جهود دولية مكثّفة لدعم ليبيا بعد الفيضانات

سيارات في درنة الليبية جرفتها المياه المتدفقة إلى البحر المتوسط (أ.ف.ب)
سيارات في درنة الليبية جرفتها المياه المتدفقة إلى البحر المتوسط (أ.ف.ب)
TT

جهود دولية مكثّفة لدعم ليبيا بعد الفيضانات

سيارات في درنة الليبية جرفتها المياه المتدفقة إلى البحر المتوسط (أ.ف.ب)
سيارات في درنة الليبية جرفتها المياه المتدفقة إلى البحر المتوسط (أ.ف.ب)

تسارعت الجهود الدولية لمساعدة ليبيا اليوم (الخميس) بعدما أودت فيضانات أشبه بتسونامي بحياة 4 آلاف شخص على الأقل، فيما ما زال الآلاف في عداد المفقودين.

أدّى التدفّق الهائل للمياه الناجمة عن العاصفة إلى انفجار سدّين في وقت متأخر من يوم (الأحد) ليصبح المشهد في مدينة درنة أشبه بنهاية العالم، إذ جرفت المياه أبنية بأكملها وأعدادا غير محددة من السكان إلى البحر المتوسط.

وقال ناج، أصيب بجروح، «ارتفع منسوب المياه فجأة في غضون ثوان»، مشيرا إلى أن المياه جرفته مع والدته عندما وقعت الفيضانات ليلا قبل أن يتمكنا من التشبّث بمبنى خال والاحتماء فيه.

وتابع الرجل، الذي لم يتم التعريف عن هويته وفق الشهادة التي نشرها مركز بنغازي الطبي، «ارتفع منسوب المياه إلى أن وصلنا للطابق الرابع، كانت المياه بارتفاع الطابق الثاني».

وأضاف، وفقا لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية: «سمعنا أشخاصا يصرخون. رأيت من النافذة سيارات وجثثا تجرفها المياه. استمر الوضع هكذا مدة ساعة أو ساعة ونصف ساعة بدت بالنسبة إلينا كأنها سنة».

وتصطف حاليا مئات أكياس الجثث في شوارع درنة الموحلة بانتظار الدفن فيما يبحث السكان الذين ما زالوا في حالة صدمة عن أحبائهم المفقودين في الأبنية المدمّرة بينما تزيل جرّافات الركام وأكوام الرمل من الشوارع.

«محيت من الخريطة»

وقال منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إن «حجم كارثة الفيضانات في ليبيا صادم ويفطر القلب... مُحيت أحياء بأكملها من الخريطة. جرفت المياه عائلات كاملة فوجئت بما حصل. لقي الآلاف حتفهم وتشرّد عشرات الآلاف الآن بينما ما زال كثر في عداد المفقودين».

تسببت عاصفة بقوّة إعصار أُطلق عليها «دانيال» بالفيضانات وفاقمت الكارثة سنوات الاضطرابات التي هزّت البلاد بعد انتفاضة 2011.

باتت ليبيا منقسمة بين حكومتين متنافستين: واحدة في الغرب معترف بها دوليا وتدعمها الأمم المتحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق الذي ضربته الكارثة يرأسها أسامة حمّاد بتكليف من البرلمان ودعم من المشير خليفة حفتر.

وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أنه «كان من الممكن تفادي سقوط معظم الضحايا» لو أن أنظمة التحذير المبكّر وإدارة الطوارئ تعمل كما يجب في البلد الذي عانى من الحرب.

وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس إنه من خلال التنسيق بشكل أفضل، «كان بالإمكان إصدار إنذارات وكانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكنت من إجلاء السكان، وكنا تفادينا معظم الخسائر البشرية».

وأفاد، للصحافيين في جنيف، بأن النزاع المستمر في ليبيا منذ سنوات يعني أن شبكة الأرصاد التابعة لها «مدمّرة إلى حد كبير وأنظمة تكنولوجيا المعلومات مدمّرة».

