السودان يخطط لاستعادة علاقته الدبلوماسية مع إيران في أقرب وقت

عبداللهيان: ما يحدث في السودان شأن داخلي ونرفض التدخلات الخارجية

عبد اللهيان ونظيره السوداني علي الصادق خلال لقائهما في باكو بأذربيجان (الخارجية الإيرانية - تويتر)
عبد اللهيان ونظيره السوداني علي الصادق خلال لقائهما في باكو بأذربيجان (الخارجية الإيرانية - تويتر)
TT

السودان يخطط لاستعادة علاقته الدبلوماسية مع إيران في أقرب وقت

عبد اللهيان ونظيره السوداني علي الصادق خلال لقائهما في باكو بأذربيجان (الخارجية الإيرانية - تويتر)
عبد اللهيان ونظيره السوداني علي الصادق خلال لقائهما في باكو بأذربيجان (الخارجية الإيرانية - تويتر)

بعد قطيعة استمرت نحو 7 سنوات يتجه السودان لاستعادة علاقاته الدبلوماسية مع إيران، وذلك في أول نشاط دبلوماسي رسمي لمسؤول سوداني بهذا المستوى.

وزير الخارجية السوداني المكلف، علي الصادق، التقى على هامش اجتماعات دول عدم الانحياز في «باكو» الأذربيجانية، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وبحثا استعادة العلاقات المقطوعة بين البلدين منذ قرابة عقد زماني، بشكل عاجل.

قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران بشكل مفاجئ في يناير (كانون الثاني) 2016 أثناء حكم الرئيس السابق عمر البشير، وقال وقتها إن قطع علاقاته مع الحليف السابق يجيء «على خلفية الهجوم الغاشم على سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد»، بيد أن البشير كان قد مهد لقراره بقطع علاقاته مع إيران منذ العام 2014 حين أصدر قراره بإغلاق الحسينيات والمركز الثقافي الإيراني في الخرطوم.

فرص التعاون

وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان أمس، إن الوزير المكلف علي الصادق التقى الخميس الوزير الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وبحث معه «إعادة العلاقات بين البلدين في أقرب الآجال»، وأهمية استعادة هذه العلاقات إلى «سابق عهدها بما يُمكن البلدين من الاستفادة من فرص التعاون المشترك في شتى المجالات»، وإن المسؤول السوداني شكره على المساعدات الإنسانية التي قدّمها الهلال الأحمر الإيراني، وهنّأه على استعادة علاقات بلاده مع المملكة العربية السعودية.

وذكر بيان الخارجية أن الصادق استعرض مع نظيره عبداللهيان تطور الأحداث في السودان، وأبلغه بقدرة الجيش السوداني على «حسم التمرد في مدى زمني قصير»، وأن تأخر الحسم يرجع إلى وجود المتمردين داخل المرافق الحكومية ومنازل المواطنين، وأن الجيش السوداني لا يرغب في انتهاج سياسة الأرض المحروقة.

طهران بعثت بمساعدات بعد انطلاق الحرب في الخرطوم (أ.ف.ب)

ونقلت الخارجية السودانية عن رأس الدبلوماسية الإيرانية أسفه للأوضاع في السودان، وقوله إن حكومة بلاده تعتبر ما يحدث «شأناً داخلياً، وأن الحل يجب أن يكون سودانياً دون أي تدخلات خارجية».

وعلى نحو مفاجئ، أعلن السودان في يناير (كانون الأول) 2016 قطع علاقاته الدبلوماسية مع طهران، منهياً بذلك عقداً من التعاون الدبلوماسي والعسكري السوداني الإيراني، أثناء المقاطعة العربية والدولية لإيران، وعزلة السودان الدولية والعقوبات المفروضة عليه، وكانت تلك العلاقات وقتها توصف بأنها «تحالف منبوذين».

