الشرق الأوسط»)
من مشاهد الخراب الذي خلفه زلزال الحوز («الشرق الأوسط»)
TT

كتّاب من المغرب و«زلزال الحوز»: كادت الأرض أن تنسحِب من تحت أقدامنا

من مشاهد الخراب الذي خلفه زلزال الحوز («الشرق الأوسط»)
من مشاهد الخراب الذي خلفه زلزال الحوز («الشرق الأوسط»)

أربعون ثانية، وهي المدة التي استغرقها «زلزال الحوز»، الذي هزّ المغرب، يوم الجمعة 8 سبتمبر (أيلول) الحالي، مخلفاً عدداً كبيراً من الضحايا، ودماراً في مناطق متفرقة بأقاليم ومحافظات الحوز، ومراكش، وشيشاوة، وتارودانت وورزازات، كانت كافيةكي تضع المغاربة، بمختلف طبقاتهم وأطيافهم، أمام أسئلة وتحديات ورهانات جديدة.

كان زلزالاً مفاجئاً في كل شيء، بالنسبة للمغاربة، الذين لم يكادوا يتخففون من مخاطر وتعقيدات الأزمة الصحية العالمية، جراء تفشي «كورونا»، حتى وجدوا أنفسهم أمام زلزال وضعهم أمام كارثة طبيعية لم تخطر لهم على بال.

الكاتب والمترجم محمد آيت لعميم (الشرق الأوسط)

وقد عبّر الكاتب والمترجم محمد آيت لعميم عن هذه الوضعية، حيث كتب على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «كورونا ألزمتنا البيوت، والزلزال أخرجنا منها لنلتحف سماءً بلا نجوم»، في إشارة إلى ليلة الزلزال التي فرضت على معظم المغاربة ترك بيوتهم وقضاء الليل في العراء؛ خوفاً من هزات ارتدادية مباغتة.

عاش المغاربة ليلة الزلزال بمشاعر تشترك في منسوب الذعر والخوف والهلع، قبل أن يلوذوا بالهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي لأخذ فكرة واضحة عن حجم الكارثة، والأضرار المادية والبشرية التي خلفتها. وعلى مدى الأيام التي تلت الفاجعة، لم يتأخر الكتّاب والفنانون المغاربة في التعبير عن المشاعر التي انتابتهم خلال هذه الكارثة الطبيعية، إما من خلال تقديم شهادات، كتابة تدوينات على حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، أو نشر أعمال تشكيلية وصور، وكذا بورتريهات لوجوه طبعت الحدث بمواقفها النبيلة خلال الفاجعة.

 

 

الشاعر والروائي ياسين عدنان (الشرق الأوسط)

 

