فرار وزيرة الخارجية الليبية إلى تركيا... والأمن الداخلي ينفي تسهيل عبورها

أرشيفية لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في مؤتمر صحافي (إ.ب.أ)
أرشيفية لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في مؤتمر صحافي (إ.ب.أ)
TT

فرار وزيرة الخارجية الليبية إلى تركيا... والأمن الداخلي ينفي تسهيل عبورها

أرشيفية لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في مؤتمر صحافي (إ.ب.أ)
أرشيفية لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في مؤتمر صحافي (إ.ب.أ)

أثار لقاء وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين مع نظيرته في حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية نجلاء المنقوش، الأسبوع الماضي، بلبلة سياسية وشعبية في الداخل الليبي. فبعد ساعات من كشف كوهين، أمس (الأحد)، عن فحوى اللقاء مع المنقوش، سارع رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية عبد الحميد الدبيبة إلى توقيف المنقوش عن العمل احتياطياً وإحالتها للتحقيق، فيما نفت وزارة الخارجية الليبية صحة الأخبار الواردة عن اللقاء الذي وصفته وسائل إعلام إسرائيلية بأنه أول اجتماع على الإطلاق بين وزيري خارجية البلدين.

وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، صباح اليوم، إلى تقارير أفادت بـ«هروب المنقوش على متن طائرة حكومية إلى تركيا بمساعدة جهاز الأمن الداخلي الليبي»، إلا أن الجهاز نفى «أنباء غير مؤكدة بشأن السماح أو تسهيل سفر المنقوش»، مشيراً إلى أنها لم تمر عبر القنوات الرسمية بمنفذ مطار معيتيقة سواء الصالة العادية أو الخاصة أو الرئاسية وفق السياق المتعارف عليه. وأكد جهاز الأمن الداخلي رئاسةً وأعضاء وقوفهم صفاً واحداً مع تطلعات الشعب الليبي واحترام مشاعره تجاه كافة القضايا، وخاصةً القضية الفلسطينية، مستنكراً «ما قامت به وزيرة الخارجية بالجلوس مع أحد أفراد الكيان الصهيوني». وأشار إلى أنه أدرج اسم المنقوش في قائمة الممنوعين من السفر لحين امتثالها للتحقيقات.

 

«الخارجية الليبية» تنفي

وأعلنت «الخارجية الليبية» في بيان، مساء أمس، أن المنقوش رفضت عقد أي لقاءات مع أي طرفٍ ممثلٍ لإسرائيل وما زالت ثابتة على ذلك الموقف بشكل قاطع. وأفاد البيان أن ما حدث في روما هو «لقاء عارض غير رسمي وغير مُعَدْ مسبقاً، أثناء لقاء مع وزير الخارجية الإيطالي، ولم يتضمن أي مباحثات أو اتفاقات أو مشاورات، بل أكدت فيه الوزيرة ثوابت ليبيا تجاه القضية الفلسطينية بشكلٍ جَليْ وغير قابل للتأويل واللبس». واتهمت الوزارة الصحافة العبرية باستغلال الحدث ومحاولة إعطاءه طابع اللقاء أو المحادثات أو حتى الترتيب أو مجرد التفكير في عقد مثل هذه اللقاءات، وفقاً للبيان. ‏وجددت الوزارة رفضها التام والمطلق للتطبيع مع إسرائيل، وأكدت التزامها الكامل بالثوابت الوطنية تجاه قضايا الأمتين العربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وشددت على تمسكها بالقدس عاصمة أبدية لفلسطين، معلقة أن هذا «موقف راسخ لا تراجع عنه». وأضاف البيان: «بيانات الإدانة والرفض المتكررة، الصادرة عن وزارة الخارجية، الرافضة للاستيطان الإسرائيلي والاعتداءات المتكررة على المخيمات الفلسطينية والمسجد الأقصى هي تعبير واضح عن موقف دولة ليبيا والوزيرة الثابت من هذه القضايا وعبرت عنه الخارجية الليبية بشكل دائم». ومن جهتها، دعت هيئة رئاسة مجلس النواب الليبي إلى عقد جلسة طارئة، اليوم، وذلك لمناقشة ما وصفته بالجريمة القانونية والأخلاقية المرتكبة في حق الشعب الليبي وثوابته الوطنية من خلال لقاء المنقوش مع الوزير الإسرائيلي.

