نواب ليبيون يطالبون بـ«حلول سريعة» لتبديد «عراقيل» الانتخابات

بينما تزداد الدعوات المنادية بالإسراع في إجراء انتخابات عامة في ليبيا هذا العام، يقول نواب وخبراء إن النقاط الخلافية في إعداد القوانين الانتخابية، وفي مقدمتها شروط الترشح للرئاسة، والحكومة التي ستشرف على عملية الترشح والاقتراع، بحاجة إلى حلول سريعة، و«بذل مزيد من الجهود» من الأطراف المعنية كافة.

وبموجب مبادرة المبعوث الأممي، عبد الله باتيلي، التي أعلنها في مارس (آذار) من العام الجاري، فإنه إذا فشل الأفرقاء الليبيون في حسم هذه الخلافات بحلول منتصف يونيو (حزيران) المقبل، وخصوصاً عبر لجنة (6+6) التي تضم ممثلين عن مجلسي النواب و«الدولة»، والمعنية بإعداد قوانين الانتخابات، فإن البعثة ستعهد بهذه المهمة إلى «لجنة رفيعة المستوى».

من جلسة سابقة للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المجلس الأعلى)

ويتصدر الموقف من ترشح مزدوجي الجنسية، وبعض الأسماء الجدلية، مثل سيف الإسلام نجل الرئيس السابق معمر القذافي، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية، أبرز نقاط الخلاف بين أعضاء اللجنة، حسب عضو مجلس النواب عبد المنعم العرفي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الخلاف لا يزال قائماً، ولم يتم حسمه بعد.

وتشترط المادة العاشرة من القانون رقم 1 لسنة 2021 بشأن انتخاب رئيس الدولة، الصادر عن مجلس النواب، ألا يحمل المرشح لرئاسة الدولة جنسية دولة أخرى عند ترشحه، كما تلزم المادة السابعة عشرة من القانون نفسه المترشح بتقديم إقرار بأنه «ليبي من أبوين ليبيين، وبأنه لا يحمل هو، أو أي من والديه، أو زوجته، جنسية دولة أخرى».

سيف الإسلام نجل الرئيس السابق معمر القذافي (أ.ف.ب)

وتنتظر الأطراف المعنية بهذا الملف مخرجات لجنة (6+6)، أو اللجنة الأممية التي قد يشكلها عبد الله باتيلي لاحقاً لحسم هذه النقاط، التي ستؤثر في فرص انخراط لاعبين رئيسيين في هذا السباق الانتخابي المأمول. ويبرز في قائمة المرشحين المحتملين لهذه الانتخابات سيف القذافي، والمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة. وفي هذا السياق، حذر العرفي من «تيارات وتشكيلات معينة في ليبيا، تستهدف إقصاء واستبعاد شخصيات محددة، الأمر الذي قد يعيدنا إلى المربع الأول، ويهدد العملية الانتخابية برمتها»؛ معتبرا أن استبعاد أي شخصيات طامحة في الترشح للرئاسة من شأنه إثارة التساؤلات حول مدى تسليم الأطراف الفاعلة من الأفرقاء الليبيين بنتائج الانتخابات إذا أُجريت؛ مؤكداً أنه «ما لم يتم الاتفاق على مشاركة الكل، فقد نعود إلى نقطة الصفر، وعلى الجميع أن يعمل من أجل إتاحة فرص الترشح لكل راغب في المنافسة، مع تقديم تعهدات وضمانات بقبول النتائج التي تسفر عنها عملية الاقتراع».

وبينما يقول إن هذه النقاط الخلافية «لا تزال عالقة، وخصوصاً من جانب أعضاء مجلس الدولة في لجنة (6+6)»، يشير العرفي إلى إمكانية اللجوء إلى الخطة «ب» التي تعني تفعيل مبادرة البعثة الأممية، بتشكيل لجنة رفيعة المستوى من الفقهاء الدستوريين والقانونيين، لإعداد القوانين الانتخابية بصيغة يتوافق عليها الجميع.

ترشح المشير حفتر للانتخابات من النقاط الخلافية في إعداد القوانين الانتخابية (الجيش)

من جانبه، يرى المحلل السياسي الليبي محمد الأسمر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يوجد خيار آخر أمام البعثة الأممية سوى اللجوء إلى تشكيل اللجنة رفيعة المستوى، ما لم يوفق الأفرقاء الليبيون إلى حلول سريعة قبل حلول منتصف الشهر المقبل»، مشيراً إلى أن هذا «الحل» تم تضمينه في إحاطة البعثة التي قدمها باتيلي أمام مجلس الأمن حول الأزمة الليبية، في وقت سابق من العام الجاري.

وبينما دعا إلى ضرورة بذل مزيد من الجهود لحلحلة العراقيل أمام العملية الانتخابية، قال الأسمر: «سواء تم التوصل إلى القاعدة الدستورية المنظمة للانتخابات قبل منتصف الشهر المقبل، أو لم يتم، يبقى هناك استحقاق أكثر أهمية، وهو المتعلق بالسلطة التنفيذية الواحدة التي ستدير وتشرف على تلك الانتخابات المأمولة. وفي ظني، فإن تشكيل هذه الحكومة هو أكبر العوائق، وليس فقط قواعد إجراء الانتخابات، بما تشمله من شروط وضوابط الترشح».

وكانت مدينة الزاوية، الواقعة غرب العاصمة طرابلس، قد شهدت عقد ورشة عمل مؤخراً، بمشاركة باحثين وحقوقيين ونشطاء من المجتمع المدني، حول مبادرة المبعوث الأممي والاستحقاق الانتخابي. وبهذا الخصوص قال الحقوقي الليبي، جمال المبروك، أحد المشاركين في هذه الورشة، إن الفعالية التي نظمتها الهيئة الليبية للبحث العلمي، انتهت إلى حزمة توصيات، أبرزها ضرورة وجود حل «ليبي- ليبي» لأزمة الانقسام بين أفرقاء الوطن الواحد، والإسراع بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أقرب وقت ممكن، ورفض التدخل الأجنبي من أي طرف.