صحافيو تونس يتظاهرون للتنديد بـ«قضاء التعليمات»

قالوا إن «هناك توجهاً واضحاً من السلطة نحو تكميم الأفواه»

تظاهرة نظمها صحافيون في أكتوبر الماضي للتنديد بالتضييق على الحريات (إ.ب.أ)
تظاهرة نظمها صحافيون في أكتوبر الماضي للتنديد بالتضييق على الحريات (إ.ب.أ)
TT

صحافيو تونس يتظاهرون للتنديد بـ«قضاء التعليمات»

تظاهرة نظمها صحافيون في أكتوبر الماضي للتنديد بالتضييق على الحريات (إ.ب.أ)
تظاهرة نظمها صحافيون في أكتوبر الماضي للتنديد بالتضييق على الحريات (إ.ب.أ)

تجمّع العشرات من الصحافيين التونسيين اليوم الخميس في العاصمة التونسية للتنديد بـ«قمع» السلطات، متّهمين إياها بتوظيف القضاء للتضييق على الصحافيين ووسائل الإعلام. واعتصم الصحافيون أمام مقر «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين»، ورددوا شعارات من قبيل «املأ السجون يا قضاء التعليمات»، و«حريات حريات... دولة البوليس انتهت». وبدعوة من النقابة، احتج المتظاهرون أيضًا على حكم الاستئناف، الصادر بحق مراسل إذاعة «موزييك إف إم» الخاصة، خليفة القاسمي، والقاضي بسجنه خمس سنوات لنشره معلومات أمنية.

احتجاجات إعلاميين تونسيين للمطالبة بتحسين ظروف العمل ورفع الأجور (إ.ب.أ)

وحوكم القاسمي بتهمة «إفشاء عمدا إحدى المعلومات المتعلقة بعمليات الاعتراض، أو الاختراق أو المراقبة السمعية البصرية أو المعطيات»، على ما أفاد محاميه لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال نقيب الصحافيين مهدي الجلاصي في خطاب في تظاهرة اليوم إن «هناك توجها واضحا وصريحا من السلطة نحو تكميم الأفواه، ونحو التضييق أكثر ما يمكن على الصحافة وحرية التعبير». مضيفا: «هي صيحة فزع أخرى على واقع الحريات وواقع المحاكمات، التي يتعرض لها عدد كبير من الصحافيين والنقابيين والمدونين. واليوم آلة المحاكمات شملت الجميع». وبينما أكد الجلاصي محاكمة حوالي عشرين صحافيًا بسبب عملهم، حذرت منظمات غير حكومية محلية ودولية الثلاثاء من «خطورة التوجه القمعي للسلطة الحالية».

وسبق لمنظمات حقوقية أن انتقدت مرارا «تراجع» الحريّات في تونس، منذ تفرّد الرئيس قيس سعيد بالسلطات في البلاد. كما حُكم في القضية ذاتها على شرطي أدين بتقديم معلومات للصحافي، بالسجن 10 سنوات في الاستئناف. وكان قد حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات أمام محكمة البداية. واعتقل القاسمي وسجن لمدة أسبوع في مارس (آذار) 2022 بعد أن نشر موقع راديو «موزاييك إف إم» معلومات تتعلق بتفكيك «خلية إرهابية» واعتقال أفرادها. وشددت الأحكام الصادرة بحق الشرطي والصحافي بموجب قانون مكافحة الإرهاب.

وسبق أن طالب الجلاصي وزارة الداخلية في بلاده بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات والتجاوزات بحق الصحافيين، إذا كانت تعتبر تلك أخطاء فردية، وليست سياسة ممنهجة تتبعها المؤسسة الأمنية لقمع حرية التعبير. وقال في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي: «نحن نقول دائما إنه لو كانت تلك أخطاء فردية، فيجب على وزارة الداخلية أن تحاكم وتحاسب المتسببين في هذه الانتهاكات والاعتداءات، التي تصل لحد الجرائم، لكن عندما يحدث انتهاك ما، ولا تتم محاسبة من يقوم به، فعندها نعتبر أن هناك سياسة ممنهجة ضد الصحافيين».

مظاهرة نظمها عدد من الصحافيين للاحتجاح على تراجع منسوب الحريات في البلاد (رويترز)

واتهم الجلاصي السلطة بتضييق الخناق على حرية الصحافة والصحافيين، مشيرا إلى أن هناك حوالي 17 صحافيا معتقلا حاليا، ويخضعون لما وصفه «بمحاكمات رأي» بسبب مقالات كتبوها، أو آراء أو مقابلات نشروها تنتقد الحكومة التونسية. كما شدد نقيب الصحافيين التونسيين على أن هناك قوانين تحمي وتجيز حرية العمل الصحافي، وتمنع تتبع الصحافيين على خلفية آرائهم وعملهم ومواقفهم. وقال إن ما يحدث «غير قانوني، وليس هناك أي رأي حر يمكن أن يهدد الدولة... وكل ما يحدث اليوم هو خرق للقانون من جانب السلطة». في سياق ذلك، قالت منظمة مراسلون بلا حدود في تقرير حول مستوى الحريات الإعلامية على مستوى العالم إن تونس تراجعت إلى المرتبة 121 من بين 180 دولة، إذ خسرت 27 مركزا في عام واحد فقط. كما قال الجلاصي إن وزارة العدل التونسية «تعمل على تضييق الخناق على العمل الصحافي الحر عبر توجيه التهم للصحافيين»، موضحا أن الانتهاكات بحق الصحافيين «تزايدت بشكل كبير، لا سيما الاعتداءات اللفظية والجسدية، ما أدى إلى تراجع حرية الصحافة في تونس».

من جهتها، قالت نقابة الصحافيين التونسيين في تقريرها السنوي، الصادر في مارس الماضي، إن أوضاع الصحافة التونسية تزداد سوءا عاما بعد عام، في ظل تصاعد نسق الاعتداءات على الصحافيين، وعلى حرية ممارسة العمل الصحافي منذ عام 2020.


مقالات ذات صلة

«منتدى الإعلام العربي» يناقش تأثير المتغيرات العالمية على القطاع

إعلام يعقد منتدى الإعلام العربي في مدينة دبي الإماراتية نهاية سبتمبر الحالي (الشرق الأوسط)

«منتدى الإعلام العربي» يناقش تأثير المتغيرات العالمية على القطاع

كشفت اللجنة التنظيمية لمنتدى الإعلام العربي عن تفاصيل الدورة الحادية والعشرين للمنتدى.

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يسار) يلتقي برئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف بالقرب من موسكو بروسيا في 31 أغسطس 2019 (رويترز)

بوتين ولوكاشينكو وقديروف... لماذا تثير صحة هؤلاء القادة الكثير من الشائعات؟

طالت في الأشهر الأخيرة شائعات كثيرة صحةَ الرئيسين الروسي بوتين والبيلاروسي لوكاشينكو والزعيم الشيشاني قديروف، تعود لتقليد نظام مغلق قائم على السرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
إعلام هل تدفع منصات التواصل صُناع الأخبار إلى «القوالب التفاعلية»؟

هل تدفع منصات التواصل صُناع الأخبار إلى «القوالب التفاعلية»؟

منذ إعلان شركة «ميتا» المالكة لـ«فيسبوك» و«إنستغرام» تراجعها عن دعم الأخبار، والحديث لا ينقطع في الأوساط الإعلامية عن مستقبل الإعلام الرقمي وشكل الأخبار.