 

تشكيل لجنة للتحقيق

وأصدر رئيس مجلس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة قراراً بإيقاف المنقوش عن العمل احتياطياً، وإحالتها إلى التحقيق. وبموجب القرار الذي نشره مكتب الدبيبة الإعلامي، فقد تم تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة وزيرة العدل وعضوية: وزير الحكم المحلى ومدير إدارة الشؤون القانونية والشكاوى بمجلس الوزراء. على أن تتولى اللجنة التحقيق إدارياً مع الوزيرة بشأن لقاء الوزير الإسرائيلي، وإحالة النتائج في ظرف ثلاثة أيام. وكلف القرار وزير الشباب، فتح الله الزني، بتسيير العمل بوزارة الخارجية والتعاون الدولي.

 

رفض في الشارع

ولاقت الأخبار الخاصة بلقاء الوزيرين الليبي والإسرائيلي موجة من الرفض في الشارع الليبي مساء أمس. وشهدت بعض الأحياء في طرابلس والمدن المجاورة موجات من الرفض أغلبها شبابي، قامت من خلالها مجموعات رافضة بإحراق إطارات وإغلاق بعض الطرق الحيوية، فيما صدرت عدة بيانات من أحزاب ومؤسسات مدنية رافضة لأي علاقة مع إسرائيل.

وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية كشفت، مساء أمس، عن أول اجتماع بين وزيرها، مع المنقوش في إيطاليا الأسبوع الماضي، وذلك بهدف دراسة إمكانات التعاون وبناء علاقات بين البلدين والحفاظ على التراث اليهودي الليبي.

وقال كوهين في بيان أوردته وكالة «رويترز»: «هذه هي الخطوة الأولى في إقامة علاقات رسمية بين البلدين». وأضاف أن «حجم ليبيا وموقعها الاستراتيجي يمنحان العلاقات معها أهمية عظيمة وإمكانات هائلة لدولة إسرائيل». وأضاف البيان أن اللقاء شهد أيضاً مناقشة «العلاقات التاريخية بين البلدين وسبل التعاون والمساعدات الإسرائيلية في القضايا الإنسانية والزراعة وإدارة المياه وغيرها». كما بحث اللقاء «إمكانات التعاون المشترك بين إسرائيل وليبيا، والحفاظ على التراث اليهودي الليبي الذي يشمل ترميم كنس ومقابر يهودية في البلاد»، بحسب البيان.

وحسب «وكالة الأنباء الألمانية»، أعرب كوهين عن شكره لوزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني على استضافته الاجتماع في روما، وأضاف أن وزارته «تعمل أمام مجموعة من الدول في الشرق الأوسط، وأفريقيا وآسيا، بهدف توسيع دائرة السلام والتطبيع مع إسرائيل».


مقالات ذات صلة

السجن لوزير التعليم بحكومة الدبيبة بتهمة الفساد

شمال افريقيا المقريف وزير التربية والتعليم بحكومة «الوحدة» يتسلم درعاً للتميز اليوم رغم الحكم بحبسه (الوزارة)

السجن لوزير التعليم بحكومة الدبيبة بتهمة الفساد

قالت النيابة العامة الليبية إنه «بعد إثباتها إخلال المقريف بمبدأ المساواة، وممارسته الوساطة والمحسوبية» لإجراءات التعاقد على طباعة الكتاب المدرسي، قضت بسجنه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي خلال مأدبة إفطار أقامها في طرابلس (المجلس الرئاسي الليبي)

