تنديد رسمي لبناني بغارات إسرائيلية استهدفت «منشآت مدنية»

الجيش الإسرائيلي زعم استهداف «بنى تحتية» تابعة لـ«حزب الله»

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية على مناطق في جنوب لبنان (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية على مناطق في جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT

تنديد رسمي لبناني بغارات إسرائيلية استهدفت «منشآت مدنية»

الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية على مناطق في جنوب لبنان (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارات إسرائيلية على مناطق في جنوب لبنان (د.ب.أ)

ندّد الرئيس اللبناني جوزيف عون بغارات استهدفت، فجر اليوم (السبت)، «منشآت مدنية»، وأسفرت بحسب وزارة الصحة اللبنانية عن مقتل شخص، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه قصف بنى تحتية تابعة لـ«حزب الله».

ورغم سريان وقف لإطلاق النار منذ أشهر، تواصل إسرائيل شنّ غارات تقول إنها تستهدف عناصر من الحزب وبنى عسكرية تابعة له، خصوصاً في جنوب البلاد.

وقال عون، في بيان: «مرة أخرى يقع جنوب لبنان تحت نار العدوان الإسرائيلي السافر ضد منشآت مدنية. بلا حجة، ولا ذريعة».

رجال الإطفاء يُخمدون النيران في موقع غارة إسرائيلية ليلية بمنطقة المصيلح جنوب لبنان (أ.ف.ب)

واعتبر عون أن «خطورة العدوان الأخير أنه يأتي بعد اتفاق وقف الحرب في غزة»، حيث دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ ظهر الجمعة، وسط خشية في لبنان من تكثيف الضربات الإسرائيلية ضدّ «حزب الله» الذي لا يزال يرفض تسليم سلاحه إلى الدولة.

وأضاف عون، في بيانه، أن هذا التوقيت «هو ما يطرح علينا اللبنانيين وعلى المجتمع الدولي تحديات أساسية؛ منها السؤال عما إذا كان هناك من يفكر بالتعويض عن غزة في لبنان، لضمان حاجته لاستدامة الاسترزاق السياسي بالنار والقتل».

واستهدفت الغارات، التي بلغ عددها 10، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية، «6 معارض للجرافات والحفارات على طريق المصيلح، ما أدى إلى تدمير واحتراق عدد كبير من الآليات»، بينما قالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارات أدّت إلى مقتل شخص من الجنسية السورية وإصابة 7 أشخاص بجروح، أحدهم من الجنسية السورية، و6 لبنانيين، من بينهم سيدتان.

جنود لبنانيون يسيرون بجوار حفارة مدمرة إثر غارة إسرائيلية ليلية في منطقة المصيلح جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وشاهد مصور «وكالة الصحافة الفرنسية» في المكان دماراً هائلاً لحق بالمعارض المخصصة للجرافات وآليات ضخمة تستخدم في أعمال البناء، وقد احترقت العشرات منها، وقام رجال الإطفاء بإخمادها.

وتقع المصيلح، التي تضمّ مقر سكن رئيس مجلس النواب نبيه بري في جنوب لبنان، قرب مدينة صيدا الساحلية، كبرى مدن جنوب لبنان، وتبعد أكثر من 40 كيلومتراً عن الحدود مع إسرائيل.

دعوة إلى «التوحد في مواجهة العدوان»

بدوره، دعا بري اليوم إلى التوحد من أجل لبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي. وقال تعليقاً على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف منطقة المصيلح في جنوب لبنان، فجر اليوم، إن «المشهد يحكي عن نفسه ويعكس الطبيعة العدوانية للكيان الإسرائيلي، فهو كما في كل مرة ليس عدواناً على المصيلح وأهلها وأصحاب المنشآت الصناعية فيها، إنما هو عدوان على لبنان وأهله، كل أهله هناك، استهدف المسيحي كما المسلم، واختلط الدم بالدم، فلنتوحد من هناك من أجل لبنان، في مواجهة العدوان».

وأضاف أن «العدوان الإسرائيلي السافر في شكله ومضمونه وفي زمانه ومكانه وبالأهداف التي طالها لن يغير من قناعاتنا وثوابتنا وثوابت وقناعات أهلنا، الذين يدفعون مجدداً بأرواحهم ومنازلهم ومصادر رزقهم ثمن تمسكهم بأرضهم وحقهم المشروع في حياة كريمة».

