زلزال المغرب: «الشرق الأوسط» تلتقي عائلات نجت بأعجوبة من موت محقق

ناجون تركوا أغلى ما يملكون في أحيائهم المنكوبة

بعض مخلفات الزلزال المدمر (إ.ب.أ)
بعض مخلفات الزلزال المدمر (إ.ب.أ)
TT

زلزال المغرب: «الشرق الأوسط» تلتقي عائلات نجت بأعجوبة من موت محقق

بعض مخلفات الزلزال المدمر (إ.ب.أ)
بعض مخلفات الزلزال المدمر (إ.ب.أ)

في حي القصبة ببلدة أمزميز، التي تبعد حوالي 56 كيلومتراً عن مدينة مراكش المغربية، قال عبد الرزاق لقصير وهو يهم بركوب سيارته، إنه نجا وعائلته بأعجوبة من الزلزال، الذي دمر منزله بالكامل.

حين سألته «الشرق الأوسط» عن صدمة الزلزال وتداعياته، شرع لقصير في سرد يمزج بين فرحة النجاة وصدمة الكارثة، قائلاً: «نجونا بأعجوبة أنا وزوجتي والخادمة وابني المعاق ذو الثانية والعشرين عاماً. أذكر لحظتها أني دعوت زوجتي لتناول وجبة العشاء، فقالت (أصلي الشفع والوتر وألحق بكم). كنت بصدد رفع غطاء الطاجين حين تمايل المنزل، فسقط جانب من سقف البيت، تلاه غبار، ثم انقطعت الكهرباء، وانفجر أنبوب المياه».

زلزال الحوز حول منازل كثيرة في أمزميز إلى ركام (الشرق الأوسط)

وأضاف عبد الرزاق: «سمعت صراخ زوجتي، ثم لا شيء. قلت لعل مكروهاً أصابها، قبل أن أكتشف أن الزلزال طوح بها خارج المنزل، بعد أن تعلقت بإطار النافذة الذي رافقته في سقوطه خارج البيت، لتجد جاري، الذي ساعدها على النهوض واسترجاع أنفاسها. حينها أمسكت بابني وسحبت نصف جسده من تحت الركام، ودفعت بالخادمة نحو درج الطابق الأول، تاركين المنزل وقد استبد بنا فزع شديد، غير مصدقين أننا نجونا من عنف الزلزال».

تفاصيل مروعة عن الزلزال

قبل الوصول إلى حي القصبة، حيث عرض عبد الرزاق شهادته، سرد شاب وقف بالقرب من مقهى «مونتانيا»، الذي سواه الزلزال مع الأرض، بشكل يشبه ما حدث لمقهى «زيز»، الواقع في مدخل البلدة من جهة مراكش، لـ«الشرق الأوسط»، قصته مع الزلزال. روى وليد إددان، وهو أحد أبناء أمزميز الذين يتابعون دراستهم في مراكش، الذي أجبر مع عائلته على ترك المنزل والنوم في العراء، منذ ليلة الجمعة - السبت، تفاصيل مروعة من الزلزال الذي ضرب مناطق واسعة من أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت وورزازات، انطلاقاً من بؤرته بقرية إيغيل.

زلزال الحوز أتى على أجزاء كاملة من أحياء سكنية في أمزميز (الشرق الأوسط)

ركز وليد في سرده على الطريقة التي تهاوى بها مقهى «مونتانيا» المجاور لبيت عائلته، ما أدى إلى وفاة شخصين، فيما تم إنقاذ اثنين، وتمكن قبلها عدد آخر من رواد المقهى من ترك المكان قبل أن يتحول إلى ركام.

يقول وليد إن كل البيوت المجاورة لبيت عائلته تضررت بفعل الزلزال، الذي أحدث بها تصدعات جعلتها غير لائقة للسكن، مضيفاً أنه اضطر وعائلته لترك كل شيء وراءهم فراراً من الموت، وأن والدته منعت والده من العودة إلى المنزل لجلب الوثائق، وبعض ما يحتاجونه من ملابس ومستلزمات.

سكان أمزميز يجاهدون في العودة إلى حياتهم الطبيعية وسط الخراب (الشرق الأوسط)

كما تحدث وليد عن خريطة الدمار الذي أصاب بلدة أمزميز، مشيراً إلى أن الدواوير (الكفور) المجاورة هي الأكثر تضرراً وتسجيلاً للخسائر البشرية والمادية، من قبيل آزرو أوداكر وتفغاغت، وأزغور وإمي إن تالا وسيدي حساين وأنكال. وقال ومسحة حزن تملأ عينيه وتطبع صوته إن الوضع في أنكال بعد الزلزال «كارثي بكل ما للكلمة من معنى»، مضيفاً وهو يتأمل كوة فتحها الزلزال في غرفته ببيت العائلة، أن الدمار «أكبر وأشد وقعاً في أحياء أخرى من أمزميز، وفي عدد من الدواوير المحيطة. لكننا نحمد لله على كل حال».

جهود دعم المناطق المنكوبة

قبل مواصلة «الشرق الأوسط» جولتها للوقوف على حجم الخراب، الذي خلفه الزلزال في باقي أحياء البلدة، مر موكب يضم 9 سيارات إسعاف، تلاه فريق إنقاذ وبحث قطري مكون من 3 سيارات، يبدو أنه كان في طريقه لتنفيذ مهمة داخل البلدة.