من مراكش، استعاد الشاعر والروائي ياسين عدنان تجربته مع الزلزال، والهزات الارتدادية التي تواصلت على مدى أسبوع، فكتب على حسابه بـ«فيسبوك»: «هذا الصباح، اهْتزَّت الأرضُ تحت أقدامنا من جديد. كنا نهيِّئ فطورنا على عجل حينما رُجّت بنا الأرض. كانت هزّةً بقوة 4.5 على مقياس ريختر. لم ندخل بيوتنا إلا بعدما طلع النهار. كانت الليلةَ الثانيةَ التي قضيناها في العراء. سيارتُنا مركونةٌ جنب البيت. رتّبْنا مجلساً في حديقةٍ صغيرةٍ تُجاور البيت، فيما اتّخذْنَا السّيارةَ مرْقداً. حين داهمَنا الزلزالُ أوَّلَ مرةٍ، لم تكن مجرّدَ رجَّةٍ. بل إنَّ الأرض كادت تنسحِبُ من تحت أقدامنا. ومثلما تترنّح الطائرة وهي تواجهُ مطبّاً هوائياً في الجو، ترنّحَ البيتُ بنا. لكنَّ بيتنا ليس طائراً ذا أجنحةٍ، فماذا يحدث بالضبط؟ ترنّح البيت بنا لمُدّة دقيقتين. ونحن في الطابق العلوي مذهولون لا نعرف كيف نُدَوْزِنُ خطواتنا، ولا كيف نقودها باتجاه سرير صَبيَّتِنا النائمة. وما كدنا نستفيق من الصّدمة ونتبيّن هولَ الحادث حتى انقطع التّيار الكهربائي. كانت أطول دقيقةٍ عشتُها في حياتي. وما إن وجدنا أنفسنا حافيَيْن في ظُلمة الشارع وبيان بين ذراعَيْ محاسن حتى تنفّسْنا الصُّعداء. كانت رجّةً عظيمة عرْبدَتْ فيها الأرض تحت أقدامنا: هزّةً بقوة 6.8. منذ تلك الهزّة حتى هذه اللحظة، ونحن عاجزون عن استعادة إحساسنا الاعتياديِّ بالأمان. في لحظةِ سأَمٍ وخصامٍ مع العالم، كتبتُ في قصيدتي (زهرة عبَّاد اليأس): (أينكَ أيها الزلزالُ الصَّديقُ/ أينكَ/ لأُبرْهِن أنِّي جديرٌ حقّاً بهذا اليأس/ ولندفنَ معاً/ هذا الحديدَ الأسودَ/ في الأعماق الحيّةِ لكبدِ الأرض؟/ أينكَ أيُّها الزلزالُ/ لآخُذَ بِيدِكَ؟/ أيْنكِ يا قذيفةَ الرّحمةِ/ لأزْرعكِ في أحشائي/ وأنامْ؟). لم يكن لي حينها سابِقُ لقاءٍ مع الزلزال. كان بالنسبة لي مُجرّدَ كلمةٍ في مُعْجمٍ. استعارةً. وليس لقاءً حيّاً مع الكارثة. اليومَ للكلمةِ جرْسٌ آخر في السَّمع والوجدان. فبعدما اهتزّت مراكش وأحوازُها، بعدما خَسَفَت الأرضُ بدواوير كاملة في مُحيط الحمراء، بعد حصيلةٍ مفجِعةٍ تُقارب الثلاثة آلاف قتيل، بعدما أعلنَ البلدُ حداداً وطنياً، أفكّرُ في الشاعر المغربي الراحل أحمد بركات. أستحضرُ ديوانه الأول: (أبداً لنْ أساعدَ الزلزال). أنا اليومَ مُنحازٌ لموقفكَ الشِّعري يا بركات. سأسْحبُ جُملتي المُتنطِّعَة: (أينكَ أيها الزلزالُ لآخذَ بيدك؟) لأستعيدَ معك ارتيابَ الشعراء. وسأردِّد وراءك يا صديقي: (حَذِرٌ، ألوِّحُ مِنْ بعيد/ لأعوامٍ بعيدةٍ/ وأعرفُ - بالبداهة - أنني عمَّا قريب سأذهبُ مع الأشياء/ التي تبحثُ عن أسمائها فوق سماءٍ أجمَل/ ولن أساعد الزلزال!)».

سيرة الخلخلة

الشاعرة فدوى الزياني (الشرق الأوسط)

الشاعرة فدوى الزياني، التي تعيش في مراكش، وذاقت هي الأخرى مرارة الزلزال، كتبت عن تجربتها خلال ليلة الفاجعة: «رقصت بيوتنا رقصة الموت، هدأت لكننا لم نهدأ»، قبل أن تعود في تدوينة أخرى، لتكتب عن الذين قضوا تحت الركام: «لقد نجونا لكنهم لم يفعلوا». ثم استحضرت، في تدوينة لاحقة، قصيدة جميلة للشاعر مبارك الراجي، تحت عنوان «سيرة الخلخلة»، طرح في مطلعها سؤال: «ما معنى أن تملك جداراً، يسألك الزلزال؟».

وطن واحد ومغاربة أقحاح

لم يتوقف شعراء وكتاب المغرب عند التوثيق للمشاعر التي انتابتهم وهم يتابعون مشاهد الموت والدمار الذي ضرب مناطق متفرقة من الأقاليم القريبة من بؤرة الزلزال. كما كتبوا عن هبّة المغاربة، من داخل البلد وخارجه، لمساعدة المناطق المنكوبة على النهوض وتجاوز محنة الزلزال.