من جهتها، قالت وزارة الخارجية اللبنانية إن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية يعرقل جهود الجيش لحصر السلاح بيد الدولة.

وتسببت الغارات الإسرائيلية بإقفال طريق المصيلح - النبطية بسبب الحفر، وتسرب مادة الزيوت من الآليات المستهدفة، وعملت جرافات الدفاع المدني بعدها على إزالة الردم والعوائق وإعادة فتحها.

كما تسببت الغارات بأضرار جسيمة بشبكة التوتر العالي (66 فولتاً)، وبتحطم زجاج عشرات المنازل والمحال والمؤسسات التجارية على مسافة مئات الأمتار من موقع الاستهداف.

الجيش الإسرائيلي: هاجمنا بنى تحتية لـ«حزب الله»

كشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن الجيش الإسرائيلي هاجم الليلة الماضية ما زعم أنها «بنى تحتية» تابعة لـ«حزب الله»، استخدمت لتخزين آليات هندسية مخصصة لإعادة الإعمار في جنوب لبنان.

وقال أدرعي، في منشور على منصة «إكس»: «أغار جيش الدفاع الليلة الماضية على بنى تحتية إرهابية تابعة لـ(حزب الله) في جنوب لبنان، كانت تستخدم لتخزين آليات هندسية مخصصة لإعادة إعمار بنى تحتية إرهابية». وأشار إلى أن «وجود الآليات وأنشطة (حزب الله) في تلك المنطقة يشكلان خرقاً للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان، حيث سيواصل جيش الدفاع العمل لحماية دولة إسرائيل».

أشخاص يتفقدون الأضرار التي أعقبت غارة إسرائيلية ليلية في منطقة المصيلح جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وغداة اندلاع الحرب في غزة، أعلن «حزب الله» فتح «جبهة إسناد» للقطاع وحليفته «حماس». وبعد تبادل القصف عبر الحدود لنحو عام، تحوّلت المواجهة مع إسرائيل، بدءاً من سبتمبر (أيلول) 2024، حرباً مفتوحة تلقّى خلالها الحزب ضربات قاسية في الترسانة والبنى العسكرية، وخسر عدداً من قيادييه، يتقدمهم أمينه العام السابق حسن نصر الله، وخلفه هاشم صفي الدين.

ويسري منذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني) اتفاق لوقف إطلاق النار، تمّ التوصل إليه برعاية أميركية وفرنسية، ينصّ على تراجع «حزب الله» من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل)، وتفكيك بنيته العسكرية فيها، وحصر حمل السلاح في لبنان بالأجهزة الرسمية.

وإضافة إلى الغارات، أبقت إسرائيل على قواتها في 5 تلال بجنوب لبنان، بعكس ما نصّ عليه الاتفاق. وتطالب بيروت المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتنفيذ التزاماتها.


مقالات ذات صلة

مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنان

شؤون إقليمية مواطنون يتفقدون حطام مركبة استهدفتها طائرة مسيَّرة إسرائيلية ببلدة الدوير في جنوب لبنان (أ.ف.ب)

مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في جنوب لبنان

استهدف قصف إسرائيلي، مساء الأحد، سيارة في بلدة حومين الفوقا بمحافظة النبطية جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طفلة على متن حافلة تقل لاجئين سوريين خلال رحلة عودتهم من لبنان الخميس الماضي (إ.ب.أ)

مواكبة أممية لخطّة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم من لبنان

أوضح مصدر في الأمن العام اللبناني أن عملية الإعادة الطوعية للاجئين السوريين «تسير وفق الخطة المرسومة، ونتطلّع إلى الانتهاء منها بنهاية العام الحالي».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يسيرون قرب مبنى دمرته غارة إسرائيلية الخميس في بلدة طيردبا بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

لبنان: ضغوط مالية وعسكرية على «حزب الله» لدفعه نحو تسليم سلاحه

كثّفت الولايات المتحدة وإسرائيل ضغوطهما على «حزب الله»، وسلكتا مسارين، أولهما مالي، عبر الخزانة الأميركية، والثاني عسكري عبر إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص مناصرات لـ«حزب الله» يشاركن في تشييع عناصر في الحزب قُتلوا بغارة إسرائيلية في النبطية الاثنين الماضي (رويترز)

خاص لبنان يرد على الأفكار المصرية: الاتفاق قائم فلتنفّذه إسرائيل

علمت «الشرق الأوسط» أن تفرّد قاسم بكتابه للرؤساء، بغياب التشاور مع بري، طرح أسئلة لمعرفة أسباب تسطير كتاب يتعارض مع تفويضه لبري بكل ما يتعلق بملف الجنوب.