فرق الإنقاذ ما زالت تسابق الزمن للعثور على ناجين وسط الركام (إ.ب.أ)

وبين الحين والآخر، تتحرك آليات وشاحنات تابعة للقوات المسلحة الملكية المغربية، فضلاً عن سيارات الإسعاف والشاحنات والسيارات المحملة بالمساعدات الموجهة للمنكوبين، نحو وجهات مختلفة. بينما امتلأت شوارع وأزقة وساحات أمزميز بسيارات وشاحنات محملة بمساعدات إنسانية. وبين الحين والآخر، تتوقف سيارة ليسأل راكبوها عن وجهة معينة. وبالقرب من مفترق الطرق القريب من الحي الإداري، كان هناك موكب طويل لسيارات وشاحنات تحمل يافطات كتب عليها «قافلة للمساعدات الإنسانية لفعاليات المجتمع المدني بسلا».

ما ذكره وليد بخصوص حجم الدمار الكبير الذي هز أحياء أخرى بالبلدة، تترجمه الحالة التي صار عليها حي «درع السور»، وكذا حي «السور الجديد» الذي تحولت أجزاء كبيرة منه إلى ركام. ففي حي «درع السور»، حيث جرى إعداد مخيم من أحجام مختلفة لاستقبال من دمرت منازلهم أو تصدعت، ترفرف الأعلام الوطنية في المكان، فيما تم تجميع المساعدات التي تشمل أغذية وأغطية، قبل توزيعها من طرف المتطوعين والمتطوعات من أبناء البلدة، في أجواء تؤكد مستوى التضامن الذي أظهره المغاربة بمختلف أطيافهم خلال الفاجعة التي ألمت بوطنهم.

أحياء بلدة إيمي واغلاد أصبحت مهجورة خوفاً من سقوط المنازل فوق رؤوس أصحابها (أ.ف.ب)

أما في مدخل شارع سيدي احساين، بحي «السور الجديد»، فإن ما يثير انتباه الزائر عبارات مواساة تزين الجدران، بينها «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»، و«حيّنا بيتنا الثاني فلنحافظ عليه». ووسط ركام البيوت، انتشرت دفاتر مدرسية، وأوان منزلية، وصور أشعة تخص أحد سكان الحي. أما الإسكافي، الذي اعتاد أن يصلح أحذية أصحابها، فقد لخصت طاولته خارج محله وضعية العطالة، التي فرضت على عدد من أبناء وحرفيي البلدة بفعل الزلزال. وكذلك هو حال بائع «الإسفنج» وورقة «البسطيلة» و«الشباكية» و«البريوات»، وهي مأكولات لها شعبية كبيرة في المغرب، وترتبط أكثر براحة البال وهناء الحال وفرحة الأعراس. بيد أن الوقت الآن ليس للفرح، بل لإعلان الحداد وتنكيس الأعلام.

أسر بدون مأوى

يشترك «حي السور» و«السور الجديد» في أن الزلزال رسم على معظم المنازل تصدعات وانهيارات، بشكل يجعلها غير صالحة لسكن مئات الأسر الذي ظلت بلا مأوى، أو في حاجة إلى خبير يقيم حجم الأضرار قبل الترميم. كما أن هناك خاصية أخرى يشترك فيها الحيان، تتمثل في إصرار القطط على عدم المغادرة. منظرها يوحي بأنها متعلقة بالمكان الذي ألفته، على الرغم من تحوله إلى خراب. تمنح القطط لمن ينتبه إلى حيرتها شعوراً بالتعاطف معها. تقتل وقتها في القفز وسط الخراب. لعلها تعبر هي الأخرى بطريقتها عن تأثرها بهول الكارثة وحجم الخراب، الذي زعزع بلدة أمزميز وقض مضجعها.


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

آسيا عناصر من البحث والإنقاذ يتدربون على محاكاة لإخلاء ضحايا تسونامي في إندونيسيا (إ.ب.أ)

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر شرق إندونيسيا، اليوم السبت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا رسم بياني لزلزال (متداولة)

زلزال بقوة 5.9 درجة قبالة كامتشاتكا الروسية

قال «المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل»، إن زلزالاً بقوة 5.9 درجة وقع قبالة الساحل الشرقي لمنطقة كامتشاتكا الروسية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جانب من أعمال منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكي ألوفا اليوم (إ.ب.أ)

تزامناً مع انعقاد قمة إقليمية... زلزال بقوة 6.9 درجة يضرب تونغا

ضرب زلزال بلغت قوته 6.9 درجة اليوم (الاثنين)، تونغا الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما ذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نوكي ألوفا)
شؤون إقليمية أشخاص ينتظرون حافلة في كهرمان مرعش المتضررة بالزلزال في 28 مايو 2023 (أ.ف.ب)

بعد 25 عاماً على «كارثة مرمرة»... إسطنبول تعيش مخاوف زلزال كبير

600 ألف مبنى سكني يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة معرضة للانهيار في الدقائق الأولى من زلزال محتمل يهدد إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نقطة تفتيش حدودية بالقرب من معبر نصيب بين الأردن وسوريا 29 سبتمبر 2018 (رويترز)

زلزال بقوة 4.8 يهز الحدود بين الأردن وسوريا

قال مركز أبحاث علوم الأرض الألماني (جي إف زد)، إن زلزالاً بقوة 4.8 درجة هز منطقة الحدود الأردنية - السورية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (عمّان)

مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

وجه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة».

وأكّد وزير الخارجية، في الخطاب، «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015».

ونوه بأن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد «غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم».

وشدد وزير الخارجية المصري، في خطابه لمجلس الأمن، على أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب مصر والسودان، وبالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة فإن مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كل التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها».

وجاء بالخطاب المصري لمجلس الأمن أن «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما وضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».