المنفي يتحدث عن «أفكار جديدة» لتوحيد الجيش والأمن في ليبيا

قال المنفي إن ليبيا اليوم «أمام مفترق طرق؛ وعلينا نتحمل مسؤولياتنا التاريخية لضمان عبورها إلى بر الأمان»، وقال إنه يعول على دعم من أسماهم بـ«الشركاء الدوليين».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا أبو زريبة وزير الداخلية بحكومة شرق ليبيا (المكتب الإعلامي للوزارة)

حكومة شرق ليبيا تتحرك ضد المتورطين في «الاتجار بالبشر»

وجه أبو زريبة وزير الداخلية في حكومة شرق ليبيا بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد عمليات التهريب والمهربين وقال إن هذا الأمر يُشكل تهديداً للأمن القومي

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا أبو عجيلة المريمي (أرشيفية ـ رويترز)

أسرة المتهم بتفجير «لوكربي» تدعو إلى الضغط لإطلاق سراحه

جددت أسرة أبو عجيلة المريمي، ضابط الاستخبارات الليبي السابق، الموقوف بأميركا مطالبتها بإطلاق سراحه.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا من اجتماع سابق للافي مع المنفي والدبيبة (الوحدة)

عضو بـ«الرئاسي» الليبي يطرح «مبادرة جديدة» لحلحلة الأزمة السياسية

حماد يُؤكد أن ليبيا لن تسمح بأي إجراء قد يؤدي إلى تغيير ديموغرافي يهدد سيادتها واستقرارها.

خالد محمود (القاهرة )

«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: الاتفاق يدخل مرحلة «تبادل الضغوط»

فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتناولون إفطاراً جماعياً أمام مسجد مدمر في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

استهدافات إسرائيلية تعود بشكل لافت في قطاع غزة، وتحذيرات أميركية لحركة «حماس»، تتسارع مع بطء في محادثات بشأن مقترح مبعوث واشنطن للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، القاضي بتمديد اتفاق الهدنة، وسط اشتراط الحركة أن يكون بداية لمفاوضات المرحلة الثانية المعطلة منذ بداية مارس (آذار) الجاري.

خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» يرون أن الاتفاق المتعثر دخل «مرحلة تبادل ضغوط»، الأولى يقودها ويتكوف ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعودة للمفاوضات واستئناف الاستهدافات بالقطاع واستمرار منع المساعدات، والثانية تتمسك فيها «حماس» بورقة الرهائن الرابحة، والحرص على عدم فقدها دون اتفاق شامل. وتوقع الخبراء التوصل لتمديد المرحلة الأولى مع تغييرات بشكل المرحلة الثانية كحل وسط خلال 72 ساعة لو هناك إرادة أميركية.

وبعد محطات من المحادثات بين القاهرة والدوحة متواصلة منذ الأسبوع الماضي، أفاد ويتكوف، الأحد، في تصريحات لـ«سي إن إن» الأميركية، بأن الجواب الذي وصل من «حماس» على مقترح «إطلاق سراح 5 أسرى أحياء بينهم مواطن أميركي (...) غير مقبول على الإطلاق»، مشجعاً الحركة أن «تكون أكثر عقلانية مما كانت عليه، خاصة أن هناك فرصة لها؛ لكنها تتلاشى بسرعة».

وسبق أن أعلن ويتكوف في بيان، الخميس، أنه «قدم اقتراحاً لتضييق الفجوات لتمديد وقف إطلاق النار إلى ما بعد رمضان وعيد الفصح اليهودي، الذي ينتهي في 20 أبريل (نيسان) المقبل، وإتاحة الوقت للتفاوض على إطار عمل لوقف إطلاق نار دائم»، لافتاً إلى أن «(حماس) على علم بالموعد النهائي، والولايات المتحدة سترد بمقتضى ذلك إذا انقضى الموعد المحدد»، دون أن يذكره.

دخان تصاعد في وقت سابق خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين بالضفة الغربية (إ.ب.أ)

وذكرت «حماس» في بيان صحافي، الجمعة، أنها «تسلّمت، الخميس، مقترحاً من الوسطاء لاستئناف المفاوضات، وردت عليه موافقتها على إطلاق سراح الجندي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، إضافة إلى جثامين 4 آخرين من مزدوجي الجنسية مع جاهزيتها التامة لبدء المفاوضات والوصول إلى اتفاق شامل حول قضايا المرحلة الثانية».