إيمان مبروك (القاهرة)
إعلام تنقل «السعودية الآن» التطور المتسارع وحجم المناسبات الهائل الذي تشهده البلاد (واس)

قناة «السعودية الآن»... مرآة للأحداث الرسمية والترفيهية

أعلن سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الأربعاء، عن إطلاق قناة «السعودية الآن» لتكون المنصة الرسمية لنقل الأحداث والفعاليات الرسمية والترفيهية كافة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يرأس جلسة مجلس الوزراء في نيوم (واس)

«الوزراء» السعودي يوافق على تنظيم جديد للإعلام

وافق مجلس الوزراء السعودي على تنظيم «الهيئة العامة لتنظيم الإعلام»، خلال جلسته التي عقدت اليوم في «نيوم»، برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

قيادي معارض: مخاطبة ماكرون للمغاربة مباشرة «سلوك يخالف الأعراف»

محمد أوزين في لقاء صحافي بـ«مؤسسة الفقيه التطواني» بسلا مساء الأربعاء (الشرق الأوسط)
محمد أوزين في لقاء صحافي بـ«مؤسسة الفقيه التطواني» بسلا مساء الأربعاء (الشرق الأوسط)
TT

قيادي معارض: مخاطبة ماكرون للمغاربة مباشرة «سلوك يخالف الأعراف»

محمد أوزين في لقاء صحافي بـ«مؤسسة الفقيه التطواني» بسلا مساء الأربعاء (الشرق الأوسط)
محمد أوزين في لقاء صحافي بـ«مؤسسة الفقيه التطواني» بسلا مساء الأربعاء (الشرق الأوسط)

قال محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية المغربي (معارضة برلمانية): إن توجه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بخطاب مباشر إلى الشعب المغربي بخصوص الزلزال «سلوك يفتقد اللياقة ويخالف الأعراف الديبلوماسية»، مضيفاً أن المغاربة لم يقبلوا هذا السلوك من الرئيس الفرنسي.

وأشار أوزين في لقاء نظّمته «مؤسسة الفقيه التطواني» مساء أمس (الأربعاء) بمقرها في مدينة سلا المجاورة للرباط العاصمة، إلى أنه «كان عليه أن يخاطب صاحب البيت (الملك محمد السادس)، وليس الشعب».

وكان الرئيس الفرنسي قد توجّه بخطاب مباشر إلى الشعب المغربي، بخصوص المساعدات التي قال إن فرنسا رصدتها لدعم جهود مواجهة تداعيات الزلزال. وجاء ذلك عندما لم تعبر السلطات المغربية عن رغبتها في تلقي مساعدات فرنسية في سياق توتر سياسي بين البلدين، واكتفائها باستقبال فرق إنقاذ من أربع دول، هي قطر، والإمارات، وإسبانيا وبريطانيا.

وقال أوزين، بخصوص الحملة الإعلامية التي شنّتها وسائل إعلام فرنسية ضد المغرب، واتهامه برفض تلقي مساعدات من فرنسا: «لم أفهم هذا السعار في الإعلام الفرنسي بسبب موضوع المساعدات».

مضيفاً أن «هناك دولاً عدة عرضت مساعدتها مثل الولايات المتحدة، لكنها لم تقم برد فعل مثل الذي قامت به فرنسا».

من جهة أخرى، تحدث أوزين عن دور الأحزاب في كارثة الزلزال، ورد على تساؤلات تنتقد تخلف الفاعل الحزبي عن تقديم المساعدة والدعم للمتضررين، بقوله: «في وقت الكوارث فإن الدولة تصبح هي الفاعل الأساسي، في حين أن الأحزاب تنخرط في جهود الدولة»، مشيراً إلى أنه «لا يمكن للفاعل الحزبي أن يتوجه إلى قرية لتقديم مساعدات، وأخذ صور مع الضحايا لاستغلالها سياسياً».

وفي هذا السياق، كشف أوزين، عن أنه طلب من برلمانيي حزبه عدم التوجه إلى مناطق الزلزال، باستثناء منتخبي الحزب في هذه المناطق، الذين انخرطوا في جهود الإنقاذ، وتقديم المساعدات.


«الدولية للهجرة»: نزوح أكثر من 43 ألف شخص بسبب الفيضانات في ليبيا

أشخاص يجلسون بين الأنقاض في مدينة درنة بشرق ليبيا (أ.ف.ب)
أشخاص يجلسون بين الأنقاض في مدينة درنة بشرق ليبيا (أ.ف.ب)
TT

«الدولية للهجرة»: نزوح أكثر من 43 ألف شخص بسبب الفيضانات في ليبيا

أشخاص يجلسون بين الأنقاض في مدينة درنة بشرق ليبيا (أ.ف.ب)
أشخاص يجلسون بين الأنقاض في مدينة درنة بشرق ليبيا (أ.ف.ب)

قالت بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا اليوم الخميس إن تقديراتها تشير إلى نزوح أكثر من 43 ألف شخص بفعل الفيضانات والسيول التي ضربت شرق ليبيا، التي أسفرت عن دمار واسع النطاق وخسائر بشرية بالآلاف.

وأضافت المنظمة بموقعها الإلكتروني أن عدم وجود مياه شرب نقية يدفع الكثير من النازحين من درنة إلى مناطق أخرى بشرق وغرب البلاد، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأوضحت المنظمة أن «النازحين يواصلون مغادرة درنة إلى مناطق بشرق البلاد مثل طبرق (1320 نازحاً) وبنغازي (730 نازحاً) ومعظمهم ينزلون في ضيافة أقاربهم».

كما رصدت المنظمة عبر مراقبيها على الأرض نزوح عائلات من درنة إلى مناطق في غرب ليبيا منها طرابلس وحي الأندلس ومصراتة ومعظمهم يقيمون لدى أسر أخرى.

وطالبت المنظمة بتوفير الطعام ومياه الشرب والدعم النفسي للنازحين بشكل عاجل.

كان الإعصار (دانيال) قد ضرب مناطق من شرق ليبيا، مما أسفر عن سقوط آلاف القتلى ودمار كبير في عدة مناطق، حيث كانت درنة الأشد تضرراً بعد انهيار سدين جرَّاء السيول.


أطباء ليبيون: جرحى درنة يعانون صدمات نفسية حادة

د. جلال مفتاح أحميد مع أحد المرضى بدرنة (جلال مفتاح أحميد)
د. جلال مفتاح أحميد مع أحد المرضى بدرنة (جلال مفتاح أحميد)
TT

أطباء ليبيون: جرحى درنة يعانون صدمات نفسية حادة

د. جلال مفتاح أحميد مع أحد المرضى بدرنة (جلال مفتاح أحميد)
د. جلال مفتاح أحميد مع أحد المرضى بدرنة (جلال مفتاح أحميد)

بينما عدّ وزير الصحة بالحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، عثمان عبد الجليل، أن الوضع الصحي لمدينة درنة يتجه «للتعافي»، قال أطباء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»: إن «الوضع هادئ؛ لكنه لا يزال ينبئ بعدد من المخاطر التي لا يمكن تجاهلها، والتي لا تنحصر على الأوبئة واحتمال تلوث مياه الشرب؛ بل تشمل أيضاً الصدمات والآثار النفسية التي أحدثتها كارثة الإعصار بالمدينة».

وقال الدكتور جلال مفتاح أحميد، أحد الأطباء المتطوعين من جهاز الطب العسكري بطرابلس: «كنا نسابق الزمن لمعاينة أكبر عدد من الجرحى والمصابين في اليوم الواحد، لكن بمجرد أن نستقبل مريضاً فقد أبناءه وأشقاءه، ويبدأ بتلاوة أسمائهما وهو يبكي بحرقة، ندخل في حالة صمت، وأحياناً ننسحب بهدوء حتى لا نجهش بالبكاء أمامه، ثم نعود بعد ثوانٍ لدعمه نفسياً».

وأوضح أحميد، أنه «وصل إلى درنة في اليوم الثاني للكارثة، حيث تنوعت الحالات المرضية التي عاينها حينذاك ما بين كسور وكدمات جراء تعرّض الكثير من الأهالي للإصابة خلال محاولتهم الهرب من السيول والفيضانات، وارتطامهم بأشياء صلبة، والاختناق جراء البقاء بالمياه». وقال بهذا الخصوص: «للأسف، كنا نعاني في هذا التوقيت بسبب عدم وجود أجهزة التعقيم والأكسجين للتنفس الاصطناعي، وأجهزة الأشعة بأنواعها المختلفة لتشخيص الكسور والجلطات الدماغية، وهذا كله أشعرنا بالكثير من العجز خلال محاولاتنا إسعاف المواطنين، خاصة مع قلة عدد الأطباء والتمريض».

