الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد: امبراطورية نهبت اقتصاد سوريا

أحد أفراد قوات الأمن التابعة للسلطات السورية الجديدة يحمل حبوب كبتاغون (أ.ف.ب)
أحد أفراد قوات الأمن التابعة للسلطات السورية الجديدة يحمل حبوب كبتاغون (أ.ف.ب)
TT

الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد: امبراطورية نهبت اقتصاد سوريا

أحد أفراد قوات الأمن التابعة للسلطات السورية الجديدة يحمل حبوب كبتاغون (أ.ف.ب)
أحد أفراد قوات الأمن التابعة للسلطات السورية الجديدة يحمل حبوب كبتاغون (أ.ف.ب)

من مقارّها في تلال وعرة مشرفة على دمشق، استنزفت الفرقة الرابعة، امبراطورية ماهر الأسد شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد، الاقتصاد السوري، فنهبت مقدراته واستنفدتها حتى آخر قطرة.

ووفق تقرير نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، بعد إطاحة حكم الأسد، تعرض الكثير من مقار تلك الوحدة العسكرية سيئة السمعة التي أثارت الرعب في سوريا، للنهب. لكن مستندات متناثرة داخلها تروي تفاصيل عن حياة ترف وثروات تمتع بها «سيدي المعلم»، أي ماهر الأسد، مع المحظيين من معاونيه، فيما كان بعض جنوده يكافحون لتأمين قوت عائلاتهم إلى حدّ التسوّل.

وتكشف مجموعة وثائق اطلعت عليها الوكالة داخل عدد من هذه المواقع المهجورة الآن، النقاب عن امبراطورية اقتصادية واسعة بناها ماهر الأسد وشبكته من المنتفعين، لم تترك مجالاً لم تتدخل فيه، من صنع الكبتاغون والاتجار به وصولاً إلى فرض إتاوات على المعابر الحدودية والحواجز.

صورة جوية لإحدى قواعد الفرقة الرابعة على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

ولطالما اتهمت حكومات غربية ماهر الأسد وأعوانه بتحويل سوريا إلى «دولة مخدرات» أغرقت الشرق الأوسط بأقراص الكبتاغون، وهي مادة منشطة غير قانونية كانت تهرّب خصوصاً الى الخليج.

لكن بعيداً من التجارة التي تقدّر قيمتها بأكثر من 10 مليارات دولار، تُظهر المستندات التي تفحصتها الوكالة كيف تغلغلت الفرقة الرابعة في الكثير من مفاصل البلد، مما جعلها أشبه بـ«مافيا» محظية داخل دولة مارقة.

استولت الفرقة الرابعة على منازل ومزارع، وصادرت بضائع شتى من مواد غذائية وسيارات وأجهزة إلكترونية لبيعها. ونهبت النحاس والمعادن من مناطق دمرتها سنوات الحرب الطويلة.

وفرضت كذلك إتاوات عند الحواجز ونقاط التفتيش، وجنت أموالاً من مرافقة صهاريج نفط وحماية مسارها، حتى تلك الآتية من مناطق سيطر عليها الإرهابيون. واحتكرت أيضاً تجارة التبغ والمعادن.

أنفاق وخزنات

في صلب هذه الشبكة الفاسدة، تربَّع المقر الخاص لماهر الأسد فوق متاهة أنفاق محفورة في قلب جبل يعلو دمشق، يتسع بعضها لمرور شاحنة.

وقاد حارس ملثم تابع للسلطة السورية الجديدة فريق الوكالة عبر الأنفاق، كما لو أنه دليل سياحي، مشيراً إلى حمام هنا وغرفة نوم هناك، وما بدا أشبه بمسارات خروج في حالات الطوارئ.

بعد النزول عبر سلم شديد الانحدار مؤلف من 160 درجة، توجد غرف موصدة ببوابات مصفحة.

ويقول الحارس إنه أحصى تسع خزنات داخل إحدى الغرف.

أحد أفراد قوات الأمن التابعة للسلطات السورية الجديدة يقف على كومة من الأوراق في مكتب خاص لماهر الأسد (أ.ف.ب)

ويوضح كيف أن الخزنات تعرضت «للكسر» والنهب على أيدي أشخاص اقتحموا المكان في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، بعد ساعات قليلة على إطاحة فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» بحكم عائلة الأسد التي قادت سوريا بقبضة حديد لأكثر من خمسة عقود.

