«الصحة العالمية» تتوقع سوء تغذية في السودان بنسبة 39 %

مديرها الإقليمي لـ«الشرق الأوسط»: 11 مليون شخص مستهدفون بالاستجابة الصحية

أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط (الشرق الأوسط)
أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط (الشرق الأوسط)
TT

«الصحة العالمية» تتوقع سوء تغذية في السودان بنسبة 39 %

أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط (الشرق الأوسط)
أحمد المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط (الشرق الأوسط)

بينما تدور الحرب في السودان بشكل محتدم حتى الآن، حذرت منظمة الصحة العالمية من استمرار انعدام الأمن يحدّ من الوصول إلى الأدوية والإمدادات الطبية والكهرباء والمياه في مناطق الاشتباكات بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، متوقعة ارتفاع سوء التغذية بنسبة 39 في المائة خلال الأشهر الستة المقبلة.

وقال الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي للمنظمة في منطقة شرق المتوسط: إن «الصراع في السودان يحدّ من تقديم الرعاية الصحية في الولايات المتضررة مباشرة من النزاع، بل حتى الولايات التي لا تعاني من القتال أيضاً تعاني من نقص الإمدادات، خصوصاً مع تدفق النازحين إليها هرباً من ولايات النزاع».

وأضاف المنظري: «الحاجة لا تزال ماسة إلى الرعاية المتخصصة والخدمات الصحية الروتينية، في حين زاد خطر تفشي الأمراض المنقولة بالمياه والنواقل مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا وأمراض الإسهال الأخرى والحصبة وشلل الأطفال». وتتزايد أعداد النازحين داخل السودان واللاجئين إلى بلدان الجوار الذين بلغ عددهم نحو 4 ملايين، معظمهم في دارفور. وتابع المنظري: «تتزايد أعداد الإصابات والوفيات الناجمة عن العنف، حيث بلغت 12.200 إصابة و1205 وفيات حتى بداية الشهر الحالي، بينما يحتاج 24.7 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، وتم استهداف 18.1 مليون شخص منهم للحصول على مساعدات إنسانية، وفقاً لخطة الاستجابة الإنسانية المنقحة التي تم إطلاقها في مايو (أيار) 2023».

فتيات سودانيات فررن من الصراع في الجنينة بمنطقة دارفور السودانية يصطففن عند نقطة المياه في أدري بتشاد (رويترز)

سوء التغذية

وشدد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، على أن هناك 11 مليون شخص مستهدفون بالاستجابة الصحية، بينما يعاني 4 ملايين طفل، والنساء الحوامل والمرضعات سوء التغذية الحاد، متوقعاً أن يصل سوء التغذية للأشهر الستة المقبلة إلى 39 في المائة، في حين يحتاج أكثر من 100 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون سوء التغذية الحاد الذين يعانون من مضاعفات طبية إلى رعاية متخصصة في مراكز الاستقرار.

ولفت المنظري إلى أن منظمة الصحة العالمية، صنّفت تصعيد العنف في السودان كحالة طوارئ صحية عامة من الدرجة الثالثة في 5 يونيو (حزيران) 2023، وبدأت في نشر المزيد من الدعم العاجل للاستجابة، مبيناً أنه بين 15 أبريل (نيسان) و31 يوليو (تمّوز)، تم التحقق من 53 هجوماً على الرعاية الصحية من قبل منظمة الصحة العالمية؛ ما أدى إلى 11 حالة وفاة و38 إصابة.

ووفق المنظري، فإن 4 من بلدان جوار السودان التي تستقبل الفارين من الحرب، تستجيب أيضاً لتفشي مجموعة من الأمراض، وهي «الكوليرا والحصبة والملاريا والملامبيكس والحمى الصفراء»، أو الأزمات الإنسانية أو تأثير الكوارث الطبيعية بسبب الظواهر الجوية القاسية، فضلاً عن ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.

