شهادات صادمة عن زلزال المغرب... تضامن واسع وسط تزايد الإحساس بهول الكارثة

معلمة تنعى معظم تلاميذها... وسيدة فقدت زوجها وأطفالها الأربعة: بقيت وحدي

TT

شهادات صادمة عن زلزال المغرب... تضامن واسع وسط تزايد الإحساس بهول الكارثة

جانب مما أسفر عنه زلزال المغرب المروع (أ.ف.ب)
جانب مما أسفر عنه زلزال المغرب المروع (أ.ف.ب)

ساعة بعد أخرى، يتزايد حجم الإحساس بهول الكارثة التي ضربت المغرب، إثر الزلزال العنيف الذي سجل ليل الجمعة- السبت، وحدد مركزه بقرية إيغيل بإقليم الحوز (جهة مراكش-أسفي)، وخلف، حسب آخر حصيلة صباح السبت لوزارة الداخلية، 2012 قتيلاً و2059 جريحاً، حالة 1404منهم خطيرة.

جولة قصيرة داخل المدينة العتيقة لمراكش، مثلاً، أو إلقاء نظرة خاطفة على مواقع التواصل الاجتماعي لعشرات الشهادات الصادمة الناقلة لهول الكارثة وحجم الخسائر البشرية والمادية، المسجلة بعدد من مناطق المغرب، تبين في جملتها، عياناً أو تفاعلاً، حجم الإحساس بالحزن الذي يعتصر المغاربة، ومن يتفاعل معهم من المتضامنين الأجانب، داخل وخارج البلد، مع ما يعرض من صور وفيديوهات.

من الدمار قرب مراكش (الشرق الأوسط)

فهذه سيدة في الخمسينات من العمر بإقليم شيشاوة، تبكي زوجها وأطفالها الأربعة، وتقول بكلمات مختصرة: «بقيت وحدي». وتلك معلمة نشرت تدوينة تتحدث فيها عن وفاة معظم تلاميذها، فيما أرفقت كلامها بصورة مكان مدمر، مع تعليق يقول: «هنا كان المكان الذي خرجت منه بأعجوبة». في البداية بكت المعلمة المفجوعة تلاميذها، قائلة: «كلهم ماتوا»، قبل أن تعود بعد 90 دقيقة لتكتب، على حسابها بموقع «فيسبوك»: «أعدت الاتصال بناس الدوار (الكفر). بعد جهد جهيد أخبروني بنجاة 4 من التلاميذ تحت الأنقاض، 2 بالمستوى السادس، تلميذ بالمستوى الخامس وتلميذة بالمستوى الرابع. رحم الله جميع الضحايا».

ونشر يوسف آيت الحاج، الإعلامي بقنوات «بي إن سبورت» القطرية تدوينة على حسابه، يقول فيها: «علمت للتو بوفاة أربعة من عائلة خال الوالدة رحمة الله عليهم في أمزميز جنوب مراكش، هي مأساة وطنية نتضرع إلى الله تعالى أن يرحم ويغفر لموتى هذه الفاجعة ويلهمنا جميعاً الصبر على فراق الأحبة». فيما كتبت القاصة والشاعرة منى وفيق: «يا الله... كيف للقلب أن يحتمل كل هذا الألم». وأعادت الشاعرة ثريا ماجدولين نشر صورة لسيدة مراكشية في قمة الألم والانهيار بعد الزلزال، مع تعليق، يقول: «صورة أكبر من الكلمات».

آخرون عمدوا إلى نشر تدوينات للأضرار التي لحقت بعدد من المباني التاريخية، على غرار الوزير السابق جمال أغماني، الذي نشر صورتين لـ«مسجد تنمل» المصنف ضمن التراث العالمي، قبل الزلزال وبعده، مع تعليق، يقول: «ما تبقى من مسجد تنمل، المعلمة التاريخية التي تعود إلى عصر الدولة الموحدة، والمصنف تراثاً عالمياً للإنسانية بأعالي الأطلس بإقليم الحوز».