وبحسب مصدر عراقي رفيع المستوى ومصدرين سوريين آخرين، لم يعلم ماهر الأسد (58 عاماً) حينها بعزم شقيقه الفرار إلى روسيا. وهرب بشكل منفصل في مروحية أقلته إلى العراق ومنها الى روسيا، عبر إيران على الأرجح.

في المجمع تحت الأرض، تبدو جلية الفوضى: خزنات مفتوحة وصناديق ساعات رولكس وكارتييه فارغة مرمية في كل ناحية. ولا يتضح ما إذا كانت الخزنات قد أُفرغت من الأموال قبل نهبها أم لا.

ويشير الحارس إلى مكتب، يقول إنه «المكتب الأساسي» لماهر الأسد، مؤلف من «طابقين فوق الأرض وتحته أنفاق تضم (...) غرفاً مغلقة لا يمكن فتحها».

إلى جانب خزنة مهجورة داخل ممر، يمكن رؤية جهاز تغليف حراري جرى استخدامه على الأرجح لتغليف الأوراق النقدية.

ثروات مخفية

في أحد المستندات التي تفنّد بالتفصيل النفقات كافة، وعثر عليه فريق الوكالة بين مئات الأوراق المبعثرة داخل مكتب أمن تابع للفرقة الرابعة، يظهر أنه كان هناك حتى الرابع من يونيو (حزيران) سيولة نقدية قدرها ثمانون مليون دولار، وثمانية ملايين يورو، و41 مليار ليرة سورية.

وتوثّق مئات المستندات احتفاظ ماهر الأسد ومكتب الأمن بمبالغ شبيهة في الفترة الممتدة بين العامين 2021 و2024.

ويقول الباحث لدى معهد «كارنيغي» لدراسات الشرق الأوسط خضر خضور للوكالة: «هذا ليس إلا عينة صغيرة من الثروة التي جمعها ماهر وأعوانه عبر صفقاتهم التجارية المشبوهة».

ويقدّر أن تكون ثروتهم الحقيقية مخفية «في الخارج، على الأرجح في دول عربية وأفريقية».

ويضيف: «كانت الفرقة الرابعة بمثابة آلة لطباعة المال» في سوريا حيث يعيش أكثر من تسعين في المائة من السكان، وفق الأمم المتحدة، بدولارَين أو أكثر بقليل في اليوم الواحد.

دولة داخل الدولة

لم تنجح العقوبات الغربية في كبح جماح ماهر الأسد ورجاله أو الحدّ من نفوذهم طيلة سنوات النزاع.

ويقول العميد السابق في الفرقة الرابعة عمر شعبان الذي عقد تسوية مع الإدارة السورية الجديدة: «كانت الفرقة الرابعة دولة مستقلة، تمتلك (...) كل شيء».

وفي حين كان التعامل بالدولار الأميركي محظوراً في سوريا، أصبح العديد «من ضباط الأمن أصحاب ثروات، لديهم خزنات وأموال (...) بالدولار حصراً»، على حد قوله.

وأقام أعوان ماهر المقربون في قصور فاخرة واعتادوا على شحن سيارات فارهة من الخارج، بينما كان البلد خارج أسوار قصورهم غارقاً في دوامة من الفقر والبؤس والخوف.

بعد أسابيع من إطاحة حكم الأسد، كان سوريون ما زالوا يأتون إلى فيلا ماهر الأسد المشيَّدة على تلة في منطقة يعفور الراقية، ويفتشون في الغرف القريبة من اسطبلات اعتادت ابنته الفائزة بجوائز عدة، ركوب الخيل فيها.

صورة جوية لفيلا ماهر الأسد في بلدة يعفور بالقرب من دمشق (أ.ف.ب)

داخل القصر المنهوب، سأل رجل بانفعال فريق الوكالة وهو ينتقل من غرفة إلى أخرى «أريد الذهب. أين الذهب؟».

لكنه لم يعثر إلا على صور قديمة مبعثرة على الأرض، إحداها لماهر وزوجته مع أولادهما الثلاثة.

«الرجل الخفي»

لطالما كان ماهر الأسد شخصية غامضة تثير الخوف في سوريا. ويُنظر إليه على أنه الرجل الذي تولّى تنفيذ «الأعمال القذرة للنظام».

ومع أن صوره عُلّقت داخل كل مقر للفرقة الرابعة، لكنه نادراً ما كان يظهر في الأماكن العامة.

