إعصار«دانيال»: ارتفاع عدد الضحايا لأكثر من 10 آلاف ما بين قتيل ومفقود

القيادة السعودية تعزي رئيس المجلس الرئاسي في الضحايا

TT

إعصار«دانيال»: ارتفاع عدد الضحايا لأكثر من 10 آلاف ما بين قتيل ومفقود

صورة لمدينة درنة بعد إعصار دانيال المدمر الذي ضرب شرق ليبيا 12 سبتمبر 2023 (أ.ب)
صورة لمدينة درنة بعد إعصار دانيال المدمر الذي ضرب شرق ليبيا 12 سبتمبر 2023 (أ.ب)

ارتفع عدد ضحايا الفيضانات، التي اجتاحت مدن شرق ليبيا بسبب الإعصار «دانيال» إلى أكثر من 10 آلاف ما بين قتيل ومفقود، ما خلّف موجة من التضامن العربي والدولي لمساعدة ليبيا في تجاوز محنتها.

وقال مكتب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في ليبيا اليوم الثلاثاء إن أكثر من 5000 شخص لقوا حتفهم وما زال 10 آلاف آخرين في عداد المفقودين جراء الإعصار «دانيال» الذي ضرب شرق ليبيا في الأيام الماضية.
وأضاف المكتب في تغريدة على منصة إكس (تويتر سابقا) «عواقب إعصار دانيال في الشرق الليبي عميقة. أكثر من 5000 شخص فقدوا حياتهم وعشرة آلاف شخص ما زلوا مفقودين، وتواجه المجتمعات تحديات لدعم 20 ألف نازح».

من جهته، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الإعصار "دانيال" دمر بنية تحتية حيوية وآلاف المنازل وتسبب في أضرار واسعة النطاق في ليبيا.
وأضاف المكتب على منصة إكس (تويتر سابقا) أن هناك تقارير عن نزوح 20 ألف شخص بسبب الإعصار.

وذكر أيضا أن الأمم المتحدة حشدت فريقا للاستجابة الطارئة وقامت بتفعيل مساعدات عاجلة لدعم المناطق المنكوبة.

السعودية

وبعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز برقية عزاء ومواساة للدكتور محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في ضحايا الإعصار الذي ضرب مدينة درنة.

غرق شوارع وأحياء بالكامل نتيجة الإعصار (أ.ب)

وقال الملك سلمان في البرقية: «علمنا بنبأ الإعصار الذي ضرب مدينة درنة، وما نتج عنه من وفيات وإصابات ومفقودين، وإننا إذ نبعث لفخامتكم ولأسر المتوفين ولشعب دولة ليبيا الشقيق أحر التعازي وأصدق المواساة، لنسأل المولى سبحانه وتعالى أن يتغمد المتوفين بواسع رحمته ومغفرته، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يمّن على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يعيد المفقودين سالمين، ويحفظكم وشعب دولة ليبيا من كل سوء ومكروه، إنه سميع مجيب».

جثث ضحايا الإعصار على جوانب طرقات درنة تنتظر الدفن (رويترز)

كما أبرق الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي ببرقية عزاء مماثلة للدكتور محمد المنفي، وقال بالبرقية: «تلقيت نبأ الإعصار الذي ضرب مدينة درنة، وما نتج عنه من وفيات وإصابات ومفقودين، وأعرب لفخامتكم ولأسر المتوفين كافة عن بالغ التعازي وصادق المواساة، سائلاً الله تعالى الرحمة للمتوفين، والشفاء العاجل لجميع المصابين، وأن يعيد المفقودين سالمين، إنه سميع مجيب».

بدوره، قال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إن بلاده تقف إلى جانب الشعب الليبي بكل إمكاناتها في الأيام العصيبة، التي يمر بها جراء الفيضانات الناجمة عن الإعصار «دانيال». مضيفاً خلال كلمة أمام ندوة حول الدستور التركي الجديد، عقدت في أنقرة الثلاثاء، أن 3 طائرات شحن تركية توجهت إلى ليبيا محملة بالمساعدات في المرحلة الأولى.

