السيسي يؤكد ضرورة التوصل لاتفاق بشأن «السد الإثيوبي»

خلال لقاء مع وفد من الكونغرس الأميركي

«سد النهضة» كان ضمن مناقشات السيسي مع وفد الكونغرس الأميركي (الرئاسة المصرية)
«سد النهضة» كان ضمن مناقشات السيسي مع وفد الكونغرس الأميركي (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يؤكد ضرورة التوصل لاتفاق بشأن «السد الإثيوبي»

«سد النهضة» كان ضمن مناقشات السيسي مع وفد الكونغرس الأميركي (الرئاسة المصرية)
«سد النهضة» كان ضمن مناقشات السيسي مع وفد الكونغرس الأميركي (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «موقف مصر بشأن الالتزام بالتوصل لاتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل سد النهضة يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث: مصر والسودان وإثيوبيا».

وتطرق السيسي خلال لقاء مع وفد «رفيع المستوى» من الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري» بالكونغرس الأميركي، الأربعاء، إلى «تطورات المفاوضات الجارية حالياً بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن السد»، الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل).

واتفق السيسي، ورئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الشهر الماضي، على «الشروع في مفاوضات عاجلة للانتهاء من اتفاق ملء سد النهضة وقواعد تشغيله». كما اتفقا أيضاً على «بذل جميع الجهود الضرورية للانتهاء منه خلال أربعة أشهر». ومن المقرر بدء جولة جديدة من المفاوضات في سبتمبر (أيلول) المقبل. وكانت جولة اجتماعات قد اختتمت في القاهرة بين الدول الثلاث (مساء الاثنين) الماضي.

وأكدت وزارة الخارجية الإثيوبية حينها أن «أديس أبابا سوف تسعى جاهدة إلى اختتام المفاوضات الثلاثية على أساس مبدأ (الاستخدام المنصف والمعقول) لمياه النيل، مع ضمان حصتها (العادلة) من مياه النهر».

وضم وفد الكونغرس الأميركي الذي التقى السيسي عضو مجلس الشيوخ، ليندساي غراهام، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، روبرت مينينديز، وعدداً من مسؤولي وأعضاء اللجان بمجلسي «النواب» و«الشيوخ»، وذلك بحضور وزير الخارجية المصري، سامح شكري.

الرئيس المصري في صورة جماعية مع وفد الكونغرس الأميركي (الرئاسة المصرية)

ووفق إفادة لمتحدث الرئاسة المصرية، أحمد فهمي، فإن اللقاء شهد «تأكيد قوة ومتانة الشراكة الاستراتيجية الممتدة منذ عقود بين مصر والولايات المتحدة، والأهمية التي توليها الدولتان لتعزيز علاقاتهما على جميع المستويات، الرسمية والبرلمانية والشعبية، لا سيما في ظل الواقع الإقليمي والدولي المضطرب، وما يفرزه من تحديات متصاعدة، وأزمات عالمية في الغذاء والطاقة والتمويل، طال تأثيرها الكثير من دول العالم».

وأضاف متحدث «الرئاسة المصرية» أن اللقاء «شهد حواراً مفتوحاً بين الرئيس السيسي وقيادات الكونغرس، تطرق إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين، لا سيما على الصعيد الاقتصادي، وتعزيز استثمارات الشركات الأميركية في مصر، حيث تمت الإشادة بجهود التنمية الشاملة الجارية في مصر، لا سيما على صعيد تحديث البنية التحتية وإنشاء المدن الجديدة، وكذلك في قطاعات البترول والغاز والطاقة المتجددة والخضراء، واستصلاح الأراضي الزراعية». كما تناول النقاش جهود مصر في «مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وتعزيز حقوق الإنسان، وإرساء مفاهيم وقيم التسامح الديني وثقافة التعايش ومبادئ المواطنة».

وتم خلال اللقاء بحث كثير من الملفات، على رأسها الأزمة الروسية - الأوكرانية وتداعياتها الجيوسياسية والاقتصادية، وسبل تعزيز السلم والأمن الدوليين، إلى جانب المستجدات على الساحة الإقليمية وما تمر به المنطقة من أزمات، لا سيما في السودان وليبيا وسوريا، حيث تم التوافق حول «أهمية الإسراع في التوصل إلى حلول سياسية لتلك الأزمات، بما يحافظ على وحدة الدول ويصون سلامة أراضيها ومقدرات شعوبها، مع تأكيد أهمية الدور المصري الإيجابي والحيوي في هذا الصدد».

