ما دلالات تسيير رحلات مصرية مباشرة إلى بورتسودان؟

أُعلن عنها عقب لقاء السيسي والبرهان

لقاء السيسي والبرهان (الثلاثاء) في العلمين (الرئاسة المصرية)
لقاء السيسي والبرهان (الثلاثاء) في العلمين (الرئاسة المصرية)
TT

ما دلالات تسيير رحلات مصرية مباشرة إلى بورتسودان؟

لقاء السيسي والبرهان (الثلاثاء) في العلمين (الرئاسة المصرية)
لقاء السيسي والبرهان (الثلاثاء) في العلمين (الرئاسة المصرية)

ستبدأ شركة «مصر للطيران» تسيير أولى رحلاتها الجوية إلى مدينة بورتسودان السودانية، الاثنين المقبل، تنفيذاً لقرار تسيير رحلات مدنية إلى السودان للمرة الأولى منذ توقف رحلات الشركة عقب اندلاع الاشتباكات العسكرية في 15 أبريل (نيسان) الماضي.

وجاء إعلان الشركة المصرية تسيير رحلاتها إلى مدينة بورتسودان غداة الزيارة التي قام بها الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، الثلاثاء إلى مدينة العلمين الجديدة (شمال غربي مصر)، حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وقالت مصادر مطلعة بشركة «مصر للطيران» لـ«الشرق الأوسط» إن الرحلة الأولى التي سيتم تسييرها إلى بورتسودان سوف تنطلق في الخامسة من فجر يوم الاثنين 4 سبتمبر (أيلول) المقبل، ومن «المقرر تسيير رحلة يوميا بواقع 7 رحلات أسبوعياً».

مطار بورتسودان (أرشيفية)

وهنا أثيرت تساؤلات تتعلق بدلالات تسيير رحلات مصرية مباشرة إلى بورتسودان التي باتت مقراً بديلاً للحكومة السودانية منذ الأسابيع الأولى لاندلاع المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، كما انتقلت إليها بعض البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإنسانية. وتبعد نحو 800 كيلومتر عن العاصمة الخرطوم، وهي ثاني أكبر المدن السودانية، والعاصمة الاقتصادية للبلاد، وتعد البوابة البحرية الكبرى، ويمثل ميناؤها منفذاً رئيسياً لاستيراد السلع الاستراتيجية، وتصدير نفط دولة جنوب السودان.

وبقيت المدينة بمنأى عن الاشتباكات المسلحة التي اندلعت منتصف أبريل الماضي، وتركزت في الخرطوم وضواحيها وإقليم دارفور غربي البلاد، وانتقلت إليها أخيراً العديد من الجهات الحكومية السودانية.

البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان (أ.ف.ب)

الباحث السياسي المصري المتخصص في الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، اعتبر قرار مصر تسيير رحلات منتظمة إلى مدينة بورتسودان «أداة لكسر عزلة السودان جراء الاشتباكات العسكرية»، مشيراً إلى أن اتخاذ القرار بعد ساعات قليلة من زيارة البرهان لمصر «يعكس تنسيقاً مشتركا بين الجانبين في هذا الشأن».

وأضاف زهدي لـ«الشرق الأوسط» أن القرار من شأنه أن «يُمثل وسيلة لتقديم الدعم الإنساني والسياسي والاقتصادي للسودان، إذ يُمكن أن تساهم تلك الرحلات في نقل المسافرين في البلدين، وتقديم خدمات إنسانية لهم، فضلاً عن تيسير حركة المبعوثين والمسؤولين من وإلى السودان، إضافة إلى اعتبار تلك الخطوة بادرة لدعم مجلس السيادة السوداني، ويُمكن أن تشجع دولاً أخرى بالإقليم على اتخاذ خطوات مماثلة».

