تونس لإجراء صلح جزائي مع صهر بن علي

طالبته بدفع 430 مليون دولار

صورة أرشيفية للرئيس الراحل زين العابدين بن علي (غيتي)
صورة أرشيفية للرئيس الراحل زين العابدين بن علي (غيتي)
TT

تونس لإجراء صلح جزائي مع صهر بن علي

صورة أرشيفية للرئيس الراحل زين العابدين بن علي (غيتي)
صورة أرشيفية للرئيس الراحل زين العابدين بن علي (غيتي)

بالتزامن مع إصدار الرئيس التونسي قيس سعيد أمراً رئاسياً يتعلق بتجديد عضوية 7 أعضاء بـ«اللجنة الوطنية للصلح الجزائي»، تسعى الهيئات القضائية المختصة بالنظر في قضايا الفساد المالي بالقطب القضائي المالي، إلى تسريع عمليات المصالحة مع مجموعة من رجال الأعمال الذين استفادوا مادياً من نفوذهم وقربهم من السلطة قبل 2011 للإثراء غير المشروع، والحصول على قروض بنكية ضخمة من دون تقديم الضمانات الضرورية.

وفي هذا السياق نظرت هيئة الدائرة الجنائية المختصة في ملف قضية «نهب المال العام» على مدى عقود من الزمن، وشملت الأبحاث عماد الطرابلسي صهر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، الذي مثُل نهاية الأسبوع الماضي أمام المحكمة في حالة إيقاف.

وطالب المكلف العام بنزاعات الدولة، بإلزام عماد الطرابلسي بدفع مبلغ مالي قدره 1.2 مليار دينار تونسي (نحو 398 مليون دولار) كضرر معنوي للدولة، وبدفع 100 مليون دينار تونسي (نحو 33 مليون دولار) كضرر مادي أيضاً للدولة. وكان ردّ الطرابلسي، خلال الجلسة، أنه يقوم بإجراءات الصلح الجزائي، وطالب بالتأخير لانتظار مآل الصلح، فقررت المحكمة تأجيل المحاكمة إلى شهر يوليو (تموز) المقبل.

ويفيد ملف القضية بأن الطرابلسي «استفاد من علاقة المصاهرة التي جمعته بالرئيس الأسبق بن علي، للحصول على معلومات مهمة وهي وجود نية لإحداث خط بحري بين تونس وليبيا، وأثر بنفوذه على وزير النقل الأسبق حتى يستغل صفته كسلطة إشراف على الشركة التونسية للملاحة (حكومية)، ويخالف القانون لإبرام عقد كراء سفينة «الحبيب» خلال الفترة الممتدة من 10 ديسمبر (كانون الأول) 2009 حتى 4 مايو (أيار) 2010، وألحق مضرة بمؤسسات الدولة (الشركة التونسية للملاحة) بقيمة 811.198.243 ديناراً تونسياً وبديوان البحرية التجارية والموانئ بقيمة 415.903.490 ديناراً تونسياً.

وكشفت الأبحاث والتحريات التي أجريت في هذه القضية، أن عماد الطرابلسي «دفع لإبرام ذلك العقد، ووجّه طلب استغلال الخط البحري بصفة مباشرة إلى وزير النقل، وعمد إلى التقليص من سعر الكراء اليومي، وامتنع عن دفع ما عليه مثلما نص على ذلك العقد، علاوة على عدم رسوم رسوّ الباخرة، محققاً بذلك منافع غير مشروعة ومُلحقاً مضرّة مادية بالشركة التونسية للملاحة وبديوان البحرية التجارية والموانئ».

يذكر أن المرسوم الرئاسي الصادر خلال السنة الماضية والمتعلق بالصلح الجزائي، ضبط إجراءات الصلح مع الدولة في مجال الجرائم الاقتصادية والمالية والأفعال والأعمال والممارسات التّي ترتبت عنها منافع غير شرعية أو غير مشروعة، والتي أنتجت ضرراً مالياً للدولة والجماعات المحلية والمنشآت والمؤسسات والهيئات العمومية.

وتضمن هذا القانون طرق توظيف عائدات الصلح الجزائي لفائدة المجموعة الوطنية، وهي في العموم استثمار عائدات الصلح الجزائي في تنمية المناطق التونسية الفقيرة.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد قدر تلك «الأموال المنهوبة من قبل رجال أعمال فاسدين»، بما لا يقل عن 13.5 مليار دينار تونسي (نحو 4.5 مليار دولار).

 



مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».