جانب من عمل أطباء درنة (جلال مفتاح أحميد)

وأضاف مفتاح أحميد، موضحاً: «منذ اليوم الثالث للكارثة تزايد عدد الأطباء الذين قدموا للمساعدة من داخل ليبيا وخارجها، وتم تقديم الدعم بالأدوية من قِبل الكثير من الجهات، كما أن وزارة الصحة بطرابلس سارعت بإرسال أجهزة الأشعة»، لافتاً إلى أن «عمله وزملائه من الأطباء المتطوعين لم يكن يتوقف على مدار اليوم، فقد كنا نقيم بغرف مجهزة بفرش بسيط بالمستشفيات ذاتها التي نعمل بها، وكان يومنا يبدأ باستقبال الحالات المرضية منذ الثامنة صباحاً، وإلى جانب التشخيص وتقديم العلاج وإجراء العمليات الجراحية، نساعد الموظفين والعمال في تفريغ الشاحنات التي ترِد لنا محملة بالأغذية والأدوية وترتيبها بالمخازن». مضيفاً: «بل كنا نقوم بعميلة تنظيف بعض المستشفيات التي تضررت بالكارثة، إلى جانب المساعدة بانتشال الجثث، وتوزيع وجبات الطعام التي أعدّتها لجان إغاثة قرب المدينة».

وحذّر مفتاح أحميد، المتخصص في المسالك البولية، من خطورة حالات النزلات المعوية والطفح الجلدي، مرجحاً «حدوث تلوث بمياه الشرب التي ربما تأثرت بتحلل جثث ضحايا الكارثة»، كما حذّر «من الصدمات النفسية التي تعرض لها أهالي درنة نتيجة اختفاء عدد كبير من ذويهم، سواء أبناء أو أشقاء أو الوالدين والجيران بين ليلة وضحاها».

أطباء في المخازن (جلال مفتاح أحميد)

بدوره، أكد الدكتور علي تركي، الطبيب بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض، أنه أخذ مع فريقه المتواجد بدرنة منذ أيام عدة «عينات من المياه والمستنقعات بكل من درنة وسوسة لتحليلها بعد تكاثر حالات الإسهال والطفح الجلدي». ورأى تركي المتخصص في الأمراض الصدرية، أن «رائحة الجثث التي تسيطر على الجزء المنكوب بالمدينة باتت خطرة على مرضى الجهاز التنفسي، وفي الأيام الأخيرة صار الجميع يرصد تأثر هؤلاء بدرجة كبيرة»، مشيراً إلى أنه وفريقه «باشروا فعلياً تطعيم جميع المتواجدين بالمدينة من عمال، وفرق إنقاذ، وعناصر الجيش؛ لمنع إصابتهم بأمراض خطيرة، مع استمرار تلوث الهواء. كما وزّعوا منشورات بالمساجد والمدارس والبيوت لتوعية الناس بعدم شرب المياه من الآبار أو أي مصدر آخر، واللجوء للزجاجات المعلبة».

وشدد تركي على أن التخوف الحقيقي عند حدوث الفيضانات يكون من «انتشار الكوليرا؛ نظراً لتلوث المياه وتواجد المستنقعات، أو تفشي الأمراض التي تنتقل من الحشرات والحيوانات للإنسان».

كما ساهم تركي وفريقه في علاج الكثير من الحالات المرضية والجرحى في ظل ارتفاع أعدادهم بالأيام الأولى، وقال بهذا الخصوص: «زرنا في مدينة سوسة التي ذهبنا لها في أعقاب الكارثة مباشرة، المنازل لمعاينة المواطنين وتقديم الأدوية لهم؛ نظراً لتعرّض أغلبهم لصدمة نفسية إثر تضرر منازلهم»، مضيفاً: «فعلنا ذلك رغم مشقة رحلتنا اليومية حينذاك من البيضاء لسوسة».

أطباء درنة (جلال مفتاح أحميد)

ولا يختلف الحال كثيراً في رواية الدكتورة منى حمزة، وهي طبيبة أطفال من أهالي درنة، تطوعت بأحد المستشفيات العامة عقب الكارثة، والتي يمتد عملها من بداية النهار حتى الحادية عشرة مساءً، تعاين فيها ما يقرب من 70 حالة مرضية يومياً خلال تنقلها بين المستشفى العام، ومستوصفات تم فتحها لرعاية الأطفال بعدد من المناطق، فضلاً عن زياراتها لبعض الحالات بالمنازل.

وعلى الرغم من إقرارها بافتتاح أكثر من مستشفى ميداني للأطفال والولادة والجراحة في أكثر من منطقة بدرنة، ومساهمة جميع عيادات القطاع الخاص بفتح أبوابها بالمجان للمرضى، لا تزال حمزة تصف الوضع في مدينتها بـ«الصعب والمؤلم». وأرجعت ذلك إلى «نقص بعض الأدوية، كالمضادات الحيوية والفيتامينات الخاصة بالأطفال، فضلاً عن عدم توافر أجهزة تنفس لحديثي الولادة؛ وهو ما يدفع إلى نقلهم خارج المدينة، وقد يكون عامل الوقت في غير صالح الطفل، وهو ما يشعر الطبيب بالعجز».

وهنا أشارت حمزة إلى أن الحالات الواردة أخيراً «تنحصر بين الطفح الجلدي والنزلات المعوية، في حين كانت نزلات البرد جراء التعرض للمياه والجروح هي الأعلى بالأيام الأولى»، مشددة على أن «جهود أهل الخير والإغاثة التي قُدّمت من كل أنحاء ليبيا وخارجها ساهمت بتقليل حجم المعاناة».


«الجيش الوطني» الليبي يؤكد استمرار عمل فرق الإنقاذ الدولية في درنة

اجتماع رباعي في طرابلس لدعم المناطق المنكوبة (المجلس الرئاسي)
اجتماع رباعي في طرابلس لدعم المناطق المنكوبة (المجلس الرئاسي)
TT

«الجيش الوطني» الليبي يؤكد استمرار عمل فرق الإنقاذ الدولية في درنة

اجتماع رباعي في طرابلس لدعم المناطق المنكوبة (المجلس الرئاسي)
اجتماع رباعي في طرابلس لدعم المناطق المنكوبة (المجلس الرئاسي)

أكد الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، «استمرار عمل فرق الإنقاذ الدولية في مدينة درنة المنكوبة»، ونفى طرد أي إعلامي منها «رغم تأكيد بعض ممثلي المنظمات الدولية ووسائل الإعلام الغربية (تعرضهم للمنع ومطالبتهم بمغادرة المدينة)». في حين بحث المجلس الرئاسي دعم المناطق المنكوبة مالياً.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه لا يزال من غير الممكن التنبؤ بحجم الكارثة في ليبيا في أعقاب العاصفة «دانيال»، حيث تتواصل جهود البحث والإنقاذ في ليبيا، لافتاً إلى تلقي منظمة الصحة العالمية تقارير بتسجيل المستشفيات نحو 4000 حالة وفاة، من بينها أكثر من 400 مهاجر. كما نزح حوالي 37 ألف شخص في المناطق المتضررة من الفيضانات بسبب العاصفة.

فرق الإغاثة والإنقاذ تواصل البحث عن ناجين وسط ركام درنة (رويترز)

لكن اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم حفتر، أعلن في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء في مدينة بنغازي، أن «الإحصائيات الرسمية الموثقة للضحايا تؤكد وفاة ودفن 3332 شخصاً»، مشيراً إلى أن «هناك جـثثاً تم دفنها دون التعرف عليها، قد تكون في تعداد المفقودين، بينما جرفت السيول جثـث آخرين لعشرات الكيلومترات». وقال بهذا الخصوص إن غرفة عمليات الجبل الأخضر تلقت 35 بلاغاً عن مفقودين، لافتاً إلى أن مركز مدينة درنة أصبح في البحر نتيجة الفيضانات. معتبراً أن هناك محاولات كذب وتشويش على اللحمة الوطنية، وأن هذه الكارثة أفرزت في المقابل صوتاً وطنياً عظيماً شارك فيه مواطنون من كل أنحاء البلاد.

من جهته، أكد محمد الحصان، آمر كتيبة 166 مصراتة «وجود شركات المنطقة الغربية الآن بشرق البلاد واشتغالها في النظافة والكهرباء وغيرهما»، لافتاً إلى أن مشاركة أكثر من 10 آلاف ضابط صف وجندي في عمليات البحث والإنقاذ وانتشال الجثـث بشكل مباشر. وقال إنه «تم تجنيد وحدات عسـكرية كاملة من القوات الجوية والبحرية والبرية منذ وقوع الـكارثة»، موضحاً أن قيادة الجيش أوكلت مهمة استقبال وتوزيع المساعدات المادية والعينية إلى الهلال الأحمر الليبي، الذي أنشأ مقراً له في سرت لاستقبال وتوزيع المساعدات المادية والعينية، ونقلها للمحتاجين، بالإضافة إلى مخازن في سرت وأجدابيا، بحماية قوات الجيش.