وكان السيسي أكد لرئيس مجلس السيادة السوداني «موقف مصر الراسخ بالوقوف إلى جانب السودان، ودعم أمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه». في المقابل أشاد البرهان بالمساندة المصرية التي وصفها بـ«الصادقة» للحفاظ على «سلامة واستقرار السودان في ظل المنعطف التاريخي الذي يمر به، وخاصة من خلال حُسن استقبال المواطنين السودانيين بمصر»، وفق بيان للرئاسة المصرية (الثلاثاء).

المساعدات الدولية الإنسانية تمر عبر مدينة القضارف من ميناء بورتسودان إلى العاصمة الخرطوم (أ.ف.ب)

ووصف الكاتب والباحث السياسي السوداني، مجدي عبد العزيز، القرار بأنه «دليل عملي على الدعم المصري للشعب السوداني في هذه المرحلة الدقيقة»، مثمناً ما يُمكن أن يوفره ذلك من «عون إنساني لملايين السودانيين في الداخل والخارج»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هناك آلاف الحالات الإنسانية التي تحتاج إلى دخول مصر لتلقي العلاج والمساندة، وكان من الصعب نقلها براً، فضلاً عن أن القرار يُمثل «أحد مظاهر عودة الحياة الطبيعية إلى السودان».

وكان القائم بأعمال السفارة السودانية في القاهرة، محمد عبد الله التوم، قد قال في تصريحات صحافية (مساء الثلاثاء)، إن البرهان اتفق مع الرئيس المصري خلال محادثاتهما في العلمين على «ضرورة تفعيل العمل في المعابر البرية بين البلدين، وزيادة سعتها لتتماشى مع الواقع الحالي المتمثل في زيادة استخدامها وأهميتها». وأضاف أن الجانبين اتفقا على «أهمية تطوير صيغ التعاون الثنائي في العديد من المجالات لاستيعاب متطلبات المرحلة التي يمر بها السودان حالياً، وتعزيز سبل وآفاق تطوير التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين في هذه الفترة بالنظر إلى أن مصر تمثل منفذاً ومصدراً مهماً يُمكن من خلاله توفير العديد من السلع والاحتياجات العاجلة للسودان في هذه الظروف الاستثنائية».


مقالات ذات صلة

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شمال افريقيا العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

الحكومة المصرية تشكو «حرب إشاعات»... و«الإخوان» متهم رئيسي

نفت الحكومة المصرية، الخميس، بيع بحيرة «البردويل»، مؤكدة أنها تتعرض لـ«حرب إشاعات».

عصام فضل (القاهرة)
يوميات الشرق رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر كرم جبر (الهيئة الوطنية للإعلام)

إغلاق قناة وإيقاف برنامجين في مصر بسبب «مخالفات مهنية»

هذه القرارات تطبيق فعلي للمعايير المهنية التي ينبغي التزام جميع القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية ومنصات ومواقع التواصل الاجتماعي الجماهيرية بها...

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا أعمدة الدخان في مناطق عدة من العاصمة السودانية من جراء قصف بالطيران (أرشيفية - رويترز)

مصر و«الجامعة العربية» تدينان «قوات الدعم السريع» السودانية

أدانت مصر وجامعة الدول العربية في بيانين، «قوات الدعم السريع» في السودان بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ووصفتها القاهرة مجدداً بـ«الميليشيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مجلس الوزراء المصري خلال اجتماعه (مجلس الوزراء المصري)

الحكومة المصرية تحمّل «توترات المنطقة» مسؤولية الأزمة الاقتصادية

قال رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن «هناك إدراكاً للتحديات التي تواجه الدولة المصرية اقتصادياً بسبب الأزمات السياسية التي تشهدها المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سلطات ليبيا تحقق لكشف لغز «مقبرة جماعية» بتاجوراء

استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)
استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)
TT

سلطات ليبيا تحقق لكشف لغز «مقبرة جماعية» بتاجوراء

استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)
استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)

تجري الجهات الأمنية والقضائية في ليبيا تحقيقات موسعة لحل لغز العثور على «مقبرة جماعية» في منطقة بئر الأسطى بمدينة تاجوراء، الواقعة غربي البلاد.

