هل اقتربت قمة «السيسي - إردوغان»؟

مشاورات بين القاهرة وأنقرة لتحديد مكان اللقاء

مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

هل اقتربت قمة «السيسي - إردوغان»؟

مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)
مصافحة الرئيسين المصري والتركي بحضور أمير قطر على هامش افتتاح كأس العالم نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

تقترب العلاقات المصرية - التركية من منعطف جديد، يضيف إلى الحراك الإيجابي المتسارع على صعيد التقارب بين القاهرة وأنقرة، إذ وجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، دعوة إلى نظيره المصري عبد الفتاح السيسي لزيارة تركيا، حسبما أعلن القائم بالأعمال التركي في القاهرة، السفير صالح موتلو شان.

ولم يحدد شان في تصريحاته التي نقلتها صحيفة «زمان» التركية مكان انعقاد القمة المرتقبة، مكتفياً بالقول إن «الزعيمين سيحددان مكان الاجتماع، الذي سيعقد في أنقرة أو القاهرة».

وستكون تلك القمة، حال عقدها، ثاني لقاء مباشر بين الرئيسين المصري والتركي بعد مقابلتهما نهاية العام الماضي في العاصمة القطرية؛ الدوحة، على هامش حضورهما افتتاح كأس العالم لكرة القدم، وهي المقابلة التي كسرت جمود العلاقات الذي دام منذ عام 2013، عقب الإطاحة بحكم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، الذي دعمته تركيا بقوة في إطار تبنيها لمشروع تمكين تنظيم «الإخوان» في عدة دول عربية منذ عام 2011، في أعقاب ما بات يُعرف بـ«الربيع العربي».

ترفيع العلاقات الدبلوماسية

وكان الرئيس المصري قد هنأ في اتصال هاتفي نهاية الشهر الماضي، نظيره التركي، بإعادة انتخابه بعد نجاحه في جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية التركية، كما قرر الرئيسان البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وتبادل السفراء، وأعرب إردوغان عن «التقدير لهذه اللفتة الطيبة من الرئيس السيسي».

من جانبه، أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن «الأرض باتت مهيأة لعقد قمة مصرية - تركية»، مشيراً في هذا الصدد إلى جملة من التفاهمات التي شهدها ملف العلاقات الثنائية خلال الفترة الماضية.

وأوضح فهمي لـ«الشرق الأوسط»، أن «القمة نجحت قبل أن تنعقد»، مشيراً إلى أن «جملة من العوامل تدفع باتجاه اعتبار انعقاد تلك القمة (ضرورة ملحة) في توقيت يبدأ فيه الرئيس التركي ولاية جديدة، يريد خلالها تأكيد توجهات سياساته الجديدة نحو المنطقة، فضلاً عن تجاوب القاهرة مع هذه التوجهات الجديدة».

تفاهمات جادة

وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تفاهمات وصفها بـ«الجادة» في القضايا الثنائية، ولم تعد هناك «مناكفات» بين الطرفين، فضلاً عن توالي الزيارات والاتصالات المتبادلة بين الجانبين، مشدداً على أن القمة ستكون «فرصة لترجمة ما يجري من إجراءات إيجابية وتحويله إلى خطوات عملية»، وهو ما اعتبره «أمراً مهماً» للطرفين المصري والتركي، على حد سواء.

وأعرب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عن اعتقاده بأن القمة حال انعقادها سواء في القاهرة أو في أنقرة ستركز في المقام الأول على الأطر الثنائية، ثم تنطلق منه إلى الملفات الإقليمية، وستكون لها «انعكاسات إيجابية» على عدد من ملفات المنطقة التي تضطلع فيها القاهرة وأنقرة بأدوار فاعلة.

وبحث وزير الخارجية التركي الجديد، حقان فيدان، مع نظيره المصري سامح شكري، الأسبوع الماضي، سبل تطبيع العلاقات بين البلدين، وتناول الاتصال ملفات التعاون الثنائي وتبادل الزيارات على مختلف المستويات.

