ليبيا: تضاؤل الأمل بالعثور على أحياء... وإعلان «حالة طوارئ» بالمناطق المنكوبة

طائرة إغاثية سعودية تتوجّه لمساعدة المتضررين من الفيضانات

فرق الإنقاذ تواصل البحث عن ناجين وسط تضاؤل الأمل بالعثور على أحياء (أ.ف.ب)
فرق الإنقاذ تواصل البحث عن ناجين وسط تضاؤل الأمل بالعثور على أحياء (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: تضاؤل الأمل بالعثور على أحياء... وإعلان «حالة طوارئ» بالمناطق المنكوبة

فرق الإنقاذ تواصل البحث عن ناجين وسط تضاؤل الأمل بالعثور على أحياء (أ.ف.ب)
فرق الإنقاذ تواصل البحث عن ناجين وسط تضاؤل الأمل بالعثور على أحياء (أ.ف.ب)

بعد 6 أيام على الفيضانات العنيفة التي اجتاحت مدينة درنة، الواقعة في شرق ليبيا، والتي تسببت بمقتل آلاف الأشخاص، يتضاءل الأمل تدريجياً في العثور على أحياء. وفي غضون ذلك أعلن مدير مركز مكافحة الأمراض حالة الطوارئ الصحية لمدة عام في المناطق المنكوبة بالسيول في شرق ليبيا. وكان أسامة حماد رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان قال أمس إن إجراءات احترازية سوف يبدأ تفعيلها وإن السلطات قد تلجأ لعزل المناطق المتضررة عن مدينة درنة خوفاً من انتشار الأوبئة. ونفذت السلطات المحلية في مدينة درنة أمس حملة لرش شوارعها بالمبيدات، في محاولة لتفادي انتشار الأمراض والأوبئة مع تواصل عمليات انتشال الجثث في المدينة.

طفل يتأمل الخراب الذي لحق بمنزل أسرته بعد كارثة إعصار «دانيال» في درنة (أ.ف.ب)

وقال أحد مصوري وكالة الصحافة الفرنسية إن المياه الجارفة «خلفت وراءها مشهد دمار مخيف، ويبدو كما لو أن زلزالاً قوياً ضرب جزءاً كبيراً من المدينة»، التي كانت قبل الكارثة تنبض بالحياة والحركة. وفي ظل صعوبة الوصول والاتصالات، وعمليات الإغاثة والفوضى السائدة في ليبيا حتى قبل الكارثة، تتضارب الأرقام عن أعداد الضحايا. وقد أعطى وزراء في حكومة الشرق أرقاماً غير متطابقة، لكن في آخر حصيلة لهم، أفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة الشرق، يوم الأربعاء، بأن أكثر من 3800 شخص قضوا في الفيضانات. أما المفقودون فبالآلاف، وفق مصادر عدة، بينها الصليب الأحمر الدولي. بينما تحدثت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح أكثر من 38 ألف شخص في الشرق الليبي، بينهم 30 ألفاً من درنة، أما الأمم المتحدة فأكدت من جانبها أن «ما لا يقلّ عن 10 آلاف شخص» ما زالوا في عداد المفقودين.

سكان طرابلس يتبرعون بمساعدات غذائية وطبية للمتضررين من الإعصار (أ.ف.ب)

ووصفت مانويل كارتون، المنسقة الطبية لفريق من منظمة «أطباء بلا حدود»، الوضع بأنه «فوضوي»، ويمنع حسن سير عملية إحصاء الضحايا والتعرف على هوياتهم. وأكدت أن «غالبية الجثث دفنت (...) في مدافن وفي مقابر جماعية»، والكثير من هؤلاء «لم تحدد هويتهم، خصوصاً أولئك الذين انتشلوا بأعداد كبيرة من البحر». موضحة أن «الناس الذين يعثرون على الجثث يدفنونها فوراً».

سكان درنة يتلقون مساعدات غذائية بعد الإعصار (رويترز)