زيارة نجل حفتر لمقر فريق الإغاثة المصري (الجيش الوطني الليبي)

بدورها، أكدت شعبة الإعلام بالجيش استمرار فرق الإنقاذ المحلية والدولية في عمليات البحث وانتشال الجثامين إلى جانب وحدات الجيش، التي تعمل على إزالة ركام البيوت المدمرة، وفتح المسارات، وإيصال المواد الغذائية والطبية والإنسانية إلى جميع مدن الجبل الأخضر والساحل.

وأعلنت قيام خالد، نجل المشير حفتر، رئيس أركان الوحدات الأمنية التابعة للجيش، بزيارة إلى مقرّ فرق الإنقاذ المصرية في مدينة درنة.

من جانبها، أكدت هيئة السلامة الوطنية أن الفرق المشاركة في عمليات البحث والإنقاذ بالمدينة أنهت مهمتها على أكمل وجه، وبدأت رحلة العودة اليوم (الأربعاء)، مشيرة إلى أن الاتصالات مقطوعة عن كامل المدينة. فيما نفى مدير عام جهاز خدمات الإسعاف الطائر خروج فرق الإنقاذ الأجنبية من درنة. وأكد أن العمل مستمر في عمليات البحث وإنقاذ الأرواح وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، مشيراً إلى أن الجهاز يواصل جهوده في تقديم التسهيلات، ومساندة الفرق الموجودة.

لكن نجوى مكي، المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، قالت إن السلطات الليبية رفضت دخول فريق تابع للمنظمة الدولية، كان من المقرر أن يتوجه إلى المدينة للمساعدة في مواجهة آثار أسوأ كارثة طبيعية على الإطلاق في البلاد.

ونقلت «رويترز» عن مكي تأكيدها أن «فرق البحث والإنقاذ والطوارئ الطبية، وزملاء من الأمم المتحدة ممن هم بداخل درنة بالفعل يواصلون العمل، لكن فريقاً من الأمم المتحدة كان من المقرر أن يذهب لدرنة من بنغازي لم يسمح له بذلك». وطالبت بالسماح بوصول الفرق دون عراقيل.

وقال صحافيون ووسائل إعلام كانوا ينقلون الأحداث على الهواء من المدينة منذ أيام إنهم «أُمروا بالمغادرة»، فيما قلل مسؤولون في إدارة شرق ليبيا من أهمية ذلك أو نفوه.

الدبيبة يتفقد مقر الإمداد الطبي (حكومة الوحدة)

في سياق ذلك، أكدت وكالة الأنباء الليبية، التابعة لحكومة الوحدة، استمرار جهود وعمل فرق الطوارئ. ونفت توقف عمل فرق وبعثات الإنقاذ والإغاثة المحلية والدولية، باستثناء الفرق المتخصصة في عمليات البحث عن الناجين، لانتهاء فرص العثور على أحياء. وأعلنت بدء السلطات والجهات المختصة في إقامة سياج عاجل حول المنطقة المنكوبة بمدينة درنة. ونقلت عن مصادر مسؤولة أن الهدف من وراء هذه الخطوة إغلاق المنطقة ومنع الدخول إليها، قصد تسهيل عمل فرق انتشال الجثث، ولحماية المواطنين من احتمالات الإصابة ببعض الأمراض أو الفيروسات، التي تنتقل بالحشرات نتيجة تعفن الجثث، وخاصة من الحيوانات النافقة التي ما زالت مدفونة تحت الأنقاض والرواسب. فيما قال مسؤول الإعلام الحربي بالجيش الليبي الوطني إن السياج سيعمل على وقف انتشار الأوبئة والأمراض، وتعزيز أداء فرق الإنقاذ.

طفل يتلقى مساعدات غذائية في إطار المساعدات المقدمة لأهالي درنة (أ.ف.ب)

إلى ذلك، قال رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، إنه اجتمع (مساء الثلاثاء)، مع رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، ورئيس مجلس الدولة، بحضور محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، لبحث سبل دعم المدن المنكوبة شرق ليبيا، وضمان وصول المخصصات المالية إلى مستحقيها، لافتاً إلى أن الاجتماع تناول دعم المدن المنكوبة في إطار المرجعيات القانونية، بما يضمن وصول المخصصات المالية في إطار عالٍ من الشفافية. وأكد المنفي عزمه الدعوة إلى اجتماع عاجل للجنة المالية العليا، وتحملها لمسؤولياتها في إطار دعم وثقة المجتمع الليبي والدولي بها.

بدوره، قال الدبيبة إنه عرض جهود الحكومة لمواجهة الأزمة الإنسانية في المناطق المنكوبة، مشيراً إلى بحث سبل تذليل العوائق أمام فرق الدعم الدولي العاملة على الأرض، وبحث طلبات الدعم التي تقدم بها عدد من الدول الصديقة.

وكان الدبيبة قد أكد خلال اجتماعه مع الصديق دعم حكومة الوحدة للمناطق المتضررة بشرق البلاد، التزاماً بتحقيق تطلعات سكانها، لافتاً إلى بحث جهود مواجهة الأزمة الإنسانية في درنة وجميع المناطق المنكوبة شرق البلاد، وأهمية التنسيق لضمان استمراره وتلبية الاحتياجات فوريّاً.

كما تفقد الدبيبة، مساء الثلاثاء، مخازن الإمداد الطبي للوقوف على احتياج المناطق المتضررة، وتواصل مع مدير فرع الجهاز للمنطقة الشرقية للاطلاع على احتياج المناطق المنكوبة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وآلية توزيعها. ونقل عن الجهاز أن كمية الشحنات المرسلة للمناطق المتضررة بلغت 99 حاوية من الأدوية والمستلزمات الطبية، سُيّرت على خمس مراحل براً وجواً، وتكفي كل المستشفيات بالمنطقة الشرقية.


ملك المغرب يعقد اجتماعاً ثالثاً بشأن تأهيل المناطق المتضررة من الزلزال

العاهل المغربي خلال ترؤسه جلسة العمل المخصصة لبرنامج إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال (ماب)
العاهل المغربي خلال ترؤسه جلسة العمل المخصصة لبرنامج إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال (ماب)
TT

ملك المغرب يعقد اجتماعاً ثالثاً بشأن تأهيل المناطق المتضررة من الزلزال

العاهل المغربي خلال ترؤسه جلسة العمل المخصصة لبرنامج إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال (ماب)
العاهل المغربي خلال ترؤسه جلسة العمل المخصصة لبرنامج إعادة إعمار المناطق المتضررة من الزلزال (ماب)

ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم الأربعاء بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل خصصت لبرنامج إعادة الإعمار والتأهيل العام للمناطق المتضررة من الزلزال، وفق ما ذكر بيان للديوان الملكي المغربي.

وتندرج جلسة العمل الجديدة هذه استكمالا للتوجيهات التي أصدرها الملك محمد السادس خلال اجتماعي 9 و14سبتمبر (أيلول) الحالي، والتي أرست أسس برنامج مدروس ومندمج وطموح، يهدف إلى توفير استجابة قوية ومتماسكة وسريعة واستباقية.

وذكر البيان أنه بميزانية إجمالية متوقعة تقدر بـ120 مليار درهم (12 مليار دولار)، تمتد على مدى خمس سنوات، تغطي النسخة الأولى من البرنامج المندمج والمتعدد القطاعات، المقدم إلى الملك محمد السادس، الأقاليم والمحافظات الـ6 المتضررة من الزلزال (مراكش، الحوز، تارودانت وشيشاوة وأزيلال وورزازات)، وتستهدف 4.2 مليون نسمة.