ووفق بيان «الرئاسة المصرية»، فقد تناول اللقاء كذلك تطورات القضية الفلسطينية، حيث أشاد الوفد الأميركي بـ«دور مصر المحوري، التاريخي والراهن، في إرساء أسس السلام في الشرق الأوسط وتعزيزه». وأكد السيسي «موقف مصر الثابت في هذا الخصوص، بضرورة دفع الجهود الدولية للتوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة وفق مرجعيات وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يفتح الآفاق الرحبة للسلام الدائم والأمن والتعايش السلمي والازدهار لجميع شعوب المنطقة».


مقالات ذات صلة

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي - إكس)

إثيوبيا تبدأ «الملء الخامس» لـ«سد النهضة» وسط ترقّب مصري

بدأت إثيوبيا عملية «الملء الخامس» لخزان «سد النهضة» على نهر النيل، حسب ما أظهرته صور بالأقمار الاصطناعية، وسط ترقّب مصر، التي حذّرت من المساس بـ«حصتها المائية».

عصام فضل (القاهرة)
المشرق العربي مؤتمر بالقاهرة يناقش تداعيات صراعات القرن الأفريقي الإقليمية (الشرق الأوسط)

مصر تحذر من تفاقم الصراعات بـ«القرن الأفريقي» بسبب «التدخلات الخارجية»

حذرت مصر من تفاقم ما وصفته بـ«الصراعات المركبة» في منطقة «القرن الأفريقي»، متهمة «التدخلات الخارجية» بتأجيج تلك الصراعات.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا محطة «الدلتا الجديدة» في منطقة «الحمام» بالساحل الشمالي (المتحدث العسكري المصري)

مصر تدخل موسوعة «غينيس» بأكبر محطة لمعالجة «الصرف الزراعي»

دخلت مصر موسوعة «غينيس» العالمية للأرقام القياسية بأكبر محطة لمعالجة مياه «الصرف الزراعي»، وسط أزمة «شح مائي» تعاني منها البلاد.

عصام فضل (القاهرة)
العالم العربي «سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)

«سد النهضة»: مصر تُصعّد ضد إثيوبيا قبل أسابيع من «الملء الخامس»

حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إثيوبيا من استمرار عملية بناء «سد النهضة» الإثيوبي، من دون التوصل إلى «اتفاق» مع بلاده بشأنه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الموارد المائية والري المصري الدكتور هاني سويلم خلال مشاركته في «المنتدى العالمي العاشر للمياه» المنعقد بإندونيسيا (وزارة الموارد المائية المصرية)

مصر تطالب إثيوبيا بدراسات «فنية تفصيلية» حول آثار «سد النهضة»

دعت مصر إثيوبيا لإجراء دراسات «فنية تفصيلية» حول آثار «سد النهضة»، الذي تبنيه على الرافد الرئيسي لنهر النيل.

عصام فضل (القاهرة)

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
TT

بوارج إريترية في سواحل السودان... رسائل في بريد إثيوبيا

رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)
رئيس إريتريا آسياس أفورقي مستقبِلاً الفريق عبد الفتاح البرهان في أسمرا سبتمبر 2023 (مجلس السيادة السوداني «فيسبوك»)

في خطوة مفاجئة، رست الجمعة بوارج إريترية في السواحل السودانية، أثارت جدلاً كبيراً بشأن دواعيها في هذا التوقيت الذي تشهد فيه البلاد قتالاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبعد قرار أسمرا المفاجئ طرد دبلوماسي سوداني، وهي خطوة عدّها محللون سياسيون تعبيراً عن العلاقات القوية بين البلدين، ورسائل لدول إقليمية بوقوف إريتريا إلى جانب الجيش السوداني.

وفي سياق آخر، علمت «الشرق الأوسط»، من مصادر عليمة، أن رئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أوفد مسؤولاً رفيع المستوى إلى القاهرة، يحمل رسالة إلى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لزيارة بورتسودان، وشملت الدعوات أيضاً الرئيس الإريتري آسياس أفورقي والأوغندي يوري موسيفيني.

واستقبلت القوات البحرية السودانية القطع الإريترية التي جاءت بتوجيهات من الرئيس أفورقي، للتأكيد على «وقوفه مع الشعب السوداني الشقيق في هذه الظروف التي تمر بها البلاد»، وتوطيداً للعلاقات الراسخة بين الشعبين، وفق مسؤولين عسكريين سودانيين. وكان في استقبال الوفد الإريتري كبار قادة القوات البحرية السودانية.