وتابع إردوغان: «كما لم نترك الشعب الليبي وحيداً حتى اليوم، فإننا نقف إلى جانب أشقائنا بكامل إمكاناتنا في هذه الأيام العصيبة... وهدف تركيا يتمثل في ضمان تضميد جراح ليبيا بأقرب وقت». معبراً عن تعازيه في ضحايا الكارثة التي ضربت شرق ليبيا.

كما قالت وزارة الخارجية التركية، في بيان، الثلاثاء، إن تركيا «تواصل جهودها لتقديم الدعم والمساعدة للأشقاء الليبيين عقب الإعصار الذي ضرب بلادهم، ونواصل جهودنا لتقديم الدعم والمساعدة لليبيا الشقيقة دون انقطاع، بالتنسيق مع مؤسساتنا ذات الصلة، ومستعدون لتقديم كل أنواع الدعم». ورحّب عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الليبية المؤقتة، بجميع رسائل التضامن العربية والدولية مع الشعب الليبي في أزمته، وتعبيرهم عن استعدادهم لتقديم الدعم والمساندة، مؤكداً أن ليبيا ترحب بجميع الجهود الدولية لإغاثة المتضررين من الفيضانات والسيول شرق البلاد.

خراب ودمار كبيران خلّفهما الإعصار «دانيال» في أحياء وساحات درنة (أ.ب)

وأكد الدبيبة، لدى زيارته اليوم (الثلاثاء) مركز الاتصال المحلي بطرابلس، للاطلاع على عمل الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة، تواصل قيادات عدد من الدول العربية والإقليمية مع ليبيا منذ بدء الأزمة الحالية التي تشهدها المدن الشرقية، معرباً عن امتنانه لحجم التعاطف الدولي مع ليبيا، ومؤكداً عزم ليبيا على تسهيل إجراءات وصول جميع الفرق الإغاثية الدولية. كما أعلن الدبيبة انطلاق طائرة إلى بنغازي محملة بـ14 طناً من المستلزمات الطبية، و87 عنصراً طبياً وطبياً مساعداً لدعم المناطق المنكوبة. وكان الدبيبة، الذي أعلن البدء في إعادة تشغيل شبكة الاتصالات والإنترنت في درنة، قد اعتبر أن رسائل الدعم والتضامن التي أرسلتها الدول الشقيقة والصديقة شكلت دعماً معنوياً مهماً للجهود، التي تبذلها فرق الطوارئ الوطنية. لافتاً إلى أن بعض الدول التي تتواصل تباعاً أبدت جميعها استعدادها لمدّ يد العون إلى المناطق المتضررة، وإرسال فرق إنقاذ ومساعدات إغاثية عاجلة.

وقال الدبيبة إن رئيس الوزراء التونسي، أحمد الحشاني، أبلغه هاتفياً مساء الاثنين خالص مشاعر المواساة والعزاء من الشعب التونسي الشقيق في هذه الأزمة، وعملهم على تقديم يد العون لإخوانهم المنكوبين، مشيراً إلى أنه تلقى أيضاً اتصالاً هاتفياً من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، عبّر فيه عن تضامنه مع الشعب الليبي في هذه الأزمة، وتعازيه في شهداء العاصفة «دانيال»، واستعداد الإمارات لتقديم يد العون.

بدوره، أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، تلقيه اتصالاً هاتفياً مماثلاً من رئيس الإمارات، تناول ما تعرضت له مدن ومناطق الشرق الليبي من فيضانات وسيول جرّاء العاصفة المتوسطية. ونقل حفتر عن رئيس الإمارات دعم بلاده للمناطق المتضررة، معطياً توجيهاته بإرسال المساعدات الإغاثية والإنسانية وفرق الإنقاذ والدعم والمعدات الطبية، كما أبدى استعداد بلاده تسيير جسر جوي بشكل متواصل لمساعدة المدن والمناطق المتضررة كافة. بدوره، قدّم اليوم (الثلاثاء) الفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب الجيش المصري، إلى حفتر، بمقره في بنغازي، واجب العزاء باسمه واسم الشعب المصري وقياداته في ضحايا الفيضانات والسيول، التي حلّت بمدينة درنة وباقي مدن الشرق الليبي.