ورغم اتهامه من منظمات حقوقية بإصدار أوامر لقتل متظاهرين عزل في سوريا منذ عام 2011، وربط اسمه باغتيالات، لكنه بقي بمثابة «الرجل الخفي»، وفق ما يقول مصدر مقرب من عائلة الأسد للوكالة.

صورة ممزقة لماهر الأسد ملقاة على الأرض في فيلته في بلدة يعفور (أ.ف.ب)

ويوضح المصدر: «ستجد قلة من الأشخاص يقولون إنهم يعرفونه شخصياً».

في مقابلة مطلع فبراير (شباط)، قالت مجد الجدعان، شقيقة زوجة ماهر الأسد والتي غادرت سوريا بعد خلافات معه عام 2008 وتقدّم نفسها على أنها معارضة لعائلة الأسد، إنه كان كريماً وأحياناً ذا صحبة طيبة. لكن «حين يغضب، كان يفقد السيطرة بالكامل على تصرفاته وأقواله، وهذا ما كان مرعباً في شخصيته».

وكانت الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد بمثابة القبضة الحديد للنظام وارتبط اسمها بسلسلة طويلة من الفظائع.

بعد اندلاع الحرب في سوريا، قالت مجد الجدعان في مقابلة مع تلفزيون فرنسي: «ماهر يعرف كيف يدمّر، يعرف كيف يقتل ثم يكذب ليظهر بريئاً»، مشبهة قسوته بوالده الراحل حافظ الأسد.

سيارات فارهة

حين يعدّد سكان في دمشق بسخط انتهاكات الفرقة الرابعة، يتردّد اسم آخر إلى جانب اسم ماهر الأسد، هو غسان بلال، مدير مكتب الأمن في الفرقة الرابعة.

على غرار رئيسه، كان بلال مولعاً بجمع السيارات الفارهة ويقيم في فيلا في يعفور. وتقول مصادر أمنية إنه غادر سوريا بعد سقوط الحكم.

داخل مكتبه الفسيح في المقر الرئيسي لمكتب الأمن، تكشف معاينة فاتورة تلو الأخرى تفاصيل أسلوب حياته الباذخ. وبين تلك الفواتير واحدة متعلقة بصيانة سيارة كاديلاك خاصته.

في صيف 2024، شحن بلال إلى دبي سيارتَين من طراز ليكسس ومرسيدس، بحسب وثيقة اطلعت عليها الوكالة. وتظهر فواتير تسديد مبلغ بقيمة 29 ألف دولار بدل جمارك وتأمين في دولة الإمارات عبر بطاقة ائتمان مسجّلة باسم شخص آخر.

وتظهر ورقة مكتوبة بخط اليد أنه كان يسدّد، بسبب خضوعه لعقوبات غربية على خلفية اتهامه بانتهاكات لحقوق الانسان، بدل اشتراك بمنصة «نتفليكس» للأفلام «بواسطة أحد الأصدقاء عبر بطاقة ائتمان في الخارج».

من داخل فيلا ماهر الأسد في بلدة يعفور (أ.ف.ب)

وتتضمن قوائم أخرى نفقات، غالبيتها منزلية ولأولاده أو للمطبخ أو لشراء الوقود ومصاريف أملاك بينها الفيلا التي تعرضت لاحقاً للنهب.

وبلغت قيمة تلك النفقات خلال عشرة أيام فقط من شهر أغسطس (آب) 55 ألف دولار.

في الشهر ذاته، كتب جندي من الفرقة الرابعة إلى بلال متوسلاً منحه «إعانة مالية (كونه) بوضع مادي سيء جداً».

وقد صرف له بلال 500 ألف ليرة سورية كإعانة، أي ما يعادل حينها 33 دولاراً، بينما تظهر وثيقة أخرى ضبط أحد جنود الفرقة الرابعة يتسوّل في الشوارع أثناء دوامه.

رجال المال

تمّ إحراق آلاف المستندات والملفات، على ما يبدو، لكن العديد من الوثائق السرية التي نجت تحمل في طياتها معلومات كثيرة.

من بين الأسماء البارزة المذكورة في بعض الوثائق والتي ساهم أصحابها في تمويل الفرقة الرابعة، تبرز أسماء رجال أعمال مدرجين على لوائح العقوبات، على غرار خالد قدور ورئيف القوتلي، والأخوين قاطرجي المتهمين بجني مئات الملايين من الدولارات لصالح «الحرس الثوري» الإيراني والحوثيين في اليمن، عبر بيع النفط الإيراني إلى سوريا والصين.

