«شبهات فساد» تحوم حول مآل 36.6 مليار دولار حصلت عليها تونس

لجنة برلمانية أكدت أن جانباً منها لم يستثمر في إنجاز المشاريع التي رصدت لفائدتها

صورة من جلسة سابقة للبرلمان التونسي (موقع البرلمان التونسي)
صورة من جلسة سابقة للبرلمان التونسي (موقع البرلمان التونسي)
TT

«شبهات فساد» تحوم حول مآل 36.6 مليار دولار حصلت عليها تونس

صورة من جلسة سابقة للبرلمان التونسي (موقع البرلمان التونسي)
صورة من جلسة سابقة للبرلمان التونسي (موقع البرلمان التونسي)

كشف رئيس اللجنة المالية في البرلمان التونسي، عصمان شوشان، مساء أمس الثلاثاء، عن أن حجم القروض والهبات، التي تلقتها الدولة التونسية منذ بدء الانتقال السياسي عام 2011 وحتى عام 2021 بلغ 113.3 مليار دينار تونسي (نحو 36.6 مليار دولار)، مؤكدا أن بعضها تحوم حوله شبهات فساد.

وقال شوشان، إن عملية جرد كشفت عن أن تونس حصلت على 325 قرضا طوال تلك المدة، أي إلى حين إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في البلاد عام 2021، وحل البرلمان، وإقالة الحكومة. مضيفا: «تبين وفق ما جاء في تقرير الجرد، أن جانبا من هذه الأموال لم يمر عن طريق البنك المركزي التونسي». وتابع النائب في تصريحه لإذاعة «جوهرة. إف. إم» التونسية الخاصة أن «هناك شبهات فساد تحوم حول مآل هذه القروض، منها تلك المتعلقة بالمشروعات المعطلة، ومن بينها مشروع مستشفى بمدينة القيروان رغم تخصيص الأموال اللازمة لهذا المشروع». كما أكد شوشان أيضا أن هناك قروضا تم الحصول عليها وتسديدها بالفوائد، دون إنجاز المشروعات التي كانت رصدت لفائدتها.

وسبق أن أكد الرئيس سعيد، الذي حل أغلب الهيئات الدستورية التي تعود إلى الفترة السابقة لعام 2021، أنه لجأ لإعلان التدابير الاستثنائية بدعوى مكافحة الفساد والفوضى في مؤسسات الدولة، مؤكدا أنه يريد «تطهير» الإدارة.

في سياق قريب، كشف وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي، سمير سعيّد، عن أن المالية العمومية للبلاد «محدودة وستبقى محدودة لبضع سنوات إلى حين استرجاع التوجهات المالية». ونقلت «وكالة تونس أفريقيا للأنباء الرسمية» عن وزير الاقتصاد والتخطيط قوله إنه بسبب محدودية المالية العمومية «سيتم التركيز بشكل خاص على الميزات التفاضلية والتنافسية للأقاليم». وجاء حديث الوزير في أثناء مشاركته في فعاليات الملتقى الإقليمي الثالث لدفع الاستثمار بولايات الوسط الغربي (سيدي بوزيد والقصرين والقيروان) بمدينة سبيطلة، التابعة لولاية القصرين. كما أكد وزير الاقتصاد والتخطيط على أهمية الاستثمار الخاص في زيادة النمو وتحسين الوضع المالي للدولة. مقرا بأن مسار الاستثمار والأعمال «يواجه عددا من الصعوبات خاصة على مستوى التشريعات والقوانين، وتعقد الإجراءات الإدارية. فضلا عن ضعف البنية التحتية واللوجيستية في بعض الجهات والمناطق وصعوبة النفاذ إلى التمويل». وتعاني تونس أزمة مالية حادة، تفاقمت بعد تعطل الاتفاق مع خبراء صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

رئيس بلدية نيويورك يواجه اتهامات احتيال والحصول على رشى من تركيا

الولايات المتحدة​ رئيس بلدية نيويورك إريك آدامز (إ.ب.أ)