محمد شقير (بيروت)
العالم العربي مقتل مواطن في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان (أ.ف.ب)

قتيل في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم (الأحد)، مقتل مواطن في قصف إسرائيلي على جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

اللجنة الوطنية للتحقيق بأحداث السويداء تعقد مؤتمراً صحافياً الأربعاء

نصري صبيح الذي أُصيبت قدمه برصاصة خلال فراره من المواجهات بمحافظة السويداء السورية يجلس داخل خيمته في ريف درعا (رويترز)
نصري صبيح الذي أُصيبت قدمه برصاصة خلال فراره من المواجهات بمحافظة السويداء السورية يجلس داخل خيمته في ريف درعا (رويترز)
TT

اللجنة الوطنية للتحقيق بأحداث السويداء تعقد مؤتمراً صحافياً الأربعاء

نصري صبيح الذي أُصيبت قدمه برصاصة خلال فراره من المواجهات بمحافظة السويداء السورية يجلس داخل خيمته في ريف درعا (رويترز)
نصري صبيح الذي أُصيبت قدمه برصاصة خلال فراره من المواجهات بمحافظة السويداء السورية يجلس داخل خيمته في ريف درعا (رويترز)

تعقد اللجنة الوطنية للتحقيق الخاصة بأحداث السويداء مؤتمرها الصحافي، الأربعاء المقبل، في مقر وزارة الإعلام بدمشق، بعد أن كان مقرراً له الانعقاد، الأحد، ووجهت الدعوات للصحافيين وممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم اللجنة، المحامي عمار عز الدين، في تصريح لـ «سانا»، أن المؤتمر سيُخصَّص لتقديم عرض موجز عن عمل اللجنة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إضافة إلى استعراض مراحل التحقيق وخطوات العمل المقبلة، والإجابة عن تساؤلات الإعلاميين بكل شفافية.

المحامي عمار عز الدين

وقال عز الدين إن سبب التأجيل يعود إلى ترتيبات لوجيستية وإدارية، وإلى ضيق الوقت في الإعلان عن الموعد السابق، لافتاً إلى أن التأجيل تم للتأكد من اكتمال التحضيرات، وتمكين أكبر عدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية من الحضور، حيث من المقرر أن يستعرض المؤتمر الصحافي التقدم المنجز في التحقيق والخطوات المستقبلية.

رئيس «اللجنة المستقلة للتحقيق في سوريا» باولو سيرجيو بينهيرو (الأمم المتحدة)

ومن المتوقع تقديم اللجنة عرضاً مفصلاً عن عملها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومراحل التحقيق والإجراءات المقبلة، وسير التحقيقات ومراحلها والإجابة عن أسئلة الإعلاميين.

وشكلت وزارة العدل في 31 يوليو (تموز) الماضي لجنة التحقيق في أحداث السويداء، وحددت مهامها بكشف الظروف والملابسات التي أدت إليها، والتحقيق في الاعتداءات والانتهاكات التي تَعَرَّضَ لها المواطنون، وإحالة كل من يثبت تورطه فيها إلى القضاء المختص.

سيدة درزية من محافظة السويداء تستقبل قريبها المفرج عنه في عملية تبادل أسرى بين الأطراف المتنازعة (سانا)

يُذْكَر أن لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة قد دخلت إلى مدينة السويداء، في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، للتحقيق في الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة، خلال شهر (تموز) الماضي. وأوضحت مصادر اللجنة التي تضم خبراء جنائيين وسياسيين ويترأسها مسؤول برازيلي، ستقيم في دمشق بمهمة مفتوحة من دون تحديد سقف زمني، وتعمل عبر عدة فرق متخصصة.

وقامت اللجنة بزيارة ثانية إلى محافظة السويداء، في التاسع عشر من أكتوبر، لمتابعة التحقيق في الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة، وأدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين والعسكريين.

وقالت مصادر محلية من السويداء لموقع «تلفزيون سوريا»، إن وفد اللجنة الأممية التقى خلال الزيارة عدداً من أبناء المحافظة وناشطين مدنيين، في إطار التحقيقات حول أحداث السويداء.