وزاد المدير الإقليمي للمنظمة: «بالإضافة إلى الرعاية المتخصصة والخدمات الصحية الروتينية، زاد خطر تفشي الأمراض المنقولة بالمياه والنواقل والتي يمكن الوقاية منها باللقاحات، مثل الملاريا وحمى الضنك والكوليرا وأمراض الإسهال الأخرى والحصبة وشلل الأطفال».

سودانيون فرّوا من الصراع في مورني بمنطقة دارفور السودانية يسيرون معاً عند عبور الحدود بين السودان وتشاد في أدري (رويترز)

الرعاية الطارئة

وعن الخطوة التي تعمل عليها منظمة الصحة لتلافي تدهور الوضع الصحي في السودان، قال المنظري: «يقوم المكتب الإقليمي لشرق المتوسط والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأفريقيا بتنسيق الاستجابة الصحية عبر الحدود في البلدان المجاورة للرعاية الصحية، بما في ذلك الرعاية الطارئة والدعم النفسي والاجتماعي للسودانيين وغيرهم من المواطنين الفارّين من القتال في السودان».

وبيّن المنظري، أن منظمة الصحة العالمية تستجيب في كل بلد من خلال العمل مع وزارات الصحة والمنظمات الشريكة لتنسيق الاستجابة الصحية، وتوفير الإمدادات الطبية الطارئة لضحايا الصدمات، وكذلك الرعاية الصحية النفسية الأساسية، ومنع انتشار الأمراض.

ووفق المنظري، تأخذ منظمة الصحة العالمية زمام المبادرة في تنسيق استجابات الطوارئ من خلال آلية المجموعة الصحية في المناطق التي تستضيف اللاجئين والعائدين؛ مما يساعد الوكالات المستجيبة الأخرى على تقديم استجابة فعالة وجيدة التخطيط، بينما تراقب المنظمة العالمية تفشي الأمراض وتستجيب بسرعة من خلال نشر فرق الاستجابة السريعة.

امرأة تتلقى رعاية طبية داخل خيمة الهلال الأحمر السوداني (رويترز)

الإمدادات الطبية

ومع ارتفاع الطلب على الإمدادات الطبية، قال المنظري: إن المنظمة تساعد في شراء وتسليم العناصر الأكثر احتياجاً إلى المستشفيات والعيادات، مبيناً أن المكاتب القطرية للمنظمة، تعمل في البلدان التي تستضيف اللاجئين والمهاجرين والعائدين من السودان بالتعاون مع النظم الصحية الحكومية والشركاء؛ لضمان تقديم الرعاية الصحية الطارئة والخدمات الصحية الأساسية وخدمات التمنيع لآلاف الأشخاص الضعفاء الذين فرّوا من العنف في السودان.

وأضاف: «وبوازع من تعهداتها ومواثيقها وفي إطار الرؤية الإقليمية بأن الصحة للجميع وبالجميع، لا تزال المنظمة ملتزمة بحماية صحة الشعب السوداني، وتعمل بنشاط على ضمان تسليم الإمدادات الطبية التي تمس الحاجة إليها إلى المرافق الصحية في السودان؛ حتى يتمكن العاملون الصحيون الذين دربتهم منظمة الصحة العالمية على إدارة الإصابات الجماعية والرعاية الطارئة استخدامها لعلاج الناس وإنقاذ الأرواح، بما في ذلك أكثر من 2.2 مليون شخص مشرد داخل السودان».


