الجيش الجزائري يحدد أولوياته في مواجهة المخاطر والتهديدات

رئيس الأركان أشاد بسياسة مكافحة الإرهاب وتهريب السلاح

رئيس أركان الجيش والرئيس عبد المجيد تبون خلال حفل تخرُّج دفعة عسكرية (وزارة الدفاع)
رئيس أركان الجيش والرئيس عبد المجيد تبون خلال حفل تخرُّج دفعة عسكرية (وزارة الدفاع)
TT

الجيش الجزائري يحدد أولوياته في مواجهة المخاطر والتهديدات

رئيس أركان الجيش والرئيس عبد المجيد تبون خلال حفل تخرُّج دفعة عسكرية (وزارة الدفاع)
رئيس أركان الجيش والرئيس عبد المجيد تبون خلال حفل تخرُّج دفعة عسكرية (وزارة الدفاع)

حدد رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول سعيد شنقريحة، أولويات الجيش في المرحلة المقبلة، والتي تتمثل في تحديث وسائل عمله، وتطوير الصناعة العسكرية، ورفع درجة الجاهزية القتالية، تحسباً لمواجهة مخاطر وتهديدات.

وخاطب شنقريحة، الأحد، في «الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة» بشرشال (غرب العاصمة)، كوادر عسكريين بمناسبة تخرُّج دفعة جديدة منهم؛ حيث شدد على «الجودة في الأداء والنجاعة والاحترافية، ليس فقط على منظومتنا التكوينية؛ بل على كافة مكونات قواتنا المسلحة». وأشار إلى أن الجيش يبحث عن تحقيق الجاهزية الرفيعة التي تليق بجيش محترف ومهاب الجانب، شعاره الدفاع عن الشعب والوطن، وطموحه المشروع احتلال مراتب الريادة على الصعيدين الجهوي والإقليمي».

الرئيس تبون يتوسط رئيس أركان الجيش (يسار الصورة) وقائد الحرس الجمهوري (وزارة الدفاع)

وعدَّ شنقريحة «أكاديمية الأسلحة» العمود الفقري للمنظومة التكوينية للجيش الوطني الشعبي، فهي تمدّ قواتنا المسلحة بمورد بشري مؤهل من ضباط أكفاء متشبعين بقيم ومبادئ ثورة نوفمبر (تشرين الثاني)» (الشهر الذي اندلعت فيه حرب التحرير عام 1954). وأشاد قائد الجيش بـ«الإنجازات والنجاحات المعتبرة التي عرفتها بلادنا على الصعيدين الداخلي والخارجي، من أجل بعث المشروع النهضوي الوطني الذي يعزز استقلالية وطننا اقتصادياً، تكنولوجياً ومعرفياً، وكذا مواصلة تطوير وترقية الصناعات العسكرية، بما يعزز النسيج الصناعي وتلبية احتياجات السوق الوطنية، وتوفير مناصب شغل وامتصاص البطالة، والمساهمة في تطوير الاقتصاد الوطني».

وأضاف شنقريحة أن الجيش «يخطو خطوات عملاقة في التطور والتحديث في شتى المجالات، لتعزيز قوته»، مبرزاً أن «الحركية النشطة التي تعرفها بلادنا، أبانت عن طموحات جيشنا المغوار في بلوغ أعتاب القوة والجاهزية العملياتية، في أفضل صورها»، مؤكداً أن «التمارين التكتيكية المنفذة ليلاً ونهاراً في جميع فصول السنة، والظروف المناخية، دليل على هذه الطموحات».

وكان يقصد عشرات التمارين والمناورات والتدريبات التي أجرتها القوات المسلحة، خلال هذا العام، البعض منها كان بالاشتراك مع قوات دول أجنبية، منها روسيا.

الرئيس تبون مع قائد الجيش في الأكاديمية العسكرية (وزارة الدفاع)

وأكد أن الجيش «عازم على مواصلة تطوير كافة قواته، وإرساء مقومات العمل المتكامل والانسجام المنشود لرفع قدراته، وتجسيد تطلعاته، وأمل شعبنا في تحقيق مزيد من التقدم والازدهار للجزائر الجديدة».

كما أشاد الضابط العسكري السامي، بـ«النتائج النوعية المحققة على صعيد مكافحة الجرائم والإرهاب وتهريب المخدرات والأسلحة والذخيرة، والتصدي للجريمة المنظمة، والهجرة غير الشرعية، والتنقيب عن الذهب، وتزوير العملة، وهي ثمرة للجهود المبذولة في جميع المجالات».

