الجزائر: طلب سجن رئيس وزراء سابق 8 سنوات مع التنفيذ

التهمة مرتبطة بـ«الفساد» في إنجاز مطار بشرق البلاد

وزارة العدل الجزائرية (مواقع التواصل)
وزارة العدل الجزائرية (مواقع التواصل)
TT

الجزائر: طلب سجن رئيس وزراء سابق 8 سنوات مع التنفيذ

وزارة العدل الجزائرية (مواقع التواصل)
وزارة العدل الجزائرية (مواقع التواصل)

التمست النيابة العامة بمحكمة جزائرية متخصصة في جرائم الفساد، الأحد، السجن 8 سنوات مع التنفيذ، بحق رئيس الوزراء سابقاً نور الدين بدوي، ووزير الصحة سابقاً عبد المالك بوضياف، وذلك بناء على وقائع فساد تعود إلى تولّيهما منصب والي قسنطينة، شرق البلاد، قبل التحاقهما بالحكومة، في الفترة الأخيرة من حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).

وتتعلق التهمة بمشروع إنجاز مطار قسنطينة، الذي كلّف خزينة الدولة أموالاً طائلة «كانت محل فساد»، وفق ما جاء في تحقيقات الشرطة القضائية. ووصفت النيابة الوقائع بأنها «استغلال للوظيفة الحكومية لتحقيق أغراض شخصية، وعلى نحو يخرق القوانين والتنظيمات، ومنح امتيازات غير مبرَّرة للغير، مخالِفة للأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها، والتبديد العمدي للأموال العمومية».

شارع في العاصمة الجزائرية (مواقع التواصل)

وسرَدَ القاضي، الخميس الماضي، عند بدء المحاكمة، تفاصيل كثيرة عن انطلاق المشروع قبل أكثر من 13 سنة، وتجاوز الأموال المرصودة له بإضافة مبالغ كبيرة، والتأخر في إنجاز المطار الجديد وملحقاته.

ونفى بدوي بشدةٍ تورطه في الفساد، قائلاً إنه «خدم الدولة بناء على المهامّ الموكلة إليّ في ذلك الوقت». ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «الشروق»، عنه قوله للقاضي: «إنني أنكر بقوة، اليوم وغداً وبعد غد، التهم الموجَّهة لي، خصوصاً أنها في آخِر المطاف، أقحمت في قانون الفساد، وما أدراك ما الفساد، لتلصق بنا عبارة (هؤلاء الفاسدين)، وهو العنوان الكبير للتوجه المسطر له»؛ في إشارة منه إلى حملة واسعة ضد الفساد طالت، منذ 2019، قبيل رحيل بوتفليقة عن الحكم، كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وجرى إدانة أغلبهم بأحكام ثقيلة بالسجن.

نور الدين بدوي رئيس وزراء سابق (الشرق الأوسط)

وأكد بدوي أنه «خدم البلاد من كل مواقع المسؤولية التي عُيّنتُ فيها، بدءاً من 1995 عندما كنت مديراً تنفيذياً بعدة محافظات، وانتهاءً باختياري وزيراً أول»، وذلك في ديسمبر (كانون الأول) 2019.

يُشار إلى أن هناك رئيسين آخرين للوزراء موجودين بالسجن منذ 4 سنوات، بتهمة الفساد، هما أحمد أويحي، وعبد المالك سلال.

ووفق مرافعة بدوي دفاعاً عن نفسه، فإن كل الأموال التي جرى رصدها للمشروع كانت بموافقة وزير المالية، ومدير الميزانية بالوزارة، متسائلاً عن «سبب عدم استدعاء» هذين المسؤولين إلى المحكمة، لسماع أقوالهما في القضية، مبرزاً أن سبب تعطل المشروع لفترة طويلة «يعود إلى الضائقة المالية التي عاشتها البلاد، في وقت سابق، فالجزائر، كما هو معروف، تموّل مشروعاتها واستثماراتها بفضل الجباية البترولية، التي تُعتبر المورد الوحيد لاقتصاد البلاد، فإذا تراجعت أسعار النفط يتم توقيف المشروعات».