وصول مساعدات طبية وغذائية لمتضرري الإعصار (رويترز)

ونقل حفتر، في بيان، وزّعه مكتبه، عن عسكر تأكيده على استعداد القوات المُسلحة المصرية الكامل لإنشاء جسر جوي متواصل لدعم ليبيا، وتقديم المساعدات الممكنة كافة، وتسخير الإمكانات لدعم جهود فرق البحث والإنقاذ. وقال المتحدث العسكري للجيش المصري، في بيان، إنه تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي تم إيفاد 3 طائرات عسكرية تحمل على متنها مواد طبية وغذائية، وعدد 25 طاقم إنقاذ مزوداً بالمعدات الفنية اللازمة كافة. إضافة إلى طائرة أخرى لتنفيذ أعمال الإخلاء الطبي للشهداء والمصابين. كما عبّر وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، اليوم (الثلاثاء)، خلال مكالمة هاتفية مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، «استعداد الجزائر التام لمدّ الأشقاء في ليبيا بكافة أشكال الدّعم». في سياق ذلك، أعلن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم حفتر، أن هناك أكثر من 2000 ضحية في مدينة درنة فقط، نتيجة الفيضانات المترتبة على العاصفة «دانيال». وأوضح في مؤتمر صحافي أن كثيراً من الطرق قُطعت نهائياً نتيجة السيول، التي اجتاحت المنطقة، سواء بشكل جزئي أو كلي، مثل طريق سوسة - شحات، سوسة - درنة.

من جانبه، أعلن السفير والمبعوث الأميركي الخاص، ريتشارد نورلاند، إطلاق السفارة الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، إعلاناً رسمياً لحالة طوارئ إنسانية تجاوباً مع الفيضانات الكارثية في ليبيا. وقال إن هذا الإعلان سيسمح بتمويل مبدئي تقدمه الولايات المتحدة لمعاضدة جهود الإغاثة في ليبيا.

كما تقدمت السفارة الفرنسية بتعازيها لأسر الضحايا، وأعربت عن تضامنها الكامل مع الشعب الليبي في هذه المحنة. مشيرة إلى أن الإعصار دانيال تسبب في خسائر بشرية وأضرار مادية كبيرة.

كما أعرب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن تضامنه مع الشعب الليبي، الذي تواجه بلاده فيضانات مريعة، لافتاً إلى أن بلاده تتقدم بالتعازي إلى أُسر الضحايا، وتحشد الموارد لتقديم المساعدة الطارئة.

من جهته، نقل محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، عن سفير ألمانيا مِخائيل أونماخت، والمسؤولة عن الملف الليبي بالخارجية الألمانية، سارة هولت، خلال اجتماع مساء الاثنين بطرابلس، تعازيهما في ضحايا العاصفة التي شهدتها المنطقة الشرقية، والتضامن مع المتضررين واستعدادهما التام لتقديم كافة أنواع الدعم للخروج من الأزمة.

من جانبه، قال مجلس النواب إنه سيعقد جلسة طارئة الخميس بمقره في بنغازي، بشأن الكارثة التي تعرض لها عدد من المدن والمناطق المنكوبة جراء الإعصار المدمر، واتخاذ ما يلزم من إجراءات عاجلة لمواجهة آثارها. فيما توقّع تامر رمضان، رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، أن ترتفع حصيلة قتلى الفيضانات في شرق ليبيا بشكل هائل، في ظل وجود 10 آلاف مفقود، لافتاً إلى أن «الاحتياجات الإنسانية تتجاوز بأشواط إمكانات (الصليب الأحمر) الليبي وإمكانات الحكومة». كما أعلن مدير جهاز الإسعاف والطوارئ في مدينة البيضاء وجود 11 ألف شخص بين ضحية ومفقود بسبب السيول.


مقالات ذات صلة

وزيرة البيئة الإسبانية تدافع عن طريقة استجابة الحكومة للفيضانات

أوروبا وزيرة الانتقال البيئي في إسبانيا تيريسا ريبيرا (رويترز)

وزيرة البيئة الإسبانية تدافع عن طريقة استجابة الحكومة للفيضانات

دافعت وزيرة الانتقال البيئي في إسبانيا، تيريسا ريبيرا، أمام البرلمان، اليوم (الأربعاء)، عن عمل المؤسسات الحكومية عقب فيضانات 29 أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أفريقيا لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أوروبا رئيس منطقة فالنسيا كارلوس مازون بعد حديثه في البرلمان الإقليمي حول ما حدث في فيضانات 29 أكتوبر 2024 في فالنسيا 15 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية يقر بحدوث «أخطاء» في إدارته للفيضانات

برر رئيس منطقة فالنسيا الإسبانية كارلوس مازون، اليوم (الجمعة)، بشكل مسهب إدارته للفيضانات القاتلة في 29 أكتوبر، واعترف بحدوث «أخطاء».

