أزمة الخبز تستفحل في تونس… والحكومة تبحث عن حلول

الرئيس سعيد اتهم أطرافاً معارضة بـ«محاولة تجويع التونسيين»

مظاهرة نظمها مواطنون وسط العاصمة احتجاجا عل اختفاء الخبز من المخابز في 7 من أغسطس الحالي (إ.ب.أ)
مظاهرة نظمها مواطنون وسط العاصمة احتجاجا عل اختفاء الخبز من المخابز في 7 من أغسطس الحالي (إ.ب.أ)
TT

أزمة الخبز تستفحل في تونس… والحكومة تبحث عن حلول

مظاهرة نظمها مواطنون وسط العاصمة احتجاجا عل اختفاء الخبز من المخابز في 7 من أغسطس الحالي (إ.ب.أ)
مظاهرة نظمها مواطنون وسط العاصمة احتجاجا عل اختفاء الخبز من المخابز في 7 من أغسطس الحالي (إ.ب.أ)

كشفت وزارة التجارة وتنمية الصادرات التونسية عن برنامج لإعادة هيكلة شاملة لمنظومة توفير وبيع الخبز خلال الأسابيع المقبلة، وذلك بعد استفحال أزمة الحصول على رغيف الخبز، وانتشار الطوابير الطويلة أمام المخابز، واختفاء الخبز منذ الساعات الأولى لصباح كل يوم.

وقال حسام الدين التويتي، مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة، إن الهياكل الإدارية المختصة شرعت في البحث عن حلول ناجعة لأزمة الخبز، من خلال التدقيق في الحاجيات حسب المناطق، والتوزيع الجغرافي للمخابز المصنفة. مؤكدا أن التركيز سيتم على إعادة هيكلة المخابز، وتوفير الخبز في كل المناطق، وخصوصا في الأرياف، وأن الأولوية المطلقة اليوم «ستكون للخبز المدّعم ليكون موجودا منذ الصباح وإلى المساء دون انقطاع، وإنهاء العمل بنصف دوام، حيث تغلق المخابز المصنفة أبوابها مع حلول منتصف النهار»، على حد تعبيره.

وأضاف التويتي أنه ستتم إضافة شحنات وكميات جديدة من القمح، وتوفيرها للمطاحن وأرباب المخابز حتى يكون متوفرا للتونسيين «دون انقطاع، والقضاء على ظاهرة الطوابير الطويلة أمام المخابز».

مواطنون يقتنون حاجياتهم من الخبز قبل اختفائه من المخابز (أ.ف.ب)

من جانبه قال محسن حسن، الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق للتّجارة في تصريح إعلامي، إن أزمة الخبز في تونس «هي أعمق من إقالة المدير العام لديوان الحبوب»، في إشارة إلى قرار الرئيس التونسي إعفاء المدير العام لديوان الحبوب من مهامه. وأوضح أن أجهزة الدولة «باتت غير قادرة على تأمين الغذاء لأبنائها بسبب ندرة المواد الأساسية، وتراجع الإنتاج في قطاع الحبوب»، ما أدى إلى نقص في سد حاجيات التونسيين، المقدرة بنحو 30 مليون قنطار سنويا، في حين أن تونس تنتج أقل من 7.5 مليون قنطار.

واعتبر المسؤول الحكومي السابق أن «الدولة لم تف بوعودها في تحويل مستحقات ديوان الحبوب المقدرة بـ2.45 مليار دينار تونسي (نحو 800 مليون دولار)، وهو ما أدى، حسبه، إلى «خلق وضعية كارثية للديوان، الذي وجد نفسه غير قادر على سداد ديونه». ودعا إلى ضرورة الإلمام بدور ديوان الحبوب، الذي يعتبر وسيطا ماليّا بين الحكومة وبقية المتدخلين في القطاع، من خلال مجموعة من الإجراءات، وأبرزها بيع الحبوب بأسعار مدعمة، وتحديد كلفة تجميع غلة الحبوب في كل موسم.

وبشأن الحلول الممكنة لتجاوز أزمة الحبوب التي تؤثر على صناعة الخبز، دعا حسن إلى ضرورة إعادة النظر في سياسة الدعم المعتمدة من قبل الدولة، وطالب بعدم تمتيع الأجانب والأثرياء من هذا الدعم، والاكتفاء بتطبيقه على الفئات الهشة، وإعادة النظر في سياسة الزراعات الكبرى، وتشجيع النشاط الفلاحي للنهوض بقطاع الحبوب.

احتجاجات بعض عمال المخابز بسبب تكرار اختفاء الدقيق الأبيض المدعم من الأسواق (أ.ف.ب)

في سياق ذلك، كشف الرئيس قيس سعيد، خلال لقاء جمعه مساء أمس الثلاثاء في قصر قرطاج مع أحمد الحشاني، رئيس الحكومة، عن نتائج حملة المراقبة التي استهدفت عددا من المطاحن في عدة ولايات (محافظات) تونسية، والتي أسفرت عن اكتشاف عدد من المضاربين والمحتكرين، الذين يقفون وراء «الأزمة المفتعلة» للحبوب.

وأكدت رئاسة الجمهورية نجاح حملة المراقبة في حجز 1597 طنا من الدقيق الأبيض المدعم من قبل الدولة، و1597 طنا من السميد، و3100 طن من القمح، علاوة على 151.9 طن من العلف، و8.45 طن من الملح الغذائي.

