ما هي رهانات الليبيين في معركة الانتخابات التركية؟

«حلفاء إردوغان» يحبذون بقاءه... و«قوى الشرق» تتطلع للتغيير

الدبيبة محتضنا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال فعاليات معرض «تكنوفيست» 2023 السابع في إسطنبول (حكومة الوحدة)
الدبيبة محتضنا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال فعاليات معرض «تكنوفيست» 2023 السابع في إسطنبول (حكومة الوحدة)
TT

ما هي رهانات الليبيين في معركة الانتخابات التركية؟

الدبيبة محتضنا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال فعاليات معرض «تكنوفيست» 2023 السابع في إسطنبول (حكومة الوحدة)
الدبيبة محتضنا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال فعاليات معرض «تكنوفيست» 2023 السابع في إسطنبول (حكومة الوحدة)

أيا كانت الشخصية التي ستحسم السباق الرئاسي التركي لصالحها، ما بين الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، أو خصمه كمال قليجدار أوغلو، الأحد المقبل، فإن النتيجة وفقا لقراءات مراقبين لن تحدد فقط مصير أنقرة وسياساتها ونظام الحكم بها، بل ستترتب عليها كثير من التحولات والتحالفات بالمنطقة، وربما تغيرات في موازين القوى، خاصة بالدول التي انخرطت تركيا في شؤونها سياسيا وعسكريا مؤخراً، ومن بينها ليبيا.

ويتفق كثير من السياسيين على أن القوى المتنفذة بالغرب الليبي، وخاصة حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، وكبار مساعديه وحلفاؤه يأملون فوز إردوغان، فيما تراهن القوى السياسية والعسكرية في شرق البلاد على فوز مرشح المعارضة، أملا في الوصول إلى «تفاهمات أفضل» بشأن مستقبل العلاقة بين البلدين، ومناقشة مصير الاتفاقيات الموقعة بينهما.

واعتبر عضو مجلس النواب الليبي، علي التكبالي، أن هزيمة إردوغان «قد تشكل حالة من التحدي للدبيبة وأنصاره، مقارنة بتعزيز وضعيتهم حال انتصار إردوغان». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه في حال فوز المعارضة التركية «فربما لن ترحب أو تطمئن كثيرا للتعامل مع شخص كان قريبا من إردوغان». مسلطا الضوء على مشاركة الدبيبة ومحافظ المصرف المركزي الليبي، الصديق الكبير، لإردوغان في فعاليات معرض «تكنوفيست» 2023 السابع بإسطنبول مؤخرا، والذي اعتبر جزءا من الحملة الدعائية الانتخابية للأخير.

وقال التكبالي بهذا الخصوص: «هذا لا يمنع استفادة المعارضة التركية من الوضع الجديد... فهم يعرفون أن الدبيبة اعتمد طيلة الفترة الماضية على دعم إردوغان للاحتفاظ بموقعه على رأس السلطة في طرابلس، وأن الاتفاقيات التي وقعتها حكومته مع أنقرة، خاصة بقطاع النفط، وكذلك التبرعات المالية الضخمة التي قدمها في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب الأراضي التركية في فبراير (شباط) الماضي، ليس إلا جزءا من ثمن هذا الدعم».

جانب من اجتماع سابق للدبيبة مع وفد السفارة التركية بطرابلس (حكومة الوحدة)

وبخصوص موقف رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وقائد «الجيش الوطني»، خليفة حفتر، من معركة «الانتخابات التركية» فقد أوضح التكبالي أنهما «وإن لم يعربا بوضوح عن اهتمامهما بالانتخابات التركية، لكنهما أميل لفوز المعارضة». ورأى أنهما «يأملان في التوصل لتفاهمات أفضل بشأن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، والتي يرفض البرلمان الليبي حتى اللحظة الراهنة التصديق على بعضها، كونها وُقعت من حكومة انتهت صلاحياتها، وقد لا تكون محققة بشكل كامل للمصالح الليبية»، مشيرا إلى أن إردوغان «استمر في تفضيل التعامل مع حكومة الدبيبة التي تحظى باعتراف أممي وتتحكم أيضا بخزينة البلاد، أي أنها كانت طريقه لتعزيز وضع اقتصاده».

من جهته، توقع المحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير أن «يؤيد الغرب الليبي بقاء إردوغان في الحكم، ليس فقط لبقاء التفاهمات والمصالح، وإنما لتذكر الأهالي هناك، وخاصة سكان العاصمة طرابلس، دوره في الدفاع عنها بمواجهة الهجوم الذي شنته قوات الشرق نحوها قبل ثلاثة أعوام». ورأى الكبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن فوز مرشح المعارضة «سيعني اضطرار حكومة الدبيبة لعقد تحالفات وتفاهمات جديدة لا أكثر، وربما هذا سيكون أيضا موقف كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس الحكومة المكلفة من البرلمان، فتحي باشاغا. مبرزا أن المشري وباشاغا «ورغم خصومتهما مع الدبيبة، فإنه باتت لديهما خبرة في التعامل مع إردوغان ومجموعته، وبالتالي من الأفضل لهما بقاؤه».

أما فيما يتعلق بصالح وحفتر، فرجح الكبير «تأثرهما بموقف القاهرة، وهل سترحب ببقاء إدارة إردوغان، خاصة في ظل ما شهده البلدان مؤخرا من التقارب المحدود، أم ستفضل رحيلها؟». فيما توقع وزير الدفاع الأسبق محمد محمود البرغثي «حدوث تحولات ومتغيرات بالمشهد العسكري والأمني الليبي إذا تمكنت المعارضة من تحقيق الانتصار». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه من «المحتمل أن يضعف نفوذ عدد من التشكيلات المسلحة المتمركزة بالمنطقة الغربية، والتي يعرف الجميع اقترابها من تركيا... كما قد تقوم المعارضة التركية إذا ما وجدت عروضا اقتصادية جيدة بالسوق الليبي بالتفكير في سحب تدريجي للمرتزقة الذين استقدمتهم إدارة إردوغان من فصائل سورية مسلحة خلال حرب العاصمة، وهؤلاء يقترب تعدادهم الراهن من ثمانية آلاف».

وانتهى البرغثي إلى أن «تراجع نفوذ تلك التشكيلات المرتبطة بتركيا، وبدء ترحيل المرتزقة السوريين، قد يكونان خطوة مهمة في سبيل توحيد المؤسسة العسكرية».

بدوره، لفت الباحث المتخصص بالشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كرم سعيد إلى أن السياسة الخارجية للمعارضة التركية «ستنصب أولوياتها على استعادة تعزيز العلاقات مع القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي». وتوقع أن تشرع حال فوزها بـ«التخفيف من انخراط تركيا في كل من سوريا وليبيا ودول أخرى».

ولفت سعيد إلى أنه بغض النظر عمن سيفوز «هناك حرص في تركيا على عدم إبداء أي قدر من التراجع أو حتى المرونة في الملفات التي تمس وتتقاطع مع المصالح القومية التركية، مثل التنقيب عن النفط، والدفاع عن الحدود البحرية للبلاد في منطقة المتوسط».



جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.