وتم تصميم هذا البرنامج، بحسب البيان، وفقا لمنطق التقارب وعلى أساس التشخيص الدقيق للاحتياجات، وتحليل الإمكانات الإقليمية والفاعلين المحليين، ويتضمن مشاريع تهدف، من جهة، إلى إعادة بناء المساكن، ورفع مستوى البنية التحتية المتضررة، وفقا لآلية الطوارئ المقررة في اجتماع 14 سبتمبر، ومن ناحية أخرى، تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالمناطق المستهدفة وتتمحور حول أربعة مكونات رئيسية هي إعادة إسكان المتضررين، وإعادة بناء المساكن وتأهيل البنية التحتية، وفتح الأقاليم وتطويرها، والإسراع في تقليص العجز الاجتماعي، خاصة في المناطق الجبلية المتضررة من الزلزال، وتشجيع النشاط الاقتصادي والتشغيل، وتعزيز المبادرات المحلية.

كما يتضمن البرنامج أيضا إحداث منصة كبيرة بكل منطقة من الاحتياطات الأساسية (خيام، بطانيات، أسرّة، أدوية، مواد غذائية، إلخ) لمواجهة الكوارث الطبيعية بشكل فوري، وخلال جلسة العمل دعا العاهل المغربي الحكومة إلى تفعيل الرؤية المطروحة على مستوى كل إقليم ومحافظة معنية. وشدد مرة أخرى على أهمية الاستماع المستمر للسكان المحليين من أجل تقديم الحلول المناسبة لكل منطقة، مع إيلاء الأهمية اللازمة للبعد البيئي، وضمان احترام التراث الفريد وتقاليد وأساليب حياة السكان المحليين في كل منطقة. مؤكدا على ضرورة الحوكمة المثالية، ورفع شعار السرعة والكفاءة والدقة والنتائج المقنعة، بحيث يصبح برنامج إعادة الإعمار والتأهيل العام للمناطق المتضررة نموذجا للتنمية الترابية المتكاملة والمتوازنة.

وسيتم توفير التمويل لهذا البرنامج الرئيسي من الاعتمادات المخصصة من الميزانية العامة للدولة، ومساهمات السلطات المحلية، وحساب التضامن المخصص لإدارة آثار الزلزال، وكذلك من خلال التبرعات والتعاون الدولي.

في سياق ذلك، وفي إطار مهام «صندوق الحسن الثاني» في مجال دعم تنفيذ البرامج والمشاريع ذات المنافع الهيكلية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، أصدر الملك محمد السادس تعليماته حتى يتمكن «صندوق الحسن الثاني» من إنجاز مساهمة بمبلغ ملياري درهم (200 مليون دولار) في تمويل هذا البرنامج.

وحضر لقاء العمل رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ومستشار الملك فؤاد علي الهمة، ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد توفيق، ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، ووزيرة إعداد التراب الوطني التعمير والإسكان وسياسة المدينة فاطمة الزهراء المنصوري، والوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف الموازنة فوزي لقجع، والفريق أول محمد بريظ المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، وقائد المنطقة الجنوبية.


البرهان إلى نيويورك... وملف الحرب يتصدر اجتماعات الأمم المتحدة

البرهان مغادراً مطار بورتسودان في طريقه إلى نيويورك الأربعاء (صفحة الجيش السوداني على «فيسبوك»)
البرهان مغادراً مطار بورتسودان في طريقه إلى نيويورك الأربعاء (صفحة الجيش السوداني على «فيسبوك»)
TT

البرهان إلى نيويورك... وملف الحرب يتصدر اجتماعات الأمم المتحدة

البرهان مغادراً مطار بورتسودان في طريقه إلى نيويورك الأربعاء (صفحة الجيش السوداني على «فيسبوك»)
البرهان مغادراً مطار بورتسودان في طريقه إلى نيويورك الأربعاء (صفحة الجيش السوداني على «فيسبوك»)

توجّه رئيس مجلس السيادة في السودان، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، اليوم (الأربعاء)، إلى نيويورك للمشاركة في فعاليات الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت تصدّر ملف الحرب في بلاده خطابات بعض رؤساء الدول والحكومات ومباحثاتهم في أروقة الأمم المتحدة، وتزايدت الدعوات إلى تكثيف الضغوط الدولية والإقليمية لوضع حد للقتال في السودان.

وقال إعلام رئاسة مجلس السيادة في بيان: إن من المقرر أن يلقي رئيس المجلس خطاب السودان، الجمعة، في اجتماعات رفيعة المستوى، وسيتناول فيه بحث تعزيز التعاون متعدد الأطراف في ما يتعلق بمختلف القضايا الدولية والإقليمية المطروحة. وأضاف البيان، أن البرهان سيلتقي على هامش الاجتماعات عدداً من الرؤساء من مختلف دول العالم، وممثلين من المنظمات الدولية والإقليمية؛ لبحث سبل التعاون الثنائي في إطار منظمة الأمم المتحدة لبناء مستقبل أكثر استقراراً.

واستبق البرهان مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بجولة خارجية، زار خلالها خمس دول، هي: مصر، جنوب السودان، قطر، إريتريا وتركيا، بحث فيها مع رؤساء وقادة تلك الدول تداعيات الأوضاع في بلاده جراء الحرب، وأكدوا جميعاً وقوفهم مع الحل السلمي للأزمة في السودان.

تحذير دولي من التقسيم

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطوني غوتيريش، الثلاثاء، خلال كلمته في افتتاح الدورة الحالية، من أن السودان يواجه خطر الانقسام بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، التي تثير مخاوف دولية. وكرر رئيس مجلس السيادة، أكثر من مرة، أن القتال لن يتوقف إلا بعد القضاء على «تمرد» قوات «الدعم السريع»، متوعداً بحسمه قريباً. ويتوقع أن يتوجه البرهان، عقب عودته من نيويورك، في زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية التي تستضيف «منبر جدة» بمشاركة الولايات المتحدة؛ لتيسير المحادثات بين طرفي الحرب، الجيش و«الدعم السريع»، للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يلقي كلمته (رويترز)

وتنحى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، في 13 سبتمبر (أيلول) الحالي، من منصبه، عقب الإدلاء بإحاطة لمجلس الأمن الدولي، عن الأوضاع في السودان خلال الأشهر الأربعة الماضية من الحرب. وذكر بيرتس في تقريره، أنه لا توجد علامات على انحسار القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، وأن أياً من الطرفين لا يقترب من انتصار عسكري حاسم، محذّراً في الوقت ذاته من تحول النزاع بين القوتين العسكريتين حرباً أهلية شاملة.

وكان مجلس الأمن الدولي شدّد على وقف إطلاق النار والأعمال العدائية، بالضغط على طرفَي القتال للحوار والتفاوض للوصول إلى حل سياسي، وأدان بالإجماع الانتهاكات الجماعية وأعمال العنف والسلب والنهب وتدمير البنية التحتية. ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش و«الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، قُتل ما لا يقل عن 5 آلاف شخص وأصيب عشرات الآلاف، ونزح ما يقرب من 5 ملايين داخل البلاد وخارجها.

وفي موازاة ذلك، قال حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة «جيش تحرير السودان»، مني أركو مناوي، في تغريدة على منصة «إكس» (تويتر سابقاً): «نستشعر خطر التشظي يوماً بعد يوم، إذ يتبين من خلال مؤشرات دولية تنشط في ملف السودان، أن هناك اتجاهاً لإعادة صياغة التفاوض»، مضيفاً أن التفاوض بين الجيش و«الدعم السريع» يجري «كحكومات وليس كقادة جيوش»، وليس بعيداً عن ذلك نشوء حكومة ثالثة في جنوب كردفان بقيادة عبد العزيز الحلو، مؤكداً أن الكرة لا تزال في ملعب السودانيين.

تصاعد القتال في العاصمة

في غضون ذلك، تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في مناطق عدة من مدن العاصمة الخرطوم. وقال شهود عيان: إن قوات «الدعم السريع» قصفت بالمدفعية مقرّ قيادة الجيش في وسط الخرطوم؛ ما أدى إلى اهتزاز المنازل في الأحياء السكنية المتاخمة للقيادة. وأفاد سكان مقيمون في مدينة أمدرمان بتصاعد أعمدة الدخان بكثافة من الأحياء المحيطة بسلاح المهندسين التابع للجيش؛ جراء الاشتباكات العنيفة وتبادل القصف المدفعي بين الطرفين.