وبحسب مصادر أمنية ومن قطاع الأعمال، تولى القوتلي إدارة نقاط تفتيش ومعابر، حيث «فُرضت إتاوات» على بضائع أو جرت مصادرتها.

ونفى قدّور الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات لدعمه ماهر الأسد مادياً في تهريب الكبتاغون والسجائر والهواتف، أن يكون له أي تعامل مع ماهر الأسد حين سعى لأن تُرفع العقوبات الأوروبية عنه عام 2018.

لكنّ قائمة إيرادات المكتب الأمني لعام 2020، أظهرت أنه وفّر نحو 6.5 مليون دولار في ذاك العام لصالح المكتب.

وتتضمن الوثيقة لائحة طويلة من المبالغ بالليرة السورية ومصادرها المتنوعة، وبينها الدخان الوطني، و«ترفيق»، أي حماية صهاريج النفط، وبيع المصادرات.

«مافيا»

ويشير خضر خضور إلى أن مكتب الأمن كان يتولى معظم المعاملات المالية للفرقة الرابعة ويصدر بطاقات أمنية للأشخاص الذين تعامل معهم لتسهيل تحركاتهم.

في 2021، قال أحد تجار المخدرات الذي يحمل جوازي سفر أحدهما لبناني والآخر سوري، لمحققين لبنانيين إنه استحوذ على بطاقة أمنية من الفرقة الرابعة، وإن مكتب الأمن وافق على حماية شحنة مخدرات لتاجر آخر مقابل مليونَي دولار، بحسب إفادة اطلعت عليها الوكالة في حينه.

وتؤكد مصادر أمنية عدّة للوكالة أن بلال كان الشخص الأساس في تجارة الكبتاغون لدى الفرقة الرابعة، واتهمته وزارة الخزانة الأميركية بالفعل بأنه من اللاعبين الرئيسيين في تلك التجارة.

وزارت الوكالة مصنعاً لإنتاج الكبتاغون داخل فيلا استولت عليها الفرقة الرابعة في بلدة الديماس بريف دمشق قرب الحدود مع لبنان. وكانت غرفها مليئة بصناديق وبراميل من مواد الكافيين والإيثانول والباراسيتامول المستخدمة في صنع المخدر.

ويقول سكان محليون إنه لم يُسمح لهم أن يقتربوا من الفيلا، وكان يُمنع حتى على الرعاة الوجود في التلال المحيطة.

ويقول ضابط سابق أمضى جزءاً من خدمته في مكتب الأمن دون الكشف عن اسمه، إن المكتب كان يتمتع بـ«حصانة وكان ممنوعاً على أي جهة أمنية التعرّض لأي عنصر إلّا بموافقة ماهر». ويضيف: «كانت مافيا، وكنت أعلم أنني أعمل لدى مافيا».

«تركوا الشعب يجوع»

وطارد جشع الفرقة الرابعة عائلات على مدى عقود، كما تُظهر رسالة كتبها عدنان الديب، وهو مشرف على مقبرة في مدينة حمص (وسط).

عند حاجز مهجور للفرقة الرابعة قرب دمشق، وبين مئات المستندات المتسخة والمرمية أرضاً، عثر فريق الوكالة على رسالة من الديب يطلب فيها من الفرقة الرابعة استعادة مزرعته.

ويروي الديب كيف أن الفرقة الرابعة صادرت فيلا تملكها عائلته وقصوراً أخرى مجاورة قبل عشرة أعوام في قرية كفرعايا قرب حمص.

ورغم عدم السماح له بالاقتراب من ممتلكاته، كان على الديب دفع الضرائب المتوجبة على العقار الذي حولته الفرقة الرابعة بحسب قوله، إلى مكاتب، بينها أحد فروع مكتب الأمن، ومستودعات للمواد المصادرة، وغرفة أشبه بسجن.

خلال جولة في العقارات المصادرة، يقول أحد السكان للوكالة: «مكتب أمن الرابعة هنا كان خطاً أحمر لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه».

ويروي كيف وجد بعد فرار العناصر كمية هائلة من البضائع المصادرة وبينها سيارات ودراجات نارية ومئات غالونات زيت القلي.

ويضيف: «تركوا الشعب يجوع فيما كان كل شيء متاحاً لهم هنا».

وتُظهر وثيقة من أحد العقارات المصادرة، أن مواطنة بلغ عدد أفراد عائلتها 25 شخصا، كان قسم منهم يقيم في خيمة وآخرون في «قنن للدواجن»، طلبت أكثر من مرة أن يخلي عناصر من الفرقة الرابعة منزلها لتقيم فيه مع عائلتها.