2014 بداية التدهور

وقالت وزارة الخارجية السودانية، وقتها، إن الخرطوم قررت قطع علاقتها الدبلوماسية مع إيران رداً على اقتحام محتجين للسفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد، وقالت بلغة مشددة: «على خلفية حادثة الاعتداء الغاشم على سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، تعلن حكومة السودان قطع العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية فوراً»، معلنة التحاق السودان بكل من البحرين والمملكة العربية السعودية اللذين قطعا علاقتهما بطهران.

بيد أن العلاقات السودانية الإيرانية «الحميمة» بدأت في التدهور منذ سبتمبر (أيلول) 2014، إثر قرار السلطات السودانية إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية، التي بدأ إنشاؤها في البلاد بعهد حكومة رئيس الوزراء الصادق المهدي في العام 1988، وتزايد نشاطها بعد استيلاء البشير على الحكم في السودان العام 1989.

واتهمت الخرطوم المراكز الثقافية الإيرانية بمحاولة «التبشير بالمذهب الشيعي»، بيد أن تقارير صحافية ذكرت وقتها أن القرار على علاقة بضغوط داخلية وخارجية وقلق إقليمي من انتشار المذهب الشيعي في الساحل الغربي للبحر الأحمر، بجانب ضغوط حلفاء الحكومة السودانية من التيارات السلفية التي تزايد نفوذها في ذلك الوقت.

وكان السودان يرتبط بعلاقات عسكرية كبيرة مع إيران، من بينها تعاون تسليحي وفني وتدريبي، أسهمت بموجبه إيران في تأسيس الصناعة العسكرية السودانية، من بينها مصنع «اليرموك» الذي دمره الطيران الحربي الإسرائيلي بغارة جوية، إثر اتهامات إسرائيلية بتزويد السودان لمقاتلي حركة المقاومة الإسلامية «حماس» بالسلاح عبر سيناء المصرية.

وفي ذلك الزمان، اعتادت السفن الحربية الإيرانية زيارة الموانئ السودانية، وتوقف في ميناء بورتسودان عدد من السفن الحربية وسفن الإمداد والمدمرات الإيرانية أكثر من مرة. وبعد ذلك، لم يتم تداول أي حديث عن علاقات السودان وإيران، ولا سيما أن الخرطوم تشارك في الحرب ضد ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، إلى جانب التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

شمال افريقيا أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف بلاده مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار في أعقاب مباحثات أجراها في أسمرة مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

توعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً بمتناولها

أحمد يونس (كمبالا)

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
TT

«النفوذ الروسي» في ليبيا يلاحق زيارة المبعوث الأميركي للجنوب

زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)
زيارة وفد السفارة الأميركية في ليبيا إلى سبها (السفارة الأميركية على إكس)

ألقى «النفوذ الروسي» في ليبيا بظلاله على تقديرات محللين ليبيين بشأن أبعاد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى البلاد، ريتشارد نورلاند، غير المسبوقة إلى الجنوب الليبي.

ولم تُكشف تفاصيل كافية عن نتائج مباحثات نورلاند مع رئيس أركان القوات البرية التابعة للقيادة العامة، الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، في مدينة سبها الجنوبية، في وقت سابق هذا الأسبوع. لكنّ متابعين تحدثوا عن «رمزية» زيارة نورلاند إلى سبها، خصوصاً أنها «الأولى لمسؤول أميركي للمدينة الجنوبية، في ظل أوضاع أمنية مستقرة بعد موجات انفلات أمني سابقة»، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة درنة، يوسف الفارسي.

المبعوث الأميركي إلى ليبيا والقائم بالأعمال خلال زيارة لسبها (السفارة الأميركية على إكس)

ويبدو أنه لم تغب «ظلال الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا، ومحاولات احتواء النفوذ الروسي عن زيارة المبعوث الأميركي إلى الجنوب الليبي»، في رأي عضو معهد السياسات الخارجية بجامعة «جون هوبكنز»، حافظ الغويل، الذي يرى أن «امتداد نفوذ روسيا في الجنوب الليبي ليس بمنأى عن توجهات الاستراتيجية الأميركية للمناطق الهشة وزيارة نورلاند»، علماً بأن تسريبات ظهرت منذ مارس (آذار) الماضي تتحدث عن أكثر من جسر جوي تقوده طائرات شحن عسكرية روسية نحو قاعدة براك الشاطئ، الواقعة جنوب البلاد.