وأضاف: «وقعت الفيضانات ولم تجر أي عمليات إجلاء نظرا لعدم وجود أنظمة تحذير مبكر مناسبة». تعهّدت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إضافة إلى عدة بلدان من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إرسال فرق إنقاذ ومساعدات تشمل مواد غذائية وخزّانات مياه ومراكز إيواء طارئة ومعدات طبية إضافة إلى مزيد من أكياس الجثث.

«تغيّر المناخ»

ما زال الوصول إلى درنة الواقعة في شرق البلاد صعبا للغاية، إذ دمّرت الطرقات والجسور فيما انقطعت خطوط الطاقة والهاتف عن مناطق واسعة حيث تشرّد 30 ألف شخص على الأقل.

ولم تُعرف حتى الآن الحصيلة الفعلية للقتلى فيما أفاد المسؤولون عن أعداد متضاربة.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية في الحكومة التابعة للسلطات في شرق البلاد، الملازم طارق الخراز، إنه تم حتى الأربعاء العثور على 3840 جثة.

لكن يُعتقد أن عددا أكبر بكثير جرفوا إلى البحر أو دفنوا بالرمل نتيجة المياه الموحلة التي اجتاحت المدينة. وحذّرت جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر من أن 10 آلاف شخص ما زالوا في عداد المفقودين.

أرسلت دول عدّة أو تعهّدت تقديم مساعدات، بما فيها السعودية والجزائر ومصر والأردن والكويت وقطر وتونس وتركيا والإمارات العربية المتحدة إضافة إلى الفلسطينيين.

كما تعهّدت الولايات المتحدة تقديم المساعدة، بينما انضمت بريطانيا وفنلندا وفرنسا وإيطاليا ورومانيا إلى جهود المساعدة الأوروبية.

وقال تيدروس أدهانوم جيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، اليوم (الخميس) إن المنظمة ستقدم مليوني دولار من صندوق الطوارئ التابع لها لدعم ضحايا السيول في ليبيا.

وأضاف أن «الاحتياجات الصحية للناجين أصبحت أكثر إلحاحا»، مؤكدا: «منظمة الصحة العالمية ستقدم مليوني دولار من صندوق الطوارئ الخاص بها لدعم تلك الاحتياجات»، وفقا لوكالة «رويترز».

وربط خبراء المناخ الكارثة بتداعيات ارتفاع درجة حرارة الأرض إضافة إلى البنى التحتية الليبية المتهالكة.

وازدادت قوة العاصفة «دانيال» خلال صيف حار بشكل غير معهود وضربت تركيا وبلغاريا واليونان في وقت سابق، لتحدث فيضانات على نطاق واسع أسفرت عن مقتل 27 شخصا على الأقل.

وقال مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك إن «العاصفة دانيال هي تذكير فتّاك آخر بالتأثير الكارثي لتغير المناخ على كوكبنا».

ودعا تورك جميع الأطراف في ليبيا إلى «تجاوز الجمود السياسي والانقسامات والتحرّك بشكل جماعي لضمان وصول الإغاثة».

وتابع: «هذا وقت وحدة الهدف: جميع المتضررين يجب أن يحصلوا على المساعدة بغض النظر تماما عن ارتباطاتهم».


مقالات ذات صلة

فيضانات مدمرة تودي بحياة 16 شخصاً في سومطرة الإندونيسية (صور)

آسيا عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا الفيضانات في كارو بإندونيسيا (أ.ب)

فيضانات مدمرة تودي بحياة 16 شخصاً في سومطرة الإندونيسية (صور)

أفاد مسؤول إندونيسي بمصرع 16 شخصاً وفقدان 7 آخرين جراء فيضانات في سومطرة الإندونيسية

أوروبا وزيرة الانتقال البيئي في إسبانيا تيريسا ريبيرا (رويترز)