مشهد لتعرّض أحد أبراج العاصمة السودانية لقذيفة نتيجة المعارك في 17 سبتمبر (أ.ف.ب)

وفي المقابل، هاجم الجيش بالمدفعية والأسلحة الثقيلة مقار «الدعم السريع» في المدينة الرياضية وأرض المعسكرات في سوبا جنوب الخرطوم.

ووفق الشهود، نفّذ الطيران الحربي للجيش غارات جوية متتالية على مواقع قوات «الدعم السريع» شرق الخرطوم، التي ردت عليها بالمضادات الأرضية.

وفي ولاية غرب كردفان، غرب البلاد، هاجمت قوات «الدعم السريع» منطقة الأضية، وأحرقت مقر قوات الشرطة والاستيلاء على المخازن، بالإضافة إلى إطلاق سراح السجناء. وأفاد صحافيون من المدينة بأن قوات الجيش تصدّت لهجوم من القوات المهاجمة على الحامية العسكرية، أسفر عن تدمير 5 سيارات قتالية لـ«الدعم السريع»، قبل أن تنسحب إلى خارج المنطقة.


«جوار السودان» تستنفر لتنفيذ «خارطة طريق» وقف الحرب

الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، بمقر بعثة مصر إلى الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، بمقر بعثة مصر إلى الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
TT

«جوار السودان» تستنفر لتنفيذ «خارطة طريق» وقف الحرب

الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، بمقر بعثة مصر إلى الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)
الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان، بمقر بعثة مصر إلى الأمم المتحدة بنيويورك (وزارة الخارجية المصرية)

شددت دول جوار السودان على الشروع في تنفيذ بنود «خارطة الطريق» التي بلورتها من أجل وقف الحرب في السودان، والتي تشمل أبعاداً سياسية وأمنية وإنسانية للتعامل مع الأزمة الراهنة، بما يضمن استقرار واحترام سيادة السودان.

وعُقد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول جوار السودان (مصر، تشاد، أفريقيا الوسطى، إثيوبيا، إريتريا، ليبيا، جنوب السودان)، الأربعاء، بمقر بعثة جمهورية مصر العربية إلى الأمم المتحدة بنيويورك، بمشاركة ممثلي جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي المعتمدين لدى المنظمة الدولية. يأتي الاجتماع في إطار مسار «قمة دول جوار السودان»، التي استضافتها القاهرة منتصف يوليو (تموز) الماضي، وتنفيذاً للبيان الصادر عن الاجتماع الوزاري الأول بإنجامينا في 7 أغسطس (آب) الماضي.

وبحسب «الخارجية المصرية»، فإن البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني، أكد «اعتماد (خارطة الطريق) التي تمت بلورتها خلال اجتماع إنجامينا، والتوافق على تنفيذ بنودها من خلال تضافر جهود دول جوار السودان لاتخاذ إجراءات مُحددة تشمل الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للتعامل مع الأزمة الراهنة، وضمان استقرار واحترام سيادة السودان».

صورة جماعية للمشاركين في «قمة جوار السودان» بالقاهرة في يوليو الماضي (الرئاسة المصرية)

واستعرض الاجتماع جهود دول جوار السودان لتسوية الأزمة، واتصالاتهم بمختلف الأطراف السودانية، والتنسيق القائم بين دول الجوار والآليات الأخرى التي تتناول الأزمة في السودان. كما تم التشاور وتبادل الرؤى حول أولويات التحرك خلال المرحلة المقبلة، والاتفاق على «اتخاذ تدابير عملية للتوصل لوقف إطلاق نار مُستدام في السودان، وشحذ الجهود الدولية للاستجابة للوضع الإنساني، بما في ذلك توفير الدعم المطلوب لدول الجوار التي تستضيف أعداداً كبيرة ومتزايدة من السودانيين». وكشف وزراء الخارجية عن اجتماع وزاري ثالث يُعقد بالقاهرة في تاريخ قريب يتم الاتفاق عليه من خلال القنوات الدبلوماسية لتقييم ما تم إنجازه في سبيل تنفيذ بنود «خارطة الطريق».

في السياق ذاته، بحث وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه مع وكيل سكرتير عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، الثلاثاء في نيويورك، الأزمة السودانية وانعكاساتها على الوضع الإنساني في السودان ودول الجوار. ووفق السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، فإن شكري استعرض الجهود المصرية لتوفير المساعدات الإنسانية للأشقاء السودانيين منذ بداية الأزمة، منوهاً باستقبال مصر لأكثر من 300 ألف سوداني، علاوة على استضافتها لأكثر من 9 ملايين مهاجر ولاجئ من نحو 58 دولة.

ونقل عن غريفيث إشادته بـ«مساعي مصر الحثيثة لحل الأزمة والحفاظ على وحدة وسلامة السودان ومقدرات شعبه، فضلاً عن التزام مصر بتوفير الدعم الإنساني للشعب السوداني»، وأضاف المتحدث أن اللقاء أكد أهمية حشد الدعم الدولي لتلبية الاحتياجات الغذائية والصحية والتنموية والنفسية للوافدين من السودان في دول الجوار.

وطالَب شكري بتنفيذ ما جرى الاتفاق عليه خلال المؤتمر الوزاري لدعم الاستجابة الإنسانية في السودان والمنطقة، الذي عُقد في يونيو (حزيران) الماضي، وضمان وفاء الدول بتعهداتها المالية التي تم الإعلان عنها خلال المؤتمر، والتي بلغت 1.5 مليار دولار، مشيراً إلى أنه لم يتوفر سوى 761 مليون دولار، أي ما يعادل 30 في المائة من هذه الاحتياجات، رغم التقديرات الأممية بحاجة السودان إلى 2.6 مليار دولار.


«رئاسية مصر»: «الهيئة الوطنية» تعلن موعد الانتخابات... وتتعهد بـ«الحياد»

لافتات دعائية في شوارع القاهرة لدعم ترشح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لولاية جديدة (حزب المصريين الأحرار)
لافتات دعائية في شوارع القاهرة لدعم ترشح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لولاية جديدة (حزب المصريين الأحرار)
TT

«رئاسية مصر»: «الهيئة الوطنية» تعلن موعد الانتخابات... وتتعهد بـ«الحياد»

لافتات دعائية في شوارع القاهرة لدعم ترشح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لولاية جديدة (حزب المصريين الأحرار)
لافتات دعائية في شوارع القاهرة لدعم ترشح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لولاية جديدة (حزب المصريين الأحرار)

في الوقت الذي أعلنت فيه الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، اليوم (الأربعاء)، انتهاءها من «الإجراءات اللوجيستية» الخاصة بتنظيم الانتخابات الرئاسية المصرية المرتقبة، مؤكدة «وقوفها على مسافة واحدة من المرشحين كافة»، أثارت «إشادة إخوانية» انتقادات واسعة ضد المرشح المحتمل أحمد الطنطاوي.

ووفقاً لمدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار أحمد البنداري، فقد «تم الانتهاء من جميع الاستعدادات اللوجيستية الخاصة بالعملية الانتخابية، والتي تضمنت تحديث قواعد بيانات الناخبين، ومقار المراكز الانتخابية، وتجهيز مقر الهيئة لتلقي أوراق الترشح، والحبر الفسفوري، وتوفير مستلزمات الطباعة».

وقال البنداري في مؤتمر صحافي: إن «الهيئة تكفل لراغبي الترشح في الانتخابات الرئاسية إعمال حقهم كاملاً متى توافرت فيهم شروط الترشح، حيث يتقدم كل راغب بأوراقه إلى الهيئة كاملة، لتعلن بعد ذلك عن أسماء المرشحين، وتحدد لهم توقيتاتهم للدعاية الانتخابية لعرضها على الناخبين»، وحددت الهيئة 25 من سبتمبر (أيلول) الحالي للإعلان عن الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية.

وشدد رئيس الجهاز التنفيذي للهيئة على «الوقوف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، الذين سيتقدمون إليها بطلبات الترشح»، موضحاً أن «الانتخابات ستجري بشفافية ونزاهة، وتحت إشراف قضائي كامل، وسوف يسمح لمندوبي المرشحين بالتواجد داخل اللجان كافة خلال الاقتراع، وحضور فرز الصناديق».