عبد المالك بوضياف وزير الصحة سابقاً (الشرق الأوسط)

كما نفى عبد المالك بوضياف التهمة، مشدداً على أنه «لم يخالف قط قانون الصفقات العمومية».

وشملت الالتماسات بالسجن والييْن آخرين سابقين لقسنطينة، و41 مديراً تنفيذياً بهذه المحافظة الكبيرة في شرق البلاد، وتراوحت في معظمها بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، ووضع القاضي الملف في المداولات، معلناً، في نهاية المحاكمة، أن النطق بالحكم سيكون الأسبوع المقبل.

واللافت أن غالبية الوزراء والكوادر الحكوميين، الملاحَقين بتُهم الفساد، غالباً ما يصرّحون في المحاكم بأنهم «دفعوا ثمن الانصياع لأوامر المسؤولين برئاسة الجمهورية الذين يطلبون منهم تنفيذها، رغم أنها مجانِبة للقوانين». وكثير منهم أكدوا أنهم «كانوا يتلقّون الأوامر من سعيد بوتفليقة»، شقيق الرئيس وكبير مستشاريه سابقاً، والموجود بالسجن هو أيضاً.



تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
TT

تونس تسرّع وثيرة إقفال ملفات «الفساد والتآمر» على أمن البلاد

الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)
الرئيس التونسي عند استقباله وزيرة العدل لحثها على اختصار آجال البت في القضايا المحالة على المحاكم (الرئاسة)

كثفت السلطات الأمنية والقضائية التونسية تحركاتها لإسدال الستار على الملفات المتراكمة المتعلقة بالأمن، وفي مقدمها «تفكيك مئات الألغام» الموروثة عن العقود والأعوام الماضية، والقضايا المرفوعة منذ مدة طويلة ضد عشرات المتهمين في قضايا ذات صبغة سياسية - أمنية، بينها «الضلوع في الإرهاب»، و«التآمر على أمن الدولة»، و«الفساد الإداري والمالي».

واجتمع الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخراً مع رئيس الحكومة كمال المدوري، ووزيرة العدل ليلى جفال، ووزيري الدفاع والداخلية خالد السهيلي وخالد النوري، وطالب بتبسيط إجراءات التقاضي، وإقفال الملفات الأمنية والعدلية في «أقرب الآجال».

وحدة من قوات مكافحة الإرهاب التونسية (الشرق الأوسط)

كما أعلنت صفحات رئاسة الجمهورية والحكومة عن إصدار أوامر للحكومة «للتحرك بسرعة ونجاعة»، وتجنب «طول الإجراءات والتسويف»، وضمان «نجاعة المسؤولين». وشملت القرارات إدارات الأمن الداخلي والخارجي، وملفات محاربة الإرهاب والمخدرات، والتهريب والجريمة المنظمة.

تأجيل يليه تأجيل

حسب بلاغ نشرته صفحة رئاسة الجمهورية، فقد أمر الرئيس التونسي خلال جلسة عمل مع وزيرة العدل بـ«احترام الزمن القضائي في حسم القضايا المعروضة أمام المحاكم... حتى يأخذ كل ذي حق حقه، وفق القانون الذي يتساوى أمامه جميع المتقاضين»، منتقداً «التأجيل الذي يتلوه تأجيل في بعض القضايا المعروضة منذ أكثر من عشرة أعوام»، بما يوحي بقدر من «تمييع دور العدالة والقضاء».

عبير موسي المعتقلة بتهمة التآمر على أمن البلاد (موقع الحزب)

يُذكر أن دوائر الاتهام وقضاة التحقيق أنهوا مؤخراً الإجراءات التمهيدية لإقفال ملفات التحقيق في قضايا عشرات المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة»، و«الضلوع في الإرهاب»، و«الفساد»، بينهم رجال أعمال وسياسيون وبرلمانيون ووزراء، وأمنيون وعسكريون سابقون، وعدد من قادة الأحزاب السياسية، بينهم عبير موسي زعيمة الحزب «الدستوري»، وراشد الغنوشي وعلي العريض، ونور الدين البحيري والعجمي الوريمي، ومنذر الونيسي عن حزب «النهضة»، وعصام الشابي الأمين العام للحزب «الجمهوري»، وغازي الشواشي عن حزب «التيار الديمقراطي» اليساري، ورضا بالحاج وجوهر بن مبارك وشيماء عيسى ورياض الشعيبي عن جبهة «الخلاص» المعارضة، إضافة لرجلي الأعمال المثيرين للجدل والسياسيين المستقلين كمال اللطيف وخيام التركي. علماً بأن متهمين آخرين أحيلوا أمام محاكم أخرى، بعد أن وجهت إليهم اتهامات مختلفة، تصل عقوبتها للإعدام.