مسجد تنمل التاريخي بعد الزلزال (حساب الصحافي محمد الضو السراج في «فيسبوك»)

التفاعل مع الأضرار التي لحقت هذه المعلمة التاريخية، سيقوم به الصحافي محمد الضو السراج، حيث كتب: «هذه الأطلال هي ما تبقى من مسجد تنمل بعد زلزال ليلة الجمعة، بعد ترميم هذه المعلمة التاريخية منذ عدة سنوات والتي كانت مهد الدولة الموحدية والمصنفة تراثاً عالمياً للإنسانية. هذا المسجد الموجود بمنطقة تنمل بأعالي الأطلس الكبير بإقليم الحوز قرب مراكش. شيد من لدن الخليفة عبد المؤمن بن علي الموحدي نحو 547 ه‍/ 1153 م، ويتسع بالعرض أكثر من العمق، وتشكل صومعته استثناء من حيث شكلها، إذ تتخذ تصميماً مستطيلاً، وتوجد وراء المحراب ويبرز هيكلها خارج جدار القبلة. تمكن المغرب في 1995 من تسجيل العديد من المواقع الأثرية في لائحة التراث العالمي، باليونسكو ومن بينها موقع المسجد الأعظم بتنمل».

وليد الركراكي مدرب المنتخب المغربي يتبرع بالدم لضحايا لزلزال (حساب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في «فيسبوك»)

إن ما دفنه زلزال الجمعة في المغرب لم يقتصر فقط على الأجساد البشرية، بل شمل تاريخاً من الأمجاد، ومآثر ظلت شاهدة على تاريخ أمة. الصحافي علاء كعيد حسب، الذي يعرف منطقة الحوز وله ارتباط عميق بها، كتب بدوره بألم عن الكارثة كما عاشها: «شاهدت رعباً لم أكن أتصور رؤيته يوماً بالمغرب، عيون باغتها الموت وتجرعَت فقدان قريب وحبيب، دمار يحيلنا إلى حرب ضروس وعلامات استفهام تفاقم من التيه المرسوم على محيا الناس عن السؤال المصيري: ماذا بعد؟ أمام ذلك وجدتني أمام صورة مرئية لما قاله ميشال دي مونتين: «ما هي الحياة إلا الخوف المستمر من الموت، دون أي شيء يؤكد لنا مدتها؟». رحم الله من مات في الزلزال وليحفظ من عاش هذا الخوف العظيم».

ولم يكن علاء كعيد حسب الوحيد الذي هزه حجم الخراب الذي ضرب منطقة الحوز. من بين المتفاعلين كان المدرس عبد النور إدريس، الذي كتب: «كان تعييني الأول في (قرية) إجوكاك إقليم الحوز في دوار (كفر) أمسلان، قضيت هنالك سنتين زرت فيها مجموعة من الدواوير (كفور): إيت يوب، أكرضا، تغرغيست، أغير، أغبار، أغيل (مركز الزلزال)، يركان، مولاي براهيم وأماكن أخرى... وما فيها من مساجد ودكاكين وبنايات أمضينا فيها وقتاً من أجمل سنوات العمر. كان جل وقتي أمضيه في قريتي ثلاث نيعقوب، وإجوكاك... فيا ترى ما نبأ تلك المساكن الطينية البسيطة؟ وما حال أولئك الناس الذين كنا نعرفهم ويعرفوننا؟ وأولئك الأطفال الذين درسناهم وهم الآن في عمر الرجال. والنساء ما أخبارهن؟ أمن الأحياء هم أم من الأموات؟ وأولئك النسوة العجائز وأزواجهن وهم يدعوننا إلى بيوتهم من أجل الطعام... هواتفهم لا ترن وأخبارهم مجهولة... فاللهم كن معهم وأعنهم».