مقالات ذات صلة

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

الخليج مقر وزارة الخارجية الإماراتية (الشرق الأوسط)

الإمارات تؤكد استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثتها في الخرطوم

أكد سالم الجابري، مساعد وزير الخارجية للشؤون الأمنية والعسكرية، استهداف الجيش السوداني مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شمال افريقيا رئيس مجلس الوزراء المصري خلال لقاء عدد من المفكرين والكُتاب (مجلس الوزراء المصري)

«سد النهضة»: مصر تلوح بـ«توجه آخر» حال نقص حصتها المائية

لوّحت الحكومة المصرية باتخاذ «توجه آخر» تجاه قضية «سد النهضة» الإثيوبي حال نقص حصة القاهرة من مياه النيل.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية الخرطوم (أرشيفية - أ.ف.ب)

السودان: اتهامات لكتائب موالية للجيش بـ«إعدام العشرات» جماعياً

وجه نشطاء حقوقيون سودانيون اتهامات لكتائب موالية للجيش وأفراد يرتدون الزي العسكري له بارتكاب ما وصفوه بـ«انتهاكات جسيمة» تضمنت عمليات «إعدام جماعي لعشرات».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا الرئيس الصيني يرحب بقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان خلال «قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» في بكين مطلع سبتمبر الماضي (مجلس السيادة)

بكين تدعو إلى احترام سيادة ووحدة السودان وعدم التدخل بشؤونه

«الشركات الصينية تهتم بالسودان، وتتابع تطورات الأحداث أولاً بأول، وترغب بعد وقف الحرب العودة مرة أخرى واستئناف عملها في الاقتصاد التجاري».

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا أعمدة الدخان تتصاعد خلال اشتباكات بين «قوات الدعم السريع» والجيش في الخرطوم يوم 26 سبتمبر (رويترز)

الجيش السوداني ينفي قصف سفارة الإمارات بالخرطوم

قال الجيش السوداني في بيان إنه «لا يستهدف مقار البعثات الدبلوماسية، أو مقار ومنشآت المنظمات الأممية أو الطوعية».


جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
TT

جدل في ليبيا بعد تشكيل الدبيبة إدارة جديدة لـ«الدعوة الإسلامية»

اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)
اللجنة التسييرية لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» في طرابلس (المكتب الإعلامي للجمعية)

أقدم رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، على تفعيل قرار كان قد اتخذه بتشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية»، وسط حالة من الرفض والجدل للقرار الذي رأى كثيرون أنه «يخالف التشريعات القائمة» في البلاد.

ولم تتخلص ليبيا بعدُ من التأثير السلبي لأزمة الصراع على المصرف المركزي، حتى اندلع خلاف جديد، الأحد، يتمحور حول صراع الفرقاء على «الصلاحيات القانونية»، بينما يرى متابعون أن هذا الخلاف يزيد من تفتيت الجهود الرامية إلى تحريك العملية السياسية.

وقالت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» عبر بيان أصدرته في ساعة مبكرة من صباح الأحد، إنها «فوجئت بقرار من حكومة «الوحدة» بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد لها، مشيرة إلى أن القرار «سواء كان عن خطأ أو عن عمد فإنه لا يستند إلى أساس قانوني؛ بوصفها تابعة للجهة التشريعية في الدولة حسب القانون الليبي».

وأوضحت الجمعية أنه «فور علمها بالقرار من (الميديا) الليبية والإقدام على تنفيذه اتجهت لتحرك دعوى قضائية بالطعن فيه؛ كما أقدم مجلسا النواب و(الرئاسي) على الخطوة نفسها، لكن مجلس الإدارة الجديد المشكَّل من الحكومة يصر على عدم الاعتراف بالإجراءات القضائية».

فرض الأمر الواقع

وتحدثت الجمعية عن أن المجلس الجديد «مستمر في محاولاته» التي وصفتها بـ«اليائسة» في «ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع ومحاولة السيطرة على إدارة الجمعية؛ بالمخالفة لقانونها التأسيسي رقم 58 لسنة 1972، وقانون رقم 9 لسنة 2023» القاضيين باختصاص وتبعية الجمعية لجمعيتها العمومية، وهيئة رئاسة مجلس النواب دون غيرهما.

وسبق أن اتخذ الدبيبة قراراً في 12 سبتمبر (أيلول) الماضي بتشكيل مجلس إدارة جديد لـ«جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» ومقرها العاصمة طرابلس، ويتكون من رئيس و6 أعضاء.

