ملف تونس على طاولة «الاتحاد الأوروبي» الإثنين

المنح والمساعدات مقابل كبح تدفقات المهاجرين

علم الاتحاد الأوروبي (رويترز)
علم الاتحاد الأوروبي (رويترز)
TT

ملف تونس على طاولة «الاتحاد الأوروبي» الإثنين

علم الاتحاد الأوروبي (رويترز)
علم الاتحاد الأوروبي (رويترز)

تنتظر الساحة التونسية طرح ملف تونس على طاولة الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل، وتأمل في أن يتمخض عن حزمة من المساعدات الاقتصادية التي قد تساعد على منع الانهيار المالي وتخفف من وطأة موجات الهجرة غير الشرعية التي تضاعفت في اتجاه السواحل الإيطالية.

ومن المتوقع أن يطلع جواو غوميز وزير الخارجية البرتغالي، وحاجة لحبيب وزيرة الخارجية لبلجيكية، نظراءهما الأوروبيين على نتائج المحادثات التي أجرياها خلال زيارتهما الأسبوع الماضي إلى تونس.

ومن المرجح أن يناقش الجانب الأوروبي الوضع العام في تونس بعد أن أجرت المفوضية الأوروبية سلسلة من الاتصالات رفيعة المستوى مع ممثلي السلطات التونسية بهدف حل ملفين اثنين، هما الأزمة الاقتصادية في تونس، والهجرة غير الشرعية المنطلقة من سواحلها.

وكان مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي قد أرجأ النظر يوم 24 أبريل (نيسان) الماضي في الأوضاع في تونس، وأعطى الأولوية لملفات أخرى على غرار الحرب في السودان وأوكرانيا.

ويرى مراقبون أن إيطاليا باتت، إلى جانب فرنسا وبدرجة أقل، تدافع عن الملف التونسي، سواء لدى بلدان الاتحاد الأوروبي، أو لدى صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض مالي يخصص لتمويل ميزانية تونس المتداعية.

ولا يبدو أن دول الاتحاد الأوروبي متفقة على حل موحد تجاه الملف التونسي في ظل تعدد الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد كشفت تصريحات جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي بشأن إمكانية الانهيار في تونس، عن بحث أوروبي عن حلول قد تجنب البلاد ذاك المآل. وطلب حينها من وزيري خارجية البرتغال وبلجيكا زيارة تونس وتقييم الوضع لتمكين الاتحاد الأوروبي من توجيه إجراءاته.

وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن الطرف الأوروبي بات يشعر بـ«مخاوف حقيقية» من تدهور الأوضاع في تونس ويخشى أن تزداد تدفقات المهاجرين غير الشرعيين على سواحله الجنوبية.

وأكد أن إيطاليا باتت «مدافعا شرسا» عن ملف تونس في جميع المحافل الدولية، وذلك لإيمانها بأن مشكل الهجرة قد يمثل ورقة ضغط ناجحة بالنسبة للسلطات التونسية. ولعل مطالبة تونس بالتعامل الجدي مع ملف المهاجرين غير الشرعيين يخفي في طياته «اتهامات غير معلنة بمساومة إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي بورقة المهاجرين»، على حد تعبيره.

وكان أنطونيو تاياني وزير الخارجية الإيطالي، قد أكد «الالتزام بالسعي إلى تجنب الانهيار المالي لشعب تونس الصديق»، وأوضح أنه لا يمكن أن يكون التمويل الممنوح لتونس مشروطا بإصلاحات من قبل قيس سعيد، بل يجب أن يسير الأمران جنب إلى جنب.

وكشف الجانب الإيطالي عن تقديم مبلغ 10 ملايين يورو ضمن حزمة مساعدات إلى تونس، على أن يتم منحها لاحقا نحو 100 مليون يورو لمساعدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة على تجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها.

وكانت إيطاليا قد نظمت خلال هذا الأسبوع، وبالتعاون مع السلطات التونسية، جلسة عمل مع وزارة التشغيل والتكوين المهني بهدف الاستجابة لحاجيات المؤسسات الإيطالية في تونس، وهي في مرحلة أولى مقدرة بـ300 فرصة عمل لفائدة أصحاب الشهادات العليا من متخرجي الجامعات التونسية ومتخرجي منظومة التكوين المهني والعملة، وهذا من بين ستة آلاف فرصة عمل تُؤمل تلبيتها خلال السنة الحالية.



توافق مصري - روسي على ضرورة وقف فوري للنار في غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري - روسي على ضرورة وقف فوري للنار في غزة

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو (الخارجية المصرية)

في زيارة استهدفت تعزيز العلاقات الثنائية، وتنسيق المواقف بين القاهرة وموسكو بشأن قضايا المنطقة، التقى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونظيره الروسي سيرغي لافروف، وتوافق البلدان على «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة».

وأكد وزير الخارجية المصري، في مؤتمر صحافي بالعاصمة الروسية، الاثنين، «ضرورة إيجاد حل للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «زيارته إلى موسكو تأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية صعبة، على خلفية مخاوف من اندلاع حرب في المنطقة».

وأشار وزير الخارجية المصري إلى أنه «بحث مع نظيره الروسي تطورات الأوضاع في المنطقة، لا سيما الوضع في غزة والضفة الغربية»، لافتاً إلى «استمرار جهود الوساطة التي تجريها بلاده بالتعاون مع قطر من أجل وقف إطلاق النار في غزة».

وشدد عبد العاطي على «ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة ومعبر رفح ومحور فيلادلفيا؛ حتى تتمكن مصر من تشغيل معبرها الحيوي مع القطاع».

