رفض مصري لانتقادات أميركية بشأن ملف الحريات

عقب قرار واشنطن حجب 85 مليون دولار من المساعدات للقاهرة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى وفداً من الكونغرس الأميركي في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى وفداً من الكونغرس الأميركي في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

رفض مصري لانتقادات أميركية بشأن ملف الحريات

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى وفداً من الكونغرس الأميركي في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى وفداً من الكونغرس الأميركي في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

عقب قرار واشنطن حجب 85 مليون دولار من مساعداتها إلى القاهرة، على خلفية تحفظات على إدارة ملف حقوق الإنسان، انتقد سياسيون مصريون الموقف الأميركي. وقال دبلوماسيون ونواب في البرلمان المصري لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «يشير إلى وجود تناقضات في السياسة الخارجية الأميركية».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التقى وفداً من الكونغرس الأميركي في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفقاً لوكالة «رويترز»، قال عضو بمجلس الشيوخ الأميركي، الأربعاء، إن الولايات المتحدة قررت حجب مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 85 مليون دولار بسبب «تقاعس القاهرة عن إطلاق سراح عدد كافٍ من السجناء السياسيين»، وحثّ على حجب 235 مليون دولار أخرى (الدولار يعادل نحو 30.90 جنيه في المتوسط). ونقلت الوكالة عمن وصفتهم أنهما «مصدران آخران مطلعان على الأمر» إنه «تم حجب مبلغ 85 مليون دولار، ومن المتوقع اتخاذ القرار بشأن المبلغ الآخر، وهو 235 مليون دولار قريباً».

ويثير ربط المعونة الأميركية لمصر، التي بدأت عقب توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، جدلاً يكاد يكون سنوياً بين القاهرة وواشنطن. وعلى مدار هذه السنوات، منحت الولايات المتحدة مصر نحو 1.3 مليار دولار سنوياً في شكل تمويل عسكري خارجي لشراء أنظمة أسلحة وخدمات من متعاقدين عسكريين أميركيين.

صورة تذكارية للرئيس السيسي مع وفد الكونغرس الأميركي في أغسطس الماضي (الرئاسة المصرية)

ونفت مصر رسمياً في مناسبات عدة وجود «سجناء سياسيين» أو «معتقلين»، مؤكدة أنها تولي ملف حقوق الإنسان اهتماماً كبيراً. وقال رياض عبد الستار، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري (الغرفة الرئيسية للبرلمان)، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر اتخذت خلال السنوات الأخيرة خطوات غير مسبوقة في ملف الحريات»، مؤكداً أنه «لا يوجد في مصر سجناء سياسيون أو معتقلون، بل مواطنون أدينوا بأحكام قضائية».

وأشار إلى أن «المساحة المتاحة للأحزاب السياسية في الوقت الحالي كبيرة... لدينا لجنة للعفو الرئاسي، والحوار الوطني الذي يشهد طرح وجهات النظر كافة في كل القضايا بحرية»، واعتبر البرلماني عبد الستار «الحديث عن ملف حقوق الإنسان هدفه لي ذراع مصر والحد من مواقفها الإقليمية».

وتشهد مصر نقاشات داخلية موسعة حول ملف حقوق الإنسان منذ تشكيل لجنة العفو الرئاسي بقرار من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أبريل (نيسان) العام الماضي، وتواصل اللجنة عملها لإطلاق سراح «سجناء الرأي» الذين صدرت ضدهم أحكام قضائية، بجانب المحبوسين احتياطياً على خلفية قضايا مماثلة، شريطة «ألا يكونوا تورطوا في استخدام العنف».

بدوره، انتقد عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري قرار واشنطن حول المعونة، وكتب على منصة «إكس» قائلاً: «مصادر أميركية تصرح أن واشنطن قررت حجب 85 مليون دولار من المعونة العسكرية المقدمة إلى مصر كمقدمة لرفع المبلغ المخصوم إلى 235 مليون دولار بسبب ما تسميه واشنطن عدم وفاء مصر بالإفراج عن المسجونين السياسيين»، متابعاً: «طبعاً هذه أكذوبة نعرف أهدافها، ومنها موقف مصر الرافض للتبعية، مصر أفرجت عن المئات، رغم وجود أحكام باتّة ونهائية على بعضهم»، معتبراً القرار «هدفه الضغط على مصر».

كما وصف عضو مجلس النواب عاطف مغاوري قرار واشنطن بأنه «تدخل في الشأن الداخلي المصري»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تكرار ربط واشنطن المساعدات لمصر بملف حقوق الإنسان يحتاج إلى ردّ من مصر»، داعياً إلى «رفض المعونة الأميركية»، وقال: «كما أنه يجب فتح نقاش حول قيمة المعونة الأميركية منذ عام 1979 ومقارنة قيمتها بالوقت الراهن، فقيمتها تضاءلت كثيراً».

واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 20 أغسطس (آب) الماضي، وفداً رفيع المستوى من أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري بالكونغرس الأميركي. وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي، في إفادة رسمية حينها، أن «اللقاء شهد تأكيد قوة ومتانة الشراكة الاستراتيجية الممتدة منذ عقود بين مصر والولايات المتحدة، والأهمية التي توليها الدولتان لتعزيز علاقاتهما على جميع المستويات».

من جانبه، قال وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرار ربط واشنطن مساعداتها لمصر بملف حقوق الإنسان يعكس تناقضاً كبيراً في السياسة الخارجية الأميركية، وهو يحدث غالباً بسبب وجود أصوات في الكونغرس تتبنى هذه الرؤية». وبحسب العرابي، فإن «العلاقات المصرية الأميركية قوية على أرض الواقع، وهو ما يظهر في تكرار المناورات العسكرية المشتركة على الأراضي المصرية، مثل (النجم الساطع)، التي تجري في مصر منذ أسابيع».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
TT

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

أحمد رفعت (الشرق الأوسط)
أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

وافق مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الأحد، على رفع الحصانة عن وكيل لجنة الشباب والرياضة بالمجلس، النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت، الذي رحل في يوليو (تموز) الماضي، إثر معاناة من تداعيات أزمة قلبية مفاجئة، أرجعها في تصريحات تلفزيونية قبل وفاته لـ«مضايقات تعرَّض لها من بعض المسؤولين».

ويشغل دياب رئيس رابطة الأندية المصرية، وورد اسمه في التحقيقات بعدما ترددت مسؤوليته عن توريط اللاعب الراحل في أزمة قانونية، عبر تسهيل سفر رفعت للاحتراف في الخارج خلال فترة تجنيده، بالمخالفة للقواعد المعمول بها في هذا الشأن.

وتُوفي رفعت (30 عاماً)، في 7 يوليو الماضي، بعد معاناة مع المرض إثر سقوط مفاجئ في مباراة لناديه، مودرن سبورت، بالدوري المصري في مارس (آذار) الماضي. في حين أمر النائب العام المصري في أغسطس (أب) الماضي بـ«تحقيقات موسعة للوقوف على ملابسات الوقائع التي تعرَّض لها اللاعب قبل وفاته».

النائب دياب خلال حضوره جلسة لمجلس الشيوخ (مجلس الشيوخ)

وعقب ضجة واسعة بالقضية التي شغلت الرأي العام المصري، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أغسطس، بـ«تحقيقات موسعة في القضية لكشف ملابساتها ومحاسبة المسؤولين عنها»، وطالب الجهات المعنية بـ«حوكمة الإجراءات الخاصة بسفر الرياضيين للخارج في أثناء فترة التجنيد، بما يضمن تسهيل الإجراءات ووضوحها لتحقيق المساواة في التعامل مع ذوي الشأن».

وقال رئيس مجلس الشيوخ، المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، إن رفع الحصانة عن دياب جاء بناء على طلب النائب؛ من أجل استكمال إجراءات التحقيق في القضية، ووصف الطلب بـ«السابقة التاريخية»، كونه جاء بطلب دياب نفسه لاستكمال التحقيقات.

وعدّ عبد الرازق، في كلمته أمام الجلسة العامة، أن موقف دياب «يظهر التزاماً راسخاً بمبادئ العدالة واحترام القانون والمؤسسات القضائية»، مؤكداً أن «النائب لا يزال غير متهم بأي اتهام».

ووفق الخبير في الشؤون البرلمانية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، فإن رفع الحصانة يأتي في إطار رغبة النائب في الإدلاء بأقواله أمام النيابة العامة؛ لعدم قدرته على القيام بهذا الأمر من دون موافقة المجلس على رفع الحصانة، حيث تتطلب الإجراءات القانونية للاستماع لأقوال عضو البرلمان أمام النيابة العامة، ضرورة رفع الحصانة.

أحمد دياب (رابطة الأندية المصرية المحترفة)

وقال المحامي المصري محمد رضا لـ«الشرق الأوسط» إن النيابة العامة تقوم بتحديد موعد للاستماع إلى أقوال النائب بعد وصول قرار رفع الحصانة لمكتب النائب العام، للاستماع لإفادته بشكل كامل وتفصيلي، على أن يعقب ذلك اتخاذ قرار بشأنه.

وأضاف: «الاستماع إلى أقوال النائب في الواقعة يمكن أن يكون بصفته شاهداً، لكن إذا تبيَّن خلال التحقيقات تورطه في القضية فيكون من حق المحقق توجيه الاتهام واتخاذ قرار سواء بإخلاء سبيل النائب مع توجيه الاتهام أو حبسه على ذمة التحقيقات حال وجود ما يستلزم ذلك وفقاً للقانون».