توعدت جهات رقابية ونيابية في ليبيا «لصوص المال العام، وتطبيق القانون على الجميع»، وذلك في إطار تصديها لعمليات الفساد «المنتشرة في قطاعات كثيرة» بأنحاء البلاد، وفق تقارير رقابية، في وقت قرر فيه النائب العام، المستشار الصديق الصور، حبس مسؤول مصرفي على ذمة التحقيق لاتهامه بالاستيلاء على أموال عملاء.
وقال رئيس هيئة الرقابة الإدارية الليبية سليمان الشنطي، خلال اجتماع دوري سنوي عادي لها، عُقد بطرابلس مساء الأحد، إن الهيئة «لن تتوانى في الحفاظ على ثروات البلاد، والوقوف بالمرصاد لأي فاسد»، مضيفاً: «وجب علينا، كل في نطاق اختصاصه، أن نحقق العمل الدؤوب لإنجاح خطط الهيئة ورؤيتها في مكافحة الفساد».
ودعا الشنطي، أعضاء الهيئة، إلى «الوقوف سداً منيعاً ضد كل فاسدٍ، وألا تأخذهم في الله لومة لائم»، متابعاً: «لا يحبطن جهودكم وتطلعاتكم عدم اكتراث بعض المسؤولين للانصياع لأحكام القانون، وإجراءات الهيئة بالإيقاف الاحتياطي عن العمل، وغير ذلك من الاختصاصات الموكلة إليها بموجب أحكام قانونها».
وزاد الشنطي من توعده، بأن هيئته «لن تتوانى عن تطبيق القانون على كل مسؤول؛ لأنه يعلو ولا يُعلى عليه، ولأن القاعدة القانونية آمرة مجرّدة، ولن يتحصّن أحد خالف أحكامه، كما لن تسقط جرائم المساس بالمال العام بالتقادم أبداً».
وطالب أحمد عبد الحكيم حمزة، رئيس «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، هيئة الرقابة بـ«التحقيق في جميع القضايا المتعلقة بجرائم الفساد المالي والإداري بالبلاد»، واصفاً دورها بـ«الضعيف».
ويرى حمزة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «كان لزاماً على رئيس الهيئة أن يتطرق إلى الحديث عن جهود الهيئة في الوقت السابق والحالي، لا أن يُمنِّي المتابعين له بأنها (الهيئة) تقوم بجهودها المنوطة بها في مكافحة الفساد».
وكان رئيس «هيئة الرقابة الإدارية»، قد تحدث في الاجتماع السنوي، عن «حجم الصعوبات والعراقيل التي تواجه سير العمل بالهيئة»، قائلاً: «عندما ندرك أننا حُمّلنا أمانة الرقيب العام في الدولة، وأن طموحات الشعب في مكافحة الفساد وأسبابه معلقة بآمالها علينا، عندها تهون الصعاب، وهو ما يدفعنا لبذل مزيد من العطاء».
وذكّر أعضاء الهيئة بما «عُهد إليهم من أمانة مراجعة وتدقيق وفحص عقود الدولة وفق أحكام القانون رقم (2) لسنة 2023»، وأن «يكونوا حصناً حصيناً لخيرات ومقدرات بلدهم، ويبرهنوا على حبهم وإخلاصهم في العمل».
وانتهى الشنطي، قائلاً لمنتسبي الهيئة: «طمئنوا أبناء وطنكم بأنكم لن تتوانوا عن تأدية واجبكم الوظيفي، وأنكم أقسمتم قسماً شرعياً بالمحافظة على مقدرات الوطن، وتأدية المهام وفقاً لأحكام القانون».
وفي سياق قريب، انتهت النيابة العامة في ليبيا بعد التحقيق مع مسؤول قسم الحسابات الجارية في أحد أفرع «مصرف التجارة والتنمية»، إلى حبس ذلك المسؤول احتياطياً، لاتهامه «بالاستيلاء على 12.3 مليون دينار ليبي». (الدولار يساوي 4.80 دينار).
وقال مكتب النائب العام في بيان (الاثنين)، إن أعضاء النيابة بدأوا التحقيق في واقعة الاستيلاء على مال عام مودع في حسابات مصرفية عدة، لدى فرع لـ«مصرف التجارة والتنمية»، مشيراً إلى أنهم «تثبتوا بالدليل، أن مسؤول قسم الحسابات الجارية تعمد تسييل صكوك مصدَّقة واردة إلى الفرع لصالح هيئات ومصالح وشركات عامة، ثم أدخل القيم المالية المقابلة لها في حلقة تحويلات داخلية أدارها بواسطة ثلاثين حساباً مصرفياً، حتى تمكن من سحب المبلغ المستولى عليه نقداً».
ولفتت إلى أنه «عقب وجود أدلة كافية على المتهم، رأى المحقق حبسه احتياطياً على ذمة القضية».
وقال مصدر قضائي بمكتب النائب العام، لـ«الشرق الأوسط»: إن «هناك توجهات بفتح مزيد من قضايا الاعتداء على المال العام، في قطاعات كثيرة في الأيام الآتية، خصوصاً في ما يتعلق بالاعتداء على أملاك الدولة».
وسبق للنائب العام أن أمر بسجن 3 رؤساء سابقين للبعثة الدبلوماسية لليبيا في أوكرانيا، الذين توّلوا وظيفتهم بين عامي 2012 و2019، وذلك في إطار التعاطي مع «وقائع الفساد التي تضمّنتها تقارير فحص ومراجعة العمل الإداري والمالي للبعثة»، كما أمر بحبس رئيس البعثة السابق في أوغندا، وتوقيف مسؤولين تابعين للبعثة الدبلوماسية للبلاد في قطر احتياطياً على ذمة التحقيق، وذلك لاتهامهم بـ«إساءة ممارسة الوظيفة، وتحصيل عشرات الآلاف من النقد الأجنبي لهم ولغيرهم».
ورحبت «اللجنة الوطنيــة لحقـوق الإنسـان في ليبيـا»، بجُهود مكتب النائب العام بالتعاون مع اللواء (106) مجحفل) التابع للقيادة العامة لـ«الجيش الوطني»، والتي أسفرت عن استرجاع ممتلكات المواطنين النازحين بعدما تعرضت للاستغلال غير المشروع من قبل الخارجين عن القانون، خلال السنوات الماضية.
ورأت في بيان لها، أن هذه الجهود «خطوة مهمة لتهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للنازحين إلى مدنهم، بما يُسهم في تحقيق المصالحة الوطنية والاجتماعية الشاملة».