كما زار وفد اللجنة أعضاء ما يسمى بـ«اللجنة القانونية في السويداء»، واستمعت اللجنة إلى شهادات العائلات النازحة من الريف الغربي في مراكز الإيواء بمدينة السويداء.

لافتة كبيرة في مدينة السويداء جنوب سوريا تدعو للتوقيع على حملة «حق تقرير المصير» (أخبار السويداء)

هذا، وقُتل عنصر من قوى الأمن الداخلي السورية وأُصيب آخرون، فجر السبت، جراء اشتباكات جديدة اندلعت بين قوات الأمن السورية ومجموعات مسلحة منضوية ضمن ما يُعرف بـ«الحرس الوطني» الذي شُكِّل حديثاً بقيادة الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في محافظة السويداء جنوبي سورية.

وقالت مصادر أمنية مطلعة لـ«العربي الجديد»، إن عنصراً من قوى الأمن الداخلي يُدعى جمال خالد الجمعة، وينحدر من منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي، قضى، بينما أُصيب عدد من عناصر قوى الأمن بجروح متفاوتة، عقب استهداف مجموعات تابعة لـ«الحرس الوطني» بقذائف الهاون تجمعاً لقوات الأمن السورية في منطقة تل حديد بريف محافظة السويداء.

وكانت اللجنة القانونية العليا في السويداء قد رفضت خريطة طريق «سورية - أردنية» مدعومة أميركياً، وانطلقت سبتمبر الماضي، حملة جمع توقيعات خطيّة على عريضة تناشد المجتمع الدولي دعم إجراء استفتاء شعبي لأهالي المحافظة حول حقهم في تقرير المصير، سواء كان الاستقلال التام عن الدولة السورية أو التمتع بالإدارة الذاتية أو اللّامركزية. وبينما لم يصدر عن دمشق تعليق على الحملة، أكد المبعوث الأميركي توم براك «أهمية خريطة طريق حل الأزمة في السويداء».


قيادي في «حماس»: اتفقنا مع مصر على لجنة لإدارة غزة لكن إسرائيل تعطل تشكيلها

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
TT

قيادي في «حماس»: اتفقنا مع مصر على لجنة لإدارة غزة لكن إسرائيل تعطل تشكيلها

جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)
جانب من الدمار جراء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

قال تلفزيون «الأقصى» نقلاً عن القيادي في حركة «حماس» علي بركة قوله، الأحد، إن الحركة توصلت إلى اتفاق مع مصر على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، لكن إسرائيل تعطل تشكيلها.

وأوضح القيادي بـ«حماس» أنه تم الاتفاق على 8 شخصيات فلسطينية، منهم امرأة، لإدارة اللجنة برئاسة أمجد الشوا، وانتقد بركة التطبيع مع إسرائيل بوصفه لا يصب في صالح القضية الفلسطينية. وطالب بركة بالضغط لفتح معبر رفح بشكل فوري ومستمر، ووصف الوضع في غزة بأنه كارثي في ظل استمرار إسرائيل في انتهاكاتها لوقف إطلاق النار.

وشدد القيادي في «حماس» على حرص الحركة على إنجاح اتفاق وقف إطلاق النار وتطبيق بنوده، مؤكداً أن «حماس» تنتظر نتائج مباحثات المبعوث الأميركي في إسرائيل. وأوضح بركة أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستبدأ بعد فتح المعابر، وتنفيذ بنود المرحلة الأولى.


تحركات حثيثة لتثبيت «اتفاق غزة» وحل أزمة المسلّحين العالقين

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

تحركات حثيثة لتثبيت «اتفاق غزة» وحل أزمة المسلّحين العالقين

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

يشهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تحركات مكثفة من الوسطاء، وسط مخاوف من عدم صموده، مع استمرار أزمتي مسلحي «حماس» العالقين في رفح الفلسطينية، وعدم الانتهاء من تسليم جميع رفات الرهائن الإسرائيليين منذ توقيع الاتفاق قبل شهر.

ووسط هذه التحركات تأتي زيارة مرتقبة للمبعوثين الأميركيين، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، لإسرائيل لبحث أزمة المسلحين العالقين وسط مشاورات مصرية - قطرية بشأن ترتيبات المرحلة الثانية، ولا سيما المرتبطة بإدارة قطاع غزة وصلاحيات القوات الدولية بالقطاع.

ويرى خبير فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط» أن الوسطاء يعملون على تثبيت الاتفاق، والدفع به خطوة للأمام، وقطع أي محاولة لتهديده.