وعلى خلفية التجاذبات التي تشهدها ليبيا منذ أكثر من عقد، دافع المجلس الحالي للجمعية عن نفسه، وقال إنه «حافظ على ابتعاده عن كل الصراعات السياسية، كما حافظنا طوال السنوات الماضية على أموال الجمعية التي هي في الأساس أموال الليبيين».

وبشأن أرصدة الجمعية، نوهت بأن هذه الأموال «مخصَّصة للدعوة ومساعدة المسلمين في مختلف أرجاء العالم؛ بكل أمانة وإخلاص بعيداً عن عبث العابثين»، مجددة رفضها ما سمته «محاولات جرِّ هذه المؤسسة العريقة إلى أتون الصراع والنزاع والسيطرة على أموالها بطرق غير مشروعة بشكل يضر سمعتها العالمية، خصوصاً مع وجود مساهمات من دول عدة في هذه المؤسسة العريقة».

المنفي والدبيبة في لقاء سابق (المجلس الرئاسي الليبي)

مخالفة للقانون

ومع تصاعُد ردة الفعل، رأى أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن القرار الذي اتخذته «الوحدة» يشكِّل «مخالفة للقانونين اللذين ينظمان عمل الجمعية؛ ويؤكدان تبعيتها لمجلس النواب».

ويحذِّر سياسيون ليبيون «من أي محاولة للمساس بأموال الجمعية»، ويطالبون الأجهزة الرقابية في غرب البلاد «بالاضطلاع بدورها في حمايتها»، لكن حكومة الدبيبة تتمسك بأحقيتها في تغيير مجلس إدارتها، «بعيداً عن أي مساس يتعلق بمدخراتها»، كما نوهت في بيانات سابقة.

بجانب ذلك، أبدت استغرابها من «رفع هيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، الرقابة المصاحبة على مصروفات وحسابات جمعية الدعوة في المصارف الداخلية والخارجية بشكل مفاجئ، ودون اتخاذ أي تدابير وقائية».

ورأت الجمعية أنه «بهذه الطريقة يسهل تحويل أي أموال من أرصدتها، وتكون عرضة للنهب والسرقة، ما يهدد المؤسسة بالإفلاس»، منوهة بأن ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة كانا يدققان قبل ذلك كل ما يخص مصروفات وحسابات الجمعية؛ و«هذا عمل نُشيد به، ونستغرب فعل عكسه بعد تشكيل مجلس إدارة جديد للجمعية بالمخالفة للقانون».

وتحدثت الجمعية عن «عملية اقتحام سابقة لمقرها الرئيسي في طرابلس بشكل غير قانوني»، ورأت أن بعد هذا الفعل المسيء ساد ارتباك وخوف داخل المؤسسة من قِبل الموظفين أثناء التلاعب بأرصدة الجمعية في غياب الرقابة المصاحبة من الأجهزة الرقابية».

وانتقد المجلس الرئاسي الليبي، قرار حكومة «الوحدة»، وعدَّه أيضاً «مخالفاً للقانون»، وقال: «كان يجب أن تتم عملية تغيير مجلس إدارتها من قبل الجهة المخولة بذلك، الأمر الذي ثمَّنته الجمعية، داعيةً حكومة (الوحدة) إلى مراجعة قرارها، والمساهمة في الحفاظ على أموال الجمعية، وعدم تعريض سمعتها للخطر».

وانتهت «جمعية الدعوة الإسلامية العالمية» مذكِّرة بأنها مؤسسة خاصة مستقلة بنص قانون إنشائها، ولها ارتباطات بمنظمات دولية وإقليمية، ويشارك في عضوية مؤتمرها العام (جمعيتها العمومية) ممثلون لأكثر من 50 دولة إسلامية، وبها أقليات إسلامية، ولها تمثيل دبلوماسي بأكثر من 20 دولة.