احتدام القتال في الخرطوم... ومدنيون يشكون «التجاهل»

فقد أكثر من مليون لقاح لشلل الأطفال في السودان

دخان يتصاعد جراء الاشتباكات في الخرطوم أول من أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد جراء الاشتباكات في الخرطوم أول من أمس (أ.ب)
TT

احتدام القتال في الخرطوم... ومدنيون يشكون «التجاهل»

دخان يتصاعد جراء الاشتباكات في الخرطوم أول من أمس (أ.ب)
دخان يتصاعد جراء الاشتباكات في الخرطوم أول من أمس (أ.ب)

تردد دوي إطلاق نار كثيف في أنحاء الخرطوم مجدداً، (الجمعة)، وقال مدنيون محاصرون في العاصمة السودانية إن الجيش وقوات الدعم السريع يتجاهلان محنتهم.

كما أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إن أكثر من مليون لقاح مضاد لشلل الأطفال فُقدت في السودان منذ تصاعد العنف في منتصف أبريل (نيسان).

وقالت هيزل دي ويت نائبة مدير مكتب برامج الطوارئ في اليونيسف لـ«رويترز» في رسالة بالبريد الإلكتروني، «تعرضت عدد من مرافق سلسلة التبريد للنهب والتلف والتدمير، بما في ذلك أكثر من مليون لقاح مضاد لشلل الأطفال في جنوب دارفور».

كانت «يونيسف» تجري سلسلة من حملات التطعيم ضد المرض في السودان بعد ظهوره هناك في نهاية 2022.

وعلى الرغم من إعلان وقف إطلاق النار، مرات عدة، بدا أن الجانبين يتصارعان للسيطرة على أراضٍ في العاصمة قبل المحادثات المقترحة.

وحتى الآن، لم يبد قائدا الطرفين سوى القليل من الاستعداد علناً للتفاوض بعد مرور أكثر من أسبوعين على اندلاع القتال.

وقال شاهد لـ«رويترز»، إنه سمع دوي نيران كثيفة أيضاً في مدينة بحري المجاورة للخرطوم مع تحليق طائرات في سماء المنطقة.

وأفاد عثمان حسن (48 عاماً) وهو من سكان أحد الأحياء الجنوبية على أطراف الخرطوم: «منذ الصباح نسمع أصوات تبادل عنيف لإطلاق النار، ونحن منذ 4 أيام الكهرباء مقطوعة ونعيش في ظروف صعبة... نحن ضحايا في حرب لسنا طرفاً فيها ولا أحد مهتم بالمواطن».

وتسبب الانزلاق المفاجئ إلى الحرب في مقتل المئات وحدوث كارثة إنسانية ونزوح جماعي للاجئين إلى الدول المجاورة.

كما يهدد باستقطاب قوى خارجية مما يزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مضطربة بالفعل.

وتعرضت المصانع والبنوك والمتاجر للنهب أو التخريب في أنحاء الخرطوم، وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه. وأفاد السكان بارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية.

وخلت أحياء بأكملها من سكانها الذين ينتابهم الخوف على منازلهم. وقالت آية الطاهر إنها فرت مع أسرتها إلى الأطراف الشمالية للعاصمة بعد أن أصاب الرصاص سقف منزلهم.

وأضافت أنها تخطط كل يوم للعودة لمنزلها حتى لمجرد الحصول على المزيد من المواد الأساسية، لكن الوضع غير آمن تماماً.

وذكرت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان أن أحد مستشفيات الولادة الرئيسية في البلاد، وهو مستشفى الدايات في مدينة أم درمان المجاورة، تعرض للنهب واحتلته قوات أمس (الخميس).

وأوضحت اللجنة أن 17 مستشفى في المجمل تضررت جراء القتال، وأن 20 تم إخلاؤها قسراً منذ بدء أعمال العنف.

وأشارت إلى أن 60 مستشفى من أصل 88 في الخرطوم خارج الخدمة، وأن العديد من المستشفيات الباقية لا تقدم كامل خدماتها.

وأورد محمد عثمان الباحث في الشؤون السودانية بـ«هيومن رايتس ووتش»، في تقرير يوثق الأضرار التي لحقت بالمستشفيات ومحطات معالجة المياه بسبب القتال: «الطرفان المتحاربان يظهران استخفافاً بأرواح المدنيين باستخدام أسلحة غير دقيقة في مناطق حضرية مأهولة بالسكان».

ونشب القتال من توترات بين الجيش وقوات الدعم السريع، اللذين تقاسما السلطة بعد انقلاب عام 2021. وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق سلسلة من عمليات وقف إطلاق النار.

وقوض الصراع خطة مدعومة دولياً لإحلال الديمقراطية والحكم المدني بعد انتفاضة شعبية عام 2019 أطاحت عمر البشير.

«نهب المساعدات»

ضغطت الأمم المتحدة على طرفي الصراع لضمان المرور الآمن للمساعدات بعد نهب 6 شاحنات.

وقال منسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث، إنه يأمل في عقد اجتماعات مباشرة مع الجانبين الحصول على ضمانات تتعلق بأمن قوافل المساعدات.

وقدر برنامج الأغذية العالمي أن مساعدات غذائية قيمتها ما بين 13 إلى 14 مليون دولار تعرضت للنهب حتى الآن.

وتقول الأمم المتحدة إن حوالي 100 ألف فروا من السودان دون ما يكفيهم من الطعام والمياه إلى بلدان مجاورة.

ودعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (الجمعة)، الدول، إلى السماح للمدنيين الفارين من السودان بدخول أراضيها.

وأبلغت إليزابيث تان مديرة الحماية الدولية بالمفوضية الصحافيين، في إفادة بجنيف، أنهم ينصحون الحكومات بعدم إعادة الناس إلى السودان بسبب الصراع الدائر هناك، مشيرة إلى أن «هذه حركة لاجئين».

وأردفت تان: «من المرجح أن تكون هناك حاجة لمستويات عالية من الحماية الدولية لهؤلاء الفارين».

ولفتت المفوضية إلى أن أكثر من 56 ألفاً دخلوا مصر عبر معبري قسطل وأرقين منذ الرابع من الشهر الحالي بينهم ما لا يقل عن 52 ألفاً و500 سوداني، وفقاً لأرقام وزارة الخارجية المصرية.

وأعلنت المفوضية (الخميس)، أنها تستعد لتدفق ما يصل إلى 860 ألف لاجئ وعائد من السودان، وستحتاج مع شركائها إلى توفير مبلغ 445 مليون دولار لدعم النازحين حتى أكتوبر (تشرين الأول).

وعدَّ رؤوف مازو مساعد المفوض السامي لشؤون العمليات بالمفوضية، الوضع الإنساني في السودان وما حوله، «مأساويًا».

وزاد: «هناك نقص في الغذاء والماء والوقود، ومن الصعب الوصول إلى وسائل النقل والاتصالات والكهرباء، فضلاً عن ارتفاع حاد في أسعار المواد الأساسية».



جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.