رئيس بلدية نيويورك يواجه اتهامات احتيال والحصول على رشى من تركيا

وجّه مدعون أميركيون اتهامات لرئيس بلدية نيويورك إريك آدامز بقبول تبرعات غير قانونية لحملته الانتخابية وتكاليف سفره على متن رحلات فاخرة من أتراك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا لجنة تحقيق روسية تقول إن ضابطين في وزارة الدفاع الروسية متهمان بالفساد ويواجهان عقوبة السجن لمدة 15 عاماً (رويترز)

ضابطان روسيان جديدان متهمان بالفساد

كشفت لجنة تحقيق روسية اليوم أن ضابطين بوزارة الدفاع الروسية متهمان بالفساد ويواجهان عقوبة السجن لـ15 عاماً، وهي قضية أخرى من هذا النوع في خضم النزاع ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي صورة متداولة لنور زهير المتهم الرئيسي في القضية المعروفة بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

القضاء العراقي يلاحق رئيس هيئة النزاهة

في موقف لافت، قدَّم مجلس القضاء العراقي شكره إلى قاضي نزاهة الكرخ، ضياء جعفر، الذي أمر بإطلاق سراح نور زهير المتهم الرئيس في قضية ما تُعرف بـ«سرقة القرن».

فاضل النشمي (بغداد)
الخليج الموقوفون تورطوا بتهريب ديزل في 372 حاوية شحن عبر ميناء رابغ (واس)

السعودية: إيقاف 9 متورطين بتهريب ديزل عبر ميناء رابغ

أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية إيقاف 3 يعملون بجمرك ميناء رابغ، لتلقيهم مبلغاً يتجاوز مليوني ريال من 6 مقيمين مقابل تسهيل تهريب وتصدير شحنات ديزل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا وزارة الدفاع الروسية (فيسبوك)

روسيا: اعتقال 4 مسؤولين سابقين وحاليين بتهم فساد

أعلنت محاكم روسية اعتقال أربعة مسؤولين حاليين وسابقين، أحدهم يعمل في وزارة الدفاع، يومي الخميس والجمعة في قضايا فساد منفصلة، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
TT

​التونسيون يدلون بأصواتهم في انتخابات رئاسية يغيب عنها الحماس

الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)
الرئيس التونسي قيس سعيد يدلي بصوته في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية (د.ب.أ)

بدأ التونسيون، الأحد، الاقتراع من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية من بين ثلاثة مرشحين يتقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد، في أعقاب حملة انتخابية غاب عنها الحماس، مما زاد المخاوف من انعكاس فقدان الحماس على نسبة الاقتراع، مثلما حدث في الانتخابات التشريعية التي جرت في نهاية عام 2022 وبداية 2023، حين بلغت نسبة المشاركة نحو 12 في المائة فقط.

وبدأ الناخبون المسجلون البالغ عددهم 9.7 مليون الإدلاء بأصواتهم عند الثامنة صباحاً في أكثر من خمسة آلاف مركز لاختيار رئيسهم للسنوات الخمس المقبلة، على أن تستمر عمليات التصويت حتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وفقاً لهيئة الانتخابات.

وبدا أن عدداً كبيراً من المقترعين، في عدد من مراكز الاقتراع في العاصمة، من الكهول والشيوخ الذين يمثلون نحو نصف الناخبين، وفق ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال النوري المصمودي (69 عاماً) في مركز اقتراع في العاصمة: «جئت مع زوجتي لدعم قيس سعيّد، العائلة بأكملها ستصوت له». وعلى مسافة قريبة منه، أفصحت فضيلة (66 عاماً) بأنها جاءت «من أجل القيام بالواجب، والرد على كل من دعا إلى مقاطعة الانتخابات».

في مركز آخر، أعرب حسني العبيدي (40 عاماً) عن خشيته من حصول عمليات تلاعب بالتصويت، لذلك: «قدمت بالتصويت حتى لا يتم الاختيار في مكاني». وتقول الطالبة وجد حرّار (22 عاماً): «في الانتخابات السابقة لم يكن لي حق التصويت والناس اختاروا رئيساً سيئاً. هذه المرة من حقي التصويت».