وزيرة البيئة الإسبانية تدافع عن طريقة استجابة الحكومة للفيضانات

دافعت وزيرة الانتقال البيئي في إسبانيا، تيريسا ريبيرا، أمام البرلمان، اليوم (الأربعاء)، عن عمل المؤسسات الحكومية عقب فيضانات 29 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أفريقيا لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أوروبا رئيس منطقة فالنسيا كارلوس مازون بعد حديثه في البرلمان الإقليمي حول ما حدث في فيضانات 29 أكتوبر 2024 في فالنسيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية يقر بحدوث «أخطاء» في إدارته للفيضانات

برر رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية كارلوس مازون، اليوم (الجمعة)، بشكل مسهب إدارته للفيضانات القاتلة في 29 أكتوبر، واعترف بحدوث «أخطاء».

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
TT

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)

محطة جديدة من التوتر بين ولاية جوبالاند، جنوب الصومال، والحكومة الفيدرالية، عقب قرار الإقليم تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو، بعد خلافات زادت وتيرتها عقب إجراء الانتخابات الرئاسية، وفوز أحمد مدوبي بولاية ثالثة، بالمخالفة لتشريع صومالي جديد يدخل حيز التنفيذ العام المقبل بالعودة إلى «الانتخابات المباشرة».

ذلك التعليق من جانب ولاية جوبالاند التي تقع على الحدود مع كينيا وإثيوبيا، جاء بعد إصدار سلطات الجانبين مذكرتي اعتقال لقيادة الإقليم والحكومة الفيدرالية، ويراه خبراء تحدّثوا مع «الشرق الأوسط» أنه قد يقود إلى «انفصال» للولاية عن مقديشو، ويفاقم من الصراع الأهلي، ويسمح لحركة «الشباب» الإرهابية التي ستستغل تلك الخلافات لزيادة تمددها.

وتُعد ولاية جوبالاند «سلة غذاء» الصومال، وعاصمتها «كسمايو»، ميناء مهماً من الناحية الاستراتيجية، وتحد ساحلها منطقة بحرية متنازع عليها بشدة، مع وجود مكامن نفط وغاز محتملة، و«يزعم كل من الصومال وكينيا السيادة على هذه المنطقة»، وفق «رويترز».

وجاء القرار في ظل أزمة انتخاب مدوبي الذي ترفضه مقديشو متزامناً مع إصدار محكمة «كسمايو» مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، الأربعاء، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».

وجاءت انتخابات جوبالاند، الاثنين، بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت الماضي، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعني بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي الذي يُعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويُعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

وكان الصومال يعتمد منذ عام 2000 على نظام انتخابات غير مباشرة مبني على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس، ولتجاوز هذا النظام توصّل «منتدى المجلس التشاوري الوطني» في مايو (أيار) 2023 إلى اتفاق يقضي بإجراء انتخابات مباشرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في عودة إلى آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، لكن لم تُنظم لعدم وجود قوانين للانتخابات، واتفق أعضاؤه على إجراء اقتراع مباشر في سبتمبر (أيلول) 2025، بعد وضع القانون الذي صدر قبل نحو أسبوع.

وباعتقاد المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإن «إصدار مذكرات اعتقال وتعليق العلاقات واعتبار انتخاب مدوبي غير قانوني انعكاس لتصاعد التوتر بين الحكومة الفيدرالية وجوبالاند؛ مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع السياسية وزيادة الانقسامات».

وسيكون خيار «احتمالية الانفصال» مطروحاً، حسب بري؛ «إذا استمرت التوترات»، موضحاً أن «جوبالاند قد تسعى إلى إعلان انفصال فعلي. لكن هذا يتطلب دعماً محلياً ودولياً، بالإضافة إلى استقرار سياسي داخلي».

و«ربما كانت مذكرتا الاعتقال المتبادلة بين الطرفين ليستا إلا ستاراً داكناً تجري من ورائه الرغبة في تحرير خطاب العداء المتبادل الذي يجتهد طرفاه في التغطية عليه بمفاهيم الشرعية الدستورية لطبيعة الانتخابات»، وفق تقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج.

