لماذا ترفض «قوة الردع» إحضار صهر القذافي إلى المحكمة؟

محامي السنوسي لـ«الشرق الأوسط»: ستُكشف «خيوط المؤامرة» بحصوله على البراءة

السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
TT

لماذا ترفض «قوة الردع» إحضار صهر القذافي إلى المحكمة؟

السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)
السنوسي مدير الاستخبارات العسكرية في عهد القذافي (أرشيفية من رويترز)

عبرت عائلة عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية في عهد الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عن صدمتها من تأجيل محاكمته إلى الشهر المقبل، وذلك على خلفية رفض «قوة الردع» إحضاره إلى محكمة استئناف طرابلس، لكنها لا تزال تنتظر لحظة الإفراج عنه.

وأمام امتناع ميليشيا «قوة الردع» المسلحة، التي يقودها عبد الرؤوف كارة، عن الاستجابة لمطالب المحكمة المتكررة، تكررت الأسئلة عن الأسباب وراء ذلك، وإلى متى ستبقي «قوة الردع» على السنوسي، صهر القذافي، حبيساً في سجن معيتيقة الذي يقع تحت سيطرتها.

وأرجأت المحكمة التي انعقدت مساء (الاثنين) محاكمة السنوسي، ومنصور ضو، رئيس الأمن المكلف حماية القذافي، إلى الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) المقبل، لعدم جلبهما من محبسهما كما كان مقرراً في الجلسة السابقة.

ويعد السنوسي (72 عاماً) واحداً من أقوى رجال النظام السابق، وقد حُكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة» 17 فبراير (شباط) 2011. وفي نهاية عام 2019 برّأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «مذبحة سجن أبو سليم»، غير أن المحكمة العليا في البلاد نقضت الحكم، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.

وعقب تأجيل محاكمته (الاثنين)، تساءلت عائلته، التي صُدمت من تأجيل القضية للمرة السادسة، في تصريح صحافي: متى ستنتهي ما وصفته بـ«المسرحية الهزلية»، وقالت إن «من يقفون خلف هذه المسرحية يودون التخلص من والدنا بإطالة سجنه، وإهمال أمراضه الخطيرة للتخلص منه تدريجياً، وللأسف تحت غطاء القانون!».

واشتكت قبيلة «المقارحة»، التي ينتمي إليها السنوسي، من أنه «يعاني من أمراض القلب وسرطان الكبد»، كما نقلت ابنته العنود لوسائل إعلام عديدة أنه «يعاني وضعاً صحياً سيئاً»، مطالبة السلطة الليبية بالإفراج عنه.

ويعتقد مقربون من السنوسي أن السلطة التنفيذية في البلاد «تتعمد تغييبه» في السجن «إرضاء لثوار فبراير»، لكن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، التقى أكثر من مرة مشايخ وأعيان قبيلة «المقارحة»، ووعدهم ببحث قضية السنوسي.

وسبق أن عزا الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة «المقارحة»، سبب الإبقاء على السنوسي رهن السجن؛ «لكونه محبوباً في مناطق ليبيا كافة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يتعنتون في الإفراج عن ولدنا؛ لأنهم يعرفون قدره؛ فالجميع يحبونه بعيداً عن الحسابات الجهوية، وغالبية الشعب تريد الإفراج عنه».

والسنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للقذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً، وهو لا يزال ملاحقاً من المحكمة الجنائية الدولية.

وأمام تكرار تأجيل محكمة السنوسي، رأى أحمد نشاد، محامي السنوسي، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن سجّانيه «يدركون أن مآل الحكم سيكون ببراءته من التهم المنسوبة إليه... وحينها ستتكشف خيوط المؤامرة ضد ليبيا».

ويدافع أنصار السنوسي عنه في مواجهة أي اتهامات توجه إليه، مشيرين إلى أنه «مستهدف لكونه شخصية مؤثرة في ليبيا سابقاً وراهناً»، في وقت يرى فيه نشطاء محسوبون على «ثورة 17 فبراير» أن له دوراً في «قمع الثوار»، و«يجب محاكمته».

وكان السنوسي قد غادر ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، لكن أُلقي القبض عليه عام 2012، بعد وصوله من المغرب إلى موريتانيا بجواز سفر قالت السلطات الأمنية في طرابلس حينها إنه «مزوّر».

ويرى الرافضون لسجن السنوسي أن لديه «علاقات جيدة» وسط القبائل الليبية، قد تمكنه من تفعيل «المصالحة الوطنية»، التي يتبناها المجلس الرئاسي الليبي، وقطع فيها شوطاً بعقد مؤتمرات عدة حضرها ممثلو النظام السابق.

وسبق أن استقبل الدبيبة، ومحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، وفوداً من قبيلة «المقارحة»، وبحثا معها ملف الإفراج عن السنوسي، لكن دون تحرك ملموس يوشي بذلك، وفقاً للشيخ أرحومة، الذي قال إنهم «يرفضون اللجوء إلى ممارسة الضغوط على السلطة من أجل إطلاق سراح السنوسي»، مضيفاً: «نحن نمنع شبابنا من أي إجراءات تصاعدية، ونتحكم في غضبهم... لكن لو قدر الله وحصل أي مكروه لعبد الله، فإننا لن نضمن وقوع أشياء كثيرة».



الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.