حصة الأسد لبشار

لم تسيطر الفرقة الرابعة على أي قطاع في الاقتصاد السوري بقدر سيطرتها على سوق المعادن.

ويقول العميد الشعبان: «كان ممنوعاً أن يحرّك أحد الحديد من دون موافقة الرابعة»، مضيفاً أن التعامل بالنحاس مثلاً كان حقاً «حصرياً» لها.

ويروي الضابط في مكتب الأمن الذي رفض الكشف عن اسمه، كيف توافد عناصر من الفرقة إلى إحدى ضواحي دمشق بمجرد سيطرة القوات الحكومية عليها حينها، وبدأوا يسحبون أسلاك النحاس والحديد من المنازل المدمرة.

عنصر من قوات الأمن التابعة للسلطات السورية الجديدة يقف في غرفة تحت الأرض في مكاتب ماهر الأسد على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

ويقول رئيس غرفة الصناعة السابق فارس الشهابي إن أحد مصانع المعادن الذي كان يديره أحد شركاء ماهر الأسد، كان يحتكر السوق، وأُجبر الجميع على الشراء منه حصراً.

و«لم يعد بإمكان» العديد من المعامل العمل جراء هذا الضغط، وفق الشهابي.

ويوضح أن ماهر الأسد و«أصدقاءه» كانوا يسيطرون على حصة كبيرة من الاقتصاد السوري، لكن المستفيد الأكبر كان بشار الأسد.

ويقول الشهابي: «كانت شركة واحدة... والقصر الرئاسي كان دائماً المرجع».

ويؤكد الضابط السابق في مكتب الأمن إن حصة من الأرباح والمضبوطات كانت تذهب دائماً الى القصر الرئاسي.

إرث سام

ورغم أنه لم يتبق من الفرقة الرابعة اليوم إلا مستودعات مهجورة ومقرات منهوبة، يحذر الخبير في الشأن السوري لارس هاوخ من مؤسسة «كونفلكت ميدييشن سولوشنز»، من أن إرثها قد يكون ساماً جداً.

ويقول: «كانت الفرقة الرابعة لاعباً عسكرياً، وجهازاً أمنياً، وكياناً استخباراتياً، وقوة اقتصادية وسياسية، ومؤسسة إجرامية عابرة للحدود». ويضيف: «مؤسسة ذات تاريخ يمتد لعقود، وقدرات مالية هائلة، وعلاقات وثيقة مع النخب، لا يمكن أن تختفي ببساطة».

وينبه إلى أنه «فيما فرّت القيادة العليا من البلد»، فقد تراجعت «نواتها الصلبة»، ومعظمهم من الموالين للحكم السابق، إلى المناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية، الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد.

وسعت السلطات الجديدة منذ وصولها إلى دمشق مراراً لطمأنة الأقليات بأنهم لن يتعرضوا لأي أذى، لكن أعمال عنف طالت العلويين في مناطق مختلفة، خصوصاً في وسط البلاد وغربها.

ولا يستبعد هاوخ وجود أسلحة مخبأة في مخازن، تضاف إليها «مليارات الدولارات» التي كانت موضّبة في خزنات الفرقة الرابعة.

وينبّه من أن «كل ما يلزم لتمرد طويل الأمد متوفر... إذا فشلت عملية الانتقال في سوريا في أن تكون شاملة بالفعل وتحقق العدالة الانتقالية».



رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
TT

رئيس وزراء لبنان يؤكد للاتحاد الأوروبي ضرورة دعم الجيش والضغط على إسرائيل

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

قالت الحكومة اللبنانية اليوم (السبت) إن رئيس الوزراء نواف سلام التقى بالممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، وأكد لها الحاجة الملحّة لدعم الجيش اللبناني، لتمكينه من استكمال مهامه.

وذكرت رئاسة الوزراء اللبنانية في بيان أن سلام شدد أيضاً خلال اللقاء على «أهمية الدور الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في دعم لبنان، وفي ممارسة الضغط اللازم على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من النقاط التي ما زالت تحتلها».

وأضاف البيان أن سلام أطلع ممثلة الاتحاد الأوروبي على ما تم إنجازه في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتنفيذ قرار «حصر السلاح»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، ولا سيما الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في هذا الإطار والمراحل المقبلة لتنفيذ الخطة.

