توالت أمس واليوم، ردود فعل ساخطة في الجزائر ضد البرلمان الأوروبي، إثر إصداره لائحة تدين «التضييق على حرية الصحافة»، وتطالب بإطلاق سراح الصحافي إحسان القاضي، الذي دانه القضاء بالسجن 5 سنوات، منها سنتان موقوفتا التنفيذ، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية، التي طالبت اللائحة برفع الحظر عنها.
وعبر حزب «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية) في بيان، عن «استيائه الشديد» لما تضمنته لائحة البرلمان الأوروبي من «تضليل ومغالطات، بعيدة كل البعد عن حقيقة المسار السياسي في الجزائر، وما يشهده مجال الحريات والنشاط الجمعوي والنقابي، والمشهد الإعلامي والحقوقي من انفتاح وحرية، واحترام لحقوق الإنسان».
وعدّ الحزب، المؤيد لسياسات الحكومة، موقف البرلمان من قضايا الحقوق والحريات في الجزائر «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للجزائر من طرف جهة أجنبية، نصبت نفسها وصية على دولة حرة مستقلة وسيدة، ترفض كل الإملاءات الخارجية من أي طرف مهما كان».
وصوّت البرلمان الأوروبي، أمس (الخميس)، بالأغلبية على لائحة (563 مؤيداً و4 ضد وامتناع 18 عن التصويت)، دعا فيها إلى «الإفراج فوراً عن كل الأشخاص المعتقلين تعسفاً، بسبب ممارسة حقهم في التعبير بحرية»، مع ذكر اسم الصحافي الستيني إحسان القاضي، مدير المنصة الرقمية «ماغراب إيمرجنت». كما دعت اللائحة إلى «التخلي عن الاتهامات ذات الصلة بالأمن، التي يتضمنها قانون العقوبات، والمستعملة بغرض تجريم حرية التعبير».
ولفتت اللائحة إلى «تدهور حرية الإعلام في الجزائر منذ الحراك الشعبي»، الذي قام في 22 فبراير (شباط) 2019، ضد ترشح الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وحثت اللائحة الاتحاد الأوروبي وأعضاءه على إدانة هذا الوضع، علماً بأن اللوائح التي يصدرها البرلمانيون الأوروبيون ليست لها تبعات إلزامية.
يشار إلى أن إحسان القاضي سيحاكم في 21 من الشهر الحالي، في الدرجة الثانية من التقاضي، بعد استئناف الحكم الابتدائي الذي صدر بحقه في الثاني من أبريل (نيسان) الماضي. وتم اتهامه «بتلقي أموال من الخارج» لتسيير منصته التي تضم موقعاً إخبارياً، وإذاعة تبث على الإنترنت. وأكد الصحافي أثناء المحاكمة، أن سبب متابعته مواقفه وكتاباته النقدية ضد السلطة.
وفي بيان شديد اللهجة، ذكر حزب «التجمع الوطني الديمقراطي» (أمينه العام وزير التجارة الطيب زيتوني) أنه «يرفض في المطلق أن يمنح البرلمان الأوروبي لنفسه الحق في الحكم على ما يجري في الجزائر، من خلال لائحة مستفزة وانتقائية وغير موضوعية»، مشيراً إلى أن الرئيس عبد المجيد تبون «حريص على إقامة مجتمع الحريات»، وإلى «تحسن ملحوظ يشهده الوضع الحقوقي» على أساس ما يتضمنه الدستور منذ مراجعته عام 2020، حسب الحزب.
بدوره، استنكر «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية، ورئيسه الرجل الثاني في الدولة)، في بيان ما سماه «تدخلاً في شؤون الجزائر الداخلية»، معتبراً قضاءها «مستقلاً لا يخضع للإملاءات». وعبر عن «مطلق رفضه واستهجانه للسقوط المتكرّر لمؤسسة البرلمان الأوروبي، التي أطلّت علينا دونما خجل ببيان (اللائحة) مبتور، فيه مغالطات فظيعة (...)، ويعد هذا الانحلال والانزلاق الخطير تدخلاً متواتراً مردوداً عليه، وتمادياً في التدخل بالشؤون الداخلية لدولة سيّدة».
كما احتج «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى) في بيان، على «تمادي البرلمان الأوروبي في غيه، جراء تحكم دوائر معروفة فيه، تحاول تغطية الحقائق وتشويهها، وتبنيها سياسة صرف النظر عن القضايا العادلة وحق الشعوب في حريتها، واسترجاع أراضيها المغتصبة». وقال إنه «يستغرب تجاهل البرلمان الأوروبي قناة الاتصال المباشرة بين الهيئتين، والمتمثلة في اللجنة البرلمانية المشتركة الجزائر - الاتحاد الأوروبي».
من جهته، أكد البرلمان العربي أمس، «رفضه القاطع واستنكاره الشديد»، للائحة البرلمانيين الأوروبيين، مشدداً على أنها «تمثل تدخلاً سافراً وغير مقبول في الشؤون الداخلية للجزائر، واستمراراً لنهج غير مقبول من البيانات المشابهة، التي يصدرها البرلمان الأوروبي، بشأن حقوق الإنسان في الدول العربية».