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا عنصران من الشرطة الإسبانية خلال مظاهرة في فالنسيا الإسبانية احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة (أ.ف.ب)

الآلاف يحتجون في فالنسيا الإسبانية بسبب كارثة الفيضانات (صور)

تظاهر عشرات الآلاف في مدينة فالنسيا بشرق إسبانيا، السبت، احتجاجاً على إدارة السلطات المحلية لكارثة الفيضانات المدمرة التي أودت بحياة أكثر من 220 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (بلنسية)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)
سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

قُتل 5 أشخاص وأصيب آخرون بالرصاص في قرية في ولاية الجزيرة (وسط السودان) إثر هجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» الأربعاء، ليضاف إلى 40 آخرين قُتلوا في بلدات أخرى بالولاية التي تشهد أعمال عنف منذ نحو شهر في وسط البلاد الذي دمّرته الحرب الدائرة منذ عام ونصف العام، على ما أفادت مصادر طبية ومحلية في الولاية، الأربعاء.

ولليوم الثاني على التوالي، عاود عناصر من «قوات الدعم السريع» الهجوم على قرية «التكينة» (وسط الجزيرة)، مستخدمة بعض الأسلحة الثقيلة، مخلّفة 5 قتلى، كما نفذ الطيران الحربي للجيش ضربات جوية لوقف تقدمها من اقتحام المنطقة. وفي وقت سابق، حذَّر كيان «مؤتمر الجزيرة» الذي يرصد انتهاكات الحرب، من وقوع مجزرة وشيكة تخطط لها «قوات الدعم السريع» تستهدف أهالي المنطقة، التي تحتضن أعداداً كبيرة من النازحين الفارين من القرى المجاورة. وقال سكان في التكينة إن المسلحين من أبناء المنطقة تصدُّوا للقوة التي حاولت التوغل من جهة الحي الغربي.

«الدعم»: مؤامرة لخلق مواجهة مع المدنيين

بدورها، قالت «قوات الدعم السريع»، إنها ترصد أبعاد مؤامرة يقودها عناصر من النظام السابق (الحركة الإسلامية) وما تسميه «ميليشيات البرهان» تقوم بحشد المواطنين وتسليحهم في ولاية الجزيرة بهدف «خلق مواجهة بين قواتنا والمدنيين». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي، الفاتح قرشي، أن هناك فيديوهات موثقة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن وجود «مخطط لتسليح المواطنين في قرى الجزيرة وتظهر الفلول (عناصر النظام السابق) وبعض المخدوعين من قرية التكينة وقرى أخرى، يتوعدون بمهاجمة قواتنا».

عائلة نازحة بعد مغادرتها منزلها في جزيرة توتي في الخرطوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

وناشدت أهالي القرى النأي بأنفسهم عن «مخطط الفلول ومحاولات الزج بالمواطنين في القتال باسم المقاومة الشعبية»، مؤكدة أنها لن تتهاون في التعامل بحزم مع المسلحين و«كتائب فلول الحركة الإسلامية».

في هذا السياق، أكد طبيب في مستشفى ود رواح إلى الشمال من قرية ود عشيب التي تعرضت للهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» مقتل 40، مشيراً إلى أن «القتلى الأربعين أصيبوا إصابة مباشرة بالرصاص». وطلب الطبيب عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرّض الفرق الطبية لهجمات. وقال شهود في قرية ود عشيب إن «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، شنَّت هجومها مساء الثلاثاء على القرية الواقعة على بعد 100 كلم شمال عاصمة الولاية ود مدني. وقال شاهد في اتصال هاتفي مع الوكالة إن «الهجوم استُؤنف صباح» الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «أعمال نهب».

الأمم المتحدة قلقة

ويندرج الهجوم الأخير في سلسلة هجمات نفذتها «قوات الدعم السريع» خلال الشهر الماضي على قرى بولاية الجزيرة، في أعقاب انشقاق قائد كبير فيها انضم إلى الجيش في أكتوبر (تشرين الأول).

