حاملو إقامة ورعايا أميركيون لا يجدون الحل بعد إجلائهم من السودان

يعيشون في فنادق جدة برعاية تامة من قبل السعودية منذ إجلائهم عبر بورتسودان

من مشاهد الخرطوم في الحرب (رويترز)
من مشاهد الخرطوم في الحرب (رويترز)
TT

حاملو إقامة ورعايا أميركيون لا يجدون الحل بعد إجلائهم من السودان

من مشاهد الخرطوم في الحرب (رويترز)
من مشاهد الخرطوم في الحرب (رويترز)

لم يجد عدد من رعايا الولايات المتحدة الأميركية أو ممن يحملون الإقامة الدائمة فيها (غرين كارد) ضالتهم، بعد أن أجْلتهم واشنطن من السودان، ولم يقدم مندوبو القنصلية الخدمات اللازمة، على حد قولهم، بعد وصولهم إلى مدينة جدة غرب السعودية.

المهندس حماد محمود، مالك إحدى شركات التطوير العقاري في الخرطوم، يروي بداية المعانة كونه يحمل هو واثنان من أبنائه «الإقامة الدائمة» فيما زوجته وابنته تحملان الجنسية الأميركية، إنه مع اشتداد المعارك «تواصل أبنائي مع السفارة الأميركية في الخرطوم عن طريق الإيميل بعد أن أعلنت عن عملية إجلاء للمواطنين الأميركيين، وجرى إيضاح مشكلة انتهاء الإقامة لي ولاثنين من أبنائي منذ سنوات».

وتابع محمود، إنه «بحسب رد الإيميل من السفارة طلبُ منه نصاً الانتقال إلى بورتسودان، مع ما يثبت أن البطاقة الخضراء منتهية، وسيكون على الفريق الموجود هناك اتخاذ القرار في حينه، مع ضرورة إحضار ما يلزم من وجبات غذائية... على هذا الأساس توجهنا إلى مدينة بورتسودان، وعرضنا المشكلة مرة أخرى على المسؤولين هناك، وقالوا لنا إن الإجراءات ستتم وسننقلكم إلى السعودية، وفي جدة سيفد إليكم مندوبو السفارة لإنهاء الإجراءات، والموضوع بسيط جداً وسيجري تجديد الإقامات على الفور».

ويضيف: «في اليوم التالي من وصولنا إلى مدينة جدة، جاء إلى الفندق الذي نقيم فيه على نفقة السعودية، موظفون من السفارة وهم الأشخاص ذاتهم، الذين استقبلونا في السودان ورافقونا في عملية الإجلاء، إلا أن اللقاء هنا اختلف تماماً عما كان قبل أيام... وكانت ردودهم مقتضبة وطلبوا عدم المجادلة، بعد أن رفضوا عملية تجديد الإقامات، واصفين ذلك بغير الممكن، وطلبوا منا التوجه لأي دولة آمنة».

وتساءل محمود: «لماذا وافق الفريق الأميركي الموجود في بورتسودان على إجلائنا والتأكيد لنا بأنهم سيقدمون لنا كل الخدمات لإنهاء مشكلة الإقامات؟ وإن لم يكن الأمر كذلك، فما الفائدة والمغزى الحقيقي وراء عملية الإجلاء إلى جدة إن لم تحل المشكلة؟».

من جهتها، تقول وديان فتح الرحمن: «إن من حقي الطبيعي أن يكون أطفالي الصغار معي الآن في بلدهم أميركا التي يفترض عليها رعايتنا منذ لحظة وصولنا إلى السعودية، إلا أنها تخلَّت عنا ورفضت تقديم المساعدة حتى في تذاكر العودة للوطن».

وقالت، «إن ما أحتاجه الآن هو قيمة تذكرة العودة لثلاثة أشخاص أنا وطفلي، التي تصل قيمتها إلى قرابة 3 آلاف دولار، وهو مبلغ يصعب توفيره في ظل الظروف التي غادرنا بسببها السودان، والمتمثلة في نقص كل شيء، ولا توجد سيولة نقدية متاحة»، كاشفة أن ما أزعجها هو «رد منسوبي السفارة بأن عليها توفير المال لشراء تذاكر العودة».

وقارنت وديان، بما تقوم به السعودية «من إنفاق مالي كبير على راحة النازحين منذ لحظة مغادرتهم من بورتسودان وحتى وصولهم إلى مدينة جدة، وتحمل أعباء إقامتهم وإعاشتهم، وما يقوم به، في المقابل، مندوبو السفارة الأميركية».

إسراء أمين، النازحة من الخرطوم، قصتها تكمن في رفض إعطائها «فيزا» لدخول الولايات المتحدة، رغم أن ابنتها الوحيدة القاصر تحمل الجنسية الأميركية، رغم التقائها مع ممثلي السفارة الأميركية في السودان.

وتقول إسراء الأمين، إنه مع اندلاع الأحداث في السودان، «حاولت الخروج من الخرطوم، التي اشتدت فيها المعارك، ونجحت في الخروج باتجاه بورتسودان والتقيت ممثلي السفارة الأميركية هناك، وأوضحت لهم الصورة لأنه كان المقرر إجلاء المواطنين الأميركان فقط وأبلغت حينها أنه سيجري إجلائي وستحل المشكلة إذ سيكون هناك موظفون في القنصلية في جدة جاهزون لمساعدتك».

وتضيف: «في اليوم الثاني من وصولنا إلى جدة، التقينا مندوبي السفارة وأبلغتهم أن ابنتي تحمل الجواز الأميركي، وأنا أحمل الجواز السوداني وأحتاج أن أرافقها فكانت إجابتهم صادمة: لا يمكن منحك فيزا. والحل؟، إما أن تتوجهي إلى بلد آمنة، أو أن تغادر الطفلة إلى أميركا، وقلت لهم على الفور لما لا أذهب للدولة التي تحمل ابنتي جنسيتها».

وتحدثت إسراء أمين، عن الخدمات والرعاية التي قدمتها السعودية منذ لحظة وصولهم، و«إنها جندت كل طاقتها لتسهيل كل إجراءاتهم منذ لحظة وصول النازحين إلى جدة»، موضحة أن إقامتها في الفندق برفقة طفلتها والإعاشة على نفقة السعودية.

وأكدت على ذلك نسمة صادق، وهي مواطنة أميركية، بقولها: «إنه ومنذ عملية الإجلاء من السودان لم تقدم بلادها أي خدمات أخرى أو مساندة للرعايا الأميركان، حتى الإقامة والإعاشة في مدينة جدة تكفلت بهما السعودية».



مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».