وتجاوزاً لورطة مغازلة «حماس» لواشنطن، أعلن مكتب نتنياهو في بيان، مساء السبت، أن الأخير «أوعز إلى فريق التفاوض بالاستعداد لمواصلة المحادثات على أساس رد الوسطاء على اقتراح (المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف) بالإفراج الفوري عن 11 رهينة أحياء ونصف الرهائن القتلى»، مستبعداً بذلك عرض «حماس» الإفراج عن رهينة إسرائيلي - أميركي وإعادة جثث 4 آخرين، ومخالفاً لمقترح ويتكوف.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يرى أننا «إزاء مرحلة يتبادل فيها الضغوط باحتراف، خاصة بعد عودة نتنياهو للمفاوضات ليفوت الفرصة على (حماس) التي قبلت بالإفراج عن رهينة أميركية، وتضغط في ظل إدراكها بوجود موجة داخلية عالية ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي، سواء باستطلاعات للرأي العام التي تشير إلى أن 70 في المائة يطالبون بخروج الرهائن أو خلافاته مع الأجهزة الأمنية».

في المقابل، ستستمر واشنطن عبر ويتكوف في الضغط على «حماس»، بحسب تقدير أنور، مشيراً إلى أن مبعوث ترمب لا يعلي سقف التطلعات هكذا؛ إلا وهو يدرك أن هناك تقدماً بالمفاوضات، ويريد نسبته لإدارته وضغوطها.

وبحسب المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، فإن نتنياهو يحاول أن يرمي الكرة في ملعب «حماس» ويتهمها بأنها من تعطل تنفيذ الاتفاق ويبرر أي عودة مستقبلية للقتال، متوقعاً أن تستمر ضغوط ويتكوف لأجل إقرار مقترحه، خاصة أن هناك موعداً نهائياً من واشنطن لم يعلن لكن يبدو أنه قريب.

منازل ومبانٍ مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وسط تبادل الشد والجذب بين أطراف المحادثات، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، الأحد، وصول 29 قتيلاً و51 مصاباً إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية، «جراء اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي»، فيما توقعت مصادر عسكرية في الجيش الإسرائيلي لصحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، أن تعطي حكومة نتنياهو الإذن باستئناف القتال «على مراحل»، إذا لم يحدث تقدم في مفاوضات استكمال صفقة إطلاق الرهائن.

وبعد انتهاء المرحلة الأولى مطلع الشهر الجاري وتعثر بدء المرحلة الثانية المعنية بانسحابات إسرائيلية كاملة، أوقفت حكومة نتنياهو دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني المدمر، فيما لا تزال «حماس» تحتجز 59 إسرائيلياً، بينهم 24 على قيد الحياة و35 يُعتقد أنهم فارقوا الحياة، بعدما أتاحت أول مرحلة بالاتفاق إعادة 33 رهينة إلى إسرائيل بينهم 8 قتلى، في حين أفرجت إسرائيل عن 1800 معتقل فلسطيني من سجونها، وأفرجت الفصائل الفلسطينية عن 5 رهائن تايلانديين خارج إطار عمليات التبادل هذه.

ويتوقع أنور أن تتوقف عودة الاستهدافات والتلويح بالحرب حال وجود إرادة أميركية للضغط على إسرائيل والذهاب لحلول وسط، مرجحاً تغيير دراماتيكي خلال 72 ساعة نحو إبرام اتفاق، وتغييرات بشكل المرحلة الثانية حال توافرت الإرادة والتفاهمات الجادة.

وبتقديرات مطاوع فإن الضغوط المتصاعدة حالياً ستجبر «حماس» على قبول الاتفاق والتمديد خاصة، والحركة ليست لديها خيارات مع الوضع المتدهور في القطاع ومع الاستهدافات ومنع المساعدات.