من الدمار قرب مراكش (الشرق الأوسط)

فضلاً عن صور الخراب ومشاهد الرعب وكل الشهادات الصادمة من أفواه من عاشوا الكارثة، حرص عدد من المغاربة على إبراز جوانب تبين حجم التضامن مع المناطق المنكوبة. في هذا الصدد، تفاعل الصحافي محمد العلمي، مع صور الإقبال المكثف على مراكز التبرع بالدم، حيث كتب معلقاً: «من المناظر المبهجة - وسط الدمار - في مختلف مدن المملكة تذكرنا بإنسانيتنا المشتركة وتخفف ولو قليلاً من وقع المصاب الجلل. شكراً لكم». ولأن المصاب جلل، فقد كان طبيعياً أن يعلن عن تأجيل عدد من الفعاليات الثقافية والرياضية. وفي هذا الصدد، نشر الإعلامي المختص في السينما، بنيونس بهكاني تدوينة، يقول فيها: «تضامناً مع أهلنا ومواطنينا في هذا المصاب الجلل، كان لزاماً علينا أن نؤجل مهرجان السعيدية السينمائي (سينما بلا حدود) إلى أجل آخر، رحم الله أمواتنا وبالشفاء لكل الجرحى».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

آسيا عناصر من البحث والإنقاذ يتدربون على محاكاة لإخلاء ضحايا تسونامي في إندونيسيا (إ.ب.أ)

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر شرق إندونيسيا، اليوم السبت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا رسم بياني لزلزال (متداولة)

زلزال بقوة 5.9 درجة قبالة كامتشاتكا الروسية

قال «المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل»، إن زلزالاً بقوة 5.9 درجة وقع قبالة الساحل الشرقي لمنطقة كامتشاتكا الروسية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جانب من أعمال منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكي ألوفا اليوم (إ.ب.أ)

تزامناً مع انعقاد قمة إقليمية... زلزال بقوة 6.9 درجة يضرب تونغا

ضرب زلزال بلغت قوته 6.9 درجة اليوم (الاثنين)، تونغا الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما ذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نوكي ألوفا)
شؤون إقليمية أشخاص ينتظرون حافلة في كهرمان مرعش المتضررة بالزلزال في 28 مايو 2023 (أ.ف.ب)

بعد 25 عاماً على «كارثة مرمرة»... إسطنبول تعيش مخاوف زلزال كبير

600 ألف مبنى سكني يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة معرضة للانهيار في الدقائق الأولى من زلزال محتمل يهدد إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نقطة تفتيش حدودية بالقرب من معبر نصيب بين الأردن وسوريا 29 سبتمبر 2018 (رويترز)

زلزال بقوة 4.8 يهز الحدود بين الأردن وسوريا

قال مركز أبحاث علوم الأرض الألماني (جي إف زد)، إن زلزالاً بقوة 4.8 درجة هز منطقة الحدود الأردنية - السورية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (عمّان)

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
TT

الأمن السوداني يفرق بالذخيرة الحية احتجاجات في كسلا

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)
متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

قال شهود عيان إن قوات الأمن السودانية أطلقت الذخيرة لتفريق المئات من المتظاهرين احتجاجاً على مقتل أحد الشباب تحت التعذيب في معتقلات جهاز الأمن والمخابرات بمدينة كسلا (شرق السودان).

وحاصر متظاهرون غاضبون (الأحد) مقر الأمن في المدينة، وطالبوا بتقديم المسؤولين المتورطين من رجال الأمن إلى العدالة فوراً.

ويتحدر القتيل، ويدعى الأمين محمد نور، من إحدى أكبر المجموعات السكانية بإقليم شرق السودان، الذي ظلّ لسنوات طويلة يعاني من الصراعات ذات الطابع القبلي.

وأظهرت تسجيلات مصورة، متداولة بكثافة على منصات التواصل الاجتماعي، أعداداً كبيرة من المتظاهرين يفرون من أصوات الذخيرة الحية التي تُسمع بوضوح.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المئات من المحتجين الغاضبين تجمّعوا منذ الصباح الباكر، وأغلقوا كل الطرق والمداخل المؤدية إلى مقرَي النيابة العامة، وجهاز الأمن والمخابرات بالمدينة.

وردّد المحتجون هتافات تطالب بتسليم الجناة للعدالة، وإقالة مدير جهاز الأمن والمخابرات على الفور ومحاسبته على هذه الجريمة.

وقالت مصادر محلية، إن قوات أمن بالزي المدني، وأخرى ترتدي الأزياء الرسمية للشرطة، أطلقت الذخيرة الحية بكثافة لتفريق المئات من المتجمهرين حول المناطق الأمنية.