وبينما لم يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عزمه الترشح لولاية جديدة، ضمت قائمة المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة المصرية حتى الآن البرلماني السابق، أحمد الطنطاوي، ورئيس حزب «الوفد» عبد السند يمامة، ورئيس حزب «السلام الديمقراطي» أحمد الفضالي، ورئيس حزب «الشعب الجمهوري» حازم عمر، ورئيس «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» فريد زهران، الذي أرجأ إعلان موقفه النهائي، في حين أعلن حزب الدستور تأجيل مؤتمر صحافي كان مقرراً له اليوم للإعلان عن قرار رئيسته جميلة إسماعيل حول ما إذا كانت ستخوض السابق الرئاسي أم لا، انتظاراً لدراسة ما سيعلن من ضمانات في المؤتمر الصحافي للهيئة الوطنية للانتخابات، وفقاً لإفادة رسمية للحزب.

في السياق ذاته، تواصل أحزاب سياسية مصرية حملات لدعم ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات، منها حزب «مستقبل وطن»، (صاحب الأغلبية في مجلس النواب المصري)، و«المؤتمر»، و«حماة الوطن»، و«مصر الحديثة»، و«المصريين الأحرار»، و«الشعب الديمقراطي» و«الجيل الديمقراطي».

وحدّدت الهيئة الوطنية للانتخابات شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، وهي أن «يكون المرشح مصرياً لأبوين مصريين، وألا يسبق أن حمل والداه أو زوجته جنسية دولة أخرى، وأن يكون حاصلاً على مؤهل عالٍ، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية، وألا يكون قـد حُكـم عليـه فـي جنايـة أو جريمـة مخلّـة بالشرف أو الأمانـة، ولـو كان قـد رُدّ إليه اعتباره، وأن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي منها قانوناً، وألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة ميلادية، وألا يكون مصاباً بمرض بدني أو ذهني يؤثر على أدائه مهام رئيس الجمهورية».

كما حددت الهيئة ضوابط إجرائية لقبول الترشح، نصّت على أن «يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يزكي المترشح عشرون عضواً على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقـل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظات على الأقل، وبحد أدنى ألف من كل محافظة منها، وفي جميع الأحوال لا يجوز تأييد أكثر من مترشح».

في غضون ذلك، ما زالت الحركة المدنية الديمقراطية (تجمّع معارض يضم 12 حزباً وشخصيات عامة) تدعو إلى التوافق حول مرشح رئاسي، في حين أثارت «إشادة إخوانية» عاصفة انتقادات للمرشح المحتمل النائب السابق أحمد الطنطاوي، إثر تصريحات تليفزيونية لقيادات إخوانية، منهم جمال حشمت، وأيضاً تصريحات للقيادي الإخواني حلمي الجزار عبر إحدى الفضائيات الإخوانية، التي تبث من الخارج، مساء الثلاثاء، أشاد فيها بـالطنطاوي، وقال الجزار: إن «كلامه متقن ومرتب ويخاطب الوجدان المصري». وهو ما تسبب في حملة انتقادات ضد الطنطاوي، بعد أيام من تصريحات منسوبة له حول ترحيبه بعودة «الإخوان المسلمين» إلى المشهد السياسي.

وعلّق عضو مجلس النواب الإعلامي، مصطفى بكري، عبر منصة «إكس» قائلاً: «ما رأي المرشح المحتمل في تصريح جمال حشمت، رئيس المكتب السياسي لجماعة الإخوان، والذي أعلن عن دعم الإخوان لترشيحه؟».

من جانبه، قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، لـ«الشرق الأوسط»: إن «المرشح المحتمل الطنطاوي يتعامل مع الأمر بمنطق إدارة الحملة الانتخابية، بمعنى أنها انتخابات، وهو يسعى إلى حصد الأصوات، وهو وحده من سيتحمل مسؤولية التقارب مع أي تيار يختاره».


«زلزال مصر» يجدد الجدل حول توقعات العالم الهولندي

باحث الزلازل الهولندي فرنك هوغربيتس (بابليك دومين)
باحث الزلازل الهولندي فرنك هوغربيتس (بابليك دومين)
TT

«زلزال مصر» يجدد الجدل حول توقعات العالم الهولندي

باحث الزلازل الهولندي فرنك هوغربيتس (بابليك دومين)
باحث الزلازل الهولندي فرنك هوغربيتس (بابليك دومين)

عاد باحث الزلازل الهولندي، فرنك هوغربيتس، ليثير الجدل من جديد، عقب تدوينة توقّع خلالها وقوع هزة أرضية، قبل أيام من وقوع «زلزال خفيف» في مصر، (الأربعاء).

وأعلن المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر تسجيل هزة أرضية بقوة 4,4 درجة على مقياس ريختر، اليوم (الأربعاء). وأوضح أن «الهزة وقعت في تمام الساعة 4:33 فجراً على بُعد 265 كيلومتراً شمال غربي مطروح، شمال غربي البلاد، وعلى عمق 13 كيلومتراً».

وأضاف بيان المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أنه «لم يرد للمعهد ما يفيد بالشعور بالهزة، أو وقوع خسائر في الأرواح أو الممتلكات».

وجاءت هذه الهزة الأرضية بعد أيام من توقعات جديدة لهوغربيتس، رجح خلالها حدوث بعض التجمعات من الهزات القوية ما بين 15 إلى 17 سبتمبر (أيلول) الحالي تقريباً. ويرى أن الفترة الممتدة من 19 إلى 21 سبتمبر قد تشهد نشاطاً زلزالياً قوياً نسبياً، لكنه لم يحدد دولة مصر على الإطلاق.

وقال هوغربيتس في تغريدة جديدة عبر حسابه على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، اليوم (الأربعاء): «كما هو موضح في أحدث التوقعات، فإن تقارب الكواكب والقمر في يوم 19 يمكن أن يؤدي إلى نشاط زلزالي أقوى، لكن ليس لدينا حتى الآن مؤشر واضح على المناطق الأكثر خطورة. ربما لن يكون الأمر سيئا للغاية».

وهوغربيتس هو باحث بالمعهد البحثي لرصد الهندسة بين الأجرام السماوية المتعلقة بالنشاط الزلزالي في هولندا، واكتسب شهرة بسبب ما نُشر عن توقعه بالزلازل بناءً على محاذاة الأجرام السماوية. وفي 4 سبتمبر الحالي، وقبل 5 أيام من وقوع «زلزال المغرب» الأخير، الذي تسبب في وقوع مئات القتلى والجرحى، توقّع هوغربيتس حدوث هزة أرضية قوية عقب تدوينة «غامضة» عبر منصة «إكس». وفي 3 فبراير (شباط) الماضي غرّد عن حدوث زلزال محتمل في تركيا، وسرعان ما انتشرت التغريدة بعد ساعات من وقوع الزلزال.

جانب من الدمار الذي خلفه الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز بالمغرب في 8 سبتمبر الحالي (أ.ف.ب)

من جانبه، استبعد الدكتور صلاح محمود، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية الأسبق، وأستاذ ديناميكا الأرض، صدق توقعات هوغربيتس فيما يتعلق بالزلزال، الذي وقع في مصر، اليوم (الأربعاء)، موضحاً أنه «زلزال صغير للغاية وغير محسوس، وهو امتداد لصدع رئيسي للنشاط الزلزالي في البحر الأبيض المتوسط، وهذا الصدع قادم من جنوب غربي تركيا، ويمر بقبرص واليونان وجنوب إيطاليا، وجزيرة كريت، ويبدأ غرباً حتى يلتقي بالجزائر ثم المغرب».

وقال محمود لـ«الشرق الأوسط» إن «الزلازل القوية التي تحدث على هذا الصدع، وتزيد قوتها على 6 درجات، يمكن أن تؤثر على المدن الواقعة على الساحل الشمالي، ويمكن أن يشعر بها سكان المدن الساحلية في مصر، مثل الإسكندرية ومطروح والسلوم، ويمكن أن يصل مداها إلى مدن الدلتا حسب قوتها». مبرزا أن «توقع الزلازل مسألة صعبة للغاية إلى الآن، ولم يحدث أن توقعت جهة بحثية أو علماء توقيت حدوث زلازل بمناطق معينة»، ولافتاً إلى أن «التنبؤ الحقيقي والدقيق بالزلازل لا بد أن يجيب على ثلاثة أسئلة هي متى يحدث الزلزال، وأين يحدث، وما مدى قوته؟» وهي أسئلة لم يستطع أحد حتى الآن الإجابة عنها.

