أحزاب ترفض «صفقة أوروبية» لتوطين المهاجرين في تونس

اعتبرت مقترحات بعض المسؤولين الغربيين «مذلة ومهينة»

الرئيس سعيد في حديث مع أحد المهاجرين بتونس خلال زيارته لمدينة صفاقس الأسبوع الماضي (أ.ب)
الرئيس سعيد في حديث مع أحد المهاجرين بتونس خلال زيارته لمدينة صفاقس الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

أحزاب ترفض «صفقة أوروبية» لتوطين المهاجرين في تونس

الرئيس سعيد في حديث مع أحد المهاجرين بتونس خلال زيارته لمدينة صفاقس الأسبوع الماضي (أ.ب)
الرئيس سعيد في حديث مع أحد المهاجرين بتونس خلال زيارته لمدينة صفاقس الأسبوع الماضي (أ.ب)

عبرت أحزاب تونسية، اليوم الثلاثاء، عن رفضها ما وصفته بأنه «صفقة أوروبية» لتوطين مهاجرين غير شرعيين في تونس.

وفي بيان مشترك، شدد نشطاء سياسيون وأحزاب ومنظمات حقوقية على رفضهم لأي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي «قوامه مقايضة وضعنا الاقتصادي والاجتماعي الصعب بحزمة من المقترحات المذلة والمهينة، مقابل ترحيل اللاجئين من جنوب الصحراء بأوروبا بهدف توطينهم بمحتشدات على أرضنا، وإرجاع التونسيين الذين دخلوا أوروبا عن طريق الهجرة غير النظامية».

وطالبت الأحزاب السلطات التونسية بكشف فحوى المحادثات التي تمت مع الجانب الأوروبي، وإطلاع الرأي العام على ما تعتزم إبرامه من اتفاقات باسم الدولة التونسية، مؤكدة أن معالجة ملف الهجرة غير الشرعية، بما يحمله من طابع إنساني وحقوقي، لا يمكن التعاطي معه باعتماد مقاربة أمنية خالصة.

كما عبرت هذه المنظمات والأحزاب عن خشيتها من توطين مهاجرين غير شرعيين في تونس، بعد ما وصفته بأنه مصادقة البرلمان الأوروبي على «إحداث بلد جنوب المتوسط واعتباره آمناً، لتوطين المهاجرين غير النظاميين، وما تلاه من زيارات متواترة لوفود من الاتحاد الأوروبي».

وكثف مسؤولون أوروبيون في الأسابيع الأخيرة عن زياراتهم إلى تونس، بهدف الضغط على سلطات البلاد للحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا. لكن الرئيس التونسي قيس سعيّد أكد أكثر من مرة بأن بلاده لن تكون ممراً للعبور، أو مكاناً لتوطين المهاجرين غير الشرعيين.

ووقّع البيان «ائتلاف صمود»، و«رصد الدفاع عن مدنية الدولة»، و«الجمعية التونسية من أجل الحقوق والحريات»، و«الحزب الاشتراكي»، و«حزب آفاق تونس»، و«حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي»، وهي أحزاب يسارية، اعتبرت أن الزيارات المتتالية لوفود وشخصيات من الاتحاد الأوروبي إلى تونس، والإعلان عن استعدادها لإبرام اتفاق محتمل نهاية شهر يونيو (حزيران) الحالي مع السلطة التونسية، وآخرها زيارتا وزيري داخلية فرنسا وألمانيا، لن تجعل تونس «تقبل بأن تكون حارسة لحدود أي دولة أخرى، كما لن تقبل بتوطين المهاجرين على أراضيها».

كما دعت هذه الأحزاب إلى اعتماد «مقاربة جديدة بخصوص ظاهرة الهجرة غير النظامية، تقوم على القضاء على الأسباب، بدل محاولة معالجة النتائج، ومضاعفة الجهود لوضع حدّ لهذه الظاهرة غير الطبيعية وغير الإنسانية».

جانب من مباحثات الرئيس التونسي مع رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيسة وزراء إيطاليا ورئيس وزراء هولندا الأسبوع الماضي (رويترز)

يذكر أن رئيسة المفوضية الأوروبية، ورئيسة وزراء إيطاليا، ورئيس وزراء هولندا، زاروا تونس قبل 10 أيام، ودعوا لاعتماد استراتيجية «شراكة شاملة» مع تونس، ووعدوا بتمكينها من 150 مليون يورو لدعم ميزانيتها المتعثرة، علاوة على إمكانية تقديم 900 مليون يورو أخرى لمنع الانهيار الاقتصادي لتونس، شريطة توقيع اتفاق بين الطرفين مع نهاية الشهر الحالي، وهو ما اعتبرته عدة أطراف سياسية وحقوقية تونسية بمثابة «مقايضة للحصول على المساعدة المالية، مقابل لعب دور الحارس للحدود الأوروبية الجنوبية».

كما زار وزيرا داخلية فرنسا وألمانيا تونس يومي الأحد والاثنين، وتباحثا مع المسؤولين التونسيين حول كيفية ملف الهجرة وكيفية الحد من تدفقاتها.

الرئيس التونسي قيس سعيد مستقبلاً بقصر قرطاج وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمان أمس (أ.ب)

وجاء ذلك بعد أن سلمت إيطاليا، الأسبوع الماضي، قوات حرس الحدود التونسية 82 سيارة رباعية الدفع للمساعدة على ضبط الحدود، والحد من التدفقات القياسية للمهاجرين غير شرعيين نحو أوروبا، انطلاقاً من مدن ساحلية تونسية في اتجاه إيطاليا.


مقالات ذات صلة

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

شمال افريقيا قوات بحرية إسبانية تعترض قارب مهاجرين غير نظاميين انطلق من سواحل موريتانيا (أ.ف.ب)

مهاجرون باكستانيون عالقون على الحدود بين مالي وموريتانيا

«رغم المسافة الكبيرة التي تفصل موريتانيا عن باكستان، والتي تقدر بنحو 7700 كيلومتر، فإنها أصبحت وجهة للمهاجرين الآسيويين».

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».