مَن هو محمود حمزة الذي تسبب اعتقاله في اندلاع «قتال طرابلس»؟

يعد أبرز المقربين من رئيس «الوحدة» رغم أنه لا يتمتع بأي خلفية عسكرية أكاديمية

من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
TT

مَن هو محمود حمزة الذي تسبب اعتقاله في اندلاع «قتال طرابلس»؟

من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)
من اجتماع سابق للدبيبة مع حمزة في طرابلس العام الماضي (حكومة الوحدة)

قبل سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011 لم يكن محمود حمزة، قائد «اللواء 444 قتال»، الذي أدى اعتقاله قبل ساعات في مطار معيتيقة الدولي إلى اندلاع أحدث قتال من نوعه في العاصمة الليبية طرابلس، «شخصية (مؤثرة) كما هي الحال الآن»، وفق مراقبين.

لم يكن حمزة الذي يحمل الآن رتبة العقيد، ويعًد أحد أبرز المقربين من رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، سوى مجرد شخص مدني، لا يتمتع بأي خلفية عسكرية أكاديمية؛ لكنه ظهر في لقطات فيديو على موقع «يوتيوب» في وقت سابق وهو يحمل السلاح، منتقلاً من كونه مواطناً مدنياً، إلى أحد المقاتلين للإطاحة بنظام القذافي. وتردد أنه «عمل في مكتب زعيم الجماعة الليبية المقاتلة سابقاً عبد الحكيم بلحاج في معيتيقة، حينما ترأس مجلس طرابلس العسكري».

ومن المفارقات أن حمزة، الذي جرى توقيفه على يد عناصر من جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، كان في طريقه للانضمام إلى الدبيبة لحضور حفل تخريج دفعة جديدة من ضباط الكلية العسكرية الجوية بمدينة مصراتة، الواقعة غرب البلاد.

وتدرج حمزة بعدما مُنح رتبة ملازم في الشرطة، والتحق بقوة الردع، وعمل ناطقاً باسمها، وقاد فترةً عملياتها الأمنية؛ لكنه سرعان ما أسس كتيبة منفصلة تحمل اسم «20 - 20» في معيتيقة بقيادته، بعد انفصاله عن قوة الردع. وصعد نجمه قبل عامين بعدما اقتحمت مجموعة من «اللواء 444» منزل آمر منطقة طرابلس العسكرية، عبد الباسط مروان، بعدما أقاله الدبيبة.

صورة أرشيفية لحمزة مع الدبيبة (اللواء 444 قتال)

ولمع نجم حمزة في المشهدين السياسي والعسكري، بعدما لعب دور الإطفائي لإنهاء قتال الميليشيات المسلحة، حيث نجح خلال العام الماضي في وقف اشتباكات مسلحة في منطقة (سوق الثلاثاء) بوسط العاصمة طرابلس بين مجموعات تابعة لقوة النواصي بوزارة الداخلية، وجهاز حفظ الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي بعد نشر قوة عسكرية محايدة. كما نجح حمزة في إخراج رئيس الحكومة السابق المكلف من البرلمان، فتحي باشاغا، من طرابلس، وقام باصطحابه من منطقة النوفليين إلى خارج العاصمة لإيقاف الاشتباكات، التي اندلعت بين مجموعات مسلحة مؤيدة لحكومة الدبيبة، وأخرى داعمة لباشاغا، بعد ساعات من وصول الأخير إلى المدينة لمباشرة أعمال حكومته.

وتحالف حمزة قائد اللواء، الذي أُسس في طرابلس عام 2019، مع حكومة الوفاق السابقة برئاسة فائز السراج، ولعب دوراً مهماً في إحباط الهجوم الذي شنته قوات الجيش الوطني في نفس العام لتحرير طرابلس، والسيطرة عليها.

