توجيه لائحة اتهام لعمران خان وسط اضطرابات بسبب اعتقاله

رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان (أرشيفية - رويترز)
رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان (أرشيفية - رويترز)
TT

توجيه لائحة اتهام لعمران خان وسط اضطرابات بسبب اعتقاله

رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان (أرشيفية - رويترز)
رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان (أرشيفية - رويترز)

وجهت محكمة باكستانية، اليوم (الأربعاء)، لائحة اتهام لرئيس الوزراء السابق عمران خان تضمنت بيع هدايا الدولة في السنوات الأربع التي قضاها في السلطة، بعد يوم من اعتقاله في قضية احتيال أخرى، ما أثار اضطرابات أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل.

ويأتي الإجراء ضد نجم الكريكيت السابق (70 عاما) في وقت حرج للدولة الواقعة في جنوب آسيا التي يقطنها 220 مليون نسمة وتعاني من جراء أزمة اقتصادية حادة وتأجيل خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي منذ نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال مسؤول في مستشفى إن أربعة أشخاص على الأقل لقوا حتفهم في اشتباكات بمدينة بيشاور شمال غربي البلاد، اليوم، بعد أن اشتبك أنصار خان مع الشرطة في جميع أنحاء البلاد، ردا على إلقاء وكالة مكافحة الفساد القبض عليه في قضية منفصلة تتعلق بالاحتيال للحصول على أراض. ولقي شخص آخر حتفه أمس.

وجاءت لائحة الاتهام ضد خان في أعقاب قرار للجنة الانتخابات الباكستانية في أكتوبر (تشرين الأول) أدانه ببيع غير مشروع لهدايا الدولة بين عامي 2018 و2022 ومنعه من تولي أي منصب عام حتى الانتخابات القادمة المقرر إجراؤها في نوفمبر. ونفى خان ارتكاب أي مخالفات.

وأكد محسن شاهنواز رانجها، النائب عن الائتلاف الحاكم في باكستان والمدعي في قضية خان المتعلقة بهدايا الدولة، لائحة الاتهام التي تقدم بها، وقال إن رئيس الوزراء السابق عرض «سلام البلاد للخطر».

ولم يرد زملاء خان في حزب حركة الإنصاف الباكستانية على الفور على طلب للتعليق على لائحة الاتهام. وطعن فريقه القانوني في اعتقاله أمام المحكمة العليا.

وتوقفت خدمات الإنترنت على الهواتف المحمولة لليوم الثاني، اليوم، مع استمرار الاحتجاجات في الشوارع، واتهم وزراء اتحاديون أنصار خان بإضرام النيران في عدد من المباني والمركبات.

وتعطلت مواقع «تويتر» و«يوتيوب» و«فيسبوك»، واستدعي الجيش لاستعادة النظام في البنجاب وخيبر بختون خوا، وهما إقليمان يحظى فيهما خان بشعبية كبيرة من بين أقاليم باكستان الأربعة.

اعتقال أكثر من 1000

وألقت الشرطة القبض على أكثر من 1000 محتج بتهمة التورط في أعمال عنف في إقليم البنجاب الذي ينتمي إليه خان.

وأطيح خان من منصب رئيس الوزراء في أبريل (نيسان) 2022 في تصويت للبرلمان بحجب الثقة. ولم يخفف خان من شدة حملته على الذين أطاحوا به على الرغم من إصابته في هجوم في نوفمبر على موكبه في أثناء تزعمه مسيرة احتجاجية إلى إسلام آباد للمطالبة بإجراء انتخابات عامة مبكرة.

وقضيتا الفساد من بين أكثر من 100 قضية مرفوعة ضد خان بعد تركه المنصب. وسيمنع خان على الأغلب من تولي مناصب عامة في حالة إدانته.

وخان محتجز الآن في مقر للشرطة في العاصمة إسلام آباد. وقالت محطة «جيو نيوز» الإخبارية إنه قيد الاحتجاز لمدة ثمانية أيام لدى وكالة مكافحة الفساد.

وألقي القبض على خان بعد يوم من توبيخ الجيش لرئيس الوزراء السابق بسبب اتهامه لضابط برتبة كبيرة في الجيش بتدبير محاولة لاغتياله واتهامه لقائد القوات المسلحة السابق بالوقوف وراء إقالته من السلطة العام الماضي. ونفى الجيش مزاعم خان.

وقالت صحيفة «دون» في افتتاحية: «طبيعة ومكان الاحتجاجات التي اندلعت بعد اعتقال خان أمس يشيران إلى أن الغضب العام موجه أيضا إلى الجيش».

وما زالت القوات المسلحة أقوى مؤسسة في باكستان وحكمت البلاد مباشرة لما يقرب من نصف تاريخها الممتد 75 عاما في ثلاثة انقلابات. وصحيح أن نفوذ الجيش كبير، لكنه قال في الآونة الأخيرة إنه لم يعد يتدخل في السياسة.

وتأتي الاضطرابات التي أثارها اعتقال خان في وقت يعاني فيه الباكستانيون من أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود، مع ارتفاع معدل التضخم إلى معدلات قياسية وضعف النمو واحتمالات تخلف الدولة المسلحة نوويا عن سداد التزاماتها المالية ما لم تحصل على دعم هائل.

وتأخر وصول حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي لأكثر من ستة أشهر، وأصبحت احتياطيات النقد الأجنبي غير كافية لتغطية الواردات سوى لمدة شهر واحد تقريبا.



هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
TT

هل يتمكن «النواب» الليبي من تحريك ملف «المصالحة الوطنية» المتعثر؟

مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)
مجلس النواب دخل مجدداً على خط ملف المصالحة في مواجهة المجلس الرئاسي (المجلس)

تباينت آراء برلمانيين وأكاديميين ليبيين بشأن إمكانية تحريك عملية «المصالحة الوطنية» مرة ثانية، في ظل دخول مجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح، مجدداً على خط الملف في مواجهة المجلس الرئاسي، الذي كان يرعاه قبل تعثره.

وكان صالح قد دعا إلى ضرورة تحقيق المصالحة «لتشمل جميع المؤسسات والجماعات»، بما يضمن «إنهاء الخلافات والاستفادة من حركة التاريخ».

وأوضح عضو مجلس النواب الليبي، عصام الجهاني، أن «النواب» يضطلع بملف المصالحة منذ شهور طويلة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع قانون المصالحة الوطنية الذي يدرسه المجلس حالياً «يأتي في إطار اهتمامه بهذا الملف». مشدداً على أن أعضاء لجنة العدل والمصالحة بالبرلمان، المعنية بدراسة المشروع، تعمل كي يرى القانون النور خلال الأشهر المقبلة، وهم منفتحون على استطلاع آراء الشرائح والتيارات السياسية والمجتمعية كافة بالبلاد، سواء من أنصار النظام السابق، أو المؤيدين للملكية الدستورية، أو زعامات قبلية.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب (رويترز)

وكان مجلس النواب قد ألغى قانون العزل السياسي عام 2015، الذي كان يحرم شخصيات عملت مع نظام الرئيس الراحل معمر القذافي من تولي مناصب عامة، كما أقر قانون العفو العام.

في المقابل، استبعد عضو مجلس النواب، علي التكبالي، «حدوث أي تقدم بهذا الملف الوطني مع تغير الجهات الراعية له».

وكان المجلس الرئاسي يرعى عملية المصالحة الوطنية، وظل يمهد لعقد مؤتمر جامع في سرت، نهاية أبريل (نيسان) الماضي، لكن المؤتمر تعثر قبل أن يعقد متأثراً بتعقيدات الأزمة السياسية.

وقال التكبالي لـ«الشرق الأوسط» إن هناك وجوهاً معروفة منذ سنوات، من شيوخ وزعماء عشائر ونشطاء وسياسيين، «يتصدرون ملف المصالحة، ويدعون أنهم يمثلون قبائل ومناطق بالبلاد»، موضحاً أن هؤلاء «لا يمثلون إلا أنفسهم، وأنهم يتاجرون بالقضية لتحقيق مكاسب ومصالح خاصة».

ويرى التكبالي أن مَن وصفهم بـ«المتاجرين» يتصلون بالأفرقاء المتصارعين في ذات التوقيت، أي مع المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة» والبرلمان، والقيادة العامة للجيش الوطني، «أملاً في أن ترعى أي جهة مؤتمراتهم وجلساتهم العرفية، التي ينشدون بها الخطب والأشعار». وقال إنه «لم تحدث أي مصالحة حقيقة حتى الآن؛ وكل ما تم كان عبارة عن معالجات ضعيفة»، مطالباً بـ«وجود شفافية بالخطط والبرامج، التي تطرحها أي جهة تدعي رعاية المصالحة، ككيفية توفير الموارد المالية المطلوبة لتقديم التعويضات للمتضررين، ومن قِبَلها إقرار المذنب بخطئه».

وحذر التكبالي من أن غياب هذه الشفافية «كفيل بأن يرسخ بعقول الليبيين أن ما يحدث ليس سوى صراع بين الأجسام والمؤسسات على اقتناص الأموال، التي تخصص سنوياً لهذا الملف، فضلاً عن التباهي برعايته أمام الرأي العام الدولي».

وكان المجلس الرئاسي قد أعلن تشكيل مفوضية تعني بملف المصالحة الوطنية، أعقبها بالإفراج عن بعض رموز نظام معمر القذافي، وفي مقدمتهم نجله الساعدي.

المنفي أرجع بطء وتيرة مشروع المصالحة إلى التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد (رويترز)

وفي كلمته أمام الدورة 79 لأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل أسبوعين، أرجع رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، بطء وتيرة مشروع المصالحة للتطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد. كما قال إن «بعض الأطراف السياسية تحاول عرقلة هذا الملف بكل السبل».

من جهته، قال أستاذ القانون العام بالأكاديمية الليبية للدراسات العليا، الدكتور مجدي الشبعاني، لـ«الشرق الأوسط» إن تعثر ملف المصالحة هو جراء «تنازع أطراف عدة على إدارته وإقحامه في صراعاتهم السياسية».

وذهب الشبعاني إلى أنه «أمام عدم سيطرة أي من أفرقاء الأزمة وافتقاد الثقة بينهم، واختلاف مشاريعهم السياسية، لا يمكن لأي منهم امتلاك برنامج أو قانون قابل للتطبيق بشأن المصالحة»، مقترحاً أن يتم رعاية هذا الملف من قِبَل البعثة الأممية، وهيئة مدنية يتم اختيار أعضائها من أصحاب الخبرة. كما انتقد مؤتمرات المصالحة التي عقدت خلال العامين الماضيين داخل وخارج البلاد، عاداً أنها افتقدت إلى مشاركة «القوى الفاعلة على الأرض من قيادات الأجهزة المختلفة والكيانات المسلحة بعموم البلاد، وهو ما أدى إلى عدم تنفيذ الكثير من توصياتها».