وأدلى سعيّد بصوته ترافقه زوجته في مركز اقتراع بمنطقة النصر في العاصمة بعد نحو ساعة من فتحه. وأفادت رئيسة المركز عائشة الزيدي بأن «الإقبال محترم للغاية». وتحدث رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر في مؤتمر صحافي بعد فتح المراكز عن «توافد بأعداد لافتة».

ومن المنتظر أن تعلن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الأولية «على أقصى تقدير» الأربعاء المقبل، وتظلّ إمكانية الإعلان عن النتائج قبل هذا التاريخ واردة.

3 متنافسين

المرشح الرئاسي التونسي زهير المغزاوي يدلي بصوته بأحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

ويتنافس سعيّد (66 عاماً) مع النائب السابق زهير المغزاوي (59 عاماً)، والعياشي زمال، رجل الأعمال والمهندس البالغ 47 عاماً والمسجون بتهم «تزوير» تواقيع تزكيات. ولا يزال سعيّد، الذي انتخب بما يقرب من 73 في المائة من الأصوات، و58 في المائة من نسبة المشاركة في انتخابات عام 2019 يتمتّع بشعبية كبيرة لدى التونسيين حتى بعد أن حلّ البرلمان وغيّر الدستور بين عامي 2021 و2022.

وبعد مرور 5 سنوات من الحكم، يتعرّض سعيّد لانتقادات شديدة من معارضين يتهمونه بتكريس كثير من الجهد والوقت لتصفية الحسابات مع خصومه، خاصة حزب «النهضة» الإسلامي الذي هيمن على الحياة السياسية خلال السنوات العشر من التحوّل الديمقراطي التي أعقبت الإطاحة بالرئيس بن علي في عام 2011.

وتندّد المعارضة، التي يقبع أبرز زعمائها في السجون ومنظمات غير حكومية تونسية، بـ«الانجراف السلطوي» في بلد مهد ما سمّي بـ«الربيع العربي»، من خلال تسليط الرقابة على القضاء والصحافة، والتضييق على منظمات المجتمع المدني، واعتقال نقابيين وناشطين وإعلاميين.

وفي خطاب ألقاه الخميس، دعا سعيّد التونسيين إلى «موعد مع التاريخ»، قائلاً: «لا تترددوا لحظة واحدة في الإقبال بكثافة على المشاركة في الانتخابات»، لأنه «سيبدأ العبور، فهبّوا جميعاً إلى صناديق الاقتراع لبناء جديد».

أحد مراكز الاقتراع في المرسى بالقرب من تونس العاصمة (أ.ف.ب)

حملة باهتة

في الطرف المقابل، حذّر يوم الجمعة رمزي الجبابلي، مدير حملة العياشي زمال، في مؤتمر صحافي: «في رسالة موجهة إلى هيئة الانتخابات... إيّاكم والعبث بصوت التونسيين». وكانت الحملة الانتخابية باهتة دون اجتماعات أو إعلانات انتخابية أو ملصقات، ولا مناظرات تلفزيونية بين المرشحين، مثلما كانت عليه الحال في عام 2019.

ويعتقد البعض أن الرئيس سعيّد «وجّه» عملية التصويت لصالحه، «ويعتقد أنه يجب أن يفوز في الانتخابات»، حتى لو دعت المعارضة اليسارية والشخصيات المقربة من حزب «النهضة» إلى التصويت لصالح زمال.

أما المنافس الثالث فهو زهير المغزاوي، رافع شعار السيادة السياسية والاقتصادية على غرار الرئيس، وكان من بين الذين دعموا قرارات سعيّد في احتكار السلطات. وتعرّضت عملية قبول ملفات المرشحين للانتخابات من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لانتقادات شديدة وصلت إلى حدّ اتهامها بالانحياز الكامل لصالح سعيّد حين رفضت قراراً قضائياً بإعادة قبول مرشحين معارضين بارزين في السباق الانتخابي.

وتظاهر مئات التونسيين في العاصمة تونس يوم الجمعة للتنديد بـ«القمع الزائد». وطالب المتظاهرون في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة بإنهاء حكم سعيّد، وسط حضور أمني كثيف. وتشير إحصاءات منظمة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن «أكثر من 170 شخصاً محتجزون لدوافع سياسية أو لممارسة الحقوق الأساسية» في تونس.