ويرى أنه لو أصبح الصومال على هذه الحالة من التنازع فسوف يتحول إلى «بؤرة جاذبة للنشاط الإرهابي»، ومسرح لعمليات عسكرية يكون مداها واسعاً حول عموم منطقة القرن الأفريقي.

البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)

وقبل أيام، نشرت الحكومة الصومالية الفيدرالية ما يقرب من 1000 جندي فيدرالي في منطقة رأس كامبوني جنوب البلاد التي تنتشر فيها قوات جوبالاند، بعد انسحاب قوات بعثة الاتحاد الأفريقي، لضمان الاستقرار ومواجهة حركة «الشباب». وعدّ إعلام صومالي محلي تلك الخطوة «تصعيداً كبيراً للخلاف بين الولاية ومقديشو».

بينما عدّت وزارة الأمن الداخلي في جوبالاند تلك الخطوة أنها «محاولة لتدمير النظام الفيدرالي وإثارة القلاقل السياسية والأمنية في الإقليم»، محذرة من «وقوع صدام بين تلك القوات وقوات الولاية الإقليمية».

وأزمة جوبالاند هي الثانية أمام مقديشو، في ظل استمرار توتر علاقاته مع إقليم أرض الصومال الانفصالي منذ بداية العام، مع عقد إثيوبيا مع الإقليم اتفاقاً مبدئياً، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق إلى توتر في منطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029؛ بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة الصومال واستقلاله».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (الرئيس الصومالي على «إكس»)

ويرى الحاج أن الصراع الذي بلغ «حد اللاعودة» بين الحكومة الفيدرالية في الصومال وإقليم جوبالاند، يشير إلى فاعلية التدخلات الحدودية في محيط القرن الأفريقي؛ حيث يتشارك إقليم جوبالاند الحدود مع إثيوبيا، وهي ذات الدولة التي أضحت علاقاتها مع الصومال تسير على نحو مضطرب ومتوتر منذ أن أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مع إقليم أرض الصومال.

ويعتقد أن كل ما جرى من توترات بشأن الانتخابات في جوبالاند وحكومة الصومال ليس إلا بذرة خلاف لزعزعة وحدة الصومال، بعدما أثبتت التجربة الانتخابية في أرض الصومال نجاحها، و«ربما مُضيها في اتجاه الانفصال والاستقلال». ولا يستبعد «وجود أصابع إثيوبية تعمل على توجيه بوصلة مدوبي نحو تبني خيارات الانفصال والمطالبة بالاستقلال بعيداً عن هيمنة السلطة المركزية في مقديشو».

ويتفق معه بري على أن «إثيوبيا تلعب دوراً في دعم بعض المجموعات في جوبالاند؛ مما يعزّز مخاوف إمكانية حدوث انفصال جديد، خصوصاً أن التدخل الإقليمي يُعد عاملاً مهماً في الديناميات المحلية».

عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية الصومالية (أ.ب)

وبشأن إمكانية حدوث حل للأزمة، يرى الحاج أن «تخفيف مقديشو حدة الخطاب العدائي بين الصومال وأقاليمه ذات النزعة الانفصالية، يصبح هو الرهان الآن بغية تحييد الدور الإثيوبي ومنع نفوذها الساعي لاستغلال أوضاع المنطقة عموماً؛ لأجل تمرير مصالحها الحيوية دون الاكتراث لمستقبل القرن الأفريقي».

بينما أوضح بري أنه يمكن تدارك الأمور عبر إجراء الحكومة الفيدرالية وجوبالاند حواراً شاملاً لمعالجة القضايا العالقة، وتدخل وساطة دولية لتسهيل ذلك الحوار، مؤكداً أن الوضع في جوبالاند «يتطلّب خطوات عاجلة وفعّالة من جميع الأطراف المعنية، باعتبار أن الحوار والتعاون سيكونان المفتاح لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتجنّب تصعيد النزاع».