بدوره، أكد وزير الخارجية الروسي «استمرار التعاون بين القاهرة وموسكو في مجلس الأمن للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة»، مشيراً إلى أن «القرارات ذات الشأن تصطدم بعرقلة واشنطن لها»، ولفت إلى «دعم بلاده الجهود المصرية الرامية لوقف إطلاق النار والقتال في غزة».

وأضاف: «بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، من الضروري تنظيم عملية تسليم الإمدادات الإنسانية بصفة فورية؛ لأن الدورة الإنسانية في قطاع غزة كارثية، والوضع في الضفة الغربية ليس أفضل بكثير».

الوزيران تناولا مختلف أوجه العلاقات الثنائية بجانب استعراض مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك (الخارجية المصرية)

وجدّد الوزيران تأكيدهما «ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية على كامل التراب الوطني الفلسطيني، وعاصمتها القدس الشرقية».

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية إن «المباحثات تناولت قضية (سد النهضة) الإثيوبي»؛ إذ أكد عبد العاطي «أهمية قضية الأمن المائي المصري، وضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء السد وتشغيله، ورفض أي إجراءات أحادية، وأي ضرر يلحق بدولتي المصب».

وبين مصر وإثيوبيا نزاع ممتد لأكثر من عشر سنوات بشأن «سد النهضة» الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتخشى القاهرة أن يؤثر في حصتها بالمياه.

وتطرّقت المباحثات أيضاً إلى التوترات في منطقة البحر الأحمر؛ إذ أكد عبد العاطي «أهمية أمن منطقة البحر الأحمر»، مشيراً إلى «تداعيات التوترات في المنطقة على العالم أجمع».

وقال عبد العاطي: «مصر هي المتضرر الأكبر من الأزمة في البحر الأحمر التي تؤثر في عائدات قناة السويس»، مطالباً بـ«وقف التصعيد، ووقف الحرب على غزة والحفاظ على حرية الملاحة».

تراجع عائدات قناة السويس

تراجعت عائدات قناة السويس المصرية، إثر تصاعد التوترات في البحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وبشأن الوضع في ليبيا، أكد وزير الخارجية المصري «ضرورة حل الأزمة الليبية، دون أي تدخلات خارجية، وإجراء انتخابات رئاسية تُنهي الأزمة القائمة». كما دعا إلى «وضع حد للحرب الدائرة في السودان»، مشيراً إلى أنه «أطلع نظيره الروسي على جهود مصر في حل الأزمة السودانية». وقال: «أكدنا ضرورة استبعاد أي حلول عسكرية».

وجدّد وزير الخارجية المصري تأكيد «رفض بلاده الكامل أي إجراءات أحادية تنال من وحدة الصومال وأمنه».

وشهدت الفترة الأخيرة تصاعد التوترات بين مصر والصومال من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر، إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية؛ الأمر الذي رفضه الصومال، وسط دعم عربي ومصري. وفي نهاية أغسطس (آب) الماضي، أعلن الصومال «وصول معدات ووفود عسكرية مصرية للعاصمة مقديشو، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، وهو ما عارضته أديس أبابا، متوعدة بأنها «لن تقف مكتوفة الأيدي».

بدورها، أكدت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، الدكتورة نورهان الشيخ، أن «الزيارة تستهدف التنسيق بين مصر وروسيا في مختلف القضايا الإقليمية»، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «موسكو دولة مهمة، ولها ثقل ودور وعلاقات قوية مع أطراف مختلفة في المنطقة من أبرزهم إيران، ولذلك من المهم التنسيق معها، لا سيما مع مخاوف اتساع رقعة الصراع في المنطقة».

لكن على الرغم من ذلك فإن «روسيا قد لا يكون لها تأثير في الحل النهائي لأزمة غزة، وتداعياتها على منطقة البحر الأحمر»، حسب الشيخ التي تقول إن «دور موسكو مهم في خفض التصعيد، لكن الحل النهائي رهن الموقف الإسرائيلي ومدى تعاون تل أبيب مع الأطراف الدولية الأخرى».

على صعيد العلاقات الثنائية، أكد وزير الخارجية المصري «أهمية استمرار وتيرة التنسيق والتشاور المشترك بين القاهرة وموسكو، والعمل على تعزيز أوجه التعاون الثنائي في مختلف المجالات»، لا سيما قطاعات الطاقة والأمن الغذائي والسياحة والنقل واللوجيستيات، الأمر الذي يُسهم في الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى آفاق أرحب، خصوصاً مع انضمام مصر إلى عضوية تجمع «بريكس».

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير تميم خلاف، إن «المباحثات بين الوزيرين تناولت تطورات عدد من المشروعات المهمة التي يجري تنفيذها، وعلى رأسها محطة إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في الضبعة، والمنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس».

وهنا أشارت الشيخ إلى أن «الزيارات المتبادلة بين روسيا ومصر هي جزء من اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين». وقالت: «هناك لقاءات وزيارات مستمرة بين مسؤولي البلدين في إطار تفعيل الشراكة، وتأتي السياسية منها رافعة لباقي المجالات».

ويعود تاريخ العلاقات بين البلدين إلى عام 1943؛ إذ بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والاتحاد السوفياتي. وكانت مصر في طليعة الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، عام 1991. واكتسبت العلاقات المصرية - الروسية «قوة دفع قوية» في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حسب «الهيئة العامة للاستعلامات» في مصر.

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر وروسيا نحو 5.1 مليار دولار خلال عام 2023، حسب بيان «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء» في مصر خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.

وخلال زيارته لموسكو عقد وزير الخارجية المصري لقاء مع وزير الصناعة الروسي أنطون أليخانوف، «تناول آخر المستجدات المتعلقة بمشروعات التنمية المشتركة بين مصر وروسيا، وسبل تعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية بين البلدين في مختلف المجالات، والعمل على تسهيل زيادة الصادرات المصرية إلى روسيا»، حسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الخارجية المصرية.