ومن جانبها، دعت الدبلوماسية الأميركية ستيفاني وليامز، ممثلة الأمم المتحدة السابقة في ليبيا، إلى تدخل دولي عاجل. وقالت عبر منصة «إكس» إن «الواجب الأخلاقي (...) المتمثل بحماية المدنيين، الذي كان دافعاً للتدخل (العسكري) في 2011 (ضد نظام معمر القذافي) يجب أن يوجه تحرك الأسرة الدولية إثر الفيضانات، التي اجتاحت شرق ليبيا، وتسببت بمقتل آلاف الليبيين الأبرياء والأجانب»، داعية إلى إنشاء «آلية مشتركة وطنية ودولية للإشراف على أموال المساعدة»، ومنتقدة الطبقة السياسية الليبية «الضارية»، التي تميل إلى استخدام «حجة السيادة» لتوجيه عمليات المساعدة «وفق مصالحها». ومن جهته، قال الناطق باسم المشير حفتر، أحمد المسماري، في مؤتمر صحافي مساء الجمعة إن حاجات الإعمار «هائلة». ومع أن الكارثة وقعت في منطقة خاضعة لسيطرة المعسكر الشرقي، إلا أن الدبيبة، الذي يتخذ من الغرب مقرّاً له، اعتبر خلال الأسبوع الحالي أن ما حدث سببه «ما خُطط في السبعينات، والذي لم يعد كافياً اليوم. بالإضافة إلى الإهمال الزمني، وآثار السنوات». وقال الدبيبة خلال اجتماعه مع الوزراء والخبراء إن «هذه إحدى نتائج الخلافات والحروب والأموال التي ضاعت». وطلبت عريضة عبر الإنترنت، جمعت أكثر من 2000 توقيع في غضون 24 ساعة، مساعدة الأسرة الدولية، وتشكيل «لجنة تحقيق دولية ومستقلة» لتبيان ملابسات الكارثة وتحديد المسؤولين بغية محاكمتهم.

وفي سياق التعاطف العربي والدولي مع ضحايا الإعصار الذي خلف آلاف القتلى ومئات المشردين في درنة، غادرت مطار الملك خالد الدولي في الرياض (السبت) الطائرة الإغاثية السعودية الأولى متجهة إلى مطار بنينا الدولي في مدينة بنغازي الليبية، وذلك إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتقديم مساعدات غذائية وإيوائية لإغاثة المتضررين من الفيضانات.

وتحمل الطائرة الإغاثية السعودية 90 طناً من المساعدات الغذائية والإيوائية لتوزيعها على المتضررين من الفيضانات، التي شهدتها ليبيا، وفقاً للآليات المتبعة لدى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. وسيقوم فريق مختص من المركز بالإشراف على عملية تسليم المساعدات بالتنسيق مع الهلال الأحمر الليبي. وتأتي هذه الجهود تأكيداً للدور الإنساني الذي تضطلع به قيادة المملكة بالوقوف مع الدول الشقيقة والصديقة خلال مختلف الأزمات والمحن التي تمر بها.

وفي غضون ذلك، بدأت المساعدات الدولية تصل (السبت) إلى ليبيا لدعم الناجين من الفيضانات في مدينة درنة بعد 6 أيام على الكارثة، آتية من أوروبا والشرق الأوسط وبرامج تابعة للأمم المتحدة. في هذا السياق، أعلنت منظمة الصحة العالمية وصول طائرة إلى بنغازي تحمل «29 طناً من الإمدادات الطبية» من مركزها اللوجيستي العالمي في دبي، «تكفي لمساعدة نحو 250 ألف شخص»، موضحة أن المساعدات تضم أدوية أساسية ولوازم طبية لجراحة الحالات الطارئة وأكياساً لنقل الجثث وتأمين «دفن لائق» للموتى. كما وصلت السفينة الحربية الإيطالية «سان ماركو»، السبت، إلى قبالة سواحل درنة، وعلى متنها مروحيتان للبحث والإنقاذ، و100 خيمة تكفي لإيواء 1000 شخص، و5 آلاف غطاء ومواد للرعاية الصحية، وثماني مضخات لسحب المياه إضافة إلى معدات للهندسة المدنية. بينما أرسلت رومانيا طائرة أولى محمّلة بالمواد الغذائية والفرش. كما وصلت (السبت) مساعدات تركية إضافية تشمل 3 مستشفيات ميدانية، ومواد غذائية وطبية وخيماً وملاجئ و360 عنصراً من الفرق الطبية العائدة لمنظمة الإغاثة التركية، وخفر السواحل ورجال الإطفاء.