القاص سعيد منتسب (مواقع التواصل)

وتعبيراً منه عن تضامن المغاربة مع سكان المناطق المنكوبة، بشكل خفف عنهم أهوال الكارثة، كتب القاص سعيد منتسب على حسابه بـ«فيسبوك»: «لا شيء جعلهم ينتظرون أكثر. الهزّة جعلت الشعب يمشي بساقين طويلتين نحو الأعالي. الصورة زاخرة بالمعاني والدلالات، تمحي فيها الحدود الفاصلة بين الواقع والخيال. هبّوا جميعاً بمختلف أعمارهم وفئاتهم ليقولوا للعالم أجمع إن الزلزال حقاً ضرب التراب، لكنه لم يضرب العقول والقلوب، وذلك المعنى الجميل الذي لم يستطع (الفساد السياسي)، رغم فجوره الآثم، أن يقتلعه. لا شيء يستطيع أن يغطي عظام الكرامة إذا كانت مغربية، ولا أحد يستطيع أن يتغلب على الدم الأطلسي إذا انجذب بالكامل إلى تاريخه الضارب في عمق العزة. لم يقل أحد للزلزال (أين يمكن أن أجدك؟!)، ولم يحاول أي أحد أن يوقفه عند حده؛ لأن الإيمان بأن (الوطن واحد) أكبر من انهيار الجبل وما تلاه. أحصوا قتلاهم على مهل، ومشوا مشياً طويلاً دون كلام، بالخبز والزيت واللباس، بالحب والألم واليقين، بالثقة في الجهد، بالارتفاع في الإصرار، بالقليل والكثير، بالرجاء والدعاء، صعدوا صفاً يكاد لا ينتهي نحو الضوء. لم تكن جولة ممتعة، وكان الكل تقريباً يشعر بتلك الهزة تحت ساقيه، ومع ذلك لم يتوقفوا ولم يلتفتوا إلى أرقام الذين (اختفوا بعيداً)، مدفوعين بحب لا لبس فيه نحو (أمهاتنا) و(آبائنا) في الجبل، هؤلاء الذين إذا نظرت إليهم تقع في حضن بلادك ناصعة البياض إلى ما لا نهاية. إنه لشيء مذهل ألا تصدق أنك لن تهتدي، بعد تلك الهزة المؤلمة، إلى أصوات (لالة تودة) و(لالة إيجة) و(لالة إيطو) و(لالة عيشة) و(خالي إيشو) و(عمي باها)، وأنهم سيغيبون عنك مثل تلك الشمس التي لم تعرف وجهتها ذلك الصباح. لن يعلموك أن الوطن ليس جاحظ العينين دائماً، وأن خيراً عميماً يغزو كل واحد منا، وأن المغاربة الأقحاح لن يحتفظوا، في الملمات، بأبوابهم مغلقة... شكراً لبلادي، شكراً لشعبها العظيم... شكراً لكم لأن (عزتنا) لم تنكسر على الحجارة».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

آسيا عناصر من البحث والإنقاذ يتدربون على محاكاة لإخلاء ضحايا تسونامي في إندونيسيا (إ.ب.أ)

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر شرق إندونيسيا، اليوم السبت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا رسم بياني لزلزال (متداولة)

زلزال بقوة 5.9 درجة قبالة كامتشاتكا الروسية

قال «المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل»، إن زلزالاً بقوة 5.9 درجة وقع قبالة الساحل الشرقي لمنطقة كامتشاتكا الروسية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جانب من أعمال منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكي ألوفا اليوم (إ.ب.أ)

تزامناً مع انعقاد قمة إقليمية... زلزال بقوة 6.9 درجة يضرب تونغا

ضرب زلزال بلغت قوته 6.9 درجة اليوم (الاثنين)، تونغا الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما ذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نوكي ألوفا)
شؤون إقليمية أشخاص ينتظرون حافلة في كهرمان مرعش المتضررة بالزلزال في 28 مايو 2023 (أ.ف.ب)

بعد 25 عاماً على «كارثة مرمرة»... إسطنبول تعيش مخاوف زلزال كبير

600 ألف مبنى سكني يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة معرضة للانهيار في الدقائق الأولى من زلزال محتمل يهدد إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نقطة تفتيش حدودية بالقرب من معبر نصيب بين الأردن وسوريا 29 سبتمبر 2018 (رويترز)

زلزال بقوة 4.8 يهز الحدود بين الأردن وسوريا

قال مركز أبحاث علوم الأرض الألماني (جي إف زد)، إن زلزالاً بقوة 4.8 درجة هز منطقة الحدود الأردنية - السورية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (عمّان)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».