سوق السيارات المصرية إلى «مصير مجهول»

ارتفاع الأسعار ساهم في انخفاض المبيعات بنسبة 75 %

مصريون يواجهون مشكلة في تحمل تكاليف اقتناء سيارة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصريون يواجهون مشكلة في تحمل تكاليف اقتناء سيارة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

سوق السيارات المصرية إلى «مصير مجهول»

مصريون يواجهون مشكلة في تحمل تكاليف اقتناء سيارة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصريون يواجهون مشكلة في تحمل تكاليف اقتناء سيارة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تجددت التساؤلات في مصر مؤخرا بشأن استمرار تأثير الأزمة الاقتصادية على سوق السيارات في البلاد، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار السيارات، وانخفاض حجم المبيعات. ويشير خبراء إلى «وجود أزمة (حادة) في سوق السيارات، تنوع أسبابها ما بين ارتفاع سعر الدولار في مقابل الجنيه المصري (الدولار يعادل نحو 30.90 جنيه في المتوسط)، ونقص المعروض من السيارات، وعدم قدرة كثير من المصريين على تحمل تكاليف شراء أو صيانة سيارة».

ووفق «شعبة السيارات» بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، فقد «انخفض حجم مبيعات السيارات بنسبة 75 في المائة خلال العام الحالي». أيضاً ذكر تقرير مجلس معلومات سوق السيارات المصرية «الأميك»، أن «حجم مبيعات سوق السيارات المصرية انخفض بنسبة 76 في المائة خلال العام الحالي مقارنة بعام 2022، الذي وصلت مبيعاته إلى 22 ألف و602 سيارة، بينما وصلت مبيعات العام الحالي إلى 6076 سيارة».

عضو مجلس إدارة شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، منتصر زيتون، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السبب الرئيسي في أزمة سوق السيارات بمصر، هو ارتفاع الأسعار، الذي أدى إلى انخفاض المبيعات لمستويات قياسية»، لافتاً «يوجد حركة استيراد (طفيفة) حيث يتمكن بعض التجار والوكلاء من تصدير سيارات من مصر إلى الخارج، ما يوفر لهم دولارات يستخدمونها في استيراد سيارات أخرى»، كما «ألقت أزمة ارتفاع الأسعار بظلالها على السيارات المستعملة، إذ إن السيارة التي كانت تُباع بنحو 300 ألف جنيه، ارتفع سعرها إلى أكثر من مليون».

وأشار زيتون إلى مشكلة أخرى وهي أن «نسبة كبيرة من مبيعات السيارات في مصر كانت تتم بالتقسيط من خلال تمويل البنوك، وقد حدد (البنك المركزي المصري) قيمة قسط السيارة ما بين 30 إلى 35 في المائة من راتب الشخص، ونتيجة ارتفاع الأسعار أصبح مجمل راتب الكثيرين لا يفي بهذه النسبة، ما يدفع البنوك إلى رفض قرض السيارة (لأن الراتب لا يكفي)».

ووفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر فقد «بلغت القيمة الإجمالية لواردات مصر من السيارات خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، نحو 73.117 مليون دولار، مقارنة بنحو 207.513 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2021، بانخفاض تبلغ قيمته نحو 134.396 مليون دولار، وبنسبة تراجع تبلغ نحو 64.7 في المائة».

و«انخفض عدد المركبات المرخصة في مصر بنسبة 8.9 في المائة حتى ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي»، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء؛ حيث «بلغ عدد السيارات المرخصة نحو 9.9 مليون مركبة، مقابل 10.9 مليون مركبة في ديسمبر».