ولم يكن فيدان بعيداً عن ملف العلاقات مع مصر، إذا كان بحكم منصبه كرئيس للاستخبارات التركية قريب الصلة بالتطورات التي شهدها مسار العلاقات بين البلدين خلال العامين الماضيين.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)

اللقاءات المباشرة

وشهدت الشهور الأخيرة عدداً من اللقاءات المباشرة بين وزيري الخارجية في البلدين، إذ زار وزير الخارجية المصري تركيا مرتين في أقل من 6 أسابيع، كانت أولاهما لتقديم الدعم للحكومة التركية في أعقاب زلزال 6 فبراير (شباط) الماضي، وهو ما كان موضع إشادة من جانب السلطات التركية، كما قدمت مصر مساعدات إغاثية لضحايا الزلزال.

في المقابل، زار وزير الخارجية التركي آنذاك، مولود جاويش أوغلو، القاهرة في مارس (آذار) الماضي، وأشار في مؤتمر صحافي بمقر الخارجية المصرية، إلى أن ثمة ترتيبات للقاء رئيسي البلدين.

واعتبر كرم سعيد الباحث في الشأن التركي، أن انعقاد قمة مصرية - تركية قريباً «لن يكون أمراً مفاجئاً»، مشيراً إلى أن السياق الذي تتخذه العلاقات بين البلدين يؤكد وجود دفع نحو تلك الخطوة، التي ستكون على حد تعبيره، «انفراجة كبيرة تكلل ما شهده مسار العلاقات خلال العامين الماضيين».

وأوضح سعيد لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتصال الهاتفي بين السيسي وإردوغان عقب فوز الأخير بالانتخابات الرئاسية التركية جسد طبيعة الإرادة السياسية لقيادتي البلدين على الارتقاء بمستوى العلاقات وعدم تركه لمباحثات وزارية أو بين مسؤولي البلدين، وهو ما «يعكس رغبة في حسم الأمور على مستوى القمة».

زوال الحساسيات

وأعرب الباحث في الشأن التركي عن اعتقاده بأن القمة بالفعل يمكن أن تكون «قريبة» بالنظر إلى زوال «الحسابات أو الحساسيات السياسية» التي كان يمكن أن تثيرها خلال مرحلة الانتخابات التركية، وتوظيفها من جانب أحزاب المعارضة لمهاجمة إردوغان الذي تسببت سياساته ومواقفه في مرحلة سابقة بتدهور العلاقات مع مصر.

وتطرق سعيد إلى بعد آخر تعكسه القمة المصرية - التركية حال انعقادها، وهو تأكيد نجاح سياسات الدولة المصرية في إدارة علاقاتها الخارجية، وبخاصة مع الدول التي ساندت تنظيم «الإخوان» في مرحلة ما بعد الثورات العربية في 2011.

وأشار إلى أن لقاء السيسي مع إردوغان الذي كان أكبر داعمي التنظيم سيكون «رسالة ذات مغزى» لقوى الإسلام السياسي بخطأ حساباتها وعدم قدرتها على القراءة الصحيحة لاتجاهات العلاقات بين الدول، فضلاً عما يمكن أن تسببه تلك القمة المصرية - التركية من مفاقمة حالة التأزم داخل هياكل تنظيم «الإخوان»، الذي يشهد حالياً انقسامات بين عدة جبهات؛ أبرزها جبهتا إسطنبول ولندن.

«الإخوان»

وكانت السلطات التركية اتخذت على مدى العامين الماضيين عدداً من الإجراءات المشددة تجاه عناصر محسوبة على «الإخوان» ومنابرهم الإعلامية التي تنطلق من الأراضي التركية، وفرضت ضوابط للحد من تحريضهم ضد السلطات المصرية، وهو ما اعتبر وقتها إشارات تركية تؤكد جديتها في طي صفحة التوتر مع القاهرة.

ورغم أن كرم سعيد يرى أن ورقة الإخوان «لم تعد ذات قيمة أو جدوى في ملف العلاقات التركية مع مصر»، فإنه يرجح أن تكون القمة بين رئيسي البلدين في القاهرة، ليكون وقعها أكبر على قوى الإسلام السياسي، إذ سيكون استقبال إردوغان الذي دأب لسنوات على مهاجمة الدولة المصرية وشخص رئيسها، في القاهرة رسالة بالغة القوة، يمكن اعتبارها بمثابة «اعتذار ضمني» عن حملات الهجوم السابقة، فضلاً عن أن وزير الخارجية المصري بروتوكولياً كان المبادر بزيارة الأراضي التركية غداة زلزال فبراير الماضي.


