سلطات «الوحدة» الليبية تطلب مساعدة دولية لمواجهة تدفق «المهاجرين»

أعلنت ترحيل المئات منهم إلى مصر ونيجيريا

جانب من المهاجرين غير النظاميين المرحّلين من ليبيا إلى مصر ونيجيريا (وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»)
جانب من المهاجرين غير النظاميين المرحّلين من ليبيا إلى مصر ونيجيريا (وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»)
TT

سلطات «الوحدة» الليبية تطلب مساعدة دولية لمواجهة تدفق «المهاجرين»

جانب من المهاجرين غير النظاميين المرحّلين من ليبيا إلى مصر ونيجيريا (وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»)
جانب من المهاجرين غير النظاميين المرحّلين من ليبيا إلى مصر ونيجيريا (وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة»)

طلبت سلطات طرابلس من المجتمع الدولي مساعدة ليبيا في مواجهة تدفق المهاجرين غير النظاميين على البلاد، في وقت بدأ فيه جهاز مكافحة الهجرة بالعاصمة عملية ترحيل كبيرة، شملت 486 شخصاً من مصر ونيجيريا.

واشتكى عماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، خلال مؤتمر صحافي عُقد في مقر جهاز مكافحة الهجرة، مساء (الاثنين) من أن ظاهرة الهجرة «أنهكت كاهل الدولة الليبية، في ظل وجود أعداد كبيرة من المهاجرين بالبلاد».

عماد الطرابلس وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة» (وسط) خلال زيارة جهاز مكافحة الهجرة بطرابلس (وزارة الداخلية)

وقال الطرابلسي إن ليبيا «تدفع فاتورة ضخمة جراء الهجرة غير المشروعة، وهي دولة عبور وليست مقصداً للمهاجرين، ولن تكون حارساً لأوروبا»، معلناً أن قوات خفر السواحل تصدت لعمليات تهريب المهاجرين، وأنه لولا المجهودات المبذولة من طرف السلطات الليبية «لوصل إلى أوروبا أكثر من 100 ألف مهاجر هذا الصيف».

وأوضح أن الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة «تبذل جهوداً جبارة لمكافحة هذه الظاهرة، وإنقاذ المهاجرين من عرض البحر والصحراء. وديننا الإسلامي يحثنا على التعامل الإنساني مع جميع الجنسيات»، ولفت إلى أنه «تم تقليص تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر البحر لدول الاتحاد الأوروبي بنسبة كبيرة هذا الصيف»، مشيراً إلى أن وزارته «أطلقت حملة أمنية موسعة لضبط تجار البشر، والضالعين في هذه الجرائم، وإحالتهم إلى القضاء»، مؤكداً أنه سيتم تكثيف هذه الجهود في الفترة المقبلة.

جانب من عملية ترحيل عدد من المهاجرين النيجيريين إلى بلدهم (أ.ف.ب)

وفي ظل توسع ليبيا في إعادة مزيد من المهاجرين إلى بلدانهم، قال الطرابلسي إنه تم ترحيل 294 مصرياً و192 نيجيرياً بالتعاون والتنسيق مع السلطات في دولتيهم، مبرزاً أن جهاز الهجرة يستعد لترحيل 332 مهاجراً من جنسيات أفريقية مختلفة خلال الفترة المقبلة.

وسبق أن أعلنت السلطات الليبية ونظيرتها التونسية إخلاء المنطقة الحدودية بينهما من المهاجرين العالقين هناك، بعد اتفاق بين وزيري داخلية البلدين. وقالت وزارة الداخلية حينها إن دوريات حرس حدود البلدين تعمل مع بعضها بتنسيق مشترك، وإن المنطقة الحدودية بينهما أُخليت بالكامل من طالبي اللجوء، بعد توصل البلدين إلى اتفاق بهذا الشأن.

وبخصوص المخاطر التي تتهدد الليبيين بسبب ظاهرة الهجرة، قال الطرابلسي إن بعض الذين يتم ترحيلهم «يحملون أمراضاً خطرة ومزمنة، مما يشكل خطراً على سلامة المواطنين، نظراً لعمل عدد من هؤلاء المهاجرين داخل المنازل، خصوصاً النساء».

وعلى الرغم من مكافحة الظاهرة أمنياً، فإن ليبيا لا تزال نقطة لانطلاق المهاجرين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وفي هذا السياق، أكدت المنظمة الدولية للهجرة أنه في الفترة من 13 إلى 19 أغسطس (آب) الحالي، تم اعتراض 50 مهاجراً وإعادتهم إلى ليبيا.

سلطات بنغازي تستعد لترحيل مهاجرين غير نظاميين (جهاز مكافحة الهجرة في بنغازي)

ومن وقت لآخر تعلن السلطات الأمنية في شرق ليبيا أيضاً عن عمليات ترحيل لمهاجرين، إذ قال جهاز مكافحة الهجرة في بنغازي الكبرى، إنه تم ترحيل عشرات المهاجرين براً وجواً (الاثنين) إلى دولتي غانا وباكستان، مبرزاً أن بعضهم كانوا يمتهنون التسول في مدينة بنغازي.

مهاجرون غير شرعيين ينتظرون دورهم في أحد مراكز الاحتجاز بطرابلس قبل ترحيلهم إلى بلدانهم (إ.ب.أ)

في شأن ذي صلة، أعلن «اللواء 444 قتال» بطرابلس، أن قواته اقتحمت وكراً يُستعمل لخطف المهاجرين جنوب مدينة بني وليد، شمال غربي ليبيا، وتمكّنت من «تحرير» امرأة إريترية، مشيراً إلى أنها «تعرّضت للاغتصاب، وابتزاز عائلتها مالياً مقابل إطلاق سراحها».

وأوضح اللواء في تصريح صحافي، (الثلاثاء)، أن قواته نجحت في القبض على اثنين من العصابة المتورطة في عملية الخطف، وهما ليبي رمزت إلى اسمه بـ(و. خ. أ) وآخر من دولة النيجر.


مقالات ذات صلة

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.