من جانبه، قال الأمين العام لرابطة تجار السيارات في مصر، خالد سعد، لـ«الشرق الأوسط» إن «أزمة سوق السيارات في مصر (لن تُحل) ولا يوجد أفق قريب لذلك، نظراً لارتباطها بتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، ما أدى إلى إيقاف الاعتمادات المالية للاستيراد، ولا يوجد حلول سوى فتح الاستيراد الكامل، وهذا لن يحدث؛ إلا إذا انخفض الدولار أو توافرت عملة صعبة»، لافتاً إلى أن «كثيرا من المصريين يواجهون مشكلة كبيرة في تحمل تكاليف اقتناء سيارة، نتيجة ارتفاع أسعار قطع الغيار والصيانة، إذ إن سوق السيارات المصرية تعتمد بنحو 70 في المائة على السيارات الاقتصادية، وهي الأكثر مبيعاً».

سعد أوضح في السياق «ستظل سوق السيارات (مرتبكة) خلال الفترة القادمة، وجزء من الحلول أن تدعم الدولة التصنيع المحلي لتوفير الدولارات».


مقالات ذات صلة

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

شمال افريقيا مدبولي خلال تفقد المشروعات في العلمين الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُسرّع إجراءات تعويضات أهالي منطقة «رأس الحكمة»

تُسرّع الحكومة المصرية من «إجراءات تعويض أهالي منطقة (رأس الحكمة) في محافظة مرسى مطروح (شمال البلاد)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مناقشات «الحوار الوطني» في مصر لملف «الحبس الاحتياطي» (الحوار الوطني)

«الحوار الوطني» لعرض تعديلات «الحبس الاحتياطي» على الرئيس المصري

يراجع «مجلس أمناء الحوار الوطني» في مصر مقترحات القوى السياسية وتوصياتها على تعديلات بشأن ملف «الحبس الاحتياطي»، عقب مناقشات موسعة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة على الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا مصري يسير بالقرب من المتاجر المتضررة في الحريق الذي شهدته منطقة «الموسكي» (رويترز)

تحقيقات تؤكد تسبب «ماس كهربائي» في حرائق أسواق بالقاهرة

حلّ الماس الكهربائي بوصفه «متهماً أول» في الحرائق التي اندلعت أخيراً بأسواق تجارية «شهيرة» في وسط القاهرة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق «الحضرة» تنشد على المسرح (الشرق الأوسط)

فرقة «الحضرة» المصرية تدخل عامها العاشر بطموحات كبيرة

تحتفل فرقة «الحضرة» المصرية للإنشاد الديني بعيد ميلادها التاسع خلال فعاليات الموسم الصيفي للموسيقى والغناء في دار الأوبرا؛ بإحيائها حفلاً على «المسرح المكشوف».

نادية عبد الحليم (القاهرة)

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
TT

مسؤولون مصريون يواجهون «الغلاء» بجولات مفاجئة على الأسواق

وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)
وزير التموين خلال جولته في الإسكندرية (وزارة التموين)

يواصل مسؤولون مصريون جولاتهم المفاجئة داخل الأسواق للتأكد من توافر السلع بـ«أسعار مناسبة»، عقب زيادة أسعار الوقود بنسب تراوحت ما بين 10 و15 في المائة، وسط مخاوف متصاعدة بين المواطنين من «موجة غلاء» جديدة.

وبينما جدد وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، شريف فاروق، خلال جولة له في الإسكندرية، اليوم (السبت)، «تأكيده التزام الدولة بثبات سعر الخبز المدعم من دون تغيير مع تحمل الدولة فارق الزيادة»، باشر عدد من المحافظين جولاتهم الميدانية للتأكد من «تطبيق التعريفات الجديدة في المواصلات، وتوافر السلع وأسعارها بالمجمعات الاستهلاكية، مع التأكيد على بيع الخبز المدعم للمواطنين بـ20 قرشاً».

ومطلع يونيو (حزيران) الماضي، رفعت الحكومة المصرية للمرة الأولى منذ 36 عاماً، سعر رغيف الخبز المدعم إلى 20 قرشاً للرغيف، بدلاً من 5 قروش (الجنيه يساوي 100 قرش، بينما يعادل الجنيه 0.021 دولار أميركي).

