هل يدفع التأييد الشعبي نحو تعزيز الشراكة بين باماكو وموسكو؟

استطلاع رأي ألماني أشار إلى ثقة 90% من مواطني مالي في روسيا

متظاهرون مؤيدون للمجلس العسكري بقيادة غويتا (رويترز)
متظاهرون مؤيدون للمجلس العسكري بقيادة غويتا (رويترز)
TT

هل يدفع التأييد الشعبي نحو تعزيز الشراكة بين باماكو وموسكو؟

متظاهرون مؤيدون للمجلس العسكري بقيادة غويتا (رويترز)
متظاهرون مؤيدون للمجلس العسكري بقيادة غويتا (رويترز)

رغم الانتقادات المتزايدة من القوى الغربية الكبرى والمنظمات الدولية للتقارب بين روسيا والسلطة العسكرية في مالي، يتزايد الدعم الشعبي لموسكو شريكاً للبلاد.

ووفق استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «فريدريش إيبرت شتيفتونغ» الألمانية، فإن «أكثر من 9 من كل 10 مواطنين في مالي يثقون في قدرة روسيا على مساعدة بلادهم في مواجهة انعدام الأمن والنشاط (الإرهابي)»، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية (الخميس).

وخلص الاستطلاع كذلك إلى أن «الماليين يشعرون بالرضا بالنسب نفسها عن زعيم المجلس العسكري العقيد أسيمي غويتا، وأن الأغلبية راضية كذلك عن إدارته للفترة الانتقالية، في انتظار عودة المدنيين إلى السلطة، إذ اعتقد ثلاثة من كل خمسة أن التقيد بالجدول الزمني ليس مهماً».

وحسب الاستطلاع، يرى «82 في المائة من الماليين تحسناً في الوضع العام للبلاد».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال الباحث السياسي محمد أغ إسماعيل، إن «الماليين يعتقدون أن روسيا شريك موثوق بسبب وجود كراهية للسياسات الغربية، لا سيما الفرنسية، علاوة على إمداد موسكو الجيش بالأسلحة والمعدات».

وأضاف أغ إسماعيل أن «هناك كذلك دعاية إعلامية مكثفة ترعاها السلطة عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي تروّج لهذا التعاون».

وتابع أن «من بين أهم العوامل الأخرى لهذا التأييد الشعبي، عدم تدخل موسكو بشكل مباشر في الملفات السياسية الداخلية بشكل علني».

وهذا الأسبوع، في اجتماع للأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان في جنيف، أثارت دول غربية، من بينها الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأوكرانيا، مخاوف بشأن «أنشطة مرتزقة (فاغنر) في مالي»، بما في ذلك «مزاعم عن دورها في قتل المدنيين».

وطالبت تلك القوى بـ«إجراء تحقيق مستقل» في حادث وقع في مارس (آذار) 2022 في مورا وسط مالي، حيث قتل مئات المدنيين الماليين. وأكدت الأمم المتحدة أن «محققيها مُنعوا من الوصول إلى الموقع».

في المقابل، قال مدير القضاء العسكري في مالي العقيد بوبكر مايغا، إن «التحقيق في الواقعة جارٍ بالفعل»، مضيفاً أن «الوصول كان صعباً لأن مالي في حالة حرب».

وزعمت المبعوثة الروسية ماريا مولودتسوفا، أن «القتلى (في مورا) كانوا مسلحين من الجماعات (الإرهابية) التي استهدفت السكان لسنوات». وقالت إن «عملية عسكرية روسية ساهمت في إحلال السلام والهدوء هناك».

وأعرب أغ إسماعيل عن اعتقاده بأن «إرادة القطيعة مع الغرب لا تزال قوية لدى صنّاع القرار في باماكو رغم الضغوط والعقوبات»، وتوقع أن «تستمر السلطة في توجهها، لا سيما في ظل دفاع موسكو عن رؤية النظام داخل أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية».

كما توقع أن «يستمر ذلك التقارب والتأييد الشعبي له، في ظل العزلة التي تفرضها القوى الغربية على النظام، بشرط نجاح باماكو في توفير الضروريات الأساسية للمواطنين واستمرار السيطرة على الإعلام».

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، دافع وزير خارجية مالي عبد الله ديوب، عن تعاون الحكومة العسكرية مع روسيا، وقال أمام مجلس الأمن إن «مالي لن تستمر في تبرير شراكتها مع روسيا، التي توفر التدريب والمعدات للجيش».

وتشهد مالي هجمات مرتبطة بـ«إرهابيين» على صلة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش» اللذين يشنان هجمات منذ أكثر من عقد، أسفرت عن قتل المئات وتشريد الآلاف.

وفي 18 أغسطس (آب) الماضي، شهدت مالي انقلاباً عسكرياً، وتعهد قادته بتنظيم انتخابات «ذات مصداقية» مع إعلانهم تأسيس لجنة أطلقوا عليها «اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب»، يتزعمها غويتا، للإشراف على فترة الانتقال السياسي في البلاد.

ودفع المجلس العسكري الحاكم في مالي، الذي بات يتعامل مع مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية الروسية، الجيش الفرنسي، إلى مغادرة البلاد، بعد انتشار لمدة تزيد عن 9 سنوات في إطار مهمة مكافحة الجماعات المسلحة والمتطرفة.

