السودان: أسرى الحرب يتعرضون للتعذيب لدى طرفي النزاع

جنود من قوات الدعم السريع يقفون على مركبتهم خلال مسيرة في منطقة مايو جنوب الخرطوم في السودان السبت 29 يونيو 2019 (أ.ب)
جنود من قوات الدعم السريع يقفون على مركبتهم خلال مسيرة في منطقة مايو جنوب الخرطوم في السودان السبت 29 يونيو 2019 (أ.ب)
TT

السودان: أسرى الحرب يتعرضون للتعذيب لدى طرفي النزاع

جنود من قوات الدعم السريع يقفون على مركبتهم خلال مسيرة في منطقة مايو جنوب الخرطوم في السودان السبت 29 يونيو 2019 (أ.ب)
جنود من قوات الدعم السريع يقفون على مركبتهم خلال مسيرة في منطقة مايو جنوب الخرطوم في السودان السبت 29 يونيو 2019 (أ.ب)

بدت مهمّة عثمان حسن سهلة، إذ لم يكن عليه غير قيادة شاحنته من الخرطوم إلى ولاية الجزيرة جنوب العاصمة السودانية... إلى أن وصل إلى نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع.

كان سائق الشاحنة البالغ 54 عاما يفكّر في المصروفات التي يتعين عليها سدادها في رحلته، قبل أن يتغيّر كل شيء لدى بلوغه نقطة التفتيش.

روى حسن لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «لقد صادروا شاحنتي واقتادوني إلى منزل في كافوري» بشمال العاصمة السودانية.

وتابع: «في فناء المنزل وجدت سجناء آخرين وأفرادا من الدعم السريع أجلسونا على الأرض وبدأوا في ضربنا بالسياط مع إطلاق اتهامات بأننا من استخبارات الجيش» الذي يخوض معارك مع قوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل (نيسان).

وأضاف: «لم يتوقف الضرب إلا بعد دخول شخص يبدو أنه ضابط وأمرهم بوقف الضرب... ثم نقلونا إلى الطابق الأرضي في المنزل وبدأ التحقيق».

يؤكد عثمان أنه أمضى ثلاثة أيام في المنزل تلاها أسبوعان في محطة توليد الكهرباء في منطقة بحري بشمال الخرطوم.

نشأت مراكز الاعتقال هذه أثناء الحرب التي أوقعت آلاف القتلى وجعلت الملايين بين نازحين ولاجئين. وأحصت مجموعة «محامو الطوارئ» وجود العشرات من هذه المراكز في العاصمة: 44 منها لقوات الدعم السريع وثمانية للجيش.

وتلقت هذه المجموعة من المحامين، وهي من أعمدة النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في السودان، شهادات 64 شخصا على مدى شهرين.

جرائم حرب

ويتهم المحامون الطرفين بارتكاب «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية»، بما يشمل القتل، والاختطاف، والاحتجاز غير المشروع، والإخفاء القسري، والتعذيب، واغتصاب الرجال والنساء.

وتنفي قوات الدعم السريع وكذلك الجيش أي إساءة في معاملة السجناء.

بعد أسبوعين من الاحتجاز، أطلق سراح عثمان حسن. وقال «خرجت لكنهم لم يعيدوا إليّ شاحنتي»، من دون أن يكون في مقدوره تفسير سبب الإفراج عنه.

غير أن محمد صلاح الدين يعرف لماذا تم إطلاق سراحه: دفعت أسرته فدية قدرها 1700 دولار لقوات الدعم السريع.

تم توقيف صلاح الدين عند أحد حواجز قوات الدعم السريع في الخرطوم. كان هذا الموظف البالغ 35 عاما قد خرج من دون بطاقة هوية لشراء أدوية لوالدته المريضة. وتم تهديده «بالقتل» وتوجيه اتهامات له بأنه «جاسوس» و«إسلامي» من أنصار نظام عمر البشير الذي تقول قوات الدعم السريع إنه يختبئ خلف الجيش.

وروى لوكالة «الصحافة الفرنسية» أنه بقي «جالسا حتى المساء ثم تم نقلي إلى المدينة الرياضية» بجنوب الخرطوم حيث تعرّض للضرب والاتهامات على مدى شهر مع مدنيين آخرين.

وقال سجناء تم إطلاق سراحهم لمجموعة «محامو الطوارئ» إنهم تعرضوا لـ«التهديد بالاغتصاب» وإلى «الاغتصاب أكثر من مرة»، كما قالوا إن محتجزا «قتل لأنه كان يقاوم».