وتأتي هذه الخطوة بعد أن أعلنت الحكومة الإريترية أن القائم بالأعمال السوداني، خالد حسن، شخصاً غير مرغوب فيه، وأمهلته 3 أيام للمغادرة، انتهت بالتزامن مع وصول بوارجها إلى بورتسودان.

وقال وكيل وزارة الخارجية السودانية، حسين الأمين، في مؤتمر صحافي الخميس الماضي بمدينة بورتسودان العاصمة المؤقتة، إن بلاده تنتظر توضيحاً من أسمرا على قرار طرد سفيرها.

ويتمتع الجيش السوداني بعلاقات جيدة مع أفورقي، وسبق وأشاد بمواقفه مساعد القائد العام للجيش، الفريق ياسر العطا، بعدما هاجم زعماء دول عدد من الجوار السوداني، واتهمها صراحة بدعم ومساندة «قوات الدعم السريع» في الحرب ضد الجيش.

وقال رئيس وفد البحرية الإريترية في تسجيل مصور: «وصلنا في هذا الظرف الصعب لنؤكد أننا مع قضية السودان العادلة، ونقف دوماً مع قادة الجيش والبحرية والمشاة وسلاح الطيران»، مضيفاً: «نأمل في أن يتعدى السودان هذه المرحلة، وموقفنا ثابت في رفض التدخلات الأجنبية». وأكد المسؤول الإريتري تواصل العلاقات والزيارات بين البلدين التي تؤكد على الحلف الاستراتيجي القوي الذي يصب في مصلحة البلدين.

ويقول المحلل السياسي السوداني، صالح عمار، إن «العلاقة بين الرئيس الإريتري وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان تطورت وقويت بشكل أكبر بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع»، مضيفاً أن «هذا الأمر معلن مسبقاً».

رسالة إلى إثيوبيا

وعدّ خطوة إرسال إريتريا قطعاً من سلاح البحرية إلى السواحل السودانية «رسالة في بريد إثيوبيا ودول إقليمية أخرى»، مفادها أن العلاقات بين إريتريا والسودان قوية، و«أنها على استعداد لحمايته». وأرجع صالح الموقف الإريتري إلى ما يتردد من مزاعم عن وجود علاقات وثيقة تربط إثيوبيا ودولاً أخرى بـ«قوات الدعم السريع»، وهو ما تراه يشكل خطراً عليها.

ويوضح المحلل السياسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن توتر العلاقات بين البلدين، الذي أدى إلى اتخاذ الحكومة الإريترية قراراً مفاجئاً بطرد السفير السوداني، جاء رد فعل على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد إلى بورتسودان، ولقائه قائد الجيش السوداني.

وقال إن «الموانئ السودانية على ساحل البحر الأحمر استقبلت خلال السنوات الماضية سفناً حربية وتجارية من روسيا وإيران وغيرهما من الدول في إطار التعاون المشترك مع السودان، لكن إريتريا ربما قصدت من هذه الزيارة في هذا التوقيت أن تشير إلى قوة تحالفها مع الجيش السوداني».

واستبعد أن يكون التحرك بتنسيق بين إريتريا وروسيا، أو ذا صلة بالصراع الدولي في منطقة البحر الأحمر، منوهاً بأن إريتريا لن تقدم على أي فعل يمكن أن يلحق الضرر بحلفائها الأساسيين في الإقليم.

بدوره، رأى المحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن وجود القطع الحربية البحرية الإريترية ببورتسودان، في ھذا التوقيت، يعطي مؤشراً لمؤازرة الجيش معنوياً على الأقل في حربه ضد «الدعم السريع».

وقال: «منذ الطرد المفاجئ للقائم بالأعمال السوداني من أسمرا طرأت تطورات اتخذت طابعاً دراماتيكياً من خلال بث صور للقاء تم بين الرئيس آسياس أفورقي، وزعيم قبائل البجا السودانية، محمد الأمين ترك، وتبع ذلك بالطبع مباشرة زيارة البوارج الإريترية إلى ميناء بورتسودان».

وأضاف أن «ما يربط بين تلك الأحداث أنها جاءت في أعقاب الزيارة الغامضة لرئيس الحكومة الإثيوبية، آبي أحمد لبورتسودان». وأشار إلى أن «أسمرا بدأت تشعر بأنها مبعدة عن مساعي التسوية في السودان، وتحركها الأخير يعبر عن تململ ورفض لإبعادها عن الجهود الإقليمية والدولية الجارية حالياً على قدم وساق لإنجاح المبادرة الأميركية الساعية لإنهاء الحرب في السودان».