مشهد للدمار في أحد شوارع أم درمان القديمة نتيجة الحرب بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» (رويترز)

ومنذ ذلك التاريخ، وثَّقت الأمم المتحدة نزوح أكثر من 340 ألف شخص من سكان الولاية وهي منطقة زراعية رئيسة كانت تُعدّ سلة الخبز في السودان. وحذَّر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، من أن اندلاع أعمال العنف هناك «يعرّض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر».

وتعرَّضت قرى شرق محافظة الجزيرة لحصار كامل في الأسابيع الأخيرة؛ مما تسبب بكارثة إنسانية فيها، بحسب الأمم المتحدة وشهود عيان وجماعات حقوقية. وفي قرية الهلالية، لم يعد بإمكان السكان الحصول على الضروريات الأساسية وأُصيب العشرات منهم بالمرض. ويصل الكثير من النازحين إلى الولايات المجاورة بعد «السير لأيام عدة... وليس عليهم سوى الملابس التي يرتدونها»، وفق ما قال دوجاريك، الجمعة. وحتى في المناطق التي نجت من القتال، يواجه مئات الآلاف من النازحين الأوبئة، بما في ذلك الكوليرا والمجاعة الوشيكة، في غياب المأوى الملائم أو وسائل الرعاية. وقال دوجاريك: «إنهم مضطرون إلى النوم في العراء، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى».

80 % من المرافق الصحية مغلقة

وتقدّر الأمم المتحدة ومسؤولون صحيون أن النزاع تسبب بإغلاق 80 في المائة من المرافق الصحية في المناطق المتضررة. وتقول الأمم المتحدة إن السودان يواجه حالياً واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في الذاكرة الحديثة، حيث يعاني 26 مليون شخص الجوع الحاد.

من جهة ثانية، شنَّ الطيران الحربي للجيش السوداني سلسلة من الغارات الجوية على مواقع «الدعم السريع» شرق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وفقاً لمصادر محلية. وعاد الهدوء النسبي، الأربعاء، إلى الفاشر التي تشهد منذ أسابيع مستمرة معارك ضارية بعد توغل «قوات الدعم السريع» إلى وسط الفاشر.

مشروع توطين ألماني

من جهة ثانية، قالت وزيرة التنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، خلال زيارتها لتشاد، الأربعاء، إن برلين تعتزم دعم مشروع يهدف إلى دمج اللاجئين السودانيين في تشاد. وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تعتزم حكومة تشاد تخصيص 100 ألف هكتار من الأراضي مجاناً، ليتم منح نصفها لأسر اللاجئين والنصف الآخر للأسر المعوزة في المجتمعات المضيفة. ومن المقرر أن يتم تخصيص هكتار واحد لكل أسرة.

صورة جوية لملاجئ مؤقتة للسودانيين الذين فرّوا من الصراع بدارفور بأدري في تشاد (رويترز)

ومن المقرر أن يقدم برنامج الأغذية العالمي الدعم لهذه الأسر؛ لجعل الأراضي صالحة للاستخدام. وقالت شولتسه، خلال زيارتها لمعبر أدري الحدودي شرق تشاد: «للأسف، علينا أن نفترض أن العودة إلى السودان لن تكون ممكنة لمعظم اللاجئين في المستقبل المنظور». وأضافت شولتسه أن المساعدات الإنسانية ليست حلاً دائماً. وقالت: «لهذا السبب يُعدّ هذا النهج، الذي يمنح اللاجئين والمجتمعات المضيفة الأراضي ويجعلها صالحة للاستخدام مجدداً كالحقول والمراعي، خطوة رائدة، حيث إن الذين يمتلكون أراضي خصبة يمكنهم توفير احتياجاتهم بأنفسهم». وقالت مديرة منظمة «وورلد فيجن ألمانيا»، جانين ليتماير، إن نحو 250 ألف لاجئ يعيشون حالياً ظروفاً صعبة، بمساكن مؤقتة بدائية في منطقة أدري وحدها. وأضافت ليتماير أن الأشخاص في كثير من الحالات يعيشون تحت أغطية من القماش المشمع المشدود على جذوع الأشجار أو الأعمدة.