ويجري ذلك تحت القصف ودوي المدافع.

عصب العينين

أكد صلاح الدين أنه أصيب «برصاصة طائشة في الساق» وينتظر حاليا إجراء جراحة في ود مدني، المدينة الواقعة على مسافة 200 كلم جنوب الخرطوم.

وبقيت هذه المدينة في منأى عن المعارك، ولجأت إليها أسرته مثل العديدين من سكان العاصمة.

من جانبها، نزحت أسرة مجدي حسين (25 عاما) إلى شمال السودان هربا من الحرب. كان هذا السوداني الشاب تطوع بالبقاء لحراسة منزل العائلة في الخرطوم حيث تحتل قوات الدعم السريع المنازل التي فر سكانها.

وروى لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «في الخامس عشر من يوليو (تموز) دقّ الباب، فتحت ووجدت ستة من أفراد قوات الدعم السريع يستقلون سيارة نصف نقل عليها مدفع مضاد للطائرات».

ضربوه ووضعوه معصوب العينين في عربتهم واقتادوه إلى سرداب مظلم ومكتظ.

الاثنين، أعلن الجيش أنه اتصل «باللجنة الدولية للصليب الأحمر لتسليم 30 قاصرا محتجزين منذ بداية الحرب» كانوا مجندين مع قوات الدعم السريع، مشيرا إلى أن «مجموعة أخرى من 200 فرد» من قوات الدعم سيتم تسليمهم قريبا.

وتعلن اللجنة الدولية بانتظام تبادل أسرى من مقاتلي طرفي النزاع.

وقال «محامو الطوارئ» إن قائمة المحتجزين تضم مدنيين ومقاتلين، من بينهم نساء وقصّر. وأضافوا أنهم «يتعرضون للاستجواب تحت التعذيب ولسوء معاملة مثل التعليق من القدمين أو التعذيب بالكهرباء والحرق بالسجائر».

ويرغم بعض السجناء كذلك على «الأشغال الشاقة أو على حفر مقابر جماعية».

وقال المستشفى الميداني في الضواحي الشرقية للخرطوم إن الأطباء المتطوعين «لم يشربوا ولم يأكلوا وحتى لم يتم استجوابهم» منذ اختطافهم عند أحد حواجز قوات الدعم الأسبوع الماضي.

وأكد في بيان أنه «تم الاستيلاء على كل ما كان معهم وبعضهم فقد الوعي».

أطلق سراح مجدي حسين بعدما أمضى عشرة أيام محبوسا. وأوضح «اقتادوني إلى شارع الستين (في الخرطوم) وطلبوا مني أن أنزل» من دون محاكمة أو تفسير.


مقالات ذات صلة

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

«الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».


برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)
صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)
TT

برلمانيون ليبيون يطالبون بالتحقيق في «شبهات فساد» بملتقى «حوار جنيف»

صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)
صورة أرشيفية للحوار السياسي الليبي في جنيف (البعثة الأممية)

في إطار التصعيد بين حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، ومجلس النواب، طالب برلمانيون النائب العام والجهات القضائية والرقابية بالإفصاح عن «شبهات الفساد والرشاوى» في «لجنة الحوار السياسي» الـ75، التي أنتجت وثيقة «جنيف» عام 2021، والتحقيق الفوري فيها، في إشارة إلى الحوار الذي رعته البعثة الأممية وأنتج المجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي، وحكومة «الوحدة» برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

وعَدّ عدد من النواب، في بيان لهم، الأحد، أن ما وصفوه بـ«الشبهات الخطيرة» التي ظهرت منذ عام 2021، لم تقابل حتى الآن بأي كشف أو توضيح من الجهات المختصة، حول ما إذا كانت قد باشرت التحقيق فيها، أو ما توصلت إليه.

وقالوا: «إن استمرار هذا الصمت وغياب الشفافية حول هذا الملف يُثير القلق حول نزاهة العملية السياسية، التي بُنيت على مخرجات الحوار».

وأوضحوا أن مجلس النواب يضع هذه الجهات أمام مسؤولياته التاريخية، مؤكدين ضرورة اتخاذ كل التدابير اللازمة المحلية لكل من يثبت تورطه في هذه الأعمال.

وكان تقرير لخبراء من الأمم المتحدة، جرى رفعه إلى مجلس الأمن، بثت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقتطفات منه آنذاك، قد اعترف بأنه تم شراء أصوات 3 مشاركين على الأقل في محادثات السلام بجنيف.