وصول مساعدات من الإمارات لمتضرري كارثة إعصار «دانيال» في درنة (أ.ف.ب)

ومن جهتها، أرسلت مصر 3 طائرات عسكرية تحمل فرق إنقاذ ومساعدات طبية وخيماً. كما أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة أنها أمرت بإرسال «قوافل محملة بأطنان من المساعدات الإنسانية، ومواد الإعاشة وأطقم الإغاثة وعربات الإسعاف وأعداد كبيرة من المعدات الهندسية» عن طريق البحر والبر. كما أعطى الرئيس عبد الفتاح السيسي توجيهاته «بإقامة معسكرات إيواء بالمنطقة الغربية (الحدودية مع ليبيا) للمتضررين من أشقائنا الليبيين الذين فقدوا ديارهم»، وهي المرة الأولى التي تقرر فيها مصر إقامة مخيمات على أراضيها لاستضافة لاجئين. وبدورها، أرسلت الجزائر منذ (الثلاثاء) مساعدات إنسانية، تشمل مواد غذائية ومعدات طبية وألبسة، وخيماً عبر جسر جوي تشارك فيه 8 طائرات عسكرية، وفق بيان من الرئاسة الجزائرية. كما وصل إلى درنة فريق متخصص من الدفاع المدني يضم 113 عنصراً بينهم غطاسون وأطباء. بينما أرسل الأردن طائرة مساعدات أولى على متنها فريق إنقاذ ومواد غذائية وخيم وأغطية، أتبعها (الخميس) بطائرة ثانية على متنها 28 متخصصاً في جهود البحث والإنقاذ والإسعاف في حالات الكوارث الطبيعية، منهم 5 أطباء. كما وصلت صباح (السبت) طائرة إماراتية وأخرى إيرانية تفرغان أطناناً من المساعدات في شاحنات كبرى استعداداً لنقلها إلى المناطق المنكوبة.


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)
مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

تتابع مصر التحقيقات التي تجريها السلطات الإيطالية في ميلانو حول ملابسات واقعة مقتل شاب مصري (19 عاماً). ووفق إفادة لوزارة الخارجية والهجرة المصرية، الجمعة، وجه وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي القنصلية المصرية في ميلانو بمتابعة إجراءات وسير التحقيقات مع السلطات الإيطالية، والوقوف على تقرير جهات الاختصاص لمعرفة ملابسات واقعة الوفاة، فور الانتهاء من التحقيقات.

وبحسب صحيفة «كوري ديلا سيرا» الإيطالية، فإن الحادث وقع بمنطقة «كورفيتو»، والشاب المصري سقط خلال وجوده على دراجة نارية «سكوتر» يقودها شاب تونسي، في أثناء محاولتهما الفرار من ملاحقة الشرطة «بسبب سير الشابين عكس الاتجاه بالطريق». وأوضحت الصحيفة أن المدعي العام فتح تحقيقاً في الحادث، بينما جرى توقيف الشاب التونسي قائد الدراجة النارية للتحقيق معه.

وتصدرت إيطاليا المرتبة الأولى من حيث استقبال المهاجرين المصريين في 2023 بحسب بيانات «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء»، فيما تقدر أعداد الجالية المصرية في إيطاليا بأكثر من 650 ألف مصري، بوصفها أكبر جالية مصرية في أوروبا التي يوجد فيها 1.5 مليون مصري على الأقل، وفق تقديرات شبه رسمية.

وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأوروبية، السفير جمال بيومي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن مثل هذه الحوادث يصاحبها تحرك عاجل من القنصلية المصرية لمتابعة سير التحقيقات ونتائجها. وأضاف أن التعامل في التحقيقات يجري وفق قوانين الدولة التي وقع فيها الحادث، ويكون هناك تواصل بين مسؤول القنصلية وعائلة الضحية باستمرار مع تمكينهم من الاطلاع على ما يسمح به من معلومات حول القضية، مشيراً إلى "ضرورة عدم استباق نتائج التحقيقات حول ملابسات الواقعة.

وبحسب وسائل إعلام إيطالية فإن والد الشاب المصري يقيم في إيطاليا منذ 11 عاماً، ويتعاون مع السلطات الإيطالية في التحقيقات، وسبق أن طالب بـ«الكشف عن ملابسات وفاة نجله بناء على التحقيقات التي تجرى مع الشاب التونسي الموقوف، وأحد قوات الشرطة».

وتداول مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأيام الماضية، مقاطع فيديو، قالوا: «إنها لأعمال شغب في ميلانو ضد الشرطة على خلفية مقتل الشاب المصري»، فيما نفى والد الشاب المصري «علاقة الأسرة بهذه الأعمال»، وفق تقارير إعلامية.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق قال: «إن مثل هذه الحوادث لا تؤثر عادة على العلاقات الدبلوماسية، خصوصاً حال التأكد من عدم وجود تعمد في الواقعة»، لافتاً إلى أنه حال «ارتكاب الضحية خطأ»، فإن القنصلية المصرية «لا يمكنها سوى محاولة العمل على إنهاء الإجراءات بأسرع وقت».