تخيّم أجواء متوترة على المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، حول «سد النهضة» على نهر النيل، إثر تبادل القاهرة وأديس أبابا الاتهامات بشأن المسؤولية عن عرقلة التوصل إلى اتفاق، ما قد يؤثر - وفق مراقبين - على سير المفاوضات، التي استؤنفت أخيراً، بعد جمود أكثر من عامين.
وردّت إثيوبيا، (الخميس)، على اتهام وزير الخارجية المصري لها بانتهاج «توجه أحادي» يمنع التوصل إلى اتفاق، مؤكدة أن نقل مفاوضات سد النهضة إلى وسائل الإعلام «غير مفيد».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية، ملس آلم، إن بلاده تسعى للوصول إلى «تفاهم مشترك يرضي الأطراف كلها» بخصوص السد، لكنه قال إن «بلاده لم تلحظ أي تقدم من الجانب المصري بشأن حل الأزمة».
واتهم الدبلوماسي الإثيوبي جهات قال إنها «تسعى إلى نقل مفاوضات سد النهضة إلى الإعلام، وهو ما نعدّه غير مفيد... الموقف الإثيوبي هو التعامل مع المفاوضات من أجل مصلحة الجميع، وليس ما يثار بالإعلام».
ومنتصف يوليو (تموز) الماضي، بدأت أديس أبابا التخزين الرابع للسد الكهرمائي العملاق، الذي تبنيه منذ عام 2011، وسط ترقب مصري. ووفق تصريحات ملس آلم فإن «الملء الرابع لسد النهضة سيتم وفقاً للخطط الموضوعة له».
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قد أكد أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب، (الأربعاء)، أن «إثيوبيا لم تظهر أي توجه للأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة بخصوص قضية سد النهضة خلال المفاوضات الأخيرة».
وشدد شكري على أنه «لا يوجد تغير في التوجه الإثيوبي الأحادي فيما يتصل بملء وتشغيل سد النهضة». وعبّر عن تطلع بلاده إلى «استمرار دعم الجامعة العربية لحضّ إثيوبيا على التخلي عن توجهاتها الأحادية، والتحلي بالإرادة السياسية اللازمة للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم من دون إبطاء».
وشهدت القاهرة نهاية أغسطس (آب) الماضي، جولة مفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان، هي الأولى المعلنة منذ أبريل (نيسان) 2021، بموجب اتفاق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في يوليو الماضي، على استئناف المفاوضات، مع تحديد مهلة 4 أشهر فقط للتوصل إلى اتفاق نهائي.
ومع انتهاء اجتماعات القاهرة، دون أي «تغيرات ملموسة في مواقف الجانب الإثيوبي»، بحسب إعلان رسمي للقاهرة، يترقب عقد جلسة جديدة، في أديس أبابا، خلال سبتمبر (أيلول) الحالي، لكنها «لا تبعث على التفاؤل»، بحسب الدكتور نصر الدين علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «الأمر يبدو أنه إهدار للوقت والجهد... إثيوبيا تسعى إلى فرض الأمر الواقع عبر الاستمرار في بناء وملء السد، وفي الوقت نفسه تظهر للعالم أنها تسعى لاتفاق يرضي دولتي مصب نهر النيل، من خلال إطالة أمد المفاوضات».
وفشلت المفاوضات، التي تعقد منذ 12 عاماً، بشكل متقطع، في الوصول إلى حل. وقال علام: «لابد من وجود مراقبين دوليين ليعلنوا الحقائق للعالم».
ورغم تصاعد التوتر بين البلدين، فإن ياسين أحمد رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، يتوقع «استمرار المفاوضات»، وقال أحمد لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد بأن الإرادة السياسية للوصول إلى حل ما زالت متوافرة لدى الطرفين الإثيوبي والمصري».
ودافع أحمد، عن المشروع الإثيوبي، مؤكداً أنه في ظل تمسك مصر بـ«حقوقها التاريخية» في مياه النيل، بحسب تصريحاتها، فإنه من حق إثيوبيا أن «تطالب بحصة عادلة من مياه النيل، لأنها دولة منبع للنيل».
وتعد مصر، التي تعتمد على النيل في تأمين 97 في المائة من احتياجاتها المائية، سد النهضة يمثل «تهديداً وجودياً» لها.