ووفقاً للتقرير السابق نفسه، فقد وجد الخبراء أنه خلال محادثات تونس، عرض اثنان من المشاركين «رشاوى تتراوح بين 150 و200 ألف دولار لثلاثة أعضاء على الأقل في منتدى الحوار السياسي الليبي إذا التزموا بالتصويت للدبيبة، رئيساً للوزراء».

وأفاد الخبراء بأن أحد المندوبين «انفجر غضباً في بهو فندق (فور سيزنز) في تونس العاصمة عند سماعه أن بعض المشاركين ربما حصلوا على ما يصل إلى 500 ألف دولار مقابل منح أصواتهم إلى الدبيبة، في حين حصل هو فقط على 200 ألف دولار».

وآنذاك، اكتفت ستيفاني ويليامز، القائمة بالإنابة بأعمال البعثة الأممية، بإعلانها فتح تحقيق في مزاعم الرشاوى، في حين قالت البعثة إن فريق الخبراء هو كيان مستقل ومنفصل تماماً عنها، يقدم تقاريره إلى لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن، مشيرة إلى أنها لا تتلقّى تقارير فريق الخبراء، بما في ذلك التقرير الخاص بهذه المزاعم.

وكان الدبيبة، قد نفى ما وصفه بـ«الشائعات وعمليات التشويش»، وقال إنها تستهدف إفساد حالة التوافق الوطني، وتعطيل عملية منح الثقة للحكومة، آنذاك.

الدبيبة يتوسط قيادات حكومته خلال تفقد العمل في مشروع طريق صلاح الدين ـ ترهونة (حكومة «الوحدة»)

تخفيض ضريبة النقد الأجنبي

إلى ذلك، استجاب مصرف ليبيا المركزي لطلب مجلس النواب بتخفيض الضريبة على النقد الأجنبي بنسبة 7 في المائة، لتصبح 20 بدلاً من 27 في المائة، وعمّم على المصارف بياناً بتنفيذ قرار المجلس بدايةً من الأحد، واستئناف العمل بمنظومة الأغراض الشخصية، وتسهيل إجراءات فتح الاعتمادات لكل الأغراض.

وكان رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، قد أصدر قراراً بتعديل قيمة الرسم المفروض على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية، نصّ على أن تُخفض قيمته إلى 20 في المائة لكل الأغراض، على أن يكون سعر الصرف مضافاً إليه هذه النسبة، مع إمكانية تخفيضه حسب ظروف إيرادات الدولة الليبية خلال مدة سريان هذا القرار.

ونصّ القرار، على أن يستخدم الإيراد المتحقق من الرسم الضريبي في تغطية نفقات المشروعات التنموية، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، أو يضاف إلى الموارد المخصصة لدى المصرف المركزي لسداد الدين العام، مع مراعاة الاستثناءات الممنوحة من رئيس المجلس.

حماية المنشآت النفطية

من مراسم تسلّم المسماري رئاسة الدفاع الجوي بـ«الجيش الوطني» (قيادة الدفاع الجوي)

من جهة أخرى، نفت «المؤسسة الوطنية للنفط»، تقارير إعلامية بشأن وجود عناصر لقوات أجنبية تتولى حماية عدد من الحقول والمنشآت النفطية في البلاد. وأكد بيان للمؤسسة، مساء السبت، أن عناصر مختلف المؤسسات الأمنية والعسكرية الوطنية، «لم يعجزوا في تأمين هذه المنشآت المشيدة على تراب الوطن، والتي تشكل جزءاً مهماً من مقدرات الشعب الليبي، ورافداً رئيسياً من روافد اقتصاده».

وفيما يتعلق باستحقاق المجالس البلدية، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، أنها ستنشر القوائم الأولية لمترشحي انتخابات المجالس البلدية، مشيرة إلى أن هذه القوائم ستضم من قُبلت طلبات ترشحهم، ومن تم استبعادهم لعدم توافر بعض شروط الترشح في طلباتهم.

من جهتها، نفت مديرية أمن مدينة درنة فرض حظر تجول جديد في المدينة، الأحد، في إشارة إلى بيان منسوب إليها وصفته بالمزوّر، يقضي بحظر التجول من الثامنة صباحاً حتى الثانية ظهراً على المدينة وضواحيها، للقيام ببعض العمليات الأمنية، مع التشديد على عدم مغادرة المنازل خلال ساعات الحظر، إلا في الحالات الطارئة المصرح بها.

وأعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، استلامه رسمياً رئاسة أركان قوات الدفاع الجوي من الفريق الهادي الفلاح، في إطار تغيير روتيني لقيادات الجيش.