تونس تواجه أزمة خبز... وسعيد يعتبرها «مفتعلة»

طوابير طويلة أمام المخابز... والأسعار تتضاعف

تونس تواجه أزمة خبز... وسعيد يعتبرها «مفتعلة»
TT

تونس تواجه أزمة خبز... وسعيد يعتبرها «مفتعلة»

تونس تواجه أزمة خبز... وسعيد يعتبرها «مفتعلة»

طفت على السطح من جديد، أزمة تزود بالخبز في تونس لتتجند مختلف الأطراف المتدخلة في هذا الملف، وتدلي بدلوها في تفسيرات متنوعة ومتناقضة أحياناً، لأسباب هذا الوضع في ظل الطوابير الطويلة التي باتت ملحوظة أمام المخابز، ونفاد الخبز في ساعات مبكرة من اليوم، علاوة على اختفاء بعض الأنواع، وبخاصة منها الخبز العادي، الذي تتزود منه معظم الفئات الاجتماعية.

واعتبر الرئيس التونسي قيس سعيد لدى استقباله كلثوم بن رجب، الوزيرة التونسية للتجارة وتنمية الصادرات، أن مسألة ندرة الخبز في عدد من المحافظات على غرار القيروان وسليانة، «تعود إلى سعي البعض إلى تأجيج الأوضاع الاجتماعية، والعمل على افتعال الأزمات، حيث إنه من غير المقبول ألا يتوفر الخبز في ولاية، في حين يتوفر في ولايات أخرى مجاورة».

الرئيس التونسي قيس سعيد في قمة جدّة (واس - أ.ف.ب)

وكشف محمد الجمالي رئيس «المجمع المهني للمخابز العصرية» (مجمع مهني مستقل)، عن الأسباب الحقيقية وراء أزمة الخبز التي يعيشها أهل المهنة منذ أسابيع، وتسببت في تعطل وغلق 30 بالمائة من المخابز، وأخرى في طريقها أيضاً لإغلاق أبوابها، بقوله: «إن هذا الوضع يعود إلى النقص الفادح في توفير مادتي الفارينة والسميد بالكميات اللازمة لصنع الخبز»، مؤكداً أن كل ما يروّج حول توفر الكميات الضرورية التي يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في تونس، «لا أساس له من الصحة».

وأضاف الجمالي، أن «80 بالمائة من حاجيات القمح في تونس يتم استيرادها من أوكرانيا، وأمام الحرب الدائرة، والوضع العالمي المعقد، وظاهرة انتشار الجفاف، والأمطار الشحيحة، فإن كل هذه الأوضاع تجعلنا في موقع الخطر».

تونسية تتسوق البقالة في أحد المحال التجارية بالعاصمة التونسية (رويترز)

ودعا وزارة التجارة التونسية إلى «الكشف عن حقيقة الوضعية حتى تتمكن المخابز من التوصل إلى حلول لهذه الأزمة».

ويذكر، أن الوزير التونسي للفلاحة أشرف يوم الجمعة الماضي على جلسة عمل حول تزويد المطاحن بالحبوب، بحضور وفد عن اتحاد الصناعة والتجارة، وممثلين عن كل من: وزارة الماليّة والتّجارة. ووفق تقارير إعلامية، فإن الجلسة شخصت الوضع الحالي لتزويد المطاحن التونسية بمادّة الحبوب، كما تمّ تدارس الحلول الممكنة للإشكاليات المطروحة، بهدف التنسيق المشترك بين كل الجهات المتداخلة، وضمان استمرارية التزويد حسب الحاجيات، لكن من دون الإعلان عن حلول عملية لتجاوز الأزمة.

مظاهرة ضد الغلاء والفساد في تونس العاصمة (إ.ب.أ)

وعلى أرض الواقع، يقر أصحاب المخابز بمختلف أصنافها، بوجود أزمة في مادة «الفارينة» الموجهة بالأساس لصناعة خبز «الباغيت»، وكانوا قد نبهوا منذ أسابيع إلى إمكانية نفاد المخزونات، وبداية الأزمة، غير أن مراقبين يرون أن السلطات التونسية، وفي ظل وضعها الاقتصادي الصعب وتدهور مواردها المالية، «غير قادرة عملياً على تجاوز مثل هذه الأزمات». وفي انتظار تبلور حلول مجدية لكل الأطراف، فإن المستهلك بات يقتني أنواعاً من الخبز ذات الكلفة المالية العالية، فهو الآن يقتني الخبز بـ400 مليم و600 مليم ودينار للقطعة الواحدة، عوضاً عن 200 مليم، كما حددتها وزارة التجارة التونسية.



مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».