وخلال اللقاء الذي حضره كمال الفقي وزير الداخلية، وكلثوم بن رجب وزيرة التجارة وتنمية الصادرات، ومراد سعيدان مدير عام الأمن الوطني، وحسين الغربي المدير العام آمر الحرس الوطني، دعا الرئيس سعيد إلى ضرورة تطبيق القانون على «الذين يختلقون الأزمات كل يوم، بغية تأجيج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية». وشدّد على ضرورة «مواصلة اليقظة واستمرار المراقبة تحسبا لأي محاولات يائسة لافتعال أزمات جديدة».

ويتهم الرئيس سعيد أطرافا معارضة، أبعدت من المشهد السياسي، بافتعال هذه الأزمات، ومحاولة «تجويع التونسيين».



توافق مصري - أوغندي على «التشاور وعدم الإضرار» في قضايا مياه النيل

جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)
جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري - أوغندي على «التشاور وعدم الإضرار» في قضايا مياه النيل

جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)
جانب من محادثات وزير الخارجية والهجرة المصري ووزير العلاقات الدولية الأوغندي (الخارجية المصرية)

توافقت مصر وأوغندا على «ضرورة حوكمة التعاون العابر للحدود في نهر النيل وفقاً لقواعد القانون الدولي، لا سيما الإخطار المسبق والتشاور والتوافق وعدم الإضرار، وفقاً للالتزامات والممارسات المستقرة دولياً».

وتناولت محادثات جرت بين وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، ووزير العلاقات الدولية الأوغندي، هنري أوكيلو أوريبم، في القاهرة، الأربعاء، ملف الأمن المائي ونهر النيل، وأكدت أن مصر «لطالما كانت داعمة للتنمية في دول حوض النيل بما فيها المشروعات المائية في أوغندا ومنها سد أوين».

وزار وزير الخارجية والهجرة المصري، أوغندا، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبحث مع الرئيس يوري موسيفيني، وعدد من المسؤولين «التعاون المائي مع دول حوض النيل». وشدد حينها على أن أمن مصر المائي «قضية وجودية»، وجدد تأكيد بلاده على «رفض الإجراءات الأحادية في التعامل مع الأنهار الدولية».

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

ويزور وزير العلاقات الدولية الأوغندي، القاهرة، لعقد الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين مصر وأوغندا والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك.

ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية والهجرة المصرية، تميم خلاف، فإن الوزير عبد العاطي أكد خلال لقاء أوريبم «على عمق العلاقات التاريخية التي تربط بين مصر وأوغندا والتي ترتكز على الروابط الأخوية والمصالح المشتركة في العديد من المجالات»، مشدداً على أهمية «تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتنمية والتجارة والاستثمار بما يخدم مصالح الشعبين».

واستعرض عبد العاطي النشاط الواسع للشركات المصرية بأفريقيا في مجالات البناء والتشييد والطاقة، مؤكداً «ضرورة تحديث وتفعيل آليات التعاون والتنسيق المُشترك للارتقاء بمستوى العلاقات بين البلدين إلى الشراكة الاستراتيجية».

الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني خلال استقبال وزير الخارجية والهجرة المصري في أكتوبر الماضي (الخارجية المصرية)

وبحسب متحدث وزارة الخارجية والهجرة المصري، تطرق الجانبان إلى الأوضاع في منطقتي البحيرات العظمى وحوض بحيرة تشاد والساحل والقرن الأفريقي، وضرورة استمرار الجهود الهادفة لـ«مكافحة الإرهاب» من خلال تبني استراتيجية شاملة تتناول الأبعاد الأمنية والتنموية والفكرية لظاهرة الإرهاب، ودعم الأزهر في تدريب الأئمة بأوغندا، وكذلك القضاء على الجريمة المنظمة التي تهدد أمن وسلامة المجتمعات الأفريقية.

وتعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

كما ناقش عبد العاطي وأوريبم، التنسيق في جهود إصلاح وتطوير الاتحاد الأفريقي، والعمل المشترك بين الدول الأفريقية ودول الجنوب في مواجهة التحديات الجسيمة في مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة. وتم الاتفاق على «تبادل التأييد في الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية».

عبد العاطي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أوريبم في القاهرة (الخارجية المصرية)

إلى ذلك، أكد وزير الخارجية والهجرة المصري أنه اتفق والوزير الأوغندي على «ضرورة تعزيز العلاقات على الصعيد التجاري والاستثماري والوصول بحجم التبادل التجاري إلى آفاق جديدة تليق بالعلاقات السياسية المتميزة بين البلدين».

وأضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أوريبم أن البلدين بصدد إطلاق مجلس لرجال الأعمال بين مصر وأوغندا؛ ليسهم في المزيد من دفع العلاقات بين البلدين، لافتاً إلى أنه أحاط الوزير الأوغندي علماً بالآليات القائمة لدفع التعاون مع أوغندا ومنطقة حوض النيل، مشيراً إلى الآلية الخاصة بتمويل مشروعات تنموية في دول حوض النيل الجنوبي برأسمال نحو 100 مليون دولار من الموازنة المصرية (الدولار يساوي 49.8 جنيهاً في البنوك المصرية).

كما تحدث عبد العاطي عن آلية أخرى، وهي الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمارات المصرية في منطقة حوض النيل برأسمال يتجاوز 600 مليون دولار. وتضم دول حوض النيل الجنوبي، «بوروندي، والكونغو، وكينيا، ورواندا، وجنوب السودان، وتنزانيا، وأوغندا»، وتعد من دول «المنابع» للنهر، وتشكل مع دول النيل الشرقي «إثيوبيا والسودان ومصر وإريتريا» إقليم حوض نهر النيل.