عسكريون ضحايا الإرهاب

في أعقاب جلسات عمل جديدة مع وزراء الدفاع والعدل والداخلية، أمر الرئيس التونسي بتسوية وضعيات عائلات ضحايا الإرهاب والعنف من الأمنيين والعسكريين والمدنيين، وتفعيل مؤسسة «فدا»، التي أحدثتها الدولة قبل نحو عامين لهذا الغرض.

راشد الغنوشي المعتقل بتهمة الإرهاب (د.ب.أ)

كما أمر الرئيس سعيد بتسوية ملفات مئات الجرحى، وعائلات شهداء انتفاضة 2010 -2011، خاصة من عرفوا بـ«شهداء الثورة وجرحاها»، وهم بضعة مئات ممن أصيبوا بالرصاص أثناء المواجهات مع قوات الأمن خلال الأسابيع الأخيرة من حكم الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

وكانت الحكومات والبرلمانات والمحاكم، ومنظمات المجتمع المدني، قد دخلت منذ عام 2011 في جدال سياسي قانوني حول العدد الحقيقي لمن يمكن وصفهم بـ«شهداء الثورة وجرحاها». كما ظلت عائلات عشرات الأمنيين الذين قتلوا، أو أصيبوا بجراح خطيرة خلال المواجهات مع المسلحين والعصابات الإرهابية منذ 2011 دون سند مالي واجتماعي، إلى أن أحدثت رئاسة الجمهورية قبل عامين مؤسسة «فدا»، وقررت التكفل بكل الحالات الإنسانية مالياً واجتماعياً.

تفكيك الألغام الموروثة

أعلن وزير الدفاع الوطني قبل أيام أمام البرلمان أن القوات المسلحة تابعت طوال عام 2014 تحركاتها لتفكيك الألغام القديمة والجديدة، من بينها «ألغام يدوية الصنع» موروثة عن مرحلة الصراع بين السلطات والمجموعات المسلحة الإرهابية في جبال المحافظات الغربية للبلاد، والتي تسببت مراراً في مقتل أمنيين وعسكريين وتفجير عرباتهم.

ورغم تنويه السلطات الأمنية بنجاحها خلال العشرية الماضية في القضاء على أكثر من 90 في المائة من نشطاء المجموعات المسلحة، التي تنتمي إلى «تنظيم داعش»، و«القاعدة» وغير ذلك، فقد ظلت ألغام تنفجر وتتسبب في سقوط قتلى وجرحى بين الرعاة والسكان والأمنيين خلال عبورهم تلك الجبال.

ولذلك نظمت حملة واسعة خلال الأشهر الماضية أسفرت عن تفجير حوالي 500 لغم، أغلبها يدوية الصنع.

عدد من المتهمين بالتآمر ضد أمن الدولة (الموقع الرسمي لغازي الشواشي)

وأعلنت مصادر أمنية أنه في سياق الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة، تم في محافظة سوسة اعتقال تكفيرييْن، كانا في حالة فرار، بعد أن وجهت إليهما تهمة «الانتماء إلى تنظيم إرهابي»، دون الكشف عن اسم هذا التنظيم.

وأسفرت الحملات الأمنية خلال الأشهر الثلاثة الماضية عن إيقاف عشرات المتهمين في قضايا مماثلة تحال على دوائر مكافحة الإرهاب والفساد، وتبييض الأموال، وتهريب السلع والمهاجرين غير النظاميين. لكن طالبت عدة شخصيات حقوقية مستقلة، وقيادات سياسية، ومنظمات نقابية وحقوقية مواقف بالإفراج عن غالبية الموقوفين، وإحالتهم إن لزم الأمر على القضاء في حالة سراح.