دورية مشتركة لـ«اليونيفيل» والجيش اللبناني في جنوب لبنان (اليونيفيل)

واستعرض رئيس الوزراء تصور لبنان للمرحلة التي تلي انتهاء عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)؛ إذ أشار إلى حاجة بلاده لـ«قوة أممية ولو محدودة الحجم لسد أي فراغ محتمل، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في الجنوب».

كانت «اليونيفيل»، التي تنتهي ولايتها بنهاية عام 2026، قالت أمس (الجمعة) إنها رصدت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد يوم الخميس، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم «1701».

كما ذكرت «اليونيفيل» أن إحدى دورياتها تعرضت لإطلاق نار قرب بنت جبيل في جنوب لبنان، ولكن دون وقوع إصابات.

من ناحية أخرى، أفادت وسائل إعلام لبنانية اليوم بأن وفد مجلس الأمن الدولي الذي يزور البلاد، أكد دعم المجلس لسيادة لبنان على أرضه، والقرار الدولي رقم «1701»، الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» في عام 2006.

ونقلت قناة «إم تي في» اللبنانية عن وفد مجلس الأمن تأكيده على ضرورة احترام سلامة القوات الدولية في لبنان وعدم استهدافها.

كما نقل تلفزيون «إل بي سي آي» عن رئيس الوفد قوله في ختام الزيارة، إنه يجب على جميع الأطراف الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، والذي دخل حيز التنفيذ قبل أكثر من عام.

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي بوساطة أميركية بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


سلام: حصر السلاح بجنوب الليطاني شارف على الاكتمال

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
TT

سلام: حصر السلاح بجنوب الليطاني شارف على الاكتمال

أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال استقباله رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام (رئاسة الحكومة)

أكد رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، أن الجيش «يواصل القيام بمهامه في بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، بدءاً من جنوب الليطاني، حيث شارفت المرحلة الأولى على الاكتمال»، وسط موقف لافت للجيش، أعلن فيه عن توقيف 6 أشخاص اعتدوا على دورية لقوات «اليونيفيل» في الجنوب، يوم الخميس الماضي.

وجاءت تصريحات سلام، خلال لقائه بأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على هامش مشاركته في منتدى الدوحة. وخلال اللقاء، أكّد أمير قطر استمرار بلاده في دعم لبنان سياسياً واقتصادياً، مشيراً إلى أنّ الدوحة ستعلن قريباً عن حزمة جديدة من مشاريع الدعم المخصّصة للبنان.

من جهته، أكّد سلام حرصه على صون أفضل العلاقات بين البلدين، وعبّر عن «تقديره للدعم المتواصل الذي تقدّمه قطر للبنان، لا سيّما في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية».

وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية بأن سلام «أشاد بالدور الذي تؤديه الدوحة في مساندة جهود الاستقرار في لبنان وتعزيز قدرات مؤسساته الشرعية»، مشيراً إلى أن «الجيش اللبناني يواصل القيام بمهامه في بسط سلطة الدولة بقواها الذاتية، بدءاً من جنوب الليطاني؛ حيث شارفت المرحلة الأولى على الاكتمال».

كما شدّد سلام على «ضرورة تكثيف الحشد الدبلوماسي للضغط على إسرائيل من أجل وقف اعتداءاتها والانسحاب من المناطق التي ما زالت تحتلّها»، داعياً دولة قطر إلى مواصلة «دورها الحيوي في دعم هذا المسعى، وتعزيز الجهود الدولية الرامية إلى ترسيخ الاستقرار في الجنوب».

وأكد التزام حكومته «بالمضيّ قدماً في تنفيذ الإصلاحات، وتعزيز سيادة الدولة على كامل أراضيها»، معرباً عن تطلّعه إلى توسيع مجالات التعاون الثنائي في المرحلة المقبلة.

من لقاء سلام بالشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على هامش «منتدى الدوحة» (رئاسة الحكومة)

كذلك، التقى سلام، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية في دولة قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وذلك بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري. وأكّد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني «استمرار دعم قطر للبنان، مع حزمة جديدة من مشاريع الدعم التي سيُعلن عنها قريباً». وأعرب الرئيس سلام بدوره عن تقديره الكبير للدور الذي تؤديه قطر في دعم لبنان، وتعزيز الاستقرار فيه، ومساندة مؤسساته.

الاتحاد الأوروبي

وفي سياق الترحيب الدولي بإجراءات لبنان، عبرت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية كايا كالاس، عن تقديرها العمل الذي تقوم به الحكومة اللبنانية، وذلك خلال لقائها بسلام على هامش منتدى الدوحة.