وقد حضر الرئيس عبد المجيد تبون مراسيم تخرُّج الدفعة العسكرية. وتلقَّى الثناء من شنقريحة على «الإنجازات المعتبرة على الصعيد الدبلوماسي التي تحققت بفضل سياسة الرئيس، ومكَّنت من تعزيز أواصر التعاون مع كثير من الدول الشقيقة، مما أكد على مركزية دور الجزائر على الساحة الدولية، ومساهمتها في بناء الأمن والسلم».

ودلَّ كلام شنقريحة -حسب مراقبين- على توافق كبير بين الرئيس وقيادة الجيش. واللافت أن تبون يحرص على أن يرافقه شنقريحة في خروجه الميداني، ونشاطه الرسمي بشكل عام، وترك ذلك انطباعاً قوياً على وجود انسجام بين أهم مؤسستين في البلاد، وهما الرئاسة والجيش.

وحسب قائد «أكاديمية الأسلحة»، تعتبر الدفعة الجديدة من الضباط المتخرجين، بمناسبة احتفالات الاستقلال (5 يوليو «تموز» 1962): «نخبة جديدة من كوادر الجيش الوطني الشعبي، تلقوا تكويناً عسكرياً وعلمياً نوعياً، مصقولاً بالسلوك العسكري المثالي، المطبوع بالروح الوطنية والإرادة القوية والتضحية في سبيل الوطن، ما يجعلهم جاهزين لمواجهة التحديات التي يفرضها التطور العسكري والتقدم العلمي والتكنولوجي، خلال ممارستهم مهامهم المستقبلية».



عقوبات جديدة ضد المتحاربين السودانيين... هل تفتح باباً للتفاوض؟

عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)
عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

عقوبات جديدة ضد المتحاربين السودانيين... هل تفتح باباً للتفاوض؟

عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)
عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

أدرج الاتحاد الأوروبي مجدداً عناصر من طرفي الحرب المشتعلة في السودان، على لائحة العقوبات التي باتت تتضمن أسماء عدة، غير أن محللين وخبراء سودانيين قدروا أن تجنب اللجوء إلى أسماء كبيرة سواء في الجيش أو «الدعم السريع»، ربما يكون محاولة لفتح باب التفاوض، وأن العقوبات بمثابة ضغط لجر المتحاربين إلى اللقاء مجدداً.

وأدرج «الأوروبي»، الاثنين، 4 سودانيين من بينهم اثنان من كبار القادة العسكريين في الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، على لائحة عقوباته، وقال إنهم «يهددون السلام والاستقرار والأمن في البلاد»، منوها إلى أن «الإجراءات التقييدية تأتي في ظل خطورة الوضع في السودان باستمرار القتال بين الطرفين».

وشملت العقوبات قائد الاستخبارات العسكرية بالجيش السوداني اللواء على محمد أحمد صبير، لمسؤوليته عن «مضايقة واعتقال واحتجاز أعضاء من المجتمع المدني بشكل تعسفي، وعن حالات عنف جنسي وتعذيب».

مشاهد الدمار في أحد أحياء أم درمان بالسودان في أغسطس الماضي (د.ب.أ)

ومن جانب «الدعم السريع»، وصلت العقوبات إلى اللواء علي عثمان حامد المعروف باسم «عثمان عمليات»، القائد الميداني الأول للعمليات العسكرية منذ اندلاع الصراع، والمتهم بالمسؤولية عن «انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي التي ارتكبتها قوات الدعم السريع»، بحسب البيان الأوروبي.

وطالت العقوبات كذلك الحاكم الفعلي لولاية غرب دارفور تيجاني كرشوم، لـ«تورطه في التخطيط والتوجيه وارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي في الولاية، وتسهيل عمليات تجنيد الميليشيات للقتال إلى جانب (الدعم السريع)».

ومن بين المسؤولين الآخرين المستهدفين بالعقوبات، مدير جهاز الأمن والمخابرات صلاح عبد الله الشهير بــ«قوش» في عهد نظام الرئيس المعزول عمر البشير، لاتهامه بـ«الوقوف وراء العديد من الإجراءات التي اتخذتها القوات المسلحة السودانية وقسم عمليات الاستخبارات».

وسيلة للضغط

وقال الخبير الأمني والعسكري اللواء «متقاعد»، أمين إسماعيل مجذوب، لــ«الشرق الأوسط» إن «فرض عقوبات على أطراف الصراع في السودان، هي محاولة للضغط أكثر في اتجاه تمهيد الطريق للمفاوضات بين الجيش السوداني و(قوات الدعم السريع)».