محافظ القاهرة خلال متابعة تطبيق التعريفة الجديدة للمواصلات (محافظة القاهرة)

وقدمت عضوة مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائبة راوية مختار، سؤالاً برلمانياً إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير البترول حول تأثير قرار رفع أسعار الوقود على السلع خلال الفترة المقبلة، مؤكدة أن القرار سيؤدي حتماً إلى «زيادة الأسعار» في الأيام المقبلة، بما يشكل عبئاً على المواطن، ويخالف تعهدات الحكومة بالتخفيف عن المواطن.

وأعلنت الحكومة المصرية، الخميس الماضي، زيادة أسعار أنواع الوقود. ووفقاً لما نقلته الجريدة الرسمية عن وزارة البترول، فقد جرت زيادة أسعار بنزين 80 بسعر 12.25 جنيه (0.25 دولار)، وبنزين 92 بسعر 13.75 جنيه، وبنزين 95 بسعر 15 جنيهاً. أما السولار، وهو أحد أكثر أنواع الوقود استخداماً، فشهد زيادة أكبر؛ إذ تقرر رفع سعره إلى 11.50 جنيه (0.24 دولار) من 10 جنيهات.

وبحسب الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور كريم العمدة، فإن «رفع الحكومة لسعر السولار الأكثر استخداماً في سيارات النقل ومركبات الأجرة سيؤدي حتماً إلى زيادة الأسعار بنسب متفاوتة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «التحركات الحكومية من أجل ضبط الأسواق يجب أن تكون أكثر صرامة لضمان عدم استغلال نسب زيادة الوقود في رفع الأسعار بصورة مبالغ فيها»، مضيفاً أن «ارتفاع تكلفة النقل سيؤدي بالتبعية إلى زيادة أسعار السلع بنسب ثابتة، بافتراض ثبات باقي العوامل الأخرى المؤثرة في عملية التسعير».

محافظ الجيزة في جولة تفقدية بأحد الأسواق (محافظة الجيزة)

لكن عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمود أبو الخير، يرى أن نسب الزيادة ستكون ذات تأثير محدود على المواطنين «حال نجاح الأجهزة الرقابية في متابعة دورها، ليس فقط على أسعار السلع؛ لكن أيضاً على وسائل النقل وغيرها من الأمور»، لافتاً إلى أن «تحركات المحافظين والوزراء والمسؤولين على الأرض تعكس بوضوح وجود جدية حكومية في هذا الأمر».

وقال أبو الخير لـ«الشرق الأوسط»، إن «جولات المسؤولين المصريين قد تحد من استغلال بعض التجار، الذين يسعون لتحقيق مكاسب إضافية، فور الإعلان عن أي زيادات سعرية»، مشيداً بـ«سرعة التحرك الحكومي لضبط الأسواق وتجنب حدوث مشكلات في توافر بعض السلع».

مسؤولون مصريون يتابعون العمل داخل إحدى محطات الوقود عقب زيادة أسعار البنزين والسولار (الشرق الأوسط)

ومنذ بدء برنامج «الإصلاح الاقتصادي» بمصر مع صندوق النقد الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، اتبعت الحكومة المصرية «إجراءات تقشفية»، على رأسها «تقليل دعم الوقود والكهرباء والمياه بشكل تدريجي»، بحسب مراقبين.

وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء الماضي، «رفع أسعار عدة خدمات حتى نهاية العام المقبل بشكل تدريجي». لكن مدبولي تعهد العمل على «ضبط الأسعار» من خلال «ضخ كميات إضافية من السلع، مما يحقق وفرة في العرض، وبالتالي تحقيق انخفاض في السعر».

وعودة إلى النائب أبو الخير، فقد أكد «أهمية الاستمرار في المتابعة الميدانية لضمان توافر السلع، مع وجود احتياطي استراتيجي منها يكفي لفترات أطول»، لافتاً إلى «ضرورة تفعيل أدوات الرقابة والمحاسبة للمخالفين، الذين يقومون بتخزين السلع لمحاولة احتكارها من أجل زيادة سعرها».