وأفادت رئاسة الحكومة اللبنانية بأنها اطلعت من سلام «على ما أُنجز في مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، وعلى التقدّم المُحرز في تنفيذ قرار حصر السلاح، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، لا سيّما الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في هذا الإطار والمراحل المقبلة لتنفيذ الخطة».

من لقاء سلام وكالاس (رئاسة الحكومة)

وأشار سلام إلى «الحاجة الملحّة لدعم الجيش اللبناني لتمكينه من استكمال مهامه»، كما شدّد على «أهمية الدور الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي في دعم لبنان، وفي ممارسة الضغط اللازم على إسرائيل لوقف اعتداءاتها والانسحاب من النقاط التي ما زالت تحتلّها».

وعرض الرئيس سلام أيضاً أمام كالاس تصوّر لبنان للمرحلة التي تلي انتهاء عمل قوة «اليونيفيل»، مشيراً إلى حاجة لبنان إلى «قوة أممية ولو محدودة الحجم، لسدّ أي فراغ محتمل، والمساهمة في الحفاظ على الاستقرار في الجنوب»، وفقاً لبيان رئاسة الحكومة.

توقيف متورطين باعتداء على «اليونيفيل»

لا تقتصر مهمة الجيش في منطقة جنوب الليطاني على تنفيذ «حصرية السلاح»، بل تشمل حفظ الاستقرار. وبدا لافتاً بيان الجيش اللبناني حول توقيف متورطين في الاعتداء على قوات «اليونيفيل» الدولية العاملة في الجنوب؛ إذ أعلنت قيادته عن أن مديرية المخابرات أوقفت 6 لبنانيين تورطوا في الاعتداء على دورية لـ«اليونيفيل» ليل الخميس – الجمعة على طريق الطيري - بنت جبيل في جنوب لبنان؛ ما أدى إلى تضرر آلية تابعة لها، من دون وقوع إصابات في صفوف عناصرها. وشددت قيادة الجيش على «خطورة أي اعتداء على (اليونيفيل)»، وأكدت أنها «لن تتهاون في ملاحقة المتورطين». ولفتت إلى «الدور الأساسي الذي تقوم به (اليونيفيل) في منطقة جنوب الليطاني، وعلاقة التنسيق الوثيق بينها وبين الجيش، ومساهمتها الفاعلة في جهود إعادة الاستقرار».

دورية مشتركة لـ«اليونيفيل» والجيش اللبناني في جنوب لبنان (اليونيفيل)

وكانت «اليونيفيل» قد أعلنت، الجمعة، أن «6 رجال اقتربوا على متن 3 دراجات نارية من جنود حفظ السلام في أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو 3 طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى». وقالت إن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة، وتُمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701».

وذكَّرت السلطات اللبنانية «بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام»، وطالبت «بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
TT

مناصرون لـ«حزب الله» يسخرون من الأسد ويذكّرون بحقبات القتال

بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)
بشار الأسد يقود سيارته في الغوطة الشرقية في 2018 (أرشيفية - متداول)

سخر مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان من تصريحات لونا الشبل، مستشارة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، التي وردت في مقاطع فيديو بثتها قناة «العربية/الحدث»، السبت، وتقول فيها إن «(حزب الله) لم يُسمع له صوت في النهاية»، كما أعربوا عن غضبهم من سكوت الأسد عن تلك العبارات «لعلمه بأنه لولا الحزب لسقط نظامه منذ 2012».

وبثّت «العربية» تسريبات غير مؤرخة من جولة الأسد في الغوطة الشرقية، ويُعتقد أن الفيديو مسجل في مارس (آذار) 2018، إثر انسحاب مسلحي المعارضة من الغوطة في ذلك الوقت.

وكانت مستشارته السابقة لونا الشبل ترافقه في الجولة، إضافة إلى شخص ثالث يسجل الفيديو. وحين صادف الأسد مسلحين مجهولين، قال إنهم من لبنان، في إشارة إلى مسلحي «حزب الله»، لتفتح لونا الشبل حديثاً عن الحزب.

وقالت في الفيديو: «الجيش السوري تعلّم وصارت عنده خبرات يدرّسها لغير جيوش»، مضيفة: «(حزب الله) في النهاية لَبَدْ (أي تراجع عن ادعاءاته)». وتابعت: «لم نسمع صوته».