ولم يتسنَّ التأكد من وقوع قتلى أو إصابات وسط المحتجين، في حين أصدر «تجمع شباب قبائل البني عامر والحباب» بولاية كسلا ليل السبت - الأحد بياناً أكد فيه أن الشاب القتيل، الأمين محمد نور، جرى اعتقاله من قبل مجموعة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، و«فارق الحياة نتيجة للتعذيب الذي تعرّض له». وأضاف أن «تقرير التشريح بمستشفى كسلا أظهر وجود كدمات على أجزاء واسعة من جسده».

الشاب القتيل الأمين محمد نور (مواقع التواصل )

وذكر البيان، أن مدير جهاز الأمن والمخابرات بالولاية، العميد رضوان، أبلغ ناظر قبيلة البني عامر، بخبر وفاة الشاب المعتقل، زاعماً بوجود علاقة بين القتيل و«قوات الدعم السريع»، ومدعياً في الوقت نفسه، أن الوفاة «نتيجة لضيق التنفس». وقال «التجمع القبلي» إن تقرير الطب الشرعي فنّد ادعاءات مدير جهاز الأمن، مؤكداً أن وفاته حدثت بسبب التعذيب.

وأعلن «التجمع» خطوات تصعيدية بإغلاق السوق الرئيسية بالمدينة، مؤكداً أنه لن يتم تسلم جثمان القتيل إلا بعد القبض على المتهمين وتسليمهم للشرطة ومثولهم أمام النيابة. كما طالب بإقالة مدير جهاز الأمن بولاية كسلا، وتحميله كامل المسؤولية عن الحادثة.

بدورها، قالت «لجان مقاومة كسلا» (مجموعة محلية)، إن جهاز الأمن «يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الذي أدى إلى مقتل المعتقل».

من جانبه، قال «تحالف قوى الحرية والتغيير»، وهو أكبر التكتلات السياسية في البلاد: «نتيجة لإعادة سلطات القمع والاعتقال لجهاز الأمن، قامت عناصره باعتقال وتعذيب المواطن الأمين محمد نور بصورة وحشية حتى فاضت روحه».

ودان في بيان هذه الجريمة، مطالباً «بتسليم المتهمين فوراً لمحاكمة علنية وعادلة لينالوا الجزاء، وترك القضاء العادل يقول كلمته من دون أي تدخلات سياسية لعرقلة وصول القضية إلى نهايتها».

متظاهرون حول مقر الأمن في كسلا (مواقع التواصل)

وأعادت الحادثة إلى الأذهان اغتيال المعلم أحمد الخير عوض الكريم تحت التعذيب الشديد داخل المقر نفسه إبان الاحتجاجات الشهيرة في 2019 التي أطاحت بنظام الرئيس المعزول، عمر البشير، الموالي للإسلاميين.

وخرج وقتها مدير عام الشرطة بولاية كسلا ليقول إن المعلم أحمد الخير توفي «نتيجة تسمم حدث مع آخرين من القوات النظامية بعد تناولهم وجبة فول بالجبن»، لكن تقرير الطبيب الشرعي أكد أنه تعرّض للتعذيب الشديد والضرب بآلة حادة، بما أدى إلى وفاته.

وأعاد رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، بأمر تنفيذي بعد أقل من شهر على انقلابه على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، جهاز الأمن والمخابرات بكامل صلاحياته السابقة، ومنحه سلطة القبض والاعتقال على الأشخاص، والتفتيش والحجز على الأموال.

ونصّ الأمر على «عدم اتخاذ أي إجراءات في مواجهة أفراد القوات النظامية، التي تتولى تنفيذ قانون الطوارئ وحماية السلامة العامة لسنة 1997».

ويقول مراقبون «إن جهاز الأمن والمخابرات السوداني، اتُّهم في حقبة البشير على مدى 3 عقود، بارتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات ضد المعارضين لحكم الإسلاميين، وقُتل داخل معتقلاته المئات من المواطنين؛ بسبب التعذيب».

وأصدرت محكمة سودانية في ديسمبر (كانون الأول) حكماً بإعدام 31، وتبرئة 7 من منسوبي جهاز الأمن، بتهمة قتل المعلم أحمد الخير، بعد تعرضه للتعذيب.