وبعد تأجيل موعده الذي كان مقرراً في 19 مارس الماضي، أعلن المجلس العسكري الحاكم (الجمعة)، أنّ الاستفتاء على دستور جديد للبلاد سينظّم في 18 يونيو (حزيران) المقبل. وجاء في مرسوم تلاه الناطق باسم الحكومة الكولونيل عبد الله مايغا، عبر التلفزيون الرسمي، أنّ «الهيئة الناخبة مدعوّة يوم الأحد 18 يونيو في كلّ أنحاء البلاد وفي البعثات الدبلوماسية والقنصلية لجمهورية مالي، لبتّ مشروع الدستور».



«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تتهم الجيش السوداني بالاستعانة بخبراء من «الحرس الثوري» الإيراني

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد ساعات قليلة من إعلان الجيش السوداني استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، أعلنت «قوات الدعم السريع» تنفيذ ما أسمتها «عملية نوعية» في منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال مدينة أم درمان، ودمّرت عدداً من الطائرات الحربية والمسيّرات والآليات، «واستهدفت خبراء أجانب تابعين للحرس الثوري الإيراني»، يعملون في المنطقة العسكرية المهمة، وذلك من دون تعليق من الجيش على ذلك.

وقال الناطق الرسمي باسم «قوات الدعم السريع»، في نشرة صحافية (الأحد)، إنها نفَّذت فجراً «عملية نوعية ناجحة، استهدفت منطقة وادي سيدنا العسكرية بأم درمان، ودمَّرت خلالها عدداً من الطائرات الحربية من طراز (أنتنوف)، ومقاتلات من طراز (K8) صينية الصنع، وعدداً من المسيّرات والمعدات العسكرية في قاعدة وادي سيدنا الجوية بالمنطقة العسكرية».

ولم يصدر أي تعليق من الجيش على مزاعم «قوات الدعم السريع»، وسط ترحيبه الكبير باسترداده مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، التي كانت قد فقدتها في يونيو (حزيران) الماضي... وعادة لا يشير كلا الطرفين، إلى خسائرهما في المعارك.

وتضم منطقة وادي سيدنا العسكرية التي تقع شمال مدينة أم درمان، أكبر قاعدة جوية عسكرية، وفيها المطار الحربي الرئيس، إلى جانب الكلية الحربية السودانية، وبعد اندلاع الحرب تحوَّلت إلى المركز العسكري الرئيس الذي يستخدمه الجيش ضد «قوات الدعم السريع».

وقال البيان: «إن العملية النوعية التي نفَّذتها القوات الخاصة التابعة للدعم السريع، تأتي تنفيذاً للخطة (ب)، التي أعلن عنها قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في آخر خطاباته الجماهيرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي»، عقب خسارة قواته منطقة جبل موية الاستراتيجية بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض.

وتوعدت «الدعم السريع» بمواصلة «العمليات الخاصة النوعية»، لتشمل «جميع المقرات والمواقع العسكرية لميليشيات البرهان والحركة الإسلامية الإرهابية»، واعتبارها أهدافاً في متناولها.

جندي من الجيش السوداني يقوم بدورية خارج مستشفى في أم درمان في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

ووعدت بحسب البيان، بأن تكون الحرب الحالية «آخر الحروب» في البلاد، وبإنهاء ما أسمتها «سيطرة الحركة الإسلامية الإرهابية على بلادنا»، و«إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق السلام والاستقرار والعدالة لجميع الفئات السودانية، التي عانت من ظلم واستبداد الدولة القديمة».

وعلى صفحته بمنصة «إكس»، قال مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، إن «خبراء أجانب يعملون مع الجيش في قاعدة وادي سيدنا الجوية، وإن معظمهم تابعون للحرس الثوري الإيراني، استهدفتهم العملية»، وإن ما أُطلق عليه «دك وتجفيف منابع الإرهاب» يعدّ من أولويات الخطة (ب) التي أعلن عنها حميدتي أخيراً.

وفي النيل الأبيض، اقتحمت «قوات الدعم السريع» المناطق الشمالية لمدينة الدويم، بولاية النيل الأبيض، وعند محور الأعوج وقرى المجمع، والسيال، واللقيد، وشمال الأعوج، التي لجأ إليها عددٌ كبيرٌ من الفارين من القتال، وأطلقت الرصاص؛ ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل، وإصابة آخرين.

جنود من «قوات الدعم السريع» خلال دورية بمنطقة شرق النيل (أرشيفية - أ.ب)

واستنكر الناشط المتابع للأحداث محمد خليفة، وفقاً لحسابه على «فيسبوك»، الذي يتابعه مئات الآلاف، «عدم تصدي القوات المسلحة للقوات المهاجمة؛ دفاعاً عن المواطنين». وقال: «إن القرى والبلدات التي اقتحمتها (قوات الدعم السريع)، تبعد عن منطقة تمركز بنحو كيلومترين فقط...قوات الجيش لم تتحرك من مكانها، وقوات الميليشيا لا تزال في تلك المناطق المنتهكة».

وكان الجيش قد أعلن (السبت) استرداد مدينة سنجة، حاضرة ولاية سنار، من قبضة «الدعم السريع»، أسوة باسترداد المدن والبلدات الأخرى جنوب الولاية مثل الدندر، والسوكي. وقال القائد العام، الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي وصل إلى المدينة غداة استردادها، إن قواته عازمة على «تحرير كل شبر دنسه العملاء والخونة، ودحر الميليشيا الإرهابية التي تستهدف وحدة السودان».