وشغل حمزة منصب الرجل الثاني في جهاز الردع الخاص، وارتبط اسمه بالفرقة «20» وهي إحدى فرق الجهاز، وتعد بمثابة قوات النخبة بداخله. لكن حمزة انفصل عن قوة الردع، وأسس قوة عسكرية تحت مسمى «اللواء 444» يتبع وزارة الدفاع، تمكنت من السيطرة على مساحة كبيرة من ضواحي طرابلس، وصولًا إلى مدينة ترهونة وبني وليد حتى جبل نفوسة غرباً، وتخوم مدينة الشويرف جنوباً، وهذه المساحة الشاسعة جعلت القوة تتموضع بشكل ممتاز على الساحة العسكرية في ليبيا.

ويعدّ «اللواء 444» من أكثر القوى العسكرية تنظيماً، وتنتشر معظم قواته جنوب العاصمة، كما تسيطر على مدن بارزة في غرب ليبيا، وتحديداً ترهونة وبني وليد، وتقوم بتأمين أجزاء واسعة من الطريق الرابط بين العاصمة وجنوب البلاد.



مخاوف «توطين» المهاجرين غير النظاميين تطلّ على ليبيا

خلال ضبط مهاجرين غير نظاميين في صحراء الكفرة الليبية (جهاز مكافحة الهجرة)
خلال ضبط مهاجرين غير نظاميين في صحراء الكفرة الليبية (جهاز مكافحة الهجرة)
TT

مخاوف «توطين» المهاجرين غير النظاميين تطلّ على ليبيا

خلال ضبط مهاجرين غير نظاميين في صحراء الكفرة الليبية (جهاز مكافحة الهجرة)
خلال ضبط مهاجرين غير نظاميين في صحراء الكفرة الليبية (جهاز مكافحة الهجرة)

لاحت في ليبيا مجدداً مخاوف من «توطين» المهاجرين غير النظاميين في البلاد، وذلك على خلفية تصريحات نُسبت إلى وزير الحكم المحلي بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، في حين يحذّر «تجمع الأحزاب الليبية» من الإقدام على هذه الخطوة «تحت غطاء المبادرات الدولية».

خلال إجهاض عملية تهريب مهاجرين غير نظاميين (جهاز مكافحة الهجرة)

وقال «تجمع الأحزاب»، إنه «في خضم التحديات الجسيمة التي تواجهها ليبيا، وتهدّد أمنها القومي وسيادتها الوطنية، فُوجئ الشعب الليبي بمبادرات مريبة تُطرح تحت أسماء إنسانية وتنموية».

وضرب مثلاً على ذلك، بما قال إنه «اتفاق بين المنظمة الدولية للهجرة وجهات حكومية»، مشيراً إلى أن هذا الأمر «خطير ويمسُّ مقدرات الشعب ويستهدف تغييرَ هويته الديموغرافية».

وكان لقاء عقده وزير الحكم المحلي بـ«حكومة الوحدة» بدر الدين التومي، قبل يومين مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، نيكوليتا جيوردانو، تناول «التحديات الراهنة التي تواجهها ليبيا، خصوصاً في مجالات الهجرة». غير أنه انتشرت في أعقابه تصريحات نُسبت إلى التومي تتحدث عن تبنيه عملية «توطين» المهاجرين في ليبيا، وهو ما نفته الوزارة، وعدّته «مغالطات».

وقالت وزارة الحكم المحلي، في بيان، إنها رصدت تداول «معلومات مغلوطة» بشأن اجتماع التومي مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا، مشيرة إلى أن بعض التقارير الإعلامية تضمّنت «ادعاءات غير صحيحة» تتعلّق بوجود نقاش حول «إدماج المهاجرين غير الشرعيين في البلديات الليبية» أو مشروعات مختلفة لـ«توطين المهاجرين».

التومي في أثناء لقائه رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا نيكوليتا جيوردانو (وزارة الحكم المحلي)

وأكدت الوزارة التزامها بالسياسات العامة للدولة الليبية في هذا الملف، مشددة على أن موقف «حكومة الوحدة» واضح وثابت بـ«رفض أي مشروعات تهدف إلى توطين المهاجرين غير الشرعيين داخل ليبيا، تحت أي اسم أو إطار».