ورأى مناصرون لـ«حزب الله» في لبنان أن سكوت الأسد عن كلام مستشارته، «إساءة لكل التضحيات وإنكار للواقع»، وقال أحدهم في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سكوته يعني أنه راضٍ عما ادعته الشبل... وهذه إساءة أخرى». وتابع: «هذا إنكار، ويعني أنه ليس وفياً، ولا يقدّر التضحيات».

وسخر مناصر لـ«حزب الله» من تصريحات لونا الشبل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن ما تقوله في الفيديو «ادعاءات وأوهام». وأضاف: «الأسد يعرف، كما الشبل التي تبدو في هذه اللقطة تمالق بشار، أنه لولا مقاتلو الحزب، لكان المسلحون (المعارضة) في دمشق منذ شتاء 2012». وتابع: «هي تافهة وكاذبة وممالقة».

مقاتلو «حزب الله» يؤدون القسم خلال تدريب عسكري مُنظم في معسكر بقرية عرمتى جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

ويتناقل مناصرو «حزب الله» روايات عن قتالهم في سوريا في الشوارع والمقاهي، فضلاً عن أن الحزب في السنوات الماضية نشر فيديوهات لعملياته، ولا سيما الهجوم على القُصير وقرى القلمون في ربيع وصيف 2013، والقتال في حلب والزبداني والغوطة في 2016. وباتت تلك العمليات العسكرية جزءاً من مأثورات الحزب الذي يعترف بأن هجوم حلب ما كان ليتم لولا الإسناد الناري الروسي، وأن القتال في ريف اللاذقية تصدره الجيش السوري الموالي للأسد آنذاك.

وينقل مناصر للحزب عن مقاتل في التنظيم كان قد تعرّض لإصابة طفيفة في سوريا، قوله إن الجيش السوري «لم يكن يدرك كيف يوقف الهجمات في 2012 في جنوب دمشق، خصوصاً في الديابية والحسنية المتاخمتين للسيدة زينب، قبل أن يضع الحزب الخطط ويوزع المجموعات».

صورة من فيديو لقيادي في المراسم يقدم بندقية هدية للأمين العام الراحل لـ«حزب الله» هاشم صفي الدين خلال عرض في جنوب لبنان (أرشيفية - إعلام الحزب)

ويشير إلى أن هجوم مقاتلي المعارضة آنذاك في درعا البلد «صدّه الحزب وحده، وبعض المقاتلين السوريين الذين يقاتلون إلى جانبه»، مضيفاً أنه في الغوطة الشرقية، حيث أصيب المقاتل السابق، «كان مقاتلو جيش النظام يتراجعون، بينما كان أفراد من الحزب يقاتلون لساعتين وحدهم، قبل أن يعيد قادة في الحزب تنظيم المقاتلين على المحاور». وتابع: «كان على الشبل أن تقول من وضع خطط السيطرة على قرى القلمون والزبداني، ومن قاتل فيها قبل أن تقول إن الحزب لم يُسمع صوته».

رسالة لمن يدافع عن الأسد

هذا الاحتقان تفجّر أيضاً في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ قال أحد مناصري الحزب: «الحمد لله لم يخب ظني بهذا ومن معه في النظام»، في إشارة إلى الأسد وأركان نظامه. فيما أعاد آخر التذكير بأن الخصومة بين «حزب الله» والنظام السوري «تعود إلى الحرب الأهلية في لبنان، وتم تصحيحها شكلاً، لكنها بقيت مخفية ما دام النظام كان بحاجة للحزب». وقالت مغردة أخرى: «هذه رسالة لمن لا يزال يدافع عن الأسد».

علاقة متوترة

ولم تكن علاقة «حزب الله» بالأسد في فترة ما قبل سقوطه، مستقرة، فقد اتهم قياديون في الحزب في مجالسهم الخاصة، الأسد، بالتخلي عنهم في «معركة الإسناد» مع غزة، ولم يتخطَّ موقف موسكو وتعليماتها.

وخلال الأشهر الماضية، بدأت تتكشف فصول من العلاقة المتوترة مع النظام؛ إثر معلومات عن أن الأسد «لم يسمح لـ(حزب الله) بإطلاق الصواريخ الدقيقة من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل»، وأن مقاتليه «تعرضوا لمضايقات، شملت أيضاً القيود السورية على إمداد الحزب بالأسلحة خلال المعركة الموسعة» التي يُطلق عليها الحزب اسم «معركة أولي البأس»، واندلعت في 23 سبتمبر (أيلول) 2024، وتوقفت في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إثر توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية برعاية أميركية.