وأفاد الموقع الإخباري لقناة «آي نيوز 24» الإسرائيلية بأنه من المقرر أن يزور ويتكوف برفقة كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إسرائيل هذا الأسبوع لبحث أزمة عناصر «حماس» العالقين في رفح منذ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ فيما كشفت هيئة البثّ الإسرائيلية أن الزيارة ستكون الاثنين بهدف حلّ أزمة رفح وتنفيذ الاتفاق.

وتزامن ذلك مع أزمتين منذ الاتفاق، أبرزهما مرتبطة بتسلم رفات الرهائن. وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، أنه تسلّم رفاتاً أعلنت حركة «حماس» في وقت سابق أنها تعود إلى الضابط هدار غولدِن الذي أُسر في حرب سابقة في غزة عام 2014.

وتأخير تسليم «حماس» لرفات الضابط الأسير أوحى، بحسب ما ذكرته هيئة البثّ الإسرائيلية، بأنها «تريد إجراء مفاوضات منفصلة لإعادتها، وربط ذلك بالإفراج عن المسلحين المحاصرين في شبكة الأنفاق برفح، وهي الأزمة الثانية التي تهدد صمود اتفاق غزة»، وفق وسائل إعلام فلسطينية وإسرائيلية.

فلسطينيون يسيرون وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ومنذ بدء الاتفاق، سلّمت «حماس» الرهائن الإسرائيليين العشرين الأحياء، بينما تقول إسرائيل إنها تنتظر تسلم جثامين متبقية من أصل 28، وترهن بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها بقية الرفات.

وقالت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، في بيان، الأحد، إنه لا يوجد في قاموسها «مبدأ استسلام أو تسليم النفس للعدو»، داعية الوسطاء لتحمّل مسؤولياتهم وإيجاد حل يضمن استمرار وقف إطلاق النار.

وأكّدت أن عملية استخراج الجثث خلال المرحلة الماضية تمت في ظروف معقدة للغاية، وأن استكمال استخراج الجثث يتطلب طواقم ومعدات فنية إضافية.

وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، فإن زيارة ويتكوف وكوشنر لا تتوقف على أزمة المسلحين العالقين، أو الرفات، بل تتعداهما لنقاش جاد وعميق بشأن القوات الدولية وإدارة غزة، متوقعاً أن يبقى اتفاق غزة معلقاً في المرحلة الأولى بسبب أزمتي الرفات والمسلحين العالقين مع صموده بإرادة أميركية.

ولا يستبعد مطاوع حدوث خروقات من جانب إسرائيل مع احتمال اقتراب الانتخابات المبكرة فيها، «واحتمال وجود مزايدات ستمس الاتفاق لكن لن تدفع لانهياره».

وتوقع حل أزمة المسلحين العالقين بثمن تقبله إسرائيل، وهو أن يكون حسب الخيار الأميركي «نموذجاً» لتسليم السلاح، مضيفاً: «لكن ما ستؤول له النقاشات المقبلة بشأن هذا الملف وملف الرفات قد يصطدم بمواقف متشددة من (حماس) تعطل ذلك المسار قليلاً».

وقبيل زيارة المبعوثَين الأميركيين، أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، تناول تطورات الأوضاع في قطاع غزة، والجهود الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار.

ووفق بيان للخارجية المصرية، الأحد، بحث الوزيران تطورات المشاورات الجارية بشأن تنفيذ اتفاق غزة، واتفقا على ثوابت الموقفين المصري والقطري، وفي مقدمتها ضرورة الربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة لضمان وحدة الأراضي الفلسطينية، وأهمية تولي الفلسطينيين إدارة شؤونهم في إطار الحفاظ على وحدة القرار الفلسطيني.

وتطرق الاتصال إلى المشاورات الجارية في نيويورك الخاصة بنشر قوة دعم الاستقرار الدولية، وأكّد الوزيران على ضرورة تحديد ولايتها وصلاحياتها بما يدعم جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

ويعتقد مطاوع أن صلاحيات القوات وقضية عدم فصل القطاع عن الضفة وإدارة أهل غزة للقطاع هو الشغل الشاغل للوسطاء وللفلسطينيين حالياً؛ موضحاً أن المشاورات المصرية القطرية تأتي في صميم التوصل لمواقف واضحة تقطع أي ذرائع إسرائيلية تهدد اتفاق غزة وصموده.