مقالات ذات صلة

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

يوميات الشرق الفعاليات تنوّعت ما بين مختلف الثقافات المصرية (الشرق الأوسط)

الثقافات المصرية تحصد تفاعلاً في «حديقة السويدي» بالرياض

شهدت فعاليات «أيام مصر» في «حديقة السويدي» بالعاصمة السعودية الرياض، حضوراً واسعاً وتفاعلاً من المقيمين المصريين في السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً «سوشيالياً»، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
شمال افريقيا عمليات إنقاذ الناجين من المركب السياحي «سي ستوري» (المتحدث العسكري المصري)

مصر: العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا المركب السياحي

نجحت السلطات المصرية، الثلاثاء، في العثور على 5 أحياء وانتشال 4 جثث من ضحايا غرق المركب السياحي «سي ستوري»، في الحادث الذي وقع قبالة سواحل البحر الأحمر.

محمد عجم (القاهرة)
رياضة عربية اللاعب المصري السابق محمد زيدان تحدث عن رفضه المراهنات (يوتيوب)

النجم المصري السابق محمد زيدان يفجِّر جدلاً بشأن «المراهنات»

فجَّر المصري محمد زيدان -اللاعب السابق بمنتخب مصر لكرة القدم، والذي كان محترفاً في الخارج- جدلاً بشأن المراهنات، بعد قيامه بدعاية لإحدى الشركات.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا حطام الباخرة «سالم إكسبريس» في مياه البحر الأحمر (المصدر: مجموعة «DIVING LOVERS» على موقع «فيسبوك»)

أبرز حوادث الغرق المصرية في البحر الأحمر

شهد البحر الأحمر على مدار السنوات الماضية حوادث غرق كثيرة، طالت مراكب سياحية وعبّارات، وخلَّفت خسائر كبيرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الجزائري: قطاع الزراعة حقق 37 مليار دولار العام الحالي

الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون (أ.ف.ب)

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، اليوم الثلاثاء، إن قطاع الزراعة يساهم بـ15 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، مقابل 5 في المائة فقط لقطاع الصناعة، بحسب ما أوردته «وكالة الأنباء الألمانية».

وكشف تبون في كلمة له في احتفالية الاتحاد الجزائري للمزارعين بذكرى تأسيسه الـ50، عن أن قطاع الزراعة حقق العام الحالي ما قيمته 37 مليار دولار، مشيراً إلى أن ذلك «يبشر بالخير وصواب الأسلوب الذي تنتهجه الجزائر للتحرر من التبعية للمحروقات».

كما أكد الرئيس الجزائري أنه ينبغي للقطاع الزراعي والصناعي أن يسيرا بالتوازي، وأنه «لا فائدة من زراعة تسير بشكل مركزي، ولا تسيير ناجعاً خارج مبادرة المزارع». وقال بهذا الخصوص: «قد جعلت بلادنا من الأمن الغذائي رهاناً استراتيجياً، يتوجب علينا كسبه، في عالم أصبح فيه سلاح الغذاء أقوى الأسلحة وأشدها تأثيراً».

وأضاف الرئيس تبون: «علينا الوصول إلى تصدير منتجاتنا الزراعية. وانقطاع تموين السوق بالمنتج الزراعي من علامات التخلف التنموي. ولذلك آمر البنوك بفتح القروض لفائدة الفلاحين، لتشييد غرف التبريد، ولتخزين المنتج الزراعي بهدف ضمان استقرار السوق ومحاربة المضاربة»، كما أكد تبون أنه ستتم تسوية نهائية لملكية العقار الزراعي، وطي ملفه قبل نهاية 2025، لافتاً إلى تخصيص أكبر مخطط لاسترجاع المياه المستعملة المصفاة بنسبة لا تقل عن 30 في المائة. مشدداً على أن بلاده في مرحلة فارقة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، موجهاً الحكومة بعدم استيراد قنطار واحد من القمح الصلب خلال عام 2025.