كانت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين بطرابلس قد عثرت على «مقبرة جماعية» بمنطقة بئر الأسطى ميلاد، في 21 من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، استخرجت منها 6 جثامين مجهولة الهوية، بعد إخطار جهات التحقيق بالواقعة، مشيرة إلى أنه جرى بتعاون بين إدارتي البحث عن الرفات والطب الشرعي بالهيئة العامة، أخذ العينات من تلك الجثامين، وإحالتها إلى إدارة المختبرات بالهيئة لإجراء تحليل الحمض النووي بهدف التعرف على هويات الجثامين.

فريق الجمعية العامة للبحث عن المفقودين يواصل استخراج الجثث من «مقبرة جماعية» بتاجوراء (الجمعية)

وفي حين كشفت الهيئة العامة أن هذه الجثث تعود لعام 2011، فإن جهات التحقيق لم تعلن حتى الآن عن الكيفية التي قضوا بها في تلك الأثناء، لكنّ مصدراً بالنيابة العامة قال إن ليبيا شهدت أحداثاً دموية على فترات متقطعة خلال السنوات التي تلت إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، متوقعاً أن تكون هذه الجثث، التي ارتفع عددها إلى 46 جثة، نتيجة لهذه الأحداث، وقال إنهم سيعلنون قريباً عن معطيات تتعلق بمقبرة بئر الأسطى ميلاد.

فريق الجمعية العامة للبحث عن المفقودين ينتشل عدداً من الجثث (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)

وكانت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين قد أعلنت، مساء أمس (الأربعاء)، أن فرق الهيئة تمكنت من استخراج 21 جثماناً من مقبرة بئر الأسطي خلال اليومين الماضيين، مشيرة إلى أن العدد الإجمالي ارتفع إلى 46 جثة.

في غضون ذلك، تؤكد الهيئة عزمها على مواصلة جهودها للكشف عن مصير المفقودين وتقديم الدعم لذويهم.

وعرفت ليبيا «المقابر الجماعية»، أو حفر الموت، بشكل مفجع بعدما رحلت ميليشيا «الكانيات» عن مدينة ترهونة، الواقعة على بُعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس.

وفور انتهاء الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على العاصمة مطلع يونيو (حزيران) 2020، عثر عدد من المواطنين في ترهونة على «مقابر جماعية»، ضمت مئات الجثث من مختلف الأعمار. وأظهرت مقاطع فيديو آنذاك عمليات الكشف وانتشال عشرات الجثث لأشخاص بعضهم مكبل اليدين، بينهم عدد من الأطفال، من مواقع بصحراء ترهونة، وحاوية حديدية، وبئر معطلة بالقرب من ترهونة، الأمر الذي أحدث ردود فعل محلية ودولية واسعة.

وتواجه «الكانيات» اتهامات بتصفية مئات الأسرى، الذين وقعوا في قبضتها انتقاماً لمقتل آمرها محسن الكاني، وشقيقه عبد العظيم، ودفنهم في «مقابر جماعية» على أطراف مدينة ترهونة.

من عمليات البحث عن الجثث (الجمعية العامة للبحث عن المفقودين)

وتاجوراء منطقة ساحلية تقع في شرق العاصمة طرابلس، وتبعد 21 كيلومتراً من وسط طرابلس. وسبق أن عثرت جمعية «الهلال الأحمر الليبي» في تاجوراء على 7 جثث مجهولة الهوية عام 2015، وقالت حينها إنهم قتلوا بسبب الاشتباكات المسلحة العنيفة التي شهدتها المنطقة.

واكتشف مواطنون خلال السنوات الماضية «مقابر جماعية» في ليبيا، كما عثروا على جثث عليها آثار رصاص ملقاة على قارعة الطريق، لكن لم تصل التحقيقات التي أجريت حينها إلى نتيجة.