وأضاف: «هنالك وساطات إقليمية ودولية تسعى منذ اندلاع الحرب في اتجاه حل المشكلة، وآخرها العرض الذي تقدم به الرئيس التركي رجب طيب إردوغان للتدخل لوقف الحرب».

عناصر من الجيش السوداني بمدينة القضارف نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

وأشار إلى أن «هذه العقوبات بطريقة مباشرة لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي وسيلة للضغط على الأطراف للخضوع للتفاوض».

وأوضح أن «عمل مدير الاستخبارات الذي شملته العقوبات الأوروبية، مهني وليس إمدادياً أو قتالياً، هو فقط يستند ويقوم على المعلومات». وبموجب العقوبات الجديدة يتم تجميد أصول الشخصيات المستهدفة، ويحظر على الأشخاص والكيانات التابعة للاتحاد الأوروبي التعامل معهم بتوفير الأموال أو الأصول المالية أو الموارد الاقتصادية، ويحظر عليهم السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ووفقاً للاتحاد الأوروبي، فإن فرض هذه التدابير التقييدية للتأكيد على موقفه الثابت للسلام والمساءلة في السودان، والتزامه بالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتسهيل التوصل إلى حل سلمي للأزمة ومعالجة الوضع الإنساني المروع.

وقال ضابط متقاعد في الجيش السوداني، فضل حجب هويته، إن الهدف من العقوبات «ردع الأفراد من التورط في انتهاكات قد تجرهم إلى المساءلة الجنائية والقانونية، لكنه استبعد أن تؤثر على أداء المؤسستين العسكريتين الجيش، و(الدعم السريع)».

وأضاف: «قد تشكل تلك العقوبات وسيلة ضغط أكبر على المستهدفين من القادة العسكريين الفاعلين، وتدفعهم للكف عن التورط في ارتكاب أفعال تقع تحت جرائم الحرب».

«عقوبات جائرة»

وقال قيادي بقوات الدعم السريع (فضل عدم الكشف عن هويته) إن «العقوبات الأوروبية ضد القائد العسكري، جائرة ولا تستند لأي منطق».

وأضاف أن فرض «عقوبات على قيادات الدعم السريع مكافأة لقادة الجيش السوداني وحلفائه من (الجماعات الإرهابية) التي أشعلت الحرب في البلاد وتصر على استمرارها، وتشكل أفعالهم هذه تهديداً للأمن والسلم الإقليميين والدوليين».

وزعم القيادي أن «تجاني كرشوم الذي شملته العقوبات شخص مدني ولا صلة له بقوات الدعم السريع، وكان نائباً لحاكم ولاية غرب دارفور قبل اندلاع الحرب، واستمر في ممارسة مهامه في السلطة بحكم أنه يمثل أحد المكونات الاجتماعية في الولاية».

أطفال نازحون في مخيم «زمزم» شمال دارفور في السودان أغسطس الماضي (رويترز)

وقال القيادي: «كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يوجه هذه العقوبات (غير العادلة) إلى قادة الجيش السوداني الذين ظلوا يرفضون كل المساعي الإقليمية والدولية لوقف الحرب وإنهاء معاناة السودانيين، فيما كانت (الدعم السريع) تستجيب لكل المبادرات بدءاً من منبر جدة الأول والثاني، ولمحادثات جنيف في أغسطس (آب) الماضي».

وفرض الاتحاد الأوربي في يونيو (حزيران) الماضي عقوبات على 6 أفراد من طرفي الصراع، من بينهم مدير منظومة الدفاعات الصناعية العسكرية بالجيش السوداني، ميرغني إدريس، وقائد القوات الجوية السودانية، الطاهر محمد العوض.

وشملت العقوبات زعيم الحركة الإسلامية، علي أحمد كرتي، الذي تتهمه القوى المدنية بأنه وراء إشعال الحرب في 15 أبريل، والمؤثر الفعلي على القرار داخل الجيش.

وفي الجانب الآخر، طالت العقوبات قائد الدعم السريع في غرب دارفور، عبد الرحمن جمعة، المتهم بارتكاب فظائع وانتهاكات والتحريض على القتل بدوافع عرقية، بالإضافة إلى زعيم قبلي من عشيرة المحاميد.

ولوح الاتحاد الأوروبي في وقت سابق بأنه لا يريد أن يلجأ في الوقت الراهن لفرض عقوبات على قيادات عسكرية عليا في الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، يمكن أن تعرقل أي مساع لعملية التفاوض السلمي.