وذهبت إلى أن الاجتماع بين الوزير ورئيسة بعثة المنظمة الدولية جاء في إطار «التنسيق وتأكيد أن التعاون مع المنظمة يقتصر على دعم قدرات البلديات في تنظيم وإدارة النزوح الداخلي للمواطنين الليبيين وفق الأسس القانونية الوطنية المنظمة لذلك».

ورأت الوزارة أن «أي تأويل أو تحريف لمضمون الاجتماع، لتأكيد وجود اتفاق على مشروعات توطين المهاجرين؛ هو ادعاء باطل، يهدف فقط إلى إثارة البلبلة والتشويش على الرأي العام».

وإزاء «المغالطات الإعلامية»، دعت الوزارة جميع وسائل الإعلام إلى «تحري الدقة والمعلومات من مصادرها الرسمية»، مؤكدة أنها «ملتزمة بسيادة الدولة، وستواصل العمل مع الشركاء الدوليين بما يتوافق مع المصلحة الوطنية».

غير أن «تجمع الأحزاب الليبية» قال إنه «يدين بأشد العبارات أيّ محاولات لتوطين المهاجرين غير الشرعيين على الأراضي الليبية، سواء عبر برامج الإدماج المباشرة أو من خلال مشروعات تُموَّل دولياً تحت ذرائع دعم النازحين».

وقال إن «ليبيا التي أنهكها الصراع وضعف المؤسسات ليست مُلزمة بأن تتحول إلى مُستوطنة لمئات الآلاف من الوافدين غير الشرعيين، الذين تُسهّل عصابات الاتجار بالبشر دخولهم عبر حدودنا المفتوحة».

ويعتقد «تجمع الأحزاب» أن الخطر يتمثّل في «استهداف السيادة الوطنية من خلال تكريس الوصاية الخارجية على القرار الليبي». كما يتخوّف من «تغيير التركيبة الديموغرافية». ويرى أن «توطين المهاجرين غير الشرعيين، خصوصاً في المناطق الساحلية الحيوية، يُهدّد النسيج الاجتماعي الليبي، ويُغذّي صراعاتٍ جديدةً على الأرض والموارد في ظل غياب سلطة الدولة الفاعلة».

ولفت «تجمع الأحزاب» إلى «إهدار الموارد الوطنية»، وقال إنه «في وقت يعاني فيه المواطن الليبي من انهيار الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والصحة، تُوجَّه ملايين الدولارات إلى برامج تخدم أجندات خارجية على حساب أولويات الشعب».

وطالب «التجمع»، «الحكومة الليبية بوقف أي تعاون مع الجهات الدولية، ما لم يتمَّ توضيح أهداف هذه البرامج بشكلٍ شفاف»، محمّلاً المجتمع الدولي، والاتحاد الأوروبي تحديداً، مسؤوليةَ استخدام ليبيا كـ«حاجزٍ بشري» لوقف تدفق المهاجرين نحو أوروبا، في حين ترفض دول الاتحاد استقبالَهم على أراضيها.

وانتهى إلى دعوة الشعب الليبي للتصدي «لهذه المخططات عبر كل الوسائل السلمية، والضغط على المؤسسات الرسمية لرفض أيَّ قراراتٍ تمسُّ أمنه القومي».

خلال ضبط مهاجرين غير نظاميين في صحراء الكفرة الليبية (جهاز مكافحة الهجرة)

في السياق ذاته، كشف جهاز «مكافحة الهجرة غير النظامية» عن أن دوريات تابعة لمكتب الكفرة تمكّنت من ضبط 68 مهاجراً كانوا يستقلون 4 سيارات عبر الصحراء بجنوب شرقي البلاد، ونقلتهم إلى مراكز إيواء قبيل ترحيلهم إلى دولهم.