في سياق ذلك، نوه محمود بأن حدود علماء الزلازل لا تزال مقتصرة على أجهزة الرصد المتقدمة، التي يمكن أن تحدد فقط الأماكن التي تنشط فيها الزلازل، وتقدر مدى قوتها بالتقريب، بناء على عمليات إحصائية للزلازل السابقة، لكنها لا يمكنها بأي حال أن تتنبأ متى تقع الزلازل في تلك الأماكن، وأن تحدد قوتها ومكانها بدقة.


الحكومة المصرية تتوسع في مبادرات «سد الفجوة الدولارية»

وزيرة الهجرة المصرية خلال الاجتماع التشاوري مع أعضاء المجلس التأسيسي لـ«شركة المصريين بالخارج للاستثمار» (وزارة الهجرة المصرية)
وزيرة الهجرة المصرية خلال الاجتماع التشاوري مع أعضاء المجلس التأسيسي لـ«شركة المصريين بالخارج للاستثمار» (وزارة الهجرة المصرية)
TT

الحكومة المصرية تتوسع في مبادرات «سد الفجوة الدولارية»

وزيرة الهجرة المصرية خلال الاجتماع التشاوري مع أعضاء المجلس التأسيسي لـ«شركة المصريين بالخارج للاستثمار» (وزارة الهجرة المصرية)
وزيرة الهجرة المصرية خلال الاجتماع التشاوري مع أعضاء المجلس التأسيسي لـ«شركة المصريين بالخارج للاستثمار» (وزارة الهجرة المصرية)

توسعت الحكومة المصرية في خطوات زيادة إسهام جاليات المصريين بالخارج، والذين يقدر عددهم وفق إحصاءات رسمية بنحو 12 مليون شخص، وذلك عبر مبادرات للمساهمة في «سد الفجوة الدولارية التي تعانيها البلاد». كما أقرت الحكومة تيسيرات لامتلاك الأجانب عقارات غير مملوكة للدولة المصرية، وأعلنت بدء تأسيس «شركة العاملين بالخارج».

وطرحت الحكومة المصرية خلال الأشهر الأخيرة عدة مبادرات تحفيزية للمصريين بالخارج، إذ أطلقت مبادرة تتيح للمصريين العاملين في الخارج استيراد سيارة معفاة بالكامل من الجمارك والضرائب، مقابل وديعة بالبنك المركزي بالعملة الأجنبية لمدة خمس سنوات، ترد بعدها بالجنيه المصري. كما أتاحت فرصة تسوية الموقف من التجنيد للمصريين بالخارج مقابل تحويل مبلغ 5 آلاف دولار، إضافة إلى إطلاق وثائق تأمين ومعاش بالدولار.

خطوات تنفيذية

وأكدت وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، سها جندي، اليوم (الأربعاء)، أن «(شركة المصريين بالخارج للاستثمار) سيديرها بالكامل بعض المصريين المقيمين بالخارج، على اعتبار أنهم يمتلكون الكثير من الخبرات المتميزة في مجالات المال والأعمال، ويديرون شركات عالمية حققت نجاحاً في السوق المصرية». وقالت الوزيرة بهذا الخصوص: «نحن ندفع باتجاه الخطوات التنفيذية التي سيتم اتخاذها للبدء الفعلي لتأسيس هذه الشركة وآلياتها، والقطاعات التي ستعمل فيها، التي ستتمثل في الاستثمار الصناعي والزراعي والتكنولوجي والعقاري والتجاري».

جاء ذلك خلال اجتماع تشاوري عبر «الفيديو كونفرانس» اليوم (الأربعاء) لوزيرة الهجرة المصرية مع أعضاء المجلس التأسيسي الخاص بـ«شركة المصريين بالخارج للاستثمار»، وعدد من رجال الأعمال المصريين في الكويت، بحضور رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصر (البرلمان) فخري الفقي، وعدد من المسؤولين والخبراء.

ووفق إفادة لـ«مجلس الوزراء المصري» فقد أكدت الوزيرة على «أهمية هذه الشركة الاستثمارية للمصريين بالخارج، بوصفها مشروعاً وطنياً، وأحد أبرز مطالب المصريين بالخارج، سواء من كبار المستثمرين الذين استجابوا لطلب المشاركة في التأسيس، أو المواطنين الراغبين في الحفاظ على مدخراتهم وتنميتها، وإحدى توصيات النسخة الثالثة من مؤتمر (الكيانات المصرية بالخارج)، الذي عقد في أغسطس (آب) عام 2022»، موضحة أن الدولة المصرية «اتخذت العديد من الإجراءات التي من شأنها التيسير على المستثمرين المصريين والأجانب».

جانب من الاجتماع التشاوري مع أعضاء المجلس التأسيسي لـ«شركة المصريين بالخارج للاستثمار» (وزارة الهجرة المصرية)

قنوات الاستثمار

وخلال السنوات الماضية تعددت المطالب بضرورة توفير قنوات جديدة للاستثمار أمام المصريين في الخارج. وأوصت عدة مؤتمرات للجاليات المصرية بـ«تأسيس شركات استثمارية توفر فرصاً أمام الراغبين من المهاجرين المصريين لاستثمار مدخراتهم في الاقتصاد المحلي».

وبحسب بيان لـ«مجلس الوزراء المصري» اليوم (الأربعاء) فقد تم الاتفاق خلال الاجتماع على «إعداد خطط عمل، ووضع استراتيجية للتحرك في المجالات التي تم الاتفاق على بدء العمل بها خلال المرحلة الأولى من إنشاء (الشركة الاستثمارية للمصريين بالخارج)». وقال البيان إن «المجلس التأسيسي للشركة يضم خبرات متميزة، وسيتم طرح الشركة للاكتتاب أمام المهتمين بالاستثمار من المصريين بالخارج وإتاحة الفرصة أمامهم لشراء الأسهم، وكذلك إطلاق صندوق استثماري تابع للشركة لاستقطاب كبار المستثمرين في مختلف المجالات».

شراء العقارات

في السياق، نشرت الجريدة الرسمية في مصر مساء (الثلاثاء) قرار رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بـ«عدم اشتراط شراء الأجانب للعقارات من الدولة المصرية أو إحدى الهيئات، أو الشركات العامة للحصول على الجنسية المصرية». واشترط القرار «سداد رسم تقديم طلب الحصول على الجنسية المصرية بالدولار، بالإضافة لإيداع ثمن العقار لصالح البائع في أحد البنوك، والتعهد بعدم بيعه خلال خمس سنوات».

ويرى مراقبون أن القرار الحكومي الجديد «يتيح للراغبين في الحصول على الجنسية المصرية، شراء أي عقارات يريدونها، بعدما كان النص القديم يشترط أن يكون العقار مملوكاً للدولة، أو لغيرها من الهيئات والشركات العامة».

اجتماع سابق للحكومة المصرية برئاسة مصطفى مدبولي (الحكومة المصرية)

وأصدر رئيس مجلس الوزراء المصري في نهاية أغسطس (آب) الماضي قراراً نص على أنه «يتعين على الأجانب المتقدمين للإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية للحصول على حق الإقامة للسياحة أو لغير السياحة، تقديم إيصال يفيد بتحويلهم ما يعادل رسوم الإقامة، وغرامات التخلف، وتكاليف إصدار بطاقة الإقامة من الدولار، أو ما يعادله من العملات الحرة إلى الجنيه المصري من أحد البنوك، أو شركات الصرافة المعتمدة».

ووفق قرار رئيس الوزراء حينها فإنه «يجب على الأجانب المقيمين بالبلاد بصورة غير شرعية توفيق أوضاعهم، وتقنين إقامتهم، شريطة وجود مُستضيف مصري الجنسية، وذلك خلال 3 أشهر من تاريخ العمل بهذا القرار، مُقابل سداد مصروفات إدارية بما يعادل ألف دولار أميركي (الدولار يعادل نحو 30.90 جنيه في المتوسط)، تودع بالحساب المخصص لذلك، وفقاً للقواعد والإجراءات والضوابط التي تحددها وزارة الداخلية المصرية».