من لقاء سابق للدبيبة مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز في طرابلس (الحكومة)

ومنذ أقل من عامين أطلقت إدارة بايدن ما يعرف بـ«استراتيجية الولايات المتحدة لمنع الصراع وتعزيز الاستقرار - الخطة الاستراتيجية العشرية لليبيا»، وتهدف هذه الخطة من بين بنودها إلى «دمج الجنوب الليبي المهمش تاريخياً في الهياكل الوطنية، مما يؤدي إلى توحيد أوسع، وتأمين الحدود الجنوبية».

ومع أن نورلاند اكتفى عقب لقاء صدام حفتر بحديث عام عن الدور الحيوي الذي يلعبه جنوب ليبيا في استقرار المنطقة، وحماية سيادة ليبيا، والتغلب على الانقسامات، فإن زيارته حسب الدكتور أحمد الأطرش، أستاذ العلوم السياسية بـ«جامعة طرابلس»: «قد لا تخرج عن سياقات صراع نفوذ مع موسكو، واستكشاف التمدد الروسي في المنطقة».

وكان اللافت أيضاً حديث المبعوث الأميركي عن دعم الجهود الليبية لتوحيد المؤسسات الأمنية، عبر «الانخراط مع القادة العسكريين الليبيين من جميع أنحاء البلاد»، وهو ما رآه الأطرش في تصريح إلى «الشرق الأوسط» غطاء لحقيقة هذه الزيارة، التي تستهدف موسكو بالأساس، مقللاً من رؤى تستند إلى لقاء سابق جمع بين وزير الداخلية المكلف في غرب البلاد، عماد الطرابلسي وصدام، وهو تصرف أحادي.

من زيارة سابقة لنائب وزير الدفاع الروسي رفقة وفد رفيع المستوى من الحكومة الروسية إلى بنغازي (الشرق الأوسط)

في المقابل، ذهب فريق من المحللين إلى الحديث عن مخاوف أميركية شديدة من توسيع ما سموه بالأنشطة الصينية في ليبيا، إذ إن الجنوب الليبي، وفق المحلل السياسي عز الدين عقيل «يمكن أن يكون محطة مهمة بقطع طريق الحرير الصيني، واستخدامه أيضاً بوصفه قاعدة لإزعاج ومواجهة الصينيين بأفريقيا».

ويستند عقيل إلى ما ذُكر بشأن الصين في إحاطة «الدبلوماسية الأميركية جنيفر غافيتو، حيث كان من المقرر تعيينها سفيرة لواشنطن في طرابلس قبل أن تعتذر في صيف هذا العام».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، نبهت غافيتو في بيان أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، إلى «النجاحات العميقة» لشركات مرتبطة بالصين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في ليبيا.

وسبق أن حصلت الصين على حقوق تعدين الذهب الليبي في الجزء الجنوبي من البلاد «بشروط مغرية للغاية» في عهد رئيس الحكومة الليبية السابق، فتحي باشاغا، وفق المستشار في مؤسسة «أنفرا غلوبال بارتنرز»، جوناثان باس، الذي لفت إلى دعم بكين القائد العام لقوات القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

يُشار إلى أن منطقة الساحل شهدت خلال العامين الأخيرين الإطاحة ببعض الأنظمة الراسخة الموالية لفرنسا، تزامناً مع انخراط روسيا في المنطقة، بوصفها حليفة للأنظمة الجديدة.

اللافت أنه غداة زيارة نورلاند إلى سبها، كان السفير الروسي لدى ليبيا أيدار أغانين خلف عجلة قيادة الشاحنة الروسية «أورال»، محتفياً، في لقطة لا تخلو من الدلالات، بدخولها السوق الليبية، بعد وصولها بالفعل إلى